536

0

لا تكن رمضانيا

بقلم الأستاذ سيدعلي دعاس 

لا يمل الصائم ولا يَكلُّ مِنْ صُنُوفِ الطاعات التي ربما لَمْ يَكُن لَهُ نصيب مِنها قَبْلَ شَهرٍ رَمَضَانَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي... فتجده في شهرٍ رَمَضَانَ يُجَاهِدُ هَوَاهُ وَشَيْطَانَهُ، وَيَقْمَعُ كُلِّ خَاطِرَةٍ شَهْوَانِيَّة تضْعِفُ أَجْرَ صِيامه وقيامه ... فما أروع هذا الشعور وَهَذِهِ الروح الإيمانية.

أخي الصائم، أختي الصائمة ....

لكِنَّ العَجَبَ هُوَ: لِمَاذَا تكون رمضانيين ؟! لمَاذَا تَكُونُ فِي رمضان إيمانيين ربانيين... وبمجرد أن ينقضي رمضان يصيبنا الفثور في العبادة وتترك ما دابنا عليه من الصالحات في رمضان ؟!

إذن ... لابد مِن وَقَفَةٍ جَادَة مع هذه الظاهرة .... إن هذه الروح الربانية الرمضانية شرعان مَا يَخْبُو لَهِيبُهَا مَعَ أول أيام عيد الفطر المبارك فَقَدْ تَضِيعُ صَلَاةُ الفَجْرِ فِي ذَلِكَ اليوم، وذلك أول شراك ينصبه الشيطان الرمضاني....

ليس هذا وحسب... ستجد ذلك الصائم القائم قارئ القرآن... ليس له من ذلك كله حَقٌّ وَلَا نَصِيبٌ بَعْدَ رَمَضَان، فالذي كان يصلي في اليوم أحد عشرَ رَكْعَةً عَلَى أَقَلُّ تَقْدِيرٍ في صلاة التراويح والقيام لم يعد يستطع أن يجاهد نفسه على ركعتين بعد رمضان... بل ربما يُضيعُ الفَرائض وذلك الذي ختم القرآن في شهرٍ لَمْ يَعْدُ يطيق قراءة صفحة من كتاب الله في اليوم الواحد بعد رمضان

أيها الرمضانيون.... اعْلَمُوا أَنْ رَبِّ رَمَضَانَ هُوَ رَبِّ شَوَالَ وَرَبُّ سَائِرِ الشُّهُورِ وَالْأَيام وفضل الله واسع في سائر الأيام، ومواسم الخيرات والطاعات موزعة على سائر الشهور والأعوام.

فإياكم والأكوض عما كنتم عَلَيْهِ فِي هذا الشهر المبارك من الطاعات والاعمال الصالحة ... واستعينوا باللهِ، وَعَلَيْهِ فَتَوَكَّلُوا.

أخي الكريم ... كن رَبَّانِيًّا وَلَا تَكُن رَمَضَانيا.

أختي الكريمة ... كوني ربانية ولا تكوني رمضانية.

إن الرب الذي تَعْبُدُوهُ فِي رَمَضَان هو نفس الرب في باقي الشهور... يامن دعوت الله خاشعا في الأشخارا ورفعت أكف الضراعة في الليل والنهار.... أثبتُ عَلَى مَا أَنتَ عَلَيْهِ، وَلَا تَدَعَ الدُّنْيَا وَمَظَاهِرَهَا تغرك بعد هذا الشهر الكريم، الذي ترجو الله أن يَكُونَ قَدْ جَعَلَدًا فيه من عتقائه، ولا تترك الشياطين بعد أَن تَنْفَاتَ مِنْ قُيُودِهَا تفيدك في شَهَوَاتِها ... فَإِنَّ الله إذا أَحَب عَبْدًا وَفَقَهُ إِطَاعَتِهِ وَثَبِّتَهُ عليها .

 فقد قال الله - تعالى - : "وإذا سألك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب - أجيب دعوة الداع إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".

وهذه الآية الكريمة جاءت مباشرة بعد آية الضيام؛ قال تعالى: " شهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيْنَاتٍ مِّنَ الهُدَى والفرقان " فَمَن شَهِدَ مِنكُم الشهر فليضمه ومن كان مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَالكَمِلُوا الْعِدْةَ وَلِتُكْبَرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " .

وهذا تلاحظ أن الله تعالى قال: "" وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قريب"، بخلاف الآيات التي ورد فيها سؤال الله - تعالى - مثل:

قوله تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمَ كَبِيرُ وَمَنَافِعُ النَّاسِ وَإِثْمَهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُل العفو كَذَلِكَ يُبَيَّنَ الله لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ". وَيَقُولُ أَيْضًا: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ومَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " .

أما في هذه الآية فإن فاء "فإني قريب" فيها اختصار للوقت وسرعة في الإجابة؛ أي أنه بمجرد أن تَدْعُوَ الله فَإِنَّ الإِجَابَة تَأْتِي منه مباشرة بإذنه تعالى. فأين تقع المشقة في الصيام في ظل هذا الود وهذا القرب من الله - تعالى - ؟!

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services