تستحضر كلمات شارة كرتون "بابار" الشهيرة "مرة في حينا زارنا فيل ظريف" ذكريات الطفولة ولحظات البراءة والدفء، إذ لم تكن تلك الكلمات مجرد لحن افتتاحي لرسوم متحركة ، بل حملت رسائل عن اللطف والعدل والكرم، وغرست في وعي الأطفال قيم النبل والمروءة والإنسانية.

نسرين بوزيان 

فقد كانت تجربة تربوية صغيرة، جعلت من شارة الكرتون أكثر من مجرد تسلية يومية، لتصبح جزءا لا ينسى من وجدان جيل كامل، محفورة في ذاكرته وترافقه حتى مرحلة الشباب، كهمسة خفية تذكره بأهمية الخير والرحمة في مواجهة تحديات الحياة.

     

   

 

وفي هذا الامتداد الوجداني بين الماضي والحاضر، يطل الكاتب مسيعد جلال ليقدم أولى أعماله الأدبية بعنوان لافت "مرة في بؤسنا زارنا قلب لطيف"، وفي حديثه  لـ"بركة نيوز" أوضح مسيعد أن اختيار هذا العنوان لم يكن عشوائيا، فهو يحمل في طياته روح الطفولة العذبة، لكنه يعكس أيضا نظرة ناضجة للحياة، حيث يمكن للبؤس والظلام أن يكشفا عن اللطف والحنان في أبهى صورهما.
وأشار إلى أنه في هذا العمل يسعى إلى أن يصل إلى قلب القارئ قبل عقله، ليذكره بأن النور واللطف يمكن أن ينبثق حتى في أصعب اللحظات.
مضيفا أن الكتاب يضم مجموعة من الاقتباسات والخواطر المستوحاة من تجارب إنسانية وتأملات شخصية، ويهدف من خلالها إلى مخاطبة مشاعر القارئ ومواجهته بأسئلة الحياة اليومية ، ورغم انتمائه إلى فئة الخواطر القصيرة، فإن نصوصه تتجاوز حدود الكتابة السطحية لتقدم رؤى شعورية عميقة وأبعادا إنسانية متعددة، تجعل القارئ يتوقف ويفكر ويشعر مع كل كلمة.
وقد أبرز مسيعد أن هذا العمل الأول أثبت حضوره منذ اللحظة الأولى لعرضه، إذ شهد المعرض الدولي للكتاب 2025 إقبالا كبيرا على اقتنائه ما شكل مؤشرا واضحا على أن صوته وصل إلى قارئه المستهدف، وأن النصوص القصيرة ذات اللمسة الوجدانية ما تزال تحتفظ بمكانتها في عالم الأدب والقراءة.
ويؤكد مسيعد جلال أن هدفه ليس مجرد عرض خواطر أو مشاهد، بل خلق تجربة قراءة تمنح القارئ فرصة للتأمل وإعادة اكتشاف الجمال الخفي في تفاصيل الحياة القاسية، فالكتاب بما يحمله من نصوص هادئة ومفعمة بالإنسانية يمنح لحظة هدوء وسط صخب الحياة، ومساحة يشعر فيها القارئ بأن "قلبا لطيفا" ما زال قادرا على الظهور حين يشتد البؤس.

وختم حديثه قائلا إنه يرغب من خلال هذا الكتاب أن يوجه للقارئ رسالة هادئة، كهمسة خفية: "في هذا العالم لا يزال هناك قلب لطيف، يحتاج فقط أن يزار".