208
0
قصر المنيعة يعيد رسم هوية الجنوب… مهرجان يُحيي الذاكرة ويؤسس لمستقبل ثقافي واعد"
"الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي المحلي تفتح فضاءات للتجديد وتلاحم المجتمع حول تراثه"

في مدينة المنيعة، حيث يقف القصر القديم شامخاً كوثيقة صامتة تختزن تاريخ الإنسان الصحراوي ومسيرته، يعود النبض الثقافي من جديد مع الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي المحلي لقصر المنيعة القديم، المنظم من 18 إلى 21 ديسمبر 2025 تحت شعار "تراثي هويتي".
هذا الحدث لم يعد مجرد مناسبة للاحتفال بالموروث، بل تحول إلى مشروع ثقافي متكامل يسعى إلى إعادة الاعتبار للذاكرة الشعبية وترسيخ الهوية المحلية ضمن رؤية وطنية شاملة.

تراث يتجدد… وفعل ثقافي يعيد اكتشاف المكان
تتجه الأنظار إلى قصر المنيعة ليس بوصفه معلماً أثرياً فقط، بل كفضاء يُعاد توظيفه ليصبح مركزاً لإحياء الفنون وإطلاق الطاقات الإبداعية.
فبين العروض الفلكلورية، ومواكب الخيل والمهاري، والمسابقات الرياضية، والمعارض التراثية المتنوعة، تظهر رغبة حقيقية في إعادة إنتاج التراث بطريقة معاصرة تحافظ على أصالته وتمنحه حياة جديدة.
لا يقتصر المهرجان على عرض التراث، بل يسعى إلى تحويله إلى ثقافة يومية تُمارس وتُناقش، وهو ما يتجلى في الندوة الأدبية الفكرية التي تعالج دور الشعر الشعبي والفصيح في تصوير الواقع الاجتماعي بين الماضي والحاضر.
تكريم رموز الذاكرة… والوفاء لرجال الثقافة والنضال
يشكل تكريم عائلة المجاهد والشاعر زايدي عبد القادر، المعروف بـ"الشيخ الهامل"، واحدة من أبرز محطات المهرجان، اعترافاً بإسهاماته في صون التراث الشفهي وتوثيق روح المقاومة.
هذا التكريم يعكس توجهاً ثقافياً يربط بين الذاكرة الفردية والتاريخ الجماعي، وبين الماضي الذي نحمله والمستقبل الذي نرسمه.
معارض وفعاليات تعكس تنوع الهوية الجزائرية
تتوزع فعاليات المهرجان على مجموعة من المعارض الكبرى، تشمل التراث الصحراوي، الشاوي، الفلسطيني، الصناعات التقليدية، التمور، النباتات الطبية، الفنون التشكيلية، الصور القديمة، إضافة إلى معرض خاص بذوي الهمم.
هذا التنوع يؤكد أن الهوية الجزائرية ليست لوناً واحداً، بل مجموعة ألوان تمتزج في لوحة وطنية واحدة.

روح جماعية تصنع نجاح الحدث
يبرز المهرجان كعمل جماعي بامتياز، تشارك فيه مديريات الثقافة والشباب والرياضة، جمعيات فكرية ورياضية، فرق موسيقية وفلكلورية، وحرفيون محليون، ما يعكس تلاحم المجتمع حول مشروع ثقافي يمثلهم جميعاً.
تصريح مدير الثقافة والفنون ومحافظ المهرجان العابد ياسين
في تصريح يعكس رؤية المؤسسة الثقافية لولاية المنيعة، قال العابد ياسين، مدير الثقافة والفنون ومحافظ المهرجان الثقافي المحلي لقصر المنيعة القديم:
"التراث ليس مجرد ماضٍ نستحضره، بل هو أساس نبني به حاضرنا. هدفنا من هذه الطبعة هو تحويل قصر المنيعة إلى فضاء حي يجمع بين الإبداع والتراث، ويمنح المجتمع فرصة لإعادة اكتشاف ذاته. نريد للمهرجان أن يكون منصة دائمة للتلاقي، وحافزاً للتنمية الثقافية والاقتصادية، ومساحة تُبرز ثراء الجنوب الجزائري وتنوعه."
نحو تظاهرة ثقافية تُعيد رسم المشهد الثقافي للمنطقة
بهذا الزخم من الفعاليات والرؤى الجديدة، تتقدم الطبعة الثانية من مهرجان قصر المنيعة نحو ترسيخ موقعها كتظاهرة ثقافية بارزة تعيد تشكيل علاقة المجتمع بتراثه، وتفتح أفقاً واعداً لمستقبل ثقافي يعكس خصوصية المنطقة ويعزز مكانتها في الخريطة الثقافية الوطنية.
إنها ليست مجرد أربعة أيام من الاحتفالات…
بل خطوة نحو هوية تتجدد، وثقافة تتوسع، ومجتمع يُعيد رسم صورته بثقة واعتزاز.
الهوصاوي لحسن

