يواصل السيد اسماعين تماووست سرد تجربته التي عاشها رفقة الجزائريين في سنوات قيل عنها الكثير، وتبقى الحكمة الأكبر في استخلاص الدروس والعبر، لتكون هذه الشهادة بوصلة لشباب اليوم ودرسا من دروس حب الوطن.
بقلم اسماعين تماووست
تمكنت الجزائرمؤخرا وبنجاح من حل النزاعات والمشاكل الداخلية، وإجهاض كل مخطط هدف للتفريق بين الجزائرين وضرب الوحدة الوطنية، كما نجحت وبقوة في نسج علاقات خارجية مع رؤساء الدول وكبار المسؤولين في البلدان ، فمن الملحوض أن المسؤولين على مستوى الدولة وموظفي الدبلوماسية الجزائرية قد نالوا التقدير والإحترام حتى من الأعداء.
ما يجعلني أفقد الصواب، هم هؤلاء أشباه الجزائريين الذين سمحوا لأنفسهم أن ينتقدوا وطنهم بل وأكثر من ذالك ومن شدة غبائهم أفشو أسرارها وباعوها دون أن ينالوا شيئا مقابل ذالك...
أولئك الجبناء الغادرون الذين اعتقدوا أنهم قادرين على خنق الحقيقة الساطعة والتغلب عليها، وتعاقدوا مع أعداء الوطن وحاولوا بأكاذيبهم اللعينة وكرههم للجزائرأن يدمروها، إلا أنه وبفضل المخلصين الشرفاء لم يتمكنوا من ذلك...
لقد خسروا أنفسهم ولم يبقى من يحترمهم حتى المقربين منهم، فكل مكادئهم وحيلهم ضد الدولة والوطن لمساعدة الأعداء المتربصين به باتت بالفشل والخزي والعار، في وقت كنا ولا زلنا وسنبقى نكافح ونحارب كل من سولت له نفسه تدمير وطننا المقدس ليجدوا أنفسهم ضمن قائمة المنبوذين لايزال العار يلاحقهم أحياءا كانوا أو أموات.
في الفاتح من شهر مارس من عام 1983 كان موعد تحويلي وتكليفي بأمن دائرة بوفاريك البليدة، بعد حوالي سنة من العمل داخل جهاز الشرطة القضائية ، ليتم تعييني بعدها في المخابرات كرئيس مكتب ، حيث كنت العنصر الوحيد، لذا كنت رئيسًا لنفسي وسيدا عليها. التحقيقات و الاستفسارات العامة حساسة جدا ، لدرجة صعوبة تنفيذها احيانا بشكل جيد ، فهي تتطلب الحنكة والفراسة، و الكثير من الصفات لموظفي خدمة الشرطة ، بما في ذلك الخبرة ، والإتقان ، والكفاءة ، والصبر ، والكثير من العلاقات و التواصل ، وإيجاد وخلق الوقت الكافي وكذالك المصادر في جميع المجالات ، بعدما كنت في عملي ومنصبي الجديد، بدأت بالتنقل في جميع أنحاء إقليم دائرة بوفاريك ،لإكتشافها والتعرف على سكانها ، وعليه توصلت لكسب ثقة وتقدير جميع المسؤولين في جميع المجالات. كما نجحت في ان أحيط نفسي بالمخلصين للعهد والواجب، وذالك بجمع العديد من المجاهدين و أبناء الشهداء، ومواطنون ذوي روح وطنيةعالية. حقا لقد وفقني الله في ذالك، إذ نجحت ببراعة في نسج علاقات والتي مكنتني من الفور بالثقة والاحترام و من شحن مصدر معلوماتي
في بداية عام 1984 ، أخبرني مواطن مخلص وشجاع كنت قد اتصلت به من قبل في حمام ملوان بوقرة ، أن هناك رجلا في سن معين ، ضاهرعليه أنه غريب عن المكان مسلح وهو من نفس المنطقة المذكورة ، يتردد على المدينة ليقتني مدخرات و طعام ويعود به الى المرتفعات من حيث أتي ومع توفر هذه الأخبار الهامة ، قمت بتزويد هذا المواطن بمبلغ صغير من المال ، ونصحته أيضا حتى يكون في مأمن عن المتاعب والمشاكل هذه المعلومات سلبت عقلي و إستحوذت على هاجسي وشغلت بالي وتفكيري. طبعا، رفضت أن أكون مكتوف الايدي جامدا دون أن أتصرف ، لذلك وجدت نفسي مضطرا لأبدأ في الحفر والتفتيش على معلومات أكثر وأدلة في كل مكان ، وخاصة في حمام ملوان وما جاورها . لكن بحثي و ما قمت به كان بلا جدوى مماأحسسني بالحزن و الفشل والإحباط لفترة معينة. على الرغم من ذالك لم أستسلم ، فقد واصلت بالفعل زيارة مصادري لتشجيعهم ومساعدتهم. و ذات يوم ، جاء المواطن المذكور إلى مركز الشرطة لرؤيتي وقدم لي معلومات قيمة عن الشخص المعني.