202
2
ندوة دراسية دولية تكريمية، حضوريا وعن بعد، لأحد ألمع مفكرينا المعاصرين

متابعة : مصطفى محمد حابس: جنيف / سويسرا
إن تكريم العلماء والمفكرين والكتّاب الأحياء هو من أهم القيم التي يجب أن نغرسها في نفوس الأجيال، لأن هؤلاء العلماء هم منارات العلم والفكر، الذين يسهمون في بناء مجتمع واعٍ ومثقف رسالي.
إنهم يفتحون لنا آفاقاً جديدة من المعرفة ويحفزوننا على التفكير النقدي والإبداع، خاصة اليوم في عالم سريع التغير، حيث تتزايد المعلومات بشكل هائل رهيب، يصبح لدينا حاجة ملحة للاستفادة من خبرات هؤلاء الأعلام وهم أحياء يرزقون بين الناس.
إذ هم لا يمثلون مجرد شخصيات بارزة في حاضرتا وتاريخنا، بل هم تجسيد للجهد والمثابرة، ويظهرون لنا أن العلم والمعرفة هما السبيل الأوحد لتحقيق تقدم وازدهار الأمم.
عندما نكرّمهم اليوم وهم أحياء و ندرس تراثهم، نحن لا نحتفي بإنجازاتهم فحسب، بل نرسل رسالة قوية للأجيال القادمة بأن العلم هو أساس التطور، وأن القراءة والبحث هما مفتاحا النجاح.
في ضوء هذه القراءة وهذه المعاني السننية الربانية، ومواكبة ليوم العلم وشيخه الجليل العلامة عبد الجميد بن باديس، جاء هذا اليوم الدراسي دافعًا للعمل والابتكار، قصد بناء مجتمع يعتز بالمعرفة ويحتفي بأهلها، كما هو حال هذه السُّنة الحميدة الجديدة المتجددة التي نعتز بها الجزائر، حيث نظمت بمكتبة المطالعة العمومية برأس العيون بولاية باتنة، الأسبوع المنصرم، ندوة بعنوان : " المفكر الدكتور الطيب برغوث الرجل و المشروع"، بعد ندوات سابقة نظمت في جهات أخرى عنه و عن بعض رجال جيله، تكلمنا عنهم في مناسبات سابقة، أمثال الشيخ الدكتور عمار طالبي، والشيخ الدكتور عمار طسطاس، وغيرهما.
: " الطيب برغوث الرجل و المشروع"
الطيب برغوث مفكر وأكاديمي جزائري معروف بدراساته العديدة في مجال السنة النبوية والمنهجية العلمية، مقيم حاليا في مملكة النرويج. وله إسهامات بارزة في نقد المنهجيات التقليدية في دراسة السنة النبوية. من أشهر أعماله كتاب “إشكالية المنهج في السنة النبوية”، الذي يطرح فيه رؤى نقدية حول طرق فهم وتفسير السنة. يعتبر برغوث من الأصوات المؤثرة في الحوار الفكري المعاصر حول التراث الإسلامي.
كما أن للمفكر الطيب برغوث اهتمام أصيل ومبدع بالفكر الحضاري، لاسيما “منظور السننية الشاملة” الذي يرى أنه هو الخريطة السننية الكلية الضرورية لأية نهضة حضارية إنسانية متوازنة، تتحرك على خط الفعالية والتكاملية والخيرية والبركة والرحمة الكونية العامة.. ومن أهم كتبه التي تربو على الـ 70 كتابا مطبوعا، منها على الخصوص: الدعوة الإسلامية والمعادلة الاجتماعية. التغيير الإسلامي خصائصه وضوابطه. محورية البعد الثقافي في استراتيجية التجديد الحضاري عند مالك بن نبي. المنهج النبوي في حماية الدعوة ومنجزاتها. مدخل إلى الصيرورة الاستخلافية: دراسة في سنن التغيير الاجتماعي. الفعالية الحضارية والثقافة السننية. الواقعية الإسلامية في خط الفعالية الحضارية. السُّنَنية الشاملة: روح الحياة، ونظام الوجود، ومرتكز النهضة الحضارية. إشكالية المنهج في استثمار السنة النبوية. الأسرة المسلمة على طريق النهضة الحضارية.
ندوة دراسية لفكر الرجل و تراثه، نشطها أساتذة من أهل الاختصاص:
بعد الافتتاح بآيات بينات من القرآن الكريم والاستماع إلى النشيد الوطني، انطلقت أشغال الندوة التي نشطها مدير مكتبة الاحسان بباتنة، الأستاذ محمد مراح، و شاركت فيها كوكبة من الاساتذة، حيث كانت المداخلة الأولى من تقديم :
الأستاذ الصالح سمسار بعنوان : " الطيب برغوث على درب الأنبياء جميعا في تبليغ الوعي السنني" :
والتي تناول فيها الكلمات المفتاحية الثلاث لمداخلته، فتطرق إلى بعض محطات حياة الدكتور الطيب برغوث العلمية والأكاديمية باختصار، واصفا إياه بالعالم الكبير والمجدد الذي سبق زمانه في العلوم الاسلامية والانسانية، ثم تطرق إلى مهمة الأنبياء التي أوكلها الله لهم، وهي تبليغ الوعي السنني، والتي اكتملت مع رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ورثها العلماء من بعده، وقد استجمع الشيخ الدكتور الطيب برغوث هذا الوعي السنني الشمولي، وذلك عبر سلسلة من المؤلفات الكثيرة، كمفاتيح الدعوة، وآفاق في الوعي السنني، وآفاق في الخبرة القيادية، ثم تطرق في الأخير إلى مفهوم الوعي السنني، حيث أبرز إشكاليته التي رأى بأنها تتمثل في البحث عن عوامل بناء وقيام الحضارات في التاريخ، وعوامل التجديد وإعادة بنائها بعد أن تسقط. أما عن المنهج فقد ذكر بأنه منهج السننية المعرفية والتربوية، الذي يعتمد على العلم واكتشاف قوانين الله في كتابه المنظور والمسطور، وعن لب مشروع السننية الشاملة فقد ذكر بأنه اكتشاف قوانين الله المختلفة وفهمها وتطبيقها في بناء الأمم والمجتمعات، مذكرا بأنواع السنن وهي سنن الله في العقيدة والعبادة والوحي والسنة، وسنن الاستخلاف وهي الابتلاء والتدافع والتداول والتجديد، وسنن التسخير بمنظوماته الربع، في الآفاق والأنفس والهداية والتأييد.
وفي مداخلته التي جاءت بعنوان" الطيب برغوث ومشروع السننية الشاملة: نظرة محلية" حاول الأستاذ الدكتور عمر مناصرية
إسقاط منظور السننية الشاملة على المجتمع المحلي، حيث طرح سؤالا حول مدى إمكانية الاستفادة منه محليا، وذلك من خلال أهمية إسقاط الظواهر الكلية على الواقع المحلي، وعدم تركها من دون تفعيل ولا توجيه، حيث تناول ذلك من خلال مفهوم النهضة الذي يعني في أحد مبادئه الأساسية العمل للصالح العام، وضرب لذلك مثلا بثورة التحرير الجزائرية التي استطاعت في ظرف سبع سنوات أن تؤسس للمرجعية والهوية الوطنية، والتي لا يزال المجتمع الجزائري بعد ستين سنة أو أكثر يستفيد منها ويوظفها، ليخلص إلى ان العمل للمصلحة العامة ولو لفترة وجيزة من التاريخ، تكون له تأثيرات عميقة وطويلة الأمد، وأن تجاوز المشكلات التي تعوق العمل للصالح العام، على المستوى المحلي يمثل اهمية كبيرة من أجل التجذير لهذه المرجعيات في الواقع المحلي، كما تطرق إلى قدرة منظور السننية الشاملة على استعادة المفهوم الصحيح للإسلام في واقعنا، حيث تعرض هذا المفهوم كأهم مرجعية كلية إلى العديد من التحولات والتغيرات، بما ينذر بأخطار كبيرة، ويستطيع منظور السننية الشاملة، ان يمنح فهما عميقا وصحيحا للإسلام، من خلال مبادئه ومكوناته، التي تنظر إلى الإسلام نظرة شمولية متكاملة ومتوازنة.
وتطرق الأستاذ عبد الحميد مصباح،
وهو رفيق درب الدكتور الطيب برغوث في مساره الدعوي في مداخلته التي عنونها بـ"الطيب برغوث وتجربته الدعوية الرائدة " إلى التجربة الدعوية للدكتور الطيب برغوث في مرحلة الصحوة الإسلامية، وأهم مميزاتها، فبعد أن نوه بمكانة الدكتور الطيب برغوث العالية ووصفه بابن باديس العصر، وبأخيه الميلود الذي وصفه برجل الظل، تطرق إلى العديد من الأساليب والأنشطة التي كانت قائمة في منطقة راس العيون، بإشراف وتوجيه الشيخ الطيب برغوث، ومنها ندوة الجمعة التي كانت تستقطب ما حولها من المناطق، بما تميزت به من منهجية وتنظيم وابتكار، حيث كان الشيخ يقدم إليها من قسنطينة خصيصا، ويعد لها برنامجا سنويا، يتناول قضايا ذات اهمية للمجتمع، كما يستشرف قضايا اخرى مستقبلية، كما خصص لها جائزتين، هما جائزة احسن تلخيص وجائزة حسن الضيافة التي تمنح للمرتادين بغرض استيعابهم في الندوة، كما كانت هناك نشاطات أخرى كثيرة ومتنوعة، كندوة الأساتذة والندوات التكوينية المستمرة في العطل، والورشات التي يقدم لها اساتذة ودكاترة كبار، ومن النشاطات التي لفت إليها الأستاذ الانتباه هو حرص الشيخ الدكتور الطيب برغوث على تأسيس مكتبات خاصة للطلبة في منازلهم، حيث كان يزودهم بالكتب التي يحضرها من العاصمة دون مقابل، ومن النشاطات أيضا النشاط المكثف في شهر رمضان، خاصة مع الثكنات التي كانت تتواجد بالمنطقة، لتقديم الدروس للجنود، حيث كان الشيخ الطيب يقوم بتنظيمها تحت إشراف العلامة سي حمو بوعكاز، وقد استطاعت هذه التجربة بسبب تكامليتها ومنهجها المعتدل وانسجامها مع المجتمع، أن تؤسس لنخبة هامة على المستوى الكمي و المعنوي، حيث استطاع أن يكون جيلا تكوينا متكاملا.
وقد فضل الأستاذ الدكتورعيسى بوعافية أحد طلبة الشيخ الطيب برغوث،
والأستاذ بجامعة قسنطينة في مداخلته التي عنونها بـ" لب مشروع السننية الشاملة للدكتور الطيب برغوث" تناول موضوعه من خلال طرح العديد من الأسئلة المحورية حول مشروع السننية الشاملة والإجابة عنها باختصار شديد، وهي ثمانية أسئلة، تطرق في الأول منها إلى التعريف بالمشروع، حيث أجاب بأن المشروع له تسميتين، هما: نظرية المدافعة والتجديد، ومشروع السننية الشاملة. أما عن مجال المشروع فله ثلاث مجالات، هي فلسفة التاريخ، مشكلات الحضارة، وفقه النهضة الحضارية، وعن سؤال كيف تطور هذا المشروع، فقد قال الأستاذ بأن ذلك يعود إلى انتباه الدكتور الطيب برغوث واكتشافه للمنهج التحليلي السنني ثم للقواعد والكليات السننية، ثم للسننية، والسننية الشاملة، وفيما يتعلق بسؤاله عن لب مشروع السننية الشاملة، فقد أجاب بأنه التركيز على المنظومات السننية الكلية الناظمة للوجود ككل، وهو ما يميز فكر الشيخ الطيب برغوث عن غيره، أما فيما يتعلق بمميزات منظور السننية الشاملة، فقد ذكر بأنها الاهتمام بالسنن والشبكات السننية والمنظومات السننية الكلية، وحول مدى اكتمال المشروع أم هو ناقص، فقد قال بأنه مكتمل عند صاحبه، أما في مؤلفاته وواقعه فهو لا يزال بحاجة إلى بلورة وخدمة، وعن أسباب ذلك، فقد أجاب بأن ذلك يعود إلى اسباب كثيرة، أما عن سؤال حول مدى واقعية المشروع، فقد أجاب الأستاذ بأنه واقعي إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، وفي الأخير تطرق الأستاذ بوعافية إلى أهم ثلاثة كتب للشيخ الدكتور الطيب برغوث يمكن للقارئ أن يعتمد عليها،
وهي مدخل إلى سنن الصيرورة الاستخلافية على ضوء نظرية المدافعة والتجديد، والأطروحة السننية الخلدونية ونظرية المدافعة، وحركة المداولة الحضارية وشبكة القوانين الكلية المؤثرة فيها.
من جهته تطرق الأستاذ الدكتور مولود سعادة، من جامعة باتنة، ورفيق درب الدكتور الطيب برغوث
في مداخلته التي جاءت بعنوان" الطيب برغوث من قامات الفكر والثقافة في العالم العربي والإسلامي" إلى مختلف العوامل والخلفيات التي اوصلت الدكتور الطيب برغوث إلى هذه المكانة العالية وهذه العالمية، وقد أجملها في اعتباره تلميذا مباشرا لكل من المصلحين والعلماء، ابن خلدون ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الحميد ابن باديس، ومالك بن نبي، إذ سار على دربهم مستهديا بمسيرتهم الخلقية والنفسية والدعوية، كما اعتبره منتوجا حقيقيا للقرآن الكريم، نشأ في طاعة الله، ووفر شرط التقوى التي اكسبته العلم، معتبرا مشروع السننية الشاملة فتحا ربانيا، كما اعتبر الشيخ الطيب برغوث استجابة ربانية للصاحين من اسلافه، وذكر دعاء والدته له بالخير، ومن العوامل التي هيأت الشيخ لتبوأ هذه المكانة العالية أيضا، عدم اهتمامه بالسعي للشهرة وعلو القامة والمكانة، حيث لم يكن يسعى إلا إلى مرضاة الله وأداء رسالته التي كلفه الله بها، من خلال القرآن والسنة، فلم يكن يطلب شيئا لنفسه.
وتحدث الدكتور سعادة عن أهمية مشروع السننية معتبرا إياه ثورة علمية رابعة،
أتت لتعيد للإنسان أصالته ومنهجه، وللعلم مفهومه الصحيح، وللإنسانية أملها ومصيرها الذي ينتهي بها إلى الحسنيين في الدنيا والآخرة، حيث لم يسبقه إليه احد، مما أدى تثوير الفهم للإسلام والقرآن، وما ذلك إلا بسبب سنة مهمة جدا، وهي سنة القراءة، قراءة القرآن أولا وقراءة السنة، فقد كان الشيخ يقرأ القرآن من خلال اهتماماته ومشكلاته النفسية والاجتماعية ومشكلات الأمة وحاجاتها عموما، ويقرأ السنة النبوية ليستخرج منها القوانين التي أدت إلى تغيير مفهوم العلم وعلاقة الانسان بالوجود، وتحدث عن بعض هذه التغييرات التي أحدثها فكر الشيخ، كلفته الانتباه إلى شيء اعتبره خطيرا، وهو الاكتفاء من الإسلام بالعبادات والطاعات فقط، دون إدخالها في المنظومة السننية الشاملة، مغيرا بذلك الفكر الإسلامي المعاصر.
وتطرق الدكتور سعادة بعدها إلى بعض المؤشرات التي تبرز مكانة الشيخ وتأثيره محليا ووطنيا وعالميا، خاصة من خلال الملتقيات التي كان فيها نجما لامعا، معطيا بعض الأمثلة عن ذلك، وكذلك من خلال التفات المفكرين والعلماء إلى اهمية مشروعه، ومحاولة بعضهم جعله مشروعا للقرن، وكذا من خلال حياته الخاصة في النرويج، حيث اعتبرته صحيفة هناك رجل العام، حين عاشت معه يوما من حياته، معتبرا الشيخ الدكتور الطيب برغوث قامة فكرية في العالم الاسلامي، ونظير توينبي وشبنجلر وغيرهما، وخلص الدكتور سعادة إلى ضرورة الاهتمام بهذا المشروع من خلال القيام بالواجب تجاهه، والسير على منهجه، وترجمته إلى اللغات الأجنبية، ومنافسة الفكر الغربي به.
وتناول الأستاذ الدكتور عمار طسطاس، أستاذ التعليم العالي بجامعة قسنطينة،
ورفيق درب الشيخ الطيب برغوث لفترة طويلة امتدت لقرابة نصف قرن، في مداخلته التي جاءت بعنوان" الطيب برغوث الانسان والمفكر" شخص الطيب برغوث الانسان والمفكر، حيث تطرق أولا إلى لقائه به وتعرفه عليه أول مرة ، وفضله عليه، معتبرا إياه زميلا واستاذا في نفس الوقت، سهل له ما يقرأ، وأنقذه من الزيف العقائدي والفكري الذي كان منتشرا في تلك الفترة المضطربة، حيث كان أصحاب المكتبات في قسنطينة تعرفه. ومن السمات التي ذكرها الدكتور طسطاس حول الشيخ الطيب برغوث، أنه كان صبورا، كثير الحلم، لا يقلق من معارضيه، ولا يرد عليهم، مشيرا إلى أن الأخلاق والرحمة هي من أخلاق النبوية والدعوة وروح الاسلام والعالم والمفكر، فما يميز الشيخ الطيب عن تجربة ومعايشة هي انه من معدن نفيس من معادن أخلاق الاسلام، وهو قدوة كما أمر الله، متجردا للعمل في سبيل الله. ثم تطرق فضيلة الدكتور إلى الجانب الثاني في الشيخ الدكتور الطيب برغوث، وهو جانب المفكر، حيث تأسف على كونه معروفا في خارج الجزائر أكثر من الداخل، وما ذلك إلا لتفكيره العلمي، المؤصل، والمنفتح على كل الأفكار الأخرى، من خلال التكوين، مذكرا ببعض التجارب في حياته معه، واصفا إياه بالمفكر والعالم المنهجي المستوعب والمتجاوز، متطرقا إلى الفكرة التي لازمتهم طويلا، وهي وحدة الوطنية والاسلام، وهمّ مواصلة تحرير الأمة ثقافيا، وإعادة ذاكرتها وشعورها الذاتي إليها، حتى لا يفكر أحد في استعمارها من جديد، وذلك من خلال الأخذ بجميع السنن، في الآفاق وفي الأنفس والهداية والتأييد، نظريا وعمليا، فمن واجبنا تجاهه، دراسة فكره، وتخصيص مختلف الأنشطة له، والتذكير به، من خلال كل الجهود والأعمال الجليلة التي من دونها لن تقوم للامة قائمة، وحتى تستعيد وجودها وقوتها ونديتها أمام الأخرى.
وبدوره تناول الدكتور محمد عوالمية الأستاذ بجامعة قسنطينة
من خلال مداخلته الواجب نحو مشروع الدكتور الطيب برغوث، حيث تساءل: حيث ما واجبنا نحو هذا المشروع ؟ وما الذي ينبغي فعله لاستكمال تجسيده على أرض الواقع؟. وقد أجاب أن لكل واحد واجبه الخاص به نحو المشروع، فمن كان رفيقا للشيخ، فعليه ان يوثق شهادته، ويكشف بعض الغوامض التي لا يقولها الشيخ في كتاباته، وواجب الأكاديميين أن يدرجوا هذا المشروع، ضمن أدبيات البحث، ليستخرجوا منه موضوعات بحثية في جميع المجالات المعرفية، لأنه يقع ضمن مجالات معرفية كثيرة، شرعية واجتماعية وفلسفية، وذلك لدراسته وفهمه وتفهيمه. أما واجب المثقفين عموما، والمجتمع المدني المرتبط بالصحوة، وبالفكر الرسالي، ان يقرأوا ما كتب الأستاذ الطيب وان يُقراوا ما كتب، وأن يعرفوا من لا يعرفه، لأن هناك حاجزا أريد له أن يكون بين الأستاذ والأجيال اللاحقة، ولذا يجب استدراك ذلك وبذل الجهود الكبيرة لرأب هذه الفجوة التي جعلت الأجيال الجديدة تستثقل فكره و تستصعب مصطلحه وتعجز عن قراءته وفهمه، مذكرا بأهمية ما وصفه بالكتابات الوسيطة التي تبسط المنظور لتضعه في متناول الجميع.
تحية للدكتور الطيب برغوث:
كلمة وجهها البروفيسور عبد العزيز برغوث من ماليزيا للندوة، قال فيها على الخصوص:
أن المفكر الطيب برغوث، رجل مخلص صابر جاد حكيم مثقف متواضع قضى خمسين عاما يربي ويعلم، ويقرأ، ويكتب وينظر ليضع منهجا سننيا حضاريا متكاملا للنهضة والتجديد الحضاري المنضبط بالسنن والقوانين والخبرات الحضارية المضطردة،
واصفا إياه بصاحب منظومة مميزة في التفكير والتحليل الحضاري..عندما تقرأ كتبه تشعر بالحرارة والدفء والقوة والعمق والصلابة والمتانة المعرفية والفكرية. عندما تدخل العالم السنني (أعني فكره السنني) تجد نفسك محاصرا بمصطلحات ومفاهيم ومعاني ودلالات قرآنية عميقة. لقد وهبه الله القدرة علي استنطاق واستحلاب المصطلح السنني الحضاري القرآني بسلاسة وطلاقة مميزة."
مضيفا بقوله :" يتميز فكر الشيخ الطيب بالقدرة الفائقة على تركيب الافكار واستخراج القوانين والسنن بشكل انسيابي طليق لا تكلف فيه ولا اعتصار او اعتساف. رجل مفكر حاز ملكة السننية وامتلك زمام الفكر السنني فأبدع ما سماه بالسننية الشاملة. فكر قرآني أصيل تشهد فيه أستاذية القرآن وعبقرية النبي ومنهجه .. فكر ليس أكاديميا نظريا تجريديا صرفا، وليس حركيا دعويا صرفا، وليس تربويا ثقافيا اجتماعيا صرفا ولكن يجمع بين الأكاديمي والحركي، والتربوي والاجتماعي والحضاري.. وهذا ما يجعله فريدا ومميزا. وله منظومته الخاصة في التفكير والتحليل أعني لديه رؤيته وإطاره النظري والتنظيري وله مصطلحاته ومفاهيمه الخاصة وله تطبيقات لفكره على مستوى الحركة الاسلامية، والوعي الدعوي، والتربية والتعليم، والاسرة، والمجتمع، والثقافة، والحضارة، وتطبيق المنهج النبوي في مرحلة الدعوة والدولة وحمايتها...وغيرها.
كلمة شكر من "منتدى دراسات النهضة الحضارية" للمشاركين في الندوة:
من جهته "منتدى دراسات النهضة الحضارية" الذي نقل بالصوت و الصورة بعض فعالية اللقاء و التي تابعها أيضا عن بعد بعض الافاضل و الفضليات من خارج و داخل و الوطن ، كلمة شكر للأساتذة الافاضل، مذكرا بقوله:
" شكرًا جزيلًا للأساتذة الكرام الذين لبوا الدعوة وتكرموا بإلقاء كلمات قيمة في هذه المناسبة. لقد أثرى كل منهم بمداخلته، وساهم في إبراز أهمية فكر و شخصية أستاذنا - صفاه الله - ، كما أن كلماتكم وآرائكم كانت محفزة ومُلهمة، يستفيد منها طلبتنا ومشايخنا في مسيرتهم العلمية والفكرية، آملين أن نلتقي بكم مجددًا في تكريمات قادمة لشخصيات أخرى من عالمنا الإسلامي. متمنين للشيخ الطيب برغوث الشفاء العاجل، وأن يستمر في إلهام الأجيال القادمة. و للمشاركين في الندوة دوام الصحة والعافية، قصد مواصلة العطاء والتميز في مجالاتهم التربوية والدعوية.
شكرًا لكم مرة أخرى على حضوركم ومشاركتكم الفعالة. نلتقي مجددًا في
مناسبات قادمة إن شاء الله."