508

0

مركز الجلفة يفتح أبوابه للفئات الهشة يمنحهم حق التعلم بواقع مشرف

في زمن تتسارع فيه الخطى نحو الرقمنة والمعارف المتجددة، يقف التعليم المفتوح في الجزائر شامخًا بمبادئه النبيلة، حاملاً على عاتقه مسؤولية مجتمعية عميقة تتجاوز حدود التلقين والبرامج الرسمية، لتمتد نحو قيم أسمى، تتجلى في احتضان الإنسان لكونه إنسانًا، وخاصة حين يتعلق الأمر بالفئات الهشة والمقصية من منظومات التعليم التقليدية.

 

في هذا الإطار، يبرز الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد كمؤسسة ذات بُعد اجتماعي وإنساني رفيع، لا سيما من خلال نشاطات مركز الجلفة وكل مكاتبه وملحقاته، الذي جعل من التكفل بهذه الفئات شرفًا ومسؤولية تتصدر أولوياته، في صورة تجسد أبهى معاني التضامن، الاحتواء، والرغبة الحقيقية في صناعة التغيير.

وإلى جانب المتعلمين الطبيعيين، يفتح المركز أبوابه بكل رحابة لنزلاء مؤسسات إعادة التربية، وذوي الاحتياجات الخاصة، واضعًا بين أيديهم فرصًا متساوية للاندماج عبر التعليم، وكأنما يقول لهم: "أنتم لستم خارج الركب، أنتم في القلب من رسالتنا".

وما يدعو للفخر والإشادة، هو ما تحقق فعليًا على أرض الواقع هذا الموسم، من خلال التكفل النوعي والمميز بمجموعة من الأطفال ذوي الإعاقة السمعية، أو التأخر الذهني، وحتى المصابين بالتوحد. حيث تم تخصيص قاعات خاصة مجهزة بمراكز الإجراء في كل من متوسطة 18 فبراير ومتوسطة الشهيد جرعوب بن ثامر بالجلفة، في خطوة رائدة تمّت بتنسيق كامل ومثمر مع السيدة رئيسة جمعية وصال الولائية لأطفال التوحد وسلامة صحة الأسرة والشباب.

هذا التكفل لم يكن مجرّد إجراء تنظيمي أو بروتوكول إداري، بل امتد ليشمل الدعم النفسي والمعنوي، عبر حضور دائم ومتابعة دقيقة من مستشارة التوجيه والإرشاد بالمركز، التي لعبت دورًا محوريًا في بناء علاقة ثقة مع الأطفال وأوليائهم، وهي حلقة بالغة الأهمية في تمكين هذه الفئات من تجاوز العقبات النفسية التي قد تعترض طريقهم في مسار التعليم.

إن ما لمسناه من روح التحدي والعزيمة لدى هؤلاء المتعلمين الصغار لهو دروس في الإرادة، تُدرّس قبل المناهج، وتُحفر في الذاكرة المجتمعية كأمثلة حيّة عن القدرة على تجاوز القيود متى توفرت بيئة دامجة وإنسانية.

ولا يسعنا هنا إلا أن نرفع أسمى آيات الشكر لأولياء الأمور، الذين رافقوا أبناءهم بحب وصبر، وكانوا شركاء فعليين في هذا الإنجاز، كما نشيد بكافة الطواقم التربوية والإدارية التي آمنت بأن التعليم لا يكون تعليمًا حقيقيًا ما لم يكن حقًا للجميع، دون إقصاء أو تهميش.

وأكد مركز الجلفة للتعليم عن بعد، أنه أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية، بل هو منبر للإنصاف، وفضاء للكرامة، ومنارة لمن لا صوت لهم، في مجتمع لا يزال في حاجة ماسة إلى مثل هذه المبادرات الملهمة.

في الختام، نأمل أن تكون هذه التجربة النبيلة حافزًا لباقي المراكز، ودعوة مفتوحة لمزيد من الشراكات بين القطاع التربوي والمجتمع المدني، من أجل تعليم جامع، عادل، وإنساني... لأن كل طفل يستحق فرصة للتعلّم، وكل إنسان يستحق أن يُعامل بكرامة.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services