عرف قطاع الإنتاج و الصناعة  في السنوات الأخيرة ، توجها جديدا قائم على مقاربة علمية تستجيب للرهانات العالمية وما يفرضه الواقع ، في جانبه الصحي و البيئي على حد سواء، حيث تم التركيز على استبدال المواد الأولية ذات تأثيرات كيميائية سامة على الانسان والمحيط ، بمواد أخرى صحية و صديقة للبيئة.

وهو الحال في المؤسسات الصناعية للأكواب ، التي عرفت في عهدتها الأولى صناعة بلاستيكية مئة بالمئة ، في حين اليوم نجدها متوجهة نحو الورق بعد دراسة جدواه كمشروع اقتصادي بيئي يحقق التنمية ويضمن الحفاظ على التوازن البيئي .

شيماء منصور بوناب

ومن المشاريع الواعدة التي تتميز بالجودة وتسعى لتغطية احتياجات الأسواق المحلية و تزويد مستهلكيها بمنتجات نوعية ذات طابع جزائري ، نجد مؤسسة "أرآس للأكواب الورقية "التي عرفنا بها رنجة كريم شريك أساسي بالمؤسسة مؤكدا أن هذا المشروع  وليد دراسات و بحوث دقيقة في مجال الصناعة و الإنتاج الخاص بالأكواب الورقية ، من ناحية ما هو مطلوب في الأسواق و من ناحية ما هو متوفر من مواد ".

اختيار المادة الأولية بعناية

موضحا في ذلك ،أن المؤسسة التي تنشط من العاصمة بالضبط بالقبة ، تعمل في هذا المجال قرابة العشر سنوات كمؤسسة ناشئة ، أما كعلامة جزائرية فهي لا تزال في مهدها الأول الذي انطلق قبل خمسة سنوات من الأن فقط .

وعن الفكرة من اختيار مادة الأوراق بالضبط في الصناعة ، على غرار بعض المواد الأخرى كالبلاستيك ، يشير محدثنا إلى أنها صديقة للبيئة و ذات قابلية للتدوير ، نضرا للمواد المستعملة فيها التي نتجنب فيها طلاء اسطح الأكواب بمادة رقيقة من البلاستيك كما هو شائع عند العديد من المؤسسات و ذلك نظرا لتداعياتها السلبية على البيئة.

 فاستخدام البلاستيك المطلي على أسطح الأكواب الورقية التي تستخدم لمرة واحدة لمنع محتوياتها من التسرب إلى الورق، يؤدي إلى انبعاث مواد سامة،  وذلك حسب ما أشارت اليه آخر احصائيات التجارب التي قام بها الباحثون في بلجيكا، حين توصلوا إلى أن الشفاطات الورقية تحوي تركيزات عالية من مجموعة المواد الكيميائية الاصطناعية السامة.

وفي ذلك دعا بعض العلماء لضمان "متطلبات الشفافية في الصناعة " على أمل فرض "تقارير واضحة عن المواد الكيميائية التي تحتوي عليها جميع المنتجات، كما هو الحال في صناعة الأدوية".

وفي ذات الشأن ركز رنجة على ضرورة تفعيل آليات الرقابة في العمليات الإنتاجية و الصناعية التي من شأنها تحسين من جودة المنتج المقدم و كذا ضمان ثقة المستهلك تجاه العلامة التجارية.

من السوق الوطنية إلى الأسواق الخارجية .... هدف استراتيجي 

 وفيما يخص التصدير و التوجه نحو الأسواق الخارجية ،أشار شريك المؤسسة لأولى خطواتهم في مجال التصدير قبل جائحة كورونا ،و التي استهدفت تونس كوجهة أولى لتعزيز العلاقات التعاونية بين المؤسسات الجزائرية و شقيقتها التونسية في سبيل الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتحقيق المصالح المشتركة التي تعود بمدخول جيد للدولة و الاقتصاد.

أما من منبر التوسع في مجال الاستثمار و الشراكة المتبادلة ، عرج محدثنا لدور المعارض في تعزيز العلاقات التجارية مع العديد من الدول بما فيها على وجه الخصوص دول افريقيا التي ستتيح الفرصة للولوج للأسواق الافريقية من أوسع أبوابها قصد التعريف بالمنتجات الوطنية وتصديرها للخارج .

بين المعيقات و المطبات .... خطوة ريادية تضمن الشمولية و الاستمرارية

على صعيد أخر ركزمحدثنا على أهم المعيقات التي تواجه المجال ، لاسيما في وفرة المواد الأولية التي تكون دائما مستوردة نظرا لصعوبة صناعتها محليا لعدة أسباب ، من بينها عدم وجود أشجار خاصة لاستخراجها و كذا غياب المساحات المهيئة لصناعتها مع صعوبة العمل عليها كمادة تحتاج الى آليات متطورة ذات أسعار خيالية .

أما عن القفزة النوعية الذي شهدها أسعار السلع  نتيجة بشكل مهول ، وضح أن هذ الارتفاع لم يمس مجال الأكواب الورقية بشكل كبيرا حيث بلغ سعر الأكواب الورقية صغيرة الحجم ما يقارب تسعون دينار للعلبة وذلك بالنسبة لسعر الجملة و ليس التجزئة ، وأما الأكواب المتوسطة فيصل سعرها الى الألف دينار و الكبيرة إلى الف و أربعون دينار كحد أقصى.

وكدراسة عامة للأسعار و تراجعها في مجال الأكواب الورقية، رجح محدثنا أن سعر الورق بحد ذاته كمادة أولية شهد انخفاض كبير في الأسعار، ولربما ذلك لوفرته مؤخرا في الأسواق العالمية أو للحاجة الماسة اليه بعد الخلل البيئي الذي يعيشه العالم و الذي بات يفرض الاستغناء على كل الإضافات السامة التي تؤثر على المحيط.

وكخطة استراتيجية مستقبلية تحدد الأهداف الاستشرافية للمؤسسة ، نوه رنجة كريم لما تطمح اليه الشركة في محور التوسع و الشمولية التي تقضي بفتح فروع جديدة في مختلف الولايات ، وكذا التركيز على صناعة اكواب حسب طلب الزبون والمستهلك للقضاء على النمطية الصناعية في الاكواب الورقية .