تزامناً مع إحياء الذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945، اليوم الوطني للذاكرة، وتحت شعار "يوم منشود لعهد مشهود"، شهدت ولاية المنيعة ، مبادرة نوعية تجسدت في تنظيم خرجة ميدانية استهدفت المسالك التاريخية الشاهدة على محطات مفصلية في تاريخ الجزائر.
لحسن الهوصاوي
هذه الفعالية الهامة، التي جاءت بتنسيق مشترك بين مديرية السياحة والصناعة التقليدية ومديرية المجاهدين وذوي الحقوق بالولاية، عكست حرص الجهات المعنية على ربط الأجيال الحالية واللاحقة بالذاكرة الوطنية وتعميق الوعي بالتضحيات الجسام التي قدمها الأبطال في سبيل استرجاع السيادة الوطنية.
وقد أشرف على هذه الخرجة الميدانية مديري القطاعين بالولاية، بحضور ثلة من أعضاء الأسرة الثورية، والأمين الولائي لمنظمة الشهداء، وعضو المكتب الولائي لمنظمة المجاهدين، والأمين الولائي لمنظمة أبناء المجاهدين، بالإضافة إلى موظفين وإطارات وممثلي جمعيات.
المحطة الأولى في هذه الرحلة التاريخية كانت مقبرة الشهداء ببلدية المنيعة، حيث وقف الحضور وقفة إجلال وترحم على أرواح الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى الوطن.
بعد ذلك، توجه المشاركون إلى المعلم التذكاري لمعركة الواجدة، التي دارت رحاها في الثالث من سبتمبر عام 1959، وشكلت صفحة بطولية أخرى في سجل الكفاح التحرري.
وفي ذات المنطقة، بالقرب من المعلم، تم استكشاف المخبأ السري الذي كان مركزاً هاماً لجيش التحرير الوطني، شاهداً على التنظيم المحكم والتضحيات السرية التي بذلها المجاهدون.
وقد استمع الحضور إلى شروحات وافية حول دلالات هذه المواقع التاريخية وأهميتها في مسيرة التحرر الوطني، وما تمثله من رموز للتضحية والصمود في وجه الاستعمار الفرنسي الغاشم.
المسالك التاريخية منصة لتعزيز الذاكرة الوطنية والتنمية السياحية"
وعلى هامش هذه الخرجة الميدانية، صرح مدير السياحة والصناعة التقليدية بولاية المنيعة، مؤكداً على الأهمية البالغة لهذه المبادرة في "تعزيز الذاكرة الوطنية لدى الأجيال الصاعدة وترسيخ الوعي بالتضحيات الجسام التي قدمها أسلافنا من أجل حرية واستقلال الجزائر".
وأضاف أن "هذه المسالك التاريخية لا تمثل فقط شواهد حية على محطات هامة في تاريخنا المجيد، بل تشكل أيضاً منصة واعدة لتطوير السياحة التاريخية والثقافية بالولاية".
وأشار إلى أن المديرية تعمل بالتنسيق مع مختلف الشركاء على "تثمين هذه المواقع وترميمها وتهيئتها لاستقبال الزوار والباحثين، ودمجها في مسارات سياحية متكاملة تساهم في التنمية المحلية المستدامة".
كما أكد على "ضرورة استثمار هذه الذكرى الوطنية الغالية لتعزيز قيم الوحدة والتلاحم الوطني، والتأكيد على أهمية الحفاظ على مكتسبات الاستقلال والعمل سوياً من أجل بناء جزائر قوية ومزدهرة".
الحفاظ على هذه المعالم أمانة في أعناقنا تجاه شهدائنا الأبرار
" من جهته، أكد مدير مديرية المجاهدين بولاية المنيعة في تصريح له على "الدلالات الرمزية العميقة لهذه الخرجة الميدانية التي تتزامن مع إحياء ذكرى مجازر 8 ماي، المحطة التي تجسد وحشية الاستعمار الفرنسي وبشاعة جرائمه في حق الشعب الجزائري".
وشدد المدير على أن "زيارة مقبرة الشهداء والمعلم التذكاري لمعركة الواجدة والمخبأ السري لجيش التحرير هي بمثابة وقفة وفاء وعرفان لتضحيات شهدائنا الأبرار ومجاهدينا البواسل الذين بذلوا أرواحهم في سبيل تحرير هذا الوطن". كما أشار إلى أن "الحفاظ على هذه المعالم التاريخية وترميمها وتهيئتها ليس مجرد عمل روتيني، بل هو أمانة عظيمة في أعناقنا تجاه هؤلاء الأبطال وتجاه الأجيال القادمة التي يجب أن تتعرف على تاريخها الحقيقي وتستلهم منه قيم التضحية والفداء وحب الوطن".
وأكد على "استعداد المديرية الكامل للتعاون والتنسيق مع جميع الجهات المعنية من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل".
وفي ختام هذه الجولة التاريخية، تم التأكيد على ضرورة تضافر الجهود من أجل ترميم وتهيئة هذه المعالم التذكارية والتاريخية، بالتنسيق مع مختلف الهيئات والمصالح والتنظيمات على مستوى الولاية.
فالحفاظ على هذه الشواهد الحية واجب وطني ومسؤولية مشتركة، فهي ليست مجرد أماكن، بل هي ذاكرة حية للأمة، ودرس بليغ للأجيال القادمة حول قيم الحرية والكرامة والتضحية في سبيل الوطن.
هذه المبادرة تعكس التزام ولاية المنيعة بإحياء الذاكرة الوطنية وتثمين التراث التاريخي، وتؤكد على أهمية ربط الماضي بالحاضر لضمان مستقبل مشرق للأجيال القادمة.