علي البتيري شاعر القدس 

جَفٌَت على شفتي الحروفُ المُتعَبة

تعبَ الكلامُ من الكلام

حفيَ اللسانُ من النداءات العقيمةِ

 والتي ارتدت إليَّ ولم تجد في عالم الأسماعِ

أرضا مُخصبة ..

لم يبقَ من جدوى التحدُّثِ مع أحد

شيءٌ له فعلٌ ورد..

ما دامَ بحرُ السامعين الصوتَ يلتحفُ الظلامَ

لكي ينام..

وإذا صحا من نومٍهِ المخمورِ

يعربُ عن زبد..

لم يبقَ إلا الصمتُ يبني قصرَهُ

في عالم الصُّم الذين..

ما عاد فيهم أيُّ إحساسٍ ودين

ما عادَ للأخلاق معنى 

في لغات القاتلين

في عالمٍ دنياهُ باتتْ مُرعبة

وحضارةُ الإنسان فيه كالحقول المُجدبة

والعيشُ فيه قد بدا ما أصعبه!

لكنني لم أفقد اللغةَ التي

للسمع تبدو مُقلقة..

أنا لي لسانٌ لا يهادنُ 

 كلَّ أسماع الطغاةِ المُغلَقة

أهوي به كالمطرقة

ويظلُّ لي قلمٌ بكفّي

 مثل إزميلٍ بلاغيٍّ

أدقُّ به صخورَ الظالمينَ القاسية

وبهِ أشقُّ ظلامَهم

في همةٍ مُتفانية

وأدكُّ حصنَ العتمة العمياءِ مهما

 قد بدَت لي مُطبقة .

فالحربُ ما زالت تطاردُ لحمَ أهلي في الشمالِ وفي الجنوب ..

ورياحُها السوداءُ تُسرفُ في الهبوب

تتطايرُ الأجسادُ

والأشلاءُ تُمطرُ فوق أنقاض البيوت

وضميرُ هذا العالم المرعوبِ

في صمتٍ خرافيٍّ يموت

حتى صراخ دم الضحايا في الهواء

ما عاد يُسمَعُ في الفضاء

حتى ولا تصغي له في ليلنا الغافي نجوم

خابت مساعي الألسنة

وفصاحة الأقلام ما عادت

أمامَ تحجر الأسماع في هذي الخلائق مُمكنة

وبلادةُ الإنسان باتت مُزمنة.