73

0

نجم المتوسط؛ رواية تشبه سيرة صاحبها، علي حسين خلف

   

 

بقلم : مهند طلال الاخرس

نجم المتوسط  رواية لعلي حسين خلف تقع على متن181 صفحة من القطع المتوسط، وهي من اصدارات دار ابن رشد، عمان، بطبعتها الاولى سنة 1993، ثم صدرت عن دار الكرمل للنشر والتوزيع ورابطة الكتاب الاردنيين بطبعة جديدة سنة 1996 على الرغم من ان رقم الايداع لدى المكتبة الوطنية يشير الى العام  1989 وهو نفس التاريخ المذيل باخر سطر من الرواية.

تدور أحداث الرواية في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، وتسلط الرواية في احداثها الضوء على اهتمامات ذلك الجيل من خلال احداثه الصخبة بعجرها وبجرها، وترى روح الشباب المفعمة والمتحمسة لقضايا الامة واستقلالها من خلال تسليط الضوء على اهم الاحداث في تلك الفترة من المرحلة الناصرية مثل التدخل في اليمن وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في 1/1/1965 والموقف العربي والناصري منها وإنتهاء بنكسة حزيران .

الرواية وطنية بامتياز، كتبت بلغة سلسلة وباحداث اقرب ما تكون للواقعية ، وهي بهذا الحال نجحت في التقاط صورة حية لتلك الفترة الزمنية التي تتناولها احداث الرواية وهي فترة الخمسينيات والستينيات، وهي تمثل فترة الصعود القومي والنهوض الثوري على الصعيدين العربي والفلسطيني. الرواية نجحت باقتدار بنقل القاريء الى اتون تلك الفترة؛ من خلال احداث حية وشعارات واهتمامات تلك المرحلة، وصور الحياة الاجتماعية بما فيها من تعب وجد وضنك، ومن خلال مقاطع وصفحات من سيرة ذاتية للكاتب نفسه احسن توظيفها في شخوص ابطال روايته بما يخدم النص الروائي ويشير الى فكرة الرواية الرئيسية الا وهي كيفية الصعود الفلسطيني من تحت اكوام الخراب والرماد والانطلاق نحو العمل الفدائي والثورة... وبذلك نجحت فكرة الرواية كتجسيد حي لاسطورة طائر الفينيق الفلسطيني في اشارة واضحة الا ان الفلسطيني قد يُقهر وقد يجوع وقد يُخضع لكنه حتما لا ينكسر ولا ينهزم ولا ينبغي له ذلك.

 

مقتطفات من الحوارات في الرواية

التنظيم الحي هو الذي ينفتح على الحياة ويغدو هاجسه الوطني فوق مقولاته الحزبية.

قال عقاب وبعد جدل بيزنطي وحوار عقيم مع المتحملقين حول افكار الماركسية والناصرية والقومية و....ودون ان يتخلى عن توتره وهو يهم بمغادرة الجلسة:

عندما يأتي دور السلاح أبلغوني!

فتح الباب وصفقه خلفه بقوة ،دون ان يقول كلمة وداع واحدة.ومن يومها اختفى من شوارع القاهرة.وحدها صديقته قالت في لحظة ضعف ،إنه هناك ،في الاغوار ،في مكان ما قرب النهر،يمارس أفكاره دون خوف،إنه مع حركة فتح.

استرخى كل واحد على كرسيه ،وراح حامد يسترجع تجربة جماعة شرعت بعمل منفرد،رافضة الاندماج في التيارين القومي والاممي.

ليلة البيان الاول ،وقف شعر بدني كله،شعرت أنهم يقومون بالعمل نيابة عنا....

قفز حمدان وكان قد إستفزه الحديث، وصاح غاضبا: إنهم يريدون توريط الرئيس في حرب لم يستعد لها...لا توريط ولا تفريط

رد عليه حامد : فوق الصفر وتحت التوريط!!

علي حسين خلف (مواليد 31 أيار/مايو 1945 في قومية، قضاء بيسان، فلسطين - توفي في عمان في 12 شباط/فبراير 1996).

علي حسين خلف كاتب ومناضل ومثقف من طراز رفيع، اصالته تنبع من نهجه وعصاميته واتكاله على نفسه حيث شق الصخر ليكتب ويعيش ويناضل من اجل فلسطين ومن اجل مبادئه وقيمه النبيلة.

وتشير سيرته الشخصية حسب موسوعة الويكيبيديا بانه لجأ مع عائلته إلى الأردن اثر النكبة سنة 1948  حيث عاش في إربد. انتقل إلى القاهرة للدراسة في جامعة عين شمس التي تخرج منها سنة 1968 وشغل منصب المعيد في جامعة عدن من 1973 لغاية 1976.

ترأس تحرير جريدة أكتوبر اليمنية في عدن من 1970 لغاية 1972 ثم القسم الثقافي في مجلة الحرية الصادرة في بيروت من سنة 1976 لغاية 1980.

أسس دار ابن رشد للنشر والتوزيع في عمان سنة 1983.

وفي تتبع سيرته ومسيرته وتسليط الضوء على ابرز محطاته يخال للقاريء وهو يقلب صفحاتها بانك تقرأ نصا روائيا مفعما ومليئا بصور البطولة والنقاء والانفة والعزة والكبرياء الانساني والوطني، وهي صفات حالمة لا تتوفر إلاّ لاصحاب الصفوة من الاخيار الذين شقوا طريفهم في الصخر والوعر لتبقى سيرتهم نبراسا تقتدي به الاجيال وتستذكر صاحبنا الكبير نصا وشخصا [علي حسين خلف] ولو بعد حين. وفي توثيق سيرته ومسيرته كتب الشاعر والقاص والروائي يوسف حمدان سطورا مليئة بلمسات الوفاء وبلحظات الانفة والاصرار التي رافقت صاحبنا في مسيرته فجاد قلمه حبا ووفاء لسيرة الراحل الكبير والتي جاء فيها: " الأديب علي حسين خلف من مواليد 31/ 5/ 1944 في قرية (قومية) القريبة من نهر عين جالوت بقضاء بيسان الواقعة في الجليل الشرقي بفلسطين، وتنحدر أسرته من عائلة الصعابنة المقيمة في قرية (فحمة) بقضاء جنين، وقد لجأت عام 1948 إثر نكبة فلسطين عبر الجليل الأعلى مشياً على الأقدام إلى لبنان، فسوريا، فالأردن.. واستقرّ بها المقام في قرية (كفريوبا) القريبة من إربد في مطلع الخمسينيات، واعتمدت في معاشها على بطاقة المؤن وخيمة وكالة الغوث بين البؤس الجماعي الذي حاق بالشّعب الفلسطيني المطرود من وطنه من قبل اليهود الصهاينة كما هو معروف... في مدرسة المخيّم الكوّنة من مجموعة "بركسات" مُقَامَة شرقَ المدينة على الطريق التّرابي المتِّجه إلى قرية (سال) درس حتى الصّفّ الخامس الإبتدائي.. ورأى (علي) في المدرسة سجناً كبيراً يمارس فيه المعلّمون هواية التعذيب الفردي والعقاب الجماعي..، ويتسابقون على طول العصا ونوعها، ليؤدِّبوا بها الصِّغار ويحشروا في عقولهم المعلومات الكبيرة حشراً، ويطبقوا الأنظمة القاسية عليهم قسراً..! "ومما زاد إحساسي بالمرارة فقداني لوالدي في عام 1954، كنت في الثاني الابتدائي، فبقيت الاسرة دون معيل تماماً...!"... لم تسمح لوائح الدراسة أنذاك له أن يبوح برأيه بالمدرسة والمدرسين ووسط تلك الأحاسيس المريرة بنيت فيه بذرة الموهبة الأدبيّة المبكّرة..، إلاّ أنّ الرّياح جرتْ بما لا تشتهي سفينة طموحه وأمانينه،.. لحظة أن جَرَتْ به إلى (المشروع الإنشائي العربي) في أريحا الذي أنشأَهُ المربّي المعروف موسى العلمي لإيواء وتعليم وتدريب الأولاد الأيتام (الفقراء).. وفي مدرسة المشروع أنهى الصّفَّ السادس الإبتدائي.. وفي رسالة إليَّ قال عليّ رحمه الله "..وهناك بعيداً عن الأهل، تذوّقت طعم الإغتراب، وكيفية الإعتماد على النّفس، ومارست أدواراً قياديّة في مهاجع السَّكَن، وممارسات النشاط الترويحيّة، والتعليم المهني في مزارع الدواجن، ومصانع النجارة، ومراكز حفظ الخضار والفواكه، ونلت حظوة خاصّة لدى موسى العلمي عندما صار ينتدبني عن سائر الطلاّب لمقابلة الوفود الأجنبيّة الزّائرة، وإلقاء الخطب في المناسبات الوطنيّة".. وفي روايته (نجم المتوسط) قرأت عن "حامد الخالد" أو "علي حسين خلف" نفسه ما كتبه عن واقعية التحاقه بمشروع موسى العلمي في الصفحتين (16-17) قال: "تحولت الليلة السابقة لموعد سفره إلى مناحة أقامتها أُمُّه، وظلّت تندب سوءَ حظّه، حتّى يضطر لمغادرة إربد إلى أريحا، ليدرس الصّفّ السادس إبتدائي هناك، ورغم أنّ الرجل الكريم صاحب الإقتراح وهو موظف كبير في وكالة الغوث، ومن عائلات طبرية المعروفة، حلف بأغلظ الأيمان أن السَّفر لمصلحته، فالغربة تصقل الرِّجال، وتجلو معادنهم، وتسلّحهم بالصبر والجلد لمواجهة تقلبات الدّهر، فهناك سينام على سرير في بناء جميل، وسيتناول طعامه في مطعم ضخم، وسيمارس السباحة إذا أراد، وسيتنزه في كل مكان، حيث الأشجار الكثيفة، وربّما يتدرب على النّجارة وتربية الدّواجن، وحفظ وتعليب الفاكهة...

- أكلّ هذا هناك؟

قالت أُمُّه، ومسحتٍْ دموعها، فيما ظلّ هو متربعاً يحدّق في سقف البوص المجدول تارةً، وبفتيلة الكاز تارةً اخرى، وبوجه الرّجل مرّةً ثالثة..

- لقد اخترناه وحده من بين جميع الطلبة...

حاول ان يبتسم، إلاّ أنّ الوهج الحارق الذي أحسّه يشعل جسدَه، لم يشعر بغير الإرتجاج وجفاف الشّفتين، والرغبة بالصّمت، حتّى عبرت السَّيارة البوابة الكبيرة للمشروع، وسط غابة من الأشجار والمهاجع الجميلة، فاستقرّت أمام مبنى الإدارة". في مدرسة المشروع أنهى الصّفّ السّادس الإبتدائي، ولأنه كما قال رفض تحويل دراسته الأكاديميّة إلى دراسة مهنيّة "مصانع الألبان" عاد إلى إربد بعد انتهاء العام الدّراسي مباشرة.. في إربد أنهى دراسته الإعدادية وسط تفتحّ أزهار مواهبه الأدبيّة، حيث شرع بنشر القصص والمقالات والتعليقات في جريدتي عمّان المساء وأخبار الأسبوع في الوقت الذي كان يجتهد بكتابة (رواية) عن نكبة فلسطين، إلاّ أنه عاد فمزّق ما كتب لحظة فراغه من قراءة بعض أعمال ديستويفسكي وتولستوي وتشيخوف وغيرهم من عظماء الأدب العالمي.. ومنذ تلك اللحظة أصبحت أرصفة الكتب الأدبيّة مصدره الوحيد في توسيع دائرة قراءاته.. في الصّف الأوّل الثانوي قال بأن الأستاذ شاهر الحمود فتح له مكتبته المنزلية لينهل منها ما يشاء، فقرأ في عام واحد مائة كتاب وكادت الموضوعات التي قرأها -كما يقول- أن تفقده صوابه، وتقوده إلى الجنون... وبتوجيه من الأستاذ شاهر مزّق محاولته الروائية الثّانية، وبالرغم من ذلك واظب على كتابة القصص ونشر إنتاجه في الصحف اليومية والأسبوعية، وترافق ذلك مع عضويته في مركز الشباب الاجتماعي بمخيم إربد، وهو أوّل نادٍ ثقافي يستقطب خبرة المسكونين بهاجس الإبداع. فها هو يبدأ بإصدار مجلّة حائط، وها هو في عام 1963 يفوز بجائزة في أمسية قصصية بمخيم الزّرقاء، وبجائزة أخرى عام 1963 يفوز بجائزة في أمسية قصصية بمخيم الزّرقاء، وبجائزة أخرى عام 1964 في أمسية قصصية ثانية بمخيم بلاطة، وكان أول من نشر قصّة من الأردن في مجلّة (القصّة) المصرّية التي يرأس تحريرها الأديب القاص محمود تيمور. أما شهادة (التوجيهي) فقد حصل عليها من مدرسة فلسطين للخطوط الأمامية، وصاحبتها المربية (مفيدة عبد المجيد).. ومن خلال ظروف خاصّة وبمساعدة تلك السيدة الجليلة حصل على منحة دراسية إلى مصر فاز بها بعد أن قدّم أوراق أمتحانه في مدرسة الجاحظ... كان ذلك في عام 1964. في مصر بدأ مرحلة جديدة، إذ واصل هناك نشاطاته الإبداعية والثقافية المتعدّدة، وتعرّف على عزّالدين المناصرة وصالح أبو أصبع وعلي قبعة، وسائدة سلامة ومحمد عيد وعلي العيساوي.. وتخرّج بجامعة عين شمس عام 1968 قسم علم النّفس إذ حصل على ليسانس في الآداب، وإثر ذلك سافر إلى عدن ليعمل مديراً للتحرير بجريدة (14 أكتوبر) اليومية (1970- 1973).. ثم معيداً في جامعة عدن (1973-1976) بقسم التربية وعلم النّفس وكانت بيروت محطته التالية بعد مغادرته لعدن، حيث تولّى مسؤولية القسم الثقافي بمجلة (الحرية) البيروتية (1976-1980)... وفي بيروت تعددت نشاطاته الثقافية إلى أن عاد إلى الأردن عام 1983، وقريباً من رابطة الكتّاب الأردنيين بجبل اللويبدة في عمّان قام بتأسيس (دار ابن رشد للنشر والتوزيع)، مستقطباً إليها إبداعات عدد غير قليل من أعضاء الرابطة.. ".

مؤلفاته - القصة

خذوني إلى بيسان، دار ابن رشد، بيروت، 1977.

الصهيل، ط1، اتحاد الكتّاب الفلسطينيين، بيروت، 1981، ط2، دار الأسوار للطباعة والنشر، عكّا، 1981، ط3، رابطة الكتّاب الأردنيين، عمان، 1983.

الغربال، دار ابن رشد، عمان، 1983.

الحسّون يكشف السرّ/ قصّة للأطفال، دار ابن رشد، عمان، 1994.

مدن وغريب واحد، ط2، دار ابن رشد، عمّان، 1985، ط2، دار الحوار، اللاذقية، 1986.

ممر ضيق إلى سفوان، دار ابن رشد، عمان، 1993.

طيور الجنّة، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1998.

الرواية:

عصافير الشمال، دار ابن خلدون، بيروت، 1980. ط2، رابطة الكتّاب الأردنيين، دار الكرمل، 1997.

حافّة النهر، دار ابن رشد، عمّان 1989.

نجم المتوسّط، ط1، دار ابن رشد، عمان، 1993.

الدراسات والمقالات:

حصار تلّ الزعتر: شهادات وتحليل، ط1، د.ن، بيروت، 1976، ط2، دار ابن رشد، عمّان، 1985.

توفيق عبد العال: الخطّ، اللون، التصميم، ط1، د.ن، بيروت، 1980، دار ابن رشد، عمّان، 1985.

أبو سلمى زيتونة فلسطين، ط1، اتحاد الكتّاب الفلسطينيين، بيروت، 1980,

فلسطيني في برلين شمالاً إلى بحر البلطيق، دار العودة، بيروت، 1982.

الحصار، يوميّات، بيروت 82 · وصدر عن دار ابن رشد، عمّان، 1983.

تجربة الشيخ عز ّالدين القسام، جـ1، دار ابن رشد، عمّان، 1984. ط2، دار الحوار، اللاذقية، 1986.

الحضارة الكنعانية والتوراة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1999.

بقي ان نقول ان امثال صاحبنا بسيرته العطرة ومسيرته المفعمة تجسيد حي لما قاله الشاعر:"

مشيناها خطى كتبت علينا ..

ومن كتبت عليه خطى مشاها

ومن كانت منيته بأرض ..

فليس يموت في أرض سواها !"

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services