526
0
محمد صالح رمضان... مسيرة وطنية ونظال في حقل التربية والدين
يقال أن موت العلماء من أعظم ما تبتلى به الأمم في حياتها من خطوب، ومن أشد ما تصاب به هذه الأمم من مصائب، وقال صلى اللّه عليه وسلّم "لموت قبيلة أيسر من موت عالم"، ولعل الكاتب والشاعر الجزائري محمد صالح رمضان يعد من أبرز العلماء الذين خدموا العلم والدين.
إعداد بثينة ناصري
ولد الشاعر الجزائري في 24 أكتوبر سنة 1914 بالقنطرة شرق جنوب ولاية بسكرة بالجزائر، استهل تعليمه ببلدته فحفظ القرآن الكريم وأخذ مبادئ اللغة العربية وأولويات العقيدة الاسلامية على الشيخ الأمين سلطاني القنطري خريج جامع الزيتونة، وتابع الدروس الابتدائية في المدرسة الفرنسية إلى أن تحصل على الشهادة الابتدائية.
دخوله معترك الحياة الوطنية من بوابة الحركة الإصلاحية والرسالة التربوية
وكان الكاتب الجزائري محمد صالح رمضان يحضر هذه المجالس العلمية للإمام ويقوم بمساعدته في الوقت نفسه يلقي بعض الدروس على طلبته في مسجد (سيدي بومعزة).
والتحق سنة 1934 بدروس إمام النهضة الاصلاحية الشيخ عبد الحميد ابن باديس ومساعديه في الجامع الأخضر وفروعه بمدينة قسنطينة، وعينه الشيخ ابن باديس سنة 1937 معلما في مدرسة (التربية والتعليم الإسلامية) مع زميله محمد الغسيري -رحمه الله- ومساعدا له في تعليم طلبته، إلى جانب قيامه بنشاطات في المجال الكشفي فكان مرشدا للكشافة (فوج الرجاء) ومستشارا لجولة (فلايق عقبة)، وفي سنة 1944 عينه الشيخ البشير الابراهيمي مديرا ومعلما في مدرسة غليزان التابعة للجمعية، وعين كذلك في سنة 1953م مفتشا عاما لمنظومة التعليم العربي الحر، وفي هذا العام أضيف له إلى جانب المهام التربوية السابقة، مسؤولية الإشراف على إدارة (مدرسة عائشة أم المؤمنين الرضية) للبنات بتلمسان.
وواصل في أعقاب الاستقلال جهاده في الميدان التربوي، فأصبح أستاذا في ثانوية (الشهيدة حسيبة بن بوعلي) بحي القبة في الجزائر العاصمة، وظل يناظل بهذه الرسالة التربوية إلى أن أحيل على التقاعد 1979م.
إسهاماته في الكفاح الوطني
كان المرحوم أحد أعلام الحركة الوطنية الحضارية (الحركة الإصلاحية )، فساهم عن طريق هذه الحركة بفاعلية في مختلف جوانب النهضة الوطنية العامة: الإصلاحية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأدبية، وكان له من هذا الطريق مشاركته في التمهيد لثورة نوفمبر المجيدة والإعداد لها، ولما حان وقتها واندلع بركانها، كان من الأوائل الذين سارعوا منذ عامها الثاني (1955م) إلى تلبية ندائها والنضال في صفوفها، فكان مناضلا في المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني، وعضوا في محكمة هذه الجبهة بالجزائر العاصمة الولاية الرابعة، وعضوا في الوقت نفسه في خلية الاتصال والأخبار بالولاية السادسة.
واصل الفقيد جهاده في أعقاب الاستقلال الوطني في بناء أركان الدولة الجزائرية الفتية، فكان مديرا للتعليم الديني بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف، وعضوا في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، وكان يسهم في هذه الفترة إلى جانب نهوضه بتلك المسؤوليات الوطنية المختلفة في الميدان الاجتماعي والثقافي من خلال اضطلاعه بمهام عديدة في هذا المجال بصفته عضوا في اتحاد الكتاب الجزائريين في المجلس الإسلامي الأعلى.
وله مقالات متنوعة في مختلف الصحف والمجلات وطنيا وعربيا مثل: مجلة الشهاب والبصائر والشعلة ثم في الشعب والنصر والجمهورية والعصر والثقافة ولمحات والرؤية وفي الصحف التونسية: الأسبوع والثريا والصريح والوعي الإسلامي اللبنانية.
وقد نهض الشاعر الجزائري محمد صالح رمضان بما نهض به من جهود وإسهامات في مختلف مراحل النهضة الوطنية العامة، وفي مرحلة الاستقلال بصفته عالما عاملا في الحقل الإصلاحي مجاهدا وطنيا في الميدان السياسي والكفاح الثوري ، مربيا خبيرا في الحقل التربوي والتعليمي أديبا ملتزما من أبرز أعلام النهضة الأدبية الحديثة في الجزائر.
وتوفي الشاعر الجزائري محمد صالح رمضان 22 جوان 2008 عن عمر ناهز الـ94 سنة، بعد مشوار طويل في خدمة العلم والدين والوطن.