وبعد وقت دام تقريباً بضع ساعات، أتذكر أن الساعة كانت تشير إلى حوالي الحادية عشر مساءًا لما ذهبت رفقة زملائي إلى مصلحتنا، فكان رئيسي، رئيس أمن دائرة بوفاريك، في تلك اللحظة ينتظرني في الساحة اقتربت منه فحييته، وقدمت بعدها تقريري بتفاصيل ما توصلت إليه بحضور الشرطيين، مع التأكيد على وجود مجموعة من المجرمين داخل تلك الغابة.
لقد تأكدت بالفعل من ذلك، لأنني وكلت أحد سكان العبزيز، بتحري الأمر ، فأبلغني مؤكداً لي وجود مسلحين داخل هذه الغابة، دون مزيد من التوضيح.
في تلك الأثناء كان محافظ الشرطة يبتسم مشجعاً و موضحاً أنتظاره لي بلهفة وحنين، فحضوري و ما جئت به كان تماماً كأولى قطرات الغيث التي تبعث البهجة في نفوس الفلاحين.. فغرورقت عيناي تأثراً بموقفه، وقال لي رئيسي دون تأخير:"وداعاً ياسماعين ،أراك غداً إن شاء الله".
فذهب على الفور للقاء رئيس أمن ولاية البليدة، هذا الزعيم والرجل الوطني الذي اغتيل للأسف سنة 1994 (البليدة) عند مخرج حمام تقليدي يقع بوسط المدينة .
في الواقع، كانت هناك عائلة من الغجر، مكونة من 4 إخوة، ومن شدة جهلهم وبلادتهم ، اتبعوا رجل واد الرومان (بويعلي) ، وبأسرع ما يمكن، تم تجنيدهم في صفوف الإرهاب، فالأخ الأكبر كان يعيش في دوار العبزيز كان يخفي قادتهم بينما كان هارباً وفي أغلب الأحيان كان يتجول مثل حيوان مفترس في جبال حمام اللوان، بوقرة، ولاية البليدة.
كل أفراد تلك العائلة كانوا فاسدين و منغمسين بعمق في الآفات والشبهات والمحرمات وحتى الكبائر، ألعاب الحظ، المشروبات الكحولية، وزنا المحارم، كما عرفوا بخيانتهم، وخيانة عقيدتهم و أشيرإلى أن زوج تلك الغجرية قد قُتل بالرصاص خلال الشجار الأول الذي جرى في نهاية شهر سبتمبر 1985 في مكان يسمى الغابة السوداء، يقع بين دوار العبزيز ومدينة لاربعا.
في البداية، كان درك البليدة هم الذين كشفوا أمر مجموعة الإرهابيين في ذالك المكان بعد جريمة هجومهم على مدرسة شرطة الصومعة، لاذوا بالفرار إلى الغابة المذكورة لتكون وكراً لهم، معتقدين أنهم قادرين على الهروب من بطش الشرطة وعناصر الأجهزة الأمنية.
كانوا مخطئين و لم يكونوا مدركين أن الشرطة تتمتع بموهبة "التواجد في كل مكان"، وهنا أشير إلى أن أجهزة الشرطة كان لديها ما يسمى بعيون الوشق وآذان منتبهة للغاية وعقول حكيمة وفطنة تتواجد في كل مكان، فهي معروفة بقوتها وتميزها فلقد أقسمت بالوفاء لعهدها وعهد الشرفاء من الشهداء و المجاهدين و جميع المخلصين في هذا الوطن ، على أن لاتسمح لهؤلاء الأشرار المتمردين و الجاهلين من تحقيق مبتغاهم والسيطرة على الحكم و الشعب.