97

0

” نظرة الصهيونية والنصرانية لمستقبل الإسلام في الجزائر فور استقلالها عام 1962″!!

” نظرة الصهيونية والنصرانية لمستقبل الإسلام في الجزائر فور استقلالها عام 1962!!

 وثيقة تاريخية تنشر لأول مرة منذ صدورها في مثل هذه الاشهر من عام 1962″؟!

بقلم محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا

بمناسبة الذكرى الستينية لانتصار الثورة الجزائرية المباركة، ما أروع أن يعثر الباحث، اسرار تلك الفترة و كيف عاش الشعب الجزائري أفراح و مخاوف تلك المرحلة الحاسمة من تاريخنا، حيث كانت الأمور تتأرجح على كفي عفريت من كل الجهات الداخلية والخارجية، من طرف المستعمر المغتصب من جهة، وهشاشة الدولة الجزائرية الفتية، إذ ونحن في الأشهر الأولى لفجر الاستقلال من عام 1962، والجراح لا زالت غضة طرية لم تندمل بعد، انطلقت بين بعض أبناء الثورة الواحدة والشعب المسلم الواحد مناوشات هيستيرية بين بعض الفرقاء للضفر بغنائم السلطة طمعا في زخرف الدنيا غرورا، متناسين جهدهم وجهادهم وتضحياتهم الأخوية، فوقع ما وقع من تصفيات وصراعات دموية بين بعض أفراد القيادات السياسية والعسكرية، كما يذكر المؤرخون  تلك المنازعات بين جيش الحدود وجيش السدود، كادت أن تلهب حربا أهلية، قد تأتي على الأخضر واليابس من حلم الشهداء – لولا حفظ الله وستره – حيث نفخت فيها فرنسا المغتصبة برياح عاتية ملهبة جمرات ومسعرة نيرانا عبر وسائلها الإعلامية ومكائدها في الداخل والخارج!! طمعا ورغبة في منح سلطة القرار لأذنابها ولو من وراء الستار والبحار، فسجن من سجن وقتل من قتل، وأنسحب من الساحة من انسحب، وبقي في الخارج مشردا ينتظر إخماد النيران من بقى، ووضع تحت الإقامة الجبرية من وضع، رغم هذا الجو المكهرب الداكن الذي خيب بعض أمال ” الشعب الجزائري المعجزة” في بعض رموز ثورته، بقيت أصوات الحكمة والاخوة والرشاد صامدة أمام الأعاصير تدافع باستماته عن بيضة الجزائر وحرمتها، تدعو بإخلاص وتفان بصوت هادئ للتي هي أحسن، وتغليب الصالح العام على المنفعة الشخصية الآنية احتراما ووفاء لدماء الشهداء وأشلاء الجرحى وكفكفة لدموع الثكالى وأيامى والأيتام!!

نداء حكيم الجزائر، لكي لا يتدحرج شعبها ويساق لحرب أهلية:

من هذه الأصوات، قد يقول قائل، إنه نداء الضمير لحكيم الجزائر وشيخها الجليل العلامة البشير الابراهيمي الذي توجه به للسلطة الجزائرية الفتية، بكلمته التاريخية المعروفة بـ ” بيان ضد الانحراف العقائدي والسياسي في الجزائر”  الصادر بتاريخ 16 أفريل 1964 الذي قال فيه خصوصا، رحمه الله:

” كتب الله لي أن أعيش حتى استقلال الجزائر، ويومئذ كنت أستطيع أن أواجه المنية مرتاح الضمير، إذ تراءى لي أني سلمت مشعل الجهاد.. إلى الذين أخذوا زمام الحكم في الوطن، ولذلك قررت أن ألتزم الصمت. غير أني أشعر أمام خطورة الساعة.. أنه يجب علي أن أقطع ذلك الصمت، ان وطننا يتدحرج نحو حرب أهلية طاحنة ويتخبط في أزمة روحية لا نظير لها، ويواجه مشاكل اقتصادية عسيرة الحل.. “، وبعد هذه الكلمات النورانية المبصرة كان مصير الإمام الابراهيمي، النفي التعسفي ثم الموت تحت الإقامة الجبرية في منزله، بعد سنة من ندائه التاريخي هذا، علما ان الامام الابراهيمي اُختير من طرف الحكومة الفتية أيامها ليلقي أول خطبة لأول جمعة في بداية الاستقلال، بتاريخ 2 نوفمبر 1962، بحضور الرئيس بن بلة وفريق الحكومة ومجاهدي الثورة وأعيانها.

ومات العلامة الابراهيمي، متحسرا عن تضحيات جيله و مستقبل بلاده، إذ كان أصحابه  بحق رجال جبال، إخلاصا  تجردا وتضحية، ليلقى ربه يوم الخميس 20 مايو 1965 في “مستهل عهد استقلال أعرج أفلج وناقص غير كامل”، على حد تعبير أحد طلبته العلامة محمود بوزوزو، الذي فضل هو أيضا بدل المغانم البقاء في الخارج لخدمة الجزائر من وراء البحار!!

فسياسة الأرض المحروقة داهمته هو أيضا رغم أنه لم يكن معارضا سياسيا كقريبه المجاهد حسين أيت أحمد ولم تشفع له كل التضحيات الجسيمة والمعتبرة التي أفنى زهرة عمره قبل وأثناء الثورة رفقة رجال الجمعية وطلبتها وباقي رجال الجزائر الوطنيين الاشاوس ونسائه الخُلص، مدافعين على حرمة تراب الاجداد في الداخل والخارج كخير خلف لخير سلف، كما يعرف ذلك العام والخاص، لتحل أيضا جمعية القيم التي أسست بعد الاستقلال لحمل مشعل جمعية العلماء، وقد ترحمنا في مقال سابق الأسبوع الماضي على روح رئيسها العلامة الدكتور الهاشمي التيجاني في ذكراه الـ 20 لوفاته، ، رحمه الله.

المؤامرة الإعلامية الغربية التي حيكت لتفجير الاستقلال من الداخل:

بل هناك من الأعداء من دافع في بداية فجر الاستقلال عن المؤامرة الإعلامية الكبرى التي حيكت لتفجير الاستقلال من الداخل فيذهب نصر شعب الجزائر شذر مذر، لكن الله سلم وأنقلب السحر على الساحر، بيقظة بعض الخُلص من رجال الجزائر الذين فضلوا الجلوس في المقاعد الخلفية والزهد في السلطة والمناصب، بدل تصدر المجالس دون علم ولا خبرة ولا مسؤولية، لأن ذاكرة التاريخ لا ترحم، والله يمهل ولا يهمل.. من هؤلاء الرجال شيخنا العلامة محمود بوزوزو رحمه، الذي تنزه عن كراسي السلطة وفضل عدم الدخول كوزير حتى في الحكومة المؤقتة الأولى، كما ذكر ذلك الوزير الأسبق أحمد طالب الابراهيمي، لكن الشيخ بوزوزو رافع عن قضية الجزائر طول حياته بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، في المحافل الدولية، أخرها بقلمه ولسانه ومن الخارج حتى، كما شرحنا ذلك في مقالات سابقة، إذ كان بحق أمة لوحده واقفا على كل الثغرات والجبهات، داخل الجزائر وخارجها، وهذه وثيقة تاريخية تنشر لأول مرة حول ” مستقبل الإسلام في الجزائر بعد الاستقلال، و كيف كانت تنظر لذلك وتخطط له الدوائر الغربية بما في ذلك ممثلي الديانات اليهودية والنصرانية على حد سواء، وماهي مشاريعهم العلنية والمنشورة في وسائل إعلامهم، والتي يمكن لأي باحث أن يعود اليها اليوم في مصادرها الرسمية فيجدها في الأرشيفات بكل سهولة بقدها وقديدها كما هي، وهذه الوثيقة التي نكشف عليها الآن كتبها العلامة محمود بوزوزو ردا عن ما نشرته الصحافة الغربية فور استقلال الجزائر في كل من الجرائد البريطانية والفرنسية والسويسرية ، كلها تستفسر وتنصح وتوجه حول “معضلة الدين أو مستقبل الإسلام في الجزائر..”

وقبل نشر هذه الوثيقة الهامة حري بنا، أن نبين أن المشاكل ومأساة الشعوب مع بداية الاستقلال لأي دولة مسلمة – في عمومها- كانت بما كسبت أيدينا نحن، أي بما كسبت أيدي شعوب كل دولة وقياداتها واعيانها !!

في أفق العالم الإسلامي .. مستقبل الإسلام في الجزائر!!

وهذا ما تلخصه هذه الوثيقة الهامة للأجيال، إذ في ركن ” في أفق العالم الإسلامي”  من مجلة ” المسلمون” التي يصدرها المركز الإسلامي بجنيف في عددها التاسع بتاريخ جمادى الأولى 1382 هـ الموافق لـشهر أكتوبر 1962، و تحت عنوان ” مستقبل الإسلام في الجزائر“، كتب العلامة الشيخ محمود بوزوزو نقلا عن الصحافة الغربية بالفرنسية و الإنكليزية ما يلي:
نشرت صحيفة “الجويش اوبزرفر ” اللندنية اليهودية

Jewish Observers

بتاريخ يوم 31 أوت 1962، لمراسلها في الجزائر، تحت عنوان ” حكم الإسلام لا بد أن يسود“، ما يلي ترجمته :

أعلن القادة المسلمون الدينيون هنا (أي في الجزائر) أن “الإسلام و اللغة العربية” لا بد أن يسودا الجزائر الجديدة. و هاجم علماء الجزائر في بيان لهم القادة القوميين الذين ينادون بدولة جزائرية عصرية اشتراكية يعزل الدين فيها عن التدخل في شؤون الدولة..

لقد أعلن بيان العلماء ( يقصد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) أن الثورة الجزائرية تكون قد خانت شهدائها الذين سقطوا في الميدان وفشلت في رسالتها التاريخية إن لم يكن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية.

وان اتفاقية ” أيفيان” لوقف القتال تنص على أن دستور الجزائر في المستقبل لا بد أن يتضمن حرية الأديان وأن تكون اللغتان الفرنسية والعربية هما اللغتين الرسميتين في الدولة الجزائرية. وأن الدستور سيرسم خطوطه الجمعية العمومية التي كان مفروضا ان تجتمع يوم 9 سبتمبر 1962، بعد أن تأجل انعقاد جلستها عدة مرات. و لكن انعقادها حتى بهذا التاريخ قد أجل بسبب التوتر المستمر في العلاقات بين قادة الجيش والقادة السياسيين.. ولكن ها هم العلماء الجزائريون الآن، ولأول مرة، في تصريح عام لهم، منذ انتهى الحكم الفرنسي، يعلنون أن الاستقلال والتنمية المادية للاقتصاد ليسا كافيين كي يكونا هما غاية الثورة. وذكر بيانهم “أن لكل أمة مستقلة شخصية، والا تشابهت الأمم كالسمك في الماء .. الجزائريون والفرنسيون والإسبانيون و …  ومعنى ذلك أن نصبح دولة مفتوحة للعالمية الواسعة. نحن نعارض كل هذا!.. نحن جزائريون ولنا شخصيتنا الوطنية المستقلة، يقضي بذلك ديننا الإسلامي ولغتنا(العربية) وتقاليدنا و تاريخنا“.

و وصف بيان (جمعية) العلماء محاولة البعض في فصل الإسلام عن الدولة بأنه ” تنكر لمبادئ ثورتنا، وهجوم على الإسلام في هذه الأمة المسلمة، وانتهاك لحرمة هذا الشعب كله.”، على حد تعبير المقال بالإنكليزية.

الاستعمار الغربي جاء مدفوعا لا بمطامع اقتصادية فحسب بل بمقاصد تنصيرية:

 ليضيف العلامة بوزوزو محللا الخبر بقوله: هذا وقد أصبح الاسلام محل اهتمام خاص لدى الصحافة الغربية ذات الصبغة المسيحية لا سيما فيما يتعلق بالنهضة الإسلامية الحديثة ومستقبلها في الأقطار المغاربية ومنها الجزائر بوجه خاص. وجدير بالذكر أن الجهاد الجزائري يعتبر في نظر رجال الكنيسة مظهرا من مظاهر البعث الإسلامي بعيد المدى، سواء فيما يرجع الى إمكانيات انتشار الإسلام وفيما يرجع الى حدود النشاط المسيحي. وأن هذا الاهتمام وهذا النظر الى معنى الكفاح الجزائري أمر يجب أن يستلفت أنظار المسلمين حتى يتيقنوا أن الاستعمار الغربي جاء الى بلادهم مدفوعا لا بمطامع اقتصادية فحسب بل بمقاصد تبشيرية (تنصيرية). وقد لاحظنا لدى الطوائف المسيحية الفرنسية تساؤلات متنوعة عميقة فيما يتعلق بالموقف الذي يجب أن يتخذه المسيحيون إزاء القضية الجزائرية. فكان الاذكياء منهم يشيرون بالتحفظ من اظهار العداوة للمسلمين نظرا للعواقب البعيدة التي ستسفر عنها الحرب بالجزائر وقد تكون تلك العواقب وخيمة على مستقبل النشاط المسيحي فيها فيما اذا اتخذ المسيحيون موقفا عدائيا على أساس اعتبارات دينية ضد المسلمين. والآن – وقد زال النفوذ الاستعماري السياسي عن الجزائر- نرى العناية من الغرب مصروفة الى مصير التبشير المسيحي أمام النهضة الإسلامية باعتبار الكفاح الجزائري جهادا إسلاميا، كما أنها مصروفة الى حفظ الامتيازات الاقتصادية، على حد تعبيره في مجلة المسلمون، انفة الذكر.

وفيما يلي – يقول الشيخ محمود بوزوزو – نورد على سبيل المثال، بعض المقتطفات من مختلف الصحف كبرهان على ذلك عسى أن ينتبه المسلمون الى ما في دينهم من حصانة لكيانهم، وأن الفضل في حفظ شخصيتهم ومقوماتهم واسترجاع حقوقهم في حياة كريمة إنما يرجع في معظمه الى الإسلام، وأن مستقبلهم منوط بالتمسك بالإسلام وإقامة تعاليمه.

مقتطفات من الصحف “على الكاثوليكيين أن يردوا المساجد للمسلمين”:

جاء في الصحيفة السويسرية ” منبر جينيف “و كتب أيضا يقول :

La Tribune de Genève

بتاريخ 7 يوليو/ تموز 1962 تحت عنوان: يجب على الكاثوليكيين أن يردوا المساجد للمسلمين: ” لأول مرة منذ حصول الجزائر على استقلالها وقعت يوم الجمعة حوادث في كاتدرائية الجزائر العاصمة حيث اكتسحت مئات عديدة من المسلمين قاعتها الكبيرة بينما صعد إمام على المنبر (يقصد به الامام الإبراهيمي) وحرضهم على المطالبة برد الكنيسة للمسلمين لأنها كانت مسجدا لهم (قبل الاستعمار).”

وجاء في ختام مقال الصحيفة السويسرية:” لا تنقص أسباب النزاع بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام في الجزائر المستقلة. وهذا هو الشأن بوجه خاص في المساجد التي اغتصبت من الأمة الإسلامية وحولت كنائس: مثال ذلك كاتدرائية قسنطينة. فإن أحد المحررين في المجلة الكاثوليكية الفرنسية الكبيرة، المسماة: ” الاستعلامات الكاثوليكية الدولية

Informations Catholiques internationales

اقترح أخيرا أن تنزع عن هذه المباني الدولية صبغتها الدينية وتحول متاحف. و لكن هذا لن يعتبر من التسامح في نظر أي أحد، والأحسن رد ما اغتصب بغير حق. “وهناك مسألة أخرى وهي ما إذا كانت الجزائر المستقلة – كما يشاع – ستبرم اتفاقية مع الفاتيكان. وهذا محتمل فيما يظهر، ولكنه يثير قضية جنسية القساوسة والهيأة العليا للاكليروس وليس من المتأكد بأن هؤلاء في مجموعهم سيقبلون الجنسية الجزائرية.”، كما جاء على لسان المجلة المسيحية.

نهاية الحروب الصليبية ودخول البحر المتوسط في حظيرة السلام الذي سيوقعه الإسلام مع أوروبا:

 

وفي ذات السياق والمصدر كتب العلامة الامام محمود بوزوزو :

وجاء في صحيفة ” منبر الأمم”

La Tribune des Nations

الصادرة بباريس، مقالا تحت عنوان بصيغة الاستفهام:” نهاية الحروب الصليبية ؟ “

“هكذا كان من اللازم إذا مرور ثمانية قرون كي يدخل البحر الأبيض المتوسط في حظيرة السلام الذي سيوقعه الآن الإسلام مع أوروبا..”

وبعد الإشادة بمركز أمم البحر الأبيض المتوسط المسلمة وأهميته من حيث الوحدة الجغرافية السياسية التي تربط بين هذه الأمم والدور الرئيسي الذي لعبته في ميدان الثقافة العالمية، ذكر كاتب – مقال منبر الأمم- أن حل القضية الجزائرية كان محل استقبال طافح بالسرور والارتياح في الشرق العربي كله، وأشار إلى التصريحات التي صدرت على اثره من بعض الشخصيات الشرقية البارزة استحسانا لموقف فرنسا. ثم ذكر أن هناك أسبابا أخرى أكثر عمقا وأشد خطرا من المجاملة السياسية تفرض على الشرق العربي أن يلتفت الى فرنسا باهتمام. وذلك أنه بعد محاولات الشرق العربي البحث عن سياسة خارجية وداخلية ملائمة لمطامحه محاولات أدته الى اختبارات مفيدة سواء في اتجاهه نحو الكتلة الشرقية أو الكتلة الأمريكية لم يعثر لحد الآن سوى على حلول لا تلائمه، حلول إما رأسمالية وإما ماركسية وكلاهما لا يسد رغبته، لأن هذه الحلول وان كانت متضادة في الظاهر فهي تلتقي في كونها وضعت لتنظيم سكان مدن وجماهير عمال بينما العالم العربي عالم سكان قرى وفلاحين فلا يلائمه حل من حلول أي من الكتلتين… وبلاد فرنسا سواء في حياتها الداخلية والخارجية غير مستقرة بين الكتلتين لأنها بلاد فلاحة كذلك. فهي تبحث مثل العالم العربي عن الحل الملائم لها، على تعبير صحيفة ” منبر الأمم”.

إسرائيل على ما هي عليه الآن عضو ميت في الشرق الأوسط، على فرنسا أن تلغي علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل لأن هذه الأخيرة لا مستقبل لها!!

ومن جهة أخرى، يضيف الصحافي الفرنسي كاتب المقال ( في عام 162)،” فإن معاهدة افيان تدمج فرنسا في الكتلة الثالثة إن صح هذا التعبير، لأنه من الآن فصاعدا فالعمال والسكان الفرنسيون هم الذين سيمولون ثورة اجتماعية حقيقية في الجزائر، الأمر الذي سيكون له لا محالة تأثير كبير في النظم الفرنسية نفسها. فمصير الجزائر سيكون له الى حد ما، مساهمة فعالة في تقرير مصير فرنسا في المستقبل. وبما أن الجزائر عضو في هذا الجسم العربي الكبير فلا بد أن ترتبط فرنسا بالأمم العربية المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط، كما أن هذه الأمم سوف تستفيد من بحوث فرنسا استفادة تجعلها تقيم في بلادها دستورا جديدا يفوق جميع الحلول العتيقة … ولهذا فمن الطبيعي أن تلغى العلاقات الوثيقة بين فرنسا وإسرائيل لأن هذه لا مستقبل لها: إذ أن نظمها الاقتصادية والبشرية نظم مصطنعة بصورة لا يمكن للتجربة الفرنسية أن تؤثر فيها ومن هناك أن تؤثر في جيرانها. فإن إسرائيل على ما هي عليه الآن عضو ميت في الشرق الأوسط، ومنطق التاريخ يستوجب عدم اعتبارها. وتل أبيب مخطئة حين تلقي المسؤولية في ذلك على أي رجل من رجال الكي دورسي (أي وزارة الخارجية الفرنسية)،

Quai d’Orsay

فإن الذي يكون التاريخ إنما هي الأشياء التي تحتمها الشعوب لا الديبلوماسية، فإن هذه تابعة لا حاكمة”، حسب الصحيفة الغربية أنفة الذكر ..

نهاية الحروب الصليبية ستفرض استراحة على جيش فرنسي أرهقه التعب:

 ثم قال الكاتب الغربي في خاتمة مقاله:” أن نهاية الحروب الصليبية ستفرض استراحة على جيش أرهقه التعب وعلى حملة رايات منهوكين وعلى أساتذة يدرسون الاخلاق على نهج مضى زمانه. وفي نظر الأغلبية منهم أن الإسلام شبهة من الشبهات، وأن البؤس رذيلة. ولكن الذين يستطيعون أن يواجهوا المفاجآت وينظروا الى المشاكل على ضوء القرن العشرين لا على مصباح القرن الماضي سيحملون الى الأجيال الناشئة تجربة قادرة على انشاء همزات وصل.. فليتذكروا الحروب الصليبية السادسة التي قام بها في القرن الثالث عشر، الرجل العجيب “فريديريك الثاني إمبراطور المانيا ووارث أخر نورمندي صقلية، فانه بفضل كونه عارفا الإسلام معرفة دقيقة ومحاطا بحاشية من الفلاسفة وأهل الدراية بالإسلام قام في الأرض المقدسة تحت الحاح البابا بحرب صليبية سلمية مؤثرا التفاوض على التحارب. وبفضل معاهدة يافا الموقعة بتاريخ 11 فبراير 1229، حصل بصورة أدهشت الجميع على ما لم يحصل عليه بالسلاح أحد من أعظم الأبطال الذين تقدموه وذلك باتفاقه مع السلطان على أن يرد هذا الى العالم المسيحي على وجه الصداقة للمدن المقدسة الثلاثة، القدس وبيت لحم والناصرة مع ملحقاتها بالرغم من عاصفة الإستياء التي أثارها في الأوساط الإسلامية هذا التطوع الكريم. فإن معاهدة يافا تعتبر يوما من أيام التاريخ الرئيسية في تاريخ العلاقات الفرنسية الإسلامية. فهي دليل على أنه إذا كان للدم ثمنه حين يراق في أوانه فإن السلم المفهوم قادر هو أيضا أن يؤتي ثمارا مدهشة.” !!

جمعية العلماء تستنكر التجارب الذرية في صحراء الجزائر عبر بيان “رابطة العالم الإسلامي” بمكة عام 1962

كما نشرت ” المسلمون” في نفس العدد بقلم التحرير( كل ما يخص قضية الجزائر عموما يكتبه الشيخ بوزوزو،)، نشرت هذه المجلة النصوص والقرارات التي أسفرت عنها جلسات المؤتمر الإسلامي الذي انعقد بمكة المكرمة بعد موسم الحج، في الرابع عشر من ذي الحجة الحرام1381هـ الموافق لـيوم السبت 19 ماي 1962، حول تأسيس هيئة إسلامية جديدة مقرها، مكة المكرمة تسمى “رابطة العالم الإسلامي“، و التي كان من مؤسسيها ممثلا عن علماء الجزائر العلامة البشير الابراهيمي الذي كان بتواصل مع رفيق دربه الشيخ محمود بوزوزو، وفي بيان الرابطة الختامي في نقطته السادسة، اعتبر أن قضية فلسطين في المكانة الأولى من جميع القضايا الإسلامية بعد استقلال الجزائر، كما جاء أيضا في النقطة السابعة، تحت عنوان:” قضية الجزائر”، ما يلي:

يُحيي المؤتمر الإسلامي حكومة الجزائر(الفتية)، وشعبها المجاهد ويشيد ببطولته ويهنئه على ما حققه من انتصارات (الاستقلال)، ويعتبر أن واجب الدول والشعوب الإسلامية (مساعدة الجزائر ماديا وسياسيا) لا يزال قائما، وهو يستنكر الحركة السرية للجيش الفرنسي وما اقترفه من فظائع وهمجية، ويطالب بقمع تلك الحركة بسرعة و حزم..

وفي ذات البيان، في نقطته الـ 16، تحت عنوان ” التجارب الذرية”، جاء ما يلي: يستنكر المؤتمر قيام بعض الدول الكبرى بإجراء التجارب الذرية وبصفة خاصة إقدام فرنسا على اعمال التفجير في الصحراء الجزائرية، ويرى في هذا العمل الهمجي استهتارا صارخا بسلامة الشعوب كافة وشعوب افريقيا خاصة..

طبعا مثل هذه المادة الدسمة يحرص الشيخ بوزوزو – رحمه الله- على نشرها عموما في مجلة ” المسلمون” باسم التحرير ايانا، او باسم مستعار، علما أنه الجزائري الوحيد في هيئة تحرير المسلمون، المكلف بملف متابعة ما يكتب بالفرنسية عموما ومتابعة أحوال الجزائر وهي خارجة لتوها من قبضة استعمار غشوم عام 1962، ضف الى ذلك حتى بروتكولات توقيع المقالات في العدد الواحد الاحسن أن يكون باسم واحد مصرح به علنا و باقي الأسماء تكون مستعارة، ذلك ما سنكشف عليه في مقال قادم، حول وثائق أخرى من تاريخ الجزائر في بداية استقلالها بقلم العلامة محمود بوزوزو رحمه الله، لتنشر لأول مرة، بحول الله ..

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services