293

0

كيف أصبح الحج في زماننا؟؟

بقلم الأستاذ محمد بوكريطة الحسني 

إن الركن الخامس في الإسلام و هو الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، فرضه الله تعالى على المسلم البالغ المستطيع مرة واحدة في حياته، وما زاد على ذلك يعتبر تطوعاً أو حج نافلة، غير أن كثيراً من المسلمين يكررون حج النافلة بينما يهملون فرائض أخرى، وعندما تقدم النافلة على الفريضة يصبح هناك خلل يستدعي المراجعة، والتباس يتطلب توضيحه للناس.

من سماحة و عظمة الإسلام أنه فرض الحج على المسلم مرة واحدة في العمر، حيث قال  صلى الله عليه وآله  وسلم :”يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا”، فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله، قال:”لو قلتها لوجبت، الحج مرة، فما زاد فهو تطوع”،أخْرَجَه أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

ولدينا العديد من وجوه الخير قد يفضل ثوابها أجر حج التطوع، ومع ذلك نرى الكثيرين من أغنياء المسلمين يتطوعون بالحج مراراً و تكرارا و يركضون وراء اقتناء “جواز السفر” بشتى الطرق حتى المشبوهة منها  بعد أن أدوا حج الفريضة، ظناً منهم أنه لا قبول لعملهم  ولا سبيل لمرضاة ربهم  إلا بالتطوع بالحج مرة بعد مرة و هنا الخطأ الكبير.

إن هؤلاء الناس  وأمثالهم ممن اختزلوا الإسلام بما يحويه من بر وخير في عمل واحد فريد ويغيب عنهم أن هناك فرائض اجتماعية و أولية عظيمة أوجب عليهم من حج النافلة، فبدون شك أنهم محاسبون ومسؤولون أمام الله تعالى عن تقصيرهم في هذه الواجبات التي بإمكانهم المساهمة في إقامة أركانها بفضل أموالهم التي ينفقونها في حج النافلة، مشيراً إلى أن من يحج مرة بعد مرة، وهو غافل عن جار محتاج أو مريض في حاجة لعملية جراحية أو شاب فقير يريد الزواج ، و هو في قدرته إغاثة لهفته وإقالة عثرته فإن الله تعالى يسأله عنه، موضحاً أن”حجة النافلة لن تغنى عن هذا السؤال شيئا”ً.

ومن هذا المنبر إننا نوجه نداء أخوي إلى “أثرياء الأمة ” و من تطوع كل عام بحجة أن يوظف نفقاته للمساهمة في حل مشكلات أمته من فقر وجهل ومرض، و لنا في القصة التالية للتابعي الكبير” عبد الله بن المبارك” حيث  عاد من طريقه إلى الحج عندما رأى امرأة علوية  محتاجة فأعطاها ما معه من مال وعاد إلى وطنه وقال:” هذا خير من حجّي هذا العام”…..

 عبد الله بن المبارك و المرأة العلوية

بسم الله الرحمن الرحيم

أنبأنا عبد الملك مظفر بن غالب الحري بإسناده قال:*

كان عبد الله بن المبارك يحج سنة و يغزو سنة فعل ذلك خمسين سنة قال: لما كانت السنة التي حج فيها أخذت في كمي خمسمائة دينار، و خرجت إلى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جملا فرأيت امرأة على بعض المزابل تنتف ريش بطة ميتة،فتقدمت إليها و قلت: لم تفعلين هذا؟فقالت يا عبد الله لا تسأل عما لا يعنيك، قال: فوقع في خاطري من كلامها شيء فألححت عليها فقالت: يا عبد الله قد ألجأتني إلى كشف سري إليك و أنا امرأة علوية و لي أربع بنات يتامى مات أبوهن من قريب و هذا اليوم أربع ما أكلنا شيْا و قد حلت لنا الميتة فأخذت هذه البطة أصلحها و أحملها إلى بناتي فنأكلها، فقلت في نفسي:
ويحك يا بن المبارك أين أنت عن هذه؟؟؟؟

فقلت: افتحي حجرك ففتحته، فصببت الدنانير في طرف إزارها و هي مطرقة لا تلتفت إلي قال: و مضيت إلى المنزل و نزع الله من قلبي شهوة الحج في ذلك العام، ثم تجهزت إلى بلادي وأقمت حتى حج الناس و عادوا، فخرجت أتلقى جيراني و أصحابي فجعلت كل من أقول له: قبل الله حجك و شكر سعيك يقول: و أنت كذلك أما قد اجتمعنا بك في مكان كذا و كذا و أكثر الناس علي في القول، فبت مفكرا في ذلك فرأيت رسول الله صلى عليه وآله وسلم في المنام و هو يقول لي
“”يا عبد الله لا تعجب فإنك أغثت ملهوفة من ولدي فسألت الله أن يحلق ملكا على صورتك يحج عنك إلى يوم القيامة فإن شئت أن تحج و إن شئت لم تحج….

 

المصدر:*كتاب تذكرة الخواص الأمة في خصائص الأئمة*
سبط إبن الجوزي-
-صفحة 308

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services