نظم المجلس الإسلامي الأعلى اليوم الثلاثاء ندوة تفاعلية تحت عنوان "مخاطر الآفات الإجتماعية على تنمية المجتمع"، و عرفت الندوة حضور لممثلي الهيئات الرسمية وتقديم ثلاث محاضرات ألقاها أساتذة منهم البروفيسور مصطفى خياطي عضو المجلس الوطني الإجتماعي و الإقتصادي والبيئي، محمد خوجة أستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، و الأستاذ عمر نقيب أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، حيث جرت الندوة بمقر المجلس.
نزيهة سعودي
وفي كلمة افتتاحية لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبو عبد الله غلام الله أكد أن رمضان يبعث الطاقة للمؤمنين و لهذا تم التحضير لندوتين فالأولى تم فيها الحديث عن الوعي الديني و السلوك، أما الندوة الثانية عرفت موضوع مخاطر الآفات الإجتماعية،لتكون خطوة لتصحيح الوضع المجتمعي الذي يعتبر بند أساسي من بنود تكليف المجلس الإسلامي الأعلى و مهامه.
بعدها افتتحت المداخلات وكانت البداية مع الأستاذ محمد خوجة تمحورت مداخلته حول مخاطر الآفات الإجتماعية وآثارها على استقرار الأمن المجتمعي، حيث قال أن موضوع الآفات الإجتماعية متعلق باستقرار المجتمع و مرتبط بالتهديدات التي تواجهه من الداخل.
كما أشار خوجة إلى أهم المراجعات بعد الحرب الباردة منها مراجعة مفهوم الأمن التي ناقشت برنامج الأبعاد الغير عسكرية لأمن أوروبا خلاصتها أدت لبروز مدرسة تنادي بأن الأمن هو مفهوم مركب وشامل، معتبرا أن الأمن المجتمعي يشير لحماية القيم والهياكل التي تحمي المجتمع، وهذه المفاهيم الجديدة نقلت إلى الأمم المتحدة و ابتداءا من 1994 كل المقررات تبين أهمية المجتمعات.
الآفات الإجتماعية مرتبطة بتطور المجتمع
و واصل حديثه بالتوضيح أن قيم و مؤسسات المجتمعات هي ذات أبعاد ثقافية و دينية و وطنية ،و التهديدات التي تتسرب لهذه الأبعاد هي معقدة و متزايدة بفعل تطور التكنولوجيات وسائل التواصل الاجتماعي و تراجع قيمة الإتصال إلى الصفر أدى ذلك لفتح الثغرة للإجرام العنف و التحرش و الجرائم الإلكترونية.
مشيرا في الأخير إلى أن الأمن معرض لتهديد مستمر و متعدد الأوجه و معقد و يتطلب تضافر الجميع، مثمنا هذه المبادرة التي قام بها المجلس لمناقشة الموضوع معتبرا أنها تعد جزء لربط كل المؤسسات الوطنية بمختلف تخصصاتها.
و من جهة أخرى و في محاضرة قدمها الأستاذ البروفيسور مصطفى خياطي عضو المجلس الوطني الإجتماعي و الإقتصادي و البيئي أن الآفات تدمر المجتمعات و هي الطريق لضرب الأمن القومي لأي بلد، و أبرز أنواع الآفات الإجتماعية الأكثر رواج في الجزائر من تدخين و و إدمان المخدرات و الكحول و غيرها..
أرقام تعبر على عمق أزمة المخدرات
كما نوه إلى أن المنظمة العالمية للصحة تصنف التدخين كعدوى عالمية لدرجة أنه أكثر من 8 ملايين وفاة في العالم جراء استهلاكه، كما عرض بعض صور منتشرة لحالات مصابة بالسرطان بسبب التدخين، بالنسبة للأعمار 15 سنة فما فوق هناك 4,3 مليون جزائري يستهلك السيجارة منهم 100 ألف مرأة مما يمثل تقريبا خمس السكان.
كما أكد أن في 2019 تم استيراد 19000 طن من التبغ مما يمثل نصف طن لكل مواطن في السنة،استهلاك التبغ وفي سنة 2001 مثل 32 مليون دولار لكن في 2015 ارتفعت إلى 415 مليون دولار، فيما بعد عرض البروفيسور خياطي أطروحة دكتوراه بينت أن الأطفال يستعملون التدخين منذ سنة 11 سنة بنسبة 83% يستهلكون ما بين 11 و 20 سجارة يوميا.
وفي 2017 استهلكت الجزائر 270 مليون لتر من المشروبات الكحولية مما يمثل 20% من صادرات أكرانيا للعالم، و المنظمة العالمية للصحة تصنف الجزائر كأول بلد من البلدان الإسلامية الإفريقية في استهلاك الكحوليات.
أما عن آثار المخدرات الخطيرة فأكد ذات المتحدث أن 81% من حوادث المرور متعلقة باستهلاك المخدرات أو الكحول وهذه الأرقام التي أعطتها الشرطة، و أمراض عقلية و سرطانية عديد نتيجة إستهلاك الكحول ...
الآفات الإجتماعية رؤية تربوية
و انتقالا إلى الجانب النظري و الأكاديمي حاول الأستاذ عمر نقيب خلال محاضرته الحديث عن الآفات الإجتماعية من الناحية العلمية و طرح في هذا السياق تساؤل كيف ينبغي النظر للآفات الإجتماعية و آفاقها ،حيث الوضع الذي نعيشه يقتضي البحث في معنى المشكلة وأبعادها و آثارها لتعبيد الطريق لعلاجها، فمن الناحية المنهجية المشكلة معناه هناك تناقض بين وضعين، كما ركز على نقطة أساسية وهي كيفية التعامل مع الظاهرة في المستقبل مشيرا إلى أنه لابد من التأسيس لمفهوم التربية من جديد وشرح أن التربية تعرف مقاربتين الأولى تنظر للتربية على أنها فعل بيداغوجية لا يخرج عن أسوار المدرسة، أما المقاربة الثانية تنظر للتربية على أنها مشروع لبناء المجتمع من خلال إعداد إنسان متحضر.
و في الأخير و بعد فتح باب المناقشة للحضور من ممثلي هيئات رسمية مختلفة و أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى حول مخاطر الآفات الإجتماعية على تنمية المجتمع و إستعراض أمثلة و نماذج من الواقع، تم تكريم الأساتذة المحاضرين تقديرا لجهودهم المبذولة لإيصال الرسالة.