549
0
لما يصبح حلم الهجرة الى كندا كابوسا يكدر صفو عيش العائلات المسلمة الوافدة !!
بقلم محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا
في الوقت الذي صعب فيه العيش في دولنا الإسلامية في العقود الأخيرة بما كسبت أيدي الناس ، منها هو راجع الى تدخلات خارجية ، أو سوء تسيير الحكام العرب، بالاختلاس و تبذير أموال الامة فيما لا طائل من ورائه، ناهيك عن انعدام الامن و افتعال حروب استنزافية بين أبناء البلد الواحد، في اليمن و العراق و السودان و ليبيا ... هنا صارت الهجرة أمرا لا بد منه، وقد أفتى علماء كثر في العقود الأخيرة و قبلها، فتاوى متقاربة متباينة، حول حكم الشرع في الهجرة إلى البلدان الغربية مثل كندا وأستراليا و أوروبا و أمريكا لمدة معينة لغرض العمل والكسب، وهو أمر مشروع لأنه كما تعلمون في العقود الأخيرة فرص العمل في الكثير من البلدان العربية ضئيلة جدًا، وإن وجدت فالأجر لا يغطي حاجيات الفرد فما بال الأسرة،.
الهجرة أحيانًا تكون مباحة وأحيانًا تكون فريضة :
و قد بين الشيخ القرضاوي في فتوى مشهورة متداولة، قوله - رحمه الله-: إن الهجرة أحيانًا تكون مباحة وأحيانًا تكون فريضة إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلده؛ فهنا جاءت الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} (النساء:97) فهذه الهجرة ليست مجرد مباح بل هي أمر واجب على المسلم إذا وجد أرضًا تسعه وتسع دينه، ويستطيع أن يحتفظ فيها بدينه على الأقل في الشعائر والأشياء الأساسية.. يجب عليه أن يهاجر..
من الواجبات المحافظة على شخصيته الإسلامية لكي لا تذوب في المجتمع الغربي:
ولكن على المسلمين الذين يهاجرون في هذه البلاد عدة واجبات، ليست مجرد أنني أهاجر وانتهى الأمر، هناك للأسف مسلمون هاجروا إلى أستراليا وهاجروا إلى الأرجنتين، وهاجروا إلى أمريكا الشمالية، والجيل الأول ذهب تمامًا، ذاب في المجتمع، ومُحِيت هويته؛ لأنه لم يكن عنده معرفة بالإسلام ولا التزام جيد بالإسلام، وقد ذهب للرزق وللعيش فقط، وبعضهم تزوج من المجتمع وعاش وانتهى تمامًا، هذا لا يجوز ..
العيش في هجرة تماسكًا دون انغلاق وانفتاحًا دون ذوبان:
وأهم هذه الواجبات، أولا: أن يحافظ على شخصيته الإسلامية أن تذوب في هذا المجتمع، وليس معنى هذا أن ينغلق عن المجتمع وينعزل عنه فهذه آفة أخرى، لا نريد للمسلم أن ينعزل وينغلق وينكفئ على ذاته ويترك المجتمع، ولا نريد منه أيضًا أن ينفتح انفتاحًا يُذيب شخصيته ويزيل الحواجز تمامًا.. لا، نحن نريد تماسكًا دون انغلاق وانفتاحًا دون ذوبان، هذه هي الوسطية التي نريدها لمن يعيش هناك.
والخلاصة أن العبرة في السفر إلى بلاد الغرب هو الأمن والطمأنينة على الدين
المهاجرين في الدول الغربية لديهم من التفوّق المعرفي والانفتاح الفكري :
من جهة أخرى لاحظ بعض خبراء علم الاجتماعي و أصحاب تخصصات أخرى أن الانسان الجزائري أو العربي المسلم بصفة عامة الذي يعيش في بلده، أن غيره من العرب المهاجرين الموجودين في الدول الغربية لديهم من التفوّق المعرفي والانفتاح الفكري ما يكفي لإنقاذ هذه الأمّة المنكوبة على جميع الأصعدة والمستويات، وهو أمر قد يبرر من الناحية المادية الصرفة. وهذا ما يلمسه الدارس لأنفس الناس ، و هو عبارة عن شعور الغيرة المُتفاقم في السنوات الأخيرة - خصوصاً بعد ما يسمّى بــ "الربيع العربي"، والمُصاحب لطوفان الهجرة التي تلهث وراء العيش الرغيد حتى على حساب ثوابت الدين، الأمر الذي خلق أوهاماً جديدة وأجّج في نفوس الأجيال التوق للخروج من البلد بأي ثمن ، حتى و لو التهمته و عائلته حيتان البحار، مع نظرة دونية مفادها أن "التخلّف شرقي" و" التطوّر الغربي."
تزايد هذا الشعور مع الطفرة التكنولوجية وتوفّرها للجميع ما ساهم في فتح آفاق التواصل والاطّلاع بين الناس، إضافة إلى فتح بعض الدول وعلى رأسها كندا أبواب الهجرة بأعداد مهولة. هكذا صارت كندا ملاذاً للكثير من المهاجرين العرب وغير العرب منذ ثمانينيات القرن الماضي، خصوصاً أن كندا الناطقة بالفرنسية تصب بثقلها لأخذ نصيبها من كفاءات الكعك المغاربي لمهاجرينا علما أن الدول الأوروبية و على رأسها ، فرنسا البنت الكبرى للكنيسة، تستقطب كل الكفاءات حسب التخصصات!! .
الهجرة وأزمة “الحلال والهلال”، كما يحلو لأستاذنا المرحوم الدكتور طه جابر العلواني تسميتها:
غير أن إلقاء نظرة مُراقِبة ومُتأمّلة لأحوال العرب المسلمين في كندا تكشف أن غالبيتهم يحملون معهم موروثهم التاريخي والثقافي ويصبّونه في قالب وصراع مشابه للموجود في بلدانهم الأمّ! ولذلك فإن ما يتصوّره العربي في بلده عن حياة غيره في الغرب، ليس سوى وَهْم كبير يُضاف إلى قائمة الأوهام العربية، إنها أزمة “الحلال والهلال”، كما يحلو لأستاذنا المرحوم الدكتور طه جابر العلواني، مؤسس المعهد العالمي للفكر الاسلامي في أمريكا، وصفها .. نعم أزمة مزدوجة، روحية بالنسبة لرؤية الهلال، ومادية بالنسبة للحم الحلال.. نعم أزمة حقيقة غذتها نعرات مذهبية ضيقة وغذاها تشرذم الدول الإسلامية وبعض بارونات الجماعات الإسلامية في الغرب الذين باسم الدين يتاجرون في الدين.. لما لا ونحن نقرأ في وسائل الإعلام اليوم أن 80 في المائة من اللحم الحلال في فرنسا ليس حلالا، وأن هناك العديد من المستحضرات المصنفة “حلال” يستعمل فيها لحم الخنزير على أنه لحم بقر حلال، كما كشف أخيرا في مجلة “كابيتال” الفرنسية، الصحافي جيل تنقي، بأن هناك 3 مؤسسات تجارية كبرى عريقة ومعروفة على حد قوله في فرنسا، تسوق لحم الخنزير على أنه لحم بقر حلال للمسلمين، ليس هذا فقط بل هذه اللحوم، مختوم عليها “حلال” من طرف مساجد وهيئات إسلامية معروفة!!
يبقى الإسلام في كندا دينا جديدا لأقلية في الغالب من المهاجرين
في دراسة ديموغرافية لدائرة الهجرة الكندية شكّل اللاجئون العرب قبل تفجّر موجة الهجرة 22.4% من مجموع اللاجئين بين الأعوام 2008 و 2012، بمعدل عربي واحد من بين كل 5 لاجئين. كما يشكل المسلمون 55% تقريباً من نسبة العرب الموجودين في كندا.
رغم ذلك يبقى الإسلام في كندا هو دين جديد لأقلية يعتنقه في الغالب المهاجرون وأحفادهم من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. حيث وصل المسلمون في كندا منذ عام 1871 وأنشئ أول مسجد في عام 1938. معظم المسلمين الكنديين هم من السنة، في حين أن هناك أقلية من الشيعة تظهر استطلاعات الرأي أن معظم المسلمين يشعرون بالفخر الشديد لكونهم كنديين، وأن غالبيتهم متدينون ويحضرون المساجد مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. يعيش غالبية المسلمين الكنديين في مقاطعات أونتاريو وكيبيك
كما أن الاحصائيات المتداولة في الشبكة العنكبوتية، تقول أنه يبلغ تعداد المسلمين في كندا 4.9٪ اعتبارًا من عام 2021 ارتفاعًا من 3.2٪ اعتبارًا من عام 2011.
رغم كل ذلك فالاسلام بخير و المسلمون في عمومهم قابضون على الجمر، نظرا لظاهرة الاسلاموفوبية التي تتجدد من حين لآخر، بأشكال و الوان، و هي مشكلة عويصة تطفو في المدة الأخيرة على السطح في جل الدول الغربية و كندا إحداها، هي المس بثوابت الدين الإسلامي في العمق و عبر الأطفال و التلاميذ، بإدخال مواد التربية الجنسية في مدارس الأطفال، و فتح موضوع الشذوذ الجنسي ، اجل الله قدركم ..
رسالة أولياء الأطفال المسلمين الى المشرفين على قطاع التربية في كندا:
وهذه رسالة وجهها - هذا الأسبوع - أولياء الأطفال المسلمين الى المشرفين على قطاع التربية الكندية يناشدونهم الرفق بالأطفال في موضوع التربية الجنسية ومجتمع الميم، نقتبس منها بعض القطوف،
و جاء في الرسالة :
بصفتنا آباء لأطفال معتنقين للدين الإسلامي، فإننا ندرك أن قانون الأخلاقي يتعارض مع أهداف أنصار مجتمع الميم. كما نعترف - من جهتنا- لهم بحقهم الدستوري في العيش في سلام وخالٍ من سوء المعاملة. ومع ذلك، فإننا نؤكد على حقوقنا الدستورية التي وهبناها الله في التمسك بمعتقداتنا الدينية والعيش وفقًا لها وتعزيزها بأفضل طريقة دون خوف من التهميش المنهجي. والتعايش السلمي لا يستلزم الموافقة أو القبول أو التأكيد أو الترويج أو الاحتفال بظواهر بعيدة عن طبيعة البشر التي خلقوا بها و من أجلها..
ووفقًا للقرآن الكريم والسيرة النبوية وسير السلف الأصيلة والسائدة، لا يُسمح للطلاب المسلمين بالمشاركة أو الاحتفال بأي أنشطة تتمحور حول الشذوذ و الشواذ، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أنشطة ما وارتداء الملابس الغير لائقة. مثل هذه الأنشطة ممنوعة منعا باتا في الإسلام. ولا يمكن إعادة تفسيره أو تشويهه بفهومات مغلوطة من قبل مديري المدارس العامة أو المعلمين الذين يميلون لطرح الشواذ..
LGBTQ
لا لإجبار الطلاب المسلمين على المشاركة في الأنشطة التي تركز على الشذوذ، عمدًا في مناهج الفصل الدراسي بطريقة تقوض وتشوه المعتقدات الدينية للطلاب المسلمين، وتجاهل موافقة الوالدين وحرمان الآباء والأطفال من فرصة التعبير عن عدم قبولهم، وهو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والحريات الدينية التي يحميها الدستور الكندي...
قانون التعليم يضمن الشعور بالأمان والاندماج في المدرسة :
لا يجب أن يغيب على نباهتكم، أن قانون التعليم في أونتاريو يضمن لكل طالب - بغض النظر عن عرقه أو دينه أو توجهه الجنسي أو هويته الجنسية - الحق في الشعور بالأمان والاندماج في مدرسته ، وفقًا للمعايير التعليمية وحقوق الإنسان. وبهذه الضغوطات صار الطلاب المسلمون يعانون من ضائقة لأنهم يشعرون أن معتقداتهم وقيمهم الدينية يتم استهدافها في مؤسسة عامة، في الوقت الذي كان من المفروض، أن توفر لهم شعورًا بالأمان. و بالتالي، فإن السماح بمثل هذه الممارسات في مدارسنا يخلق بيئة تستبعد وتعزل الطلاب المسلمين ، وهو أمر غير مقبول ..
من اجل بيئة تعليمية لجميع الطلاب ليزدهروا وينموا دون الشعور بالتهميش أو التمييز ضدهم
ومن المهم بنفس القدر ضمان عدم تنفيذ هذه القيم على حساب حقوق أي طالب أو معتقداته لصالح الآخر، وأي إجراء يقوض حقوق أو معتقدات أي طالب لا ينبغي اعتباره يعزز التنوع والإنصاف والشمول في مجتمع متعدد الأعراق و الاجناس !!.
لذلك، يجب أن تركز المؤسسات المدرسية على حماية الحقوق المتضاربة وليس تعزيز حقوق مجموعة واحدة على الآخرين الذين لديهم آراء ومعتقدات مختلفة. علاوة على ذلك ، يجب أن تسعى المؤسسات المدرسية جاهدة لخلق بيئة تعليمية حيث يمكن لجميع الطلاب أن يزدهروا وينموا دون الشعور بالتهميش أو التمييز ضدهم.
في ضوء ما سبق ، نطلب بكل احترام إعفاء إطفالنا من أي أنشطة أو معلومات تتعارض مع معتقداتهم الدينية، وفقًا لميثاق حقوق الاطفال وقانون حقوق الإنسان ، فإن الحرية الدينية والمعتقد هي حقوق أساسية يجب احترامها ودعمها من قبل المؤسسات التعليمية
نشر معلومات كاذبة عن الإسلام في الفصول الدراسية !!
و بالتالي بصفتنا اباء و أمهات ، نعتقد اعتقادًا راسخًا أنه من مسؤوليتنا تعليم أطفالنا معتقداتهم الدينية وقيمهم ، ونطلب من المدارس احترام رغباتنا في
أما فيما يتعلق بالمسألة المقلقة المتمثلة في نشر معلومات كاذبة عن الإسلام في الفصول الدراسية ، فإننا نحث بشدة على وضع حد فوري لأي تعليم أو ترويج لمعلومات غير دقيقة عن الإسلام.
يجب أن تخلق المدرسة بيئة تعليمية آمنة وشاملة لجميع الطلاب ، بما في ذلك أولئك الذين لديهم معتقدات دينية مختلفة.
أخيرًا ، فإن الاستمرار في إجبار الطلاب المسلمين على المشاركة في الأنشطة التي تركز على المثلية و الشواذ وإدراج مواد في الفصل الدراسي التي تحرف الإسلام ، سيكون محاولة متعمدة لتضليل الطلاب وتشويه العقيدة. قد يثير هذا السلوك مخاوف من الإسلاموفوبيا ولا يمكن التسامح معه في بيئة مدرسية من المفترض أن تعزز التنوع والاندماج "..
هذا عموما ما جاء في نص رسالة الأولياء التي تنم عن حرقة و غضب مشروع من تصرفات أشخاص و مؤسسات دراسية التي كان من المفروض أن تعلم الأطفال الستر و العفة.. نشد من جهتنا على جاليتنا أن تتحرى الحكمة في مطالبها، و فض الخلاف بالتي هي أقوى و أسلم.. والله غالب على أمره، و لكن كثيرا من الناس لا يعلمون !!