3143
0
مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 93
بقلم اسماعين تماووست
كان الأمر صعبا عليّ وعلى زملائي الأعزاء، فتواجدنا في الميدان وبصفة دائمة لفترة طويلة من الزمن، جعلنا نعاني أحيانا من التعب وأحيانا من صعوبة الموقف وكذالك من خيبات الأمل، حينما كنا نقوم بالعمليات والتحقيقات في إطار مهامنا الرسمية، كما خضنا أيضا معارك في كل مكان، في المدن والأرياف والجبال والغابات ، معاركاً كانت تشبه حربًا أهلية ،خضناها ضد عدوٍ شرسٍ...
وكان تواطؤ هؤلاء الشركاء البلطجية بمثابة مساعدة مهمة للإرهابيين، إذ كانو ا يقدمون مساعدات مختلفة كتوفير الطعام، جمع الأموال ، شراء الأسلحة و توفير وسائل النقل و الملاجىء، هؤلاء النمامين المفسدين كانوا يوشون بجيرانهم بما فيهم ضباط من الشرطة، وجميع الرجال المنتمين إلى جهاز الأمن، و كذلك أيضا الأوفياء من المدنيين الذين وقفوا ضد الإرهاب، وكلهم مُدانون بشدة بسبب الآثام المدمرة التى خلفوها عبثاً على الأبرياء....
هم مجرمون و بائسون، يعرفون أنفسهم جيدا ويتذكرون أيضًا أصغر التفاصيل بخضوض الخدمات والمعلومات التي قدموها سابقًا لأعداء الله والوطن، لقد كانت بالفعل حقيقة مُرّة، تسببت في الكثير من الخسائر في الأرواح، والممتلكات، وأحدثت البلبلة والرعب والإضطراب في النسيج الإجتماعي و السياسي والأمني في الجزائر...
هو ظاهره إجراميه أصحابها بلا وطنٍية ولا دينٍ ولا هوية، حركتها أيادٍ خائنة للعهد وآثمةٍ بما خططت و دبرت، فجندت في صفوفها شبابا غررت بهم ولعبت بعقولهم، وحرضتهم لقتل وسفك دماء الجزائرين والجزائريات الأبرياء، محاولة خداع الشعب بحجة الدين و الإلتزام بالشريعة الإسلامية، ولهذا أتمنى وأسعى بشدة لأن تعرف الأجيال القادمة حقيقة الأمر، و كيف عملت مع جميع الشرفاء للتصدي لهؤلاء الجهلة الذين أرادوا بكل الطرق ، نشر قيم الكراهية والتطرف وتفكيك وحدة الجزائرين ..
كما سبقنا مجاهدينا اليقظين، حينما سبلوا حياتهم، و تخلوا عن أهاليهم وذويهم، والتحقوا بالجيش الوطني حاملين السلاح بصدورعارية مستسلمين للموت مقابل الكرامة و الحرية، بكل أمل وتفائل لمستقبل أفضل لتنعم به الأجيال اللاحقة.
أما المعركة الأخرى فقد دبرها الخونة الأوغاد المتورطون في الإرهاب الذين أرشدهم قادتهم إلى ارتكاب مجازر و أعمال وحشية وهمجية لا تغتفر ، ضد شعب دون حماية و لا سلاح .
كنا نلاحظ تردد ضباط الشرطة المسؤولين عن القضية في أكاديمية الشرطة بالصومعة. بشكل ملفت للنظر لبضعة أسابيع ذلك أثر علينا ، التوتر وعدم النوم بما فيه الكفاية لصحة أبداننا ، مما جعلنا نعاني من الإحباط و التعب نتيجة عدم التوصل إلى ما كنا نسعى إليه ، ليستمر الوضع على حاله لمدة ما يقارب الشهر.
وبسبب عدم تحقيق نتائج مرضية منذ جويلية 1986، أثّر ذلك سلبيا على بعض زملائنا في الشرطة ،إذ أصبحوا متشائمين وبالتالي محبطين بعض الشيء، لا سيما في مواصلة العمل بالوتيرة والصرامة المعتاد عليهما، ومع ذلك أعترف أنني شعرت بمشاعر سلبية للغاية و ذالك لأسباب مختلفة، كانت جميعها مرتبطة بالقضية التي كانت أكاديمية الشرطة ضحيتها، إلا أنني لم أسمح ابدا لنفسي أن تكون حبيسة التوتر و الأفكار السلبية ...
ومن تلك اللحظة ، أعددت نفسي لعدم الإستسلام وحررتها من المشاعر السلبية، وعزمت أن أتبني أفكاراً إيجابية جديدة، و طاردت كل ما أحاط بي ضغوط ، بما فيها الغضب والفشل...
تلك التجربة كادت تثبط عزيمتي، مما أثر على علاقاتي الإجتماعية والمهنية ،لسبب عدم توصلنا لنتائج مرضية في العملية التي بدأنا فيها منذ أسابيع من خلال التحقيق في قضية ملاحقة المجرمين...
لقد عشنا وضعاً إستفزازياً و محرجاً مما أثر على معنوياتي وعلى علاقاتي الاجتماعية والمهنية، وفي تلك الفترة أمرني ، كل من رئيس أمن ولاية المدية و الذي كان أيضا بالنيابة وبصفة مؤقتة رئيساً لأمن ولاية البليدة، ونائب رئيس أمن ولاية البليدة، كل على حدى ، بكتابة مذكرات إعلامية مختلفة عن الإرهابيين الفارين المرتكبين لتلك الجرائم الوحشية...
وكان قد حضر رئيس أمن ولاية المدية متأخرا جدا، حوالي الساعة التاسعة مساء، إلى مقر أمن دائرة بوفاريك، وبحضور رئيسي، ورئيس أمن دائرة بوفاريك وثلاثة ضباط شرطة آخرين وكان ذالك في مقر مركز الشرطة لعقد اجتماع سريع ...
يتبع...
