125
0
تعزيز الفكر المقاولاتي ومراجعة التكوين للصم وضعاف السمع محور يوم دراسي بالعاصمة

أجمع المشاركون اليوم على ضرورة مراجعة أساليب التكوين التقليدية الخاصة بالصم وضعاف السمع، والبحث عن سبل لبناء منظومة تستند إلى حاضنات الأعمال والفكر المقاولاتي كفضاءات استراتيجية لتعزيز القدرات الابتكارية لهذه الفئة، بما يستجيب لخصوصياتهم اللغوية والمعرفية.
نسرين بوزيان
وأكدوا أن هذه الرؤية من شأنها ضمان بناء مشاريع مستدامة وتسهيل إدماجهم الفاعل في الاقتصاد المتحول، بما ينسجم مع السياسات الوطنية الرامية إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، وخاصة تمكين ذوي الهمم.
جاء ذلك خلال يوم دراسي تكويني حول تعزيز القدرات الريادية والمقاولاتية لذوي الاحتياجات الخاصة، نظمته المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم العلامة الشيخ المرحوم محمد الطاهر أيت علجت، في إطار المساعي الهادفة إلى إعادة التفكير في نموذج التمكين الاقتصادي لهذه الفئة، تزامنا مع اليوم العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
تجديد الالتزام بالدعم والتمكين

بالمناسبة، أبرز مدير المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم ببني مسوس،زقعار فتحي، أن هذا اليوم الدراسي يجسد التزام المؤسسة الأكاديمي و الإنساني تجاه هذه الفئة، وحرصها المتواصل على أن تكون عنصرا فاعلا ومؤثرا في مسار التنمية الوطنية.
وأوضح أن المدرسة تعمل على بناء بيئة تعليمية ذكية ومبتكرة ومتصلة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي، عبر فضاءات جامعية تشمل مركز تطوير المقاولاتية، وحاضنة الأعمال، ومركز الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مكتب الربط بين المؤسسة والقطاعين الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار إلى أن المدرسة تسعى أيضا إلى تحويل الأفكار إلى مشاريع واقعية عبر مؤسسات فعلية، وتعمل من خلال برامجها على تمكين التلاميذ من ذوي التحديات السمعية من الاندماج الكلي، مع توفير التكفل النفسي والبيداغوجي، وذلك عبر تكوين أساتذة ومكونين مختصين.
رصيد بشري مبتكر وصانع الابداع

من جهتها، أكدت رئيسة اليوم الدراسي التكويني ،جوهرة بوجمعي ، أنه في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، أصبح الابتكار والريادة ركيزتين أساسيتين في التنافسية، وهو ما يفرض إعادة النظر في السياسات التكوينية والاقتصادية السائدة لإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصا فئة الصم وضعاف السمع، بوصفهم رصيدا بشريا يمتلك قدرات فريدة أثبتت فعاليتها في الإبداع وصناعة الحلول.
تحويل تحديات ذوي الهمم إلى فرص
وتطرقت مداخلات المشاركين في اليوم الدراسي إلى أساليب التكوين الريادي الدامج لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوظيف التكنولوجيا والابتكار في دعم المشاريع الريادية، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، وبحث آليات الإدماج الاقتصادي.
وأكد المتدخلون ضرورة بناء بيئات داعمة تتيح المشاركة دون حواجز معرفية أو تواصلية، في ظل بروز حاضنات الأعمال كفضاءات استراتيجية لا تقدم الدعم التقني والمادي فحسب، بل تعمل كمختبرات لتطوير الأفكار وصقل المهارات، وتسهيل الوصول إلى الخبراء والمستثمرين، مع اعتماد مقاربات تدريبية ترتكز على لغة الإشارة، والتصميم البصري، والتكنولوجيا المساعدة.
وذكر المتدخلون بالبروتوكولات الدولية التي صادقت عليها الجزائر سنة 2018، والداعية إلى المشاركة الكاملة والفعّالة لذوي الهمم، وضمان تكافؤ الفرص في التعليم والصحة والعمل والمشاركة المجتمعية، انسجاما مع الجهود الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وأشاروا إلى أن الجزائر تجاوزت مرحلة الحديث عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة فقط، بعد أن أثبتت هذه الفئة قدرات معتبرة وأمثلة ناجحة في الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، ليصبح المطلوب اليوم هو تحويل التحديات إلى فرص، عبر تعزيز الفكر المقاولاتي وتشجيع ذوي الهمم على ولوج عالم الريادة والمشاريع الناشئة.
وأكدوا أن ذوي الهمم لم يعودوا بحاجة إلى "1% مناصب الشغل"، بل أصبح بفضل كفاءاتهم خلق فرص عمل للآخرين والمساهمة في إنتاج الثروة الوطنية.

وفي تصريح لـ"بركة نيوز " شدد مدير المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم ببني مسوس، زقعار فتحي، على أن الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل حدثا تفاعليا جمع بين التكوين والابتكار، وأتاح عرض مشاريع الطلبة التي تعكس قدرتهم على توظيف التكنولوجيا لحل مشكلات حقيقية يعيشها ذوو التحديات السمعية.
وأشار إلى أن المدرسة تعمل بشكل متواصل على نشر ثقافة المقاولاتية، ليس فقط كمجال مهني، بل كنمط تفكير يساعد الطلبة على تحويل أفكارهم إلى حلول مبتكرة.

من جهتها، ثمنت طالبة ماستر سنة ثانية تخصص اللغة الإنجليزية بالمدرسة العليا للصم والبكم، سهام شريفي، التكريم الذي حظيت به خلال الفعاليات، معتبرة إياه اعترافا بجهود الطلبة وطاقاتهم، خاصة أولئك الذين يواصلون الاجتهاد رغم الظروف الصعبة، مؤكدة أن هذا التكريم يمثل دافعا إضافيا لمواصلة مسارها الأكاديمي.

أما أستاذ الأدب العربي بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، عبد الرؤوف بكرون، فوجه رسالة لذوي الهمم، مؤكدا رفضه لمصطلح "ذوي الاحتياجات الخاصة" لما يحمله من إيحاء بالنقص، قائلا: "أنتم لا تحتاجون شيئا من أحد، بل أنتم أصحاب قدرات خاصة"، داعيا إياهم إلى التمسك بطموحاتهم ومواصلة الدراسة رغم العراقيل، مؤكدا أن المثابرة هي الطريق نحو مستقبل مهني ومعرفي قوي.
وفي السياق ذاته، شددت أستاذة بمدرسة الأطفال المعاقين سمعيا بتمليلي ، نادية ادان، على أن أساتذة المستقبل الموجهين للعمل مع الأطفال ذوي التحديات السمعية مطالبون باعتماد نهج بيداغوجي ذكي، يقوم على الصبر والتخصص، داعية إلى الابتعاد عن التركيز على معاناة التلاميذ وظروفهم الصعبة، واستبدال ذلك بغرس قيم التفاؤل والثقة بالنفس فيهم.
وأكدت أن الدعم النفسي لا يقل أهمية عن الدعم البيداغوجي، وأن التلميذ عندما يرى أستاذا يفهم لغته وخصوصياته ويؤمن بقدراته، فإن ذلك ينعكس إيجابا على أدائه الدراسي.

