بقلم زهور بن عياد

لم يكن هو نفسه يعلم أن فجر أكتوبر سيحوله من صحفي عادي كان يتفنن في نشر الخبر ونقل معاناة شعبة إلى رجل هز كيان الأمم وأعطى دروسا للبشرية في الصبر والجلد والثبات عند المحن.

وائل الدحدوح الذي أصبح ملحمة وحول الإعلام إلى رسالة مقدسة كيف لا وهو على المباشر يحمل سلاح الإعلام في يد وبالاخرى يحمل حفيدته الجريحة ويصمد أمام أعين العالم ليدفن رفيقة دربه وولده وحفيدته، ويواصل العمل وكأن الموت المفجع يزيده قوة وإصرارا، لفضح ذاك الكيان الغاصب الذي لا يفرق بين الصغير ولا الكبير ولا بين المدني والعسكري.

صبر أعطانا دروسا وكسب تعاطفا واسعا، ولأول مرة يحدث على مرأى ومسمع العالم أن يمتحن الرجل في أهله ويثبت ثبات المؤمن الصادق الذي يعرف كيف يكبح جماح عاطفته ويتجلد لأنه يدري أن الكل كان يشاهده على المباشر،المصيبة كانت عظيمة، ولكن الرجل كان أعظم منها.

ذاك الصبر الذي لا يرتبط بوائل الإنسان فحسب، بل الإعلامي المتميز الذي يعمل تحت وقع الإنفجارات والتهديدات الصهيونية، من أجل قضية انسانية والدفاع عن الأمة وشرفها الذي اغتصب من طرف شر البشر وأدناهم منزلة وأحقرهم جنسا...

لم يتوانى ولم يشعر بالإنكسار أو بالهزيمة أو الياس وذاك كان شعورا إنسانيا  ولم يطلب عطلة مرضية وله الحق بذلك... غيره كان سيخرج من غزة بعد ماقدمه لبلده من إعلاء صوت الحق وما أصابه بعد فقد افراد من عائلته.

بل واصل عمله وقلبه يدمي ولسان حاله يقول لست بشخص عاديا لاني إعلاميا والإعلام رساله حق وجهاد بالكلمة ولن اخذل شعبي لأنسحب ولو أن هناك من يستطيع لعب دوري وإكمال مسيرتي..

بقي صامدا مدافعا عن شعبه الذي انتهكت كل حقوقة، حتى زاد الإبتلاء شدة وفقد عضده ابنه الذي كان له عونا وسندا..حمزة وبقي رغم الألم صامدا شامحا كالجبل لا يهتز، ثابتا أعاد لنا صور العظماء ممن كان إيمانهم يغنيهم عن الإستسلام أمام المصائب.

رأينا فيه أخلاق العظماء وصبر المؤمنين وثبات الحكماء...حتى تحول وائل الدحدوح من رجل إعلام إلى ملحمة أمة وأسطورة أخرى تضاف إلى أساطير بلدا يسمى فلسطين، علّم العالم معنى التشبث بالوطن رغم الموت والقهر والدمار والخذلان، لا يزال مرابطا على أرض الأنبياء حتى يأتي الله بنصره ...