14
0
قسنطينة: يوم دراسي يستعرض الإطار القانوني الوطني لمكافحة المخدرات وسط تحذيرات من تصاعد الإدمان

احتضن اليوم مجلس قضاء قسنطينة ، فعاليات اليوم الدراسي الموسوم بـ “الإطار القانوني الوطني للوقاية ومكافحة المخدرات”، بمشاركة قضاة وخبراء وممثلي مختلف الهيئات الأمنية والمؤسسات الفاعلة، في مبادرة تهدف إلى إبراز الجهود التشريعية الوطنية في مواجهة الانتشار المتسارع للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
صبرينة دلومي
وشكّل اللقاء فرصة لطرح أحدث الإحصائيات الرسمية، حيث كشف المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، طارق كور، عن تسجيل ارتفاع خطير في استهلاك المؤثرات العقلية، بعد أن بلغت المحجوزات خلال السنة الجارية 32 مليون قرص من مختلف الأنواع، بزيادة قُدّرت بـ 100 بالمئة مقارنة بالسنوات الماضية.
كما أكد حجز 20 طناً و827 كيلوغراماً من القنب الهندي، إضافة إلى 100 كلغ من الهيروين خلال السداسي الأول من 2025.
وأوضح المتحدث أن التحوّل الجديد في أنماط الإدمان أصبح يهدد فئة الشباب بشكل مباشر، مع تسجيل حالات وفاة متزايدة بسبب الجرعات المفرطة.
وكشف عن ظهور ممارسات خطيرة، أبرزها قيام بعض المنحرفين بتعاطي المؤثرات العقلية ثم نقلها للآخرين عبر حقن الدم، ما يؤدي إلى انتشار أمراض معدية خطيرة على غرار فيروس السيدا.
وأشاد كور بالاستراتيجية الوطنية للوقاية من المخدرات (2025-2029) التي شارك في إعدادها 14 قطاعاً بالتنسيق مع الديوان الوطني، مؤكداً أنها تعتمد على محاور الوقاية والعلاج والتكفل بالمدمنين، مع ضرورة التعامل مع المتعاطين كضحايا يحتاجون إلى الرعاية.
من جهته، أكد رئيس مجلس قضاء قسنطينة عزالدين عرفي أن الجزائر تواجه “تنامياً خطيراً ومقلقاً” في ترويج المخدرات، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تمثل جزءاً من “حرب الجيل الخامس” التي تستهدف المجتمع دون استعمال السلاح التقليدي. وكشف أن المغرب يعدّ المصدر الأول لتهريب الحشيش نحو الجزائر، بينما تشكّل الحدود الجنوبية والشرقية ممراً رئيسياً لدخول الهيروين والكوكايين والمؤثرات العقلية.
وكشف عرفي أن التشريعات الحالية شددت العقوبات إلى مستويات قصوى، حيث تتراوح بين 20 و30 سنة وقد تصل إلى الإعدام في بعض الحالات المتعلقة بتهريب وإنتاج المخدرات الصلبة والمؤثرات الكيميائية. كما يفرض القانون غرامات مالية تصل إلى مليوني دينار، ويمنح القضاء صلاحيات لغلق الفنادق والمطاعم وقاعات الحفلات التي تُمارس فيها هذه الجرائم، مع نشر الأحكام في الأماكن العامة.
وأشار رئيس المجلس إلى أن القانون الجديد 03/25 المؤرخ في 9 جويلية 2025، المتمم للقانون 18/04، يُعدّ من أكثر النصوص صرامة، حيث فرض إلزامية إجراء تحاليل طبية للراغبين في الترشح لوظائف القطاعين العام والخاص لإثبات عدم تعاطي المخدرات، كما سمح بإجراء اختبارات مبكرة داخل المؤسسات التربوية بإذن من أولياء الأمور مع توفير العلاج النفسي دون متابعات قضائية.
وأكد عرفي أن الدولة تعتمد مقاربة شاملة تجمع بين الردع الأمني والوقاية الاجتماعية لحماية الشباب، مع تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن الشبكات الإجرامية من خلال منح تحفيزات مالية وضمان سرية المعلومات. كما دعا إلى تفعيل دور المجتمع المدني والأئمة والأساتذة في تنظيم حملات توعية لحماية الفئات الأكثر عرضة لخطر المخدرات.
واختُتم اليوم الدراسي بالتأكيد على ضرورة تعزيز العمل المشترك بين القضاء والأجهزة الأمنية والمؤسسات التربوية والصحية، بهدف تجفيف منابع هذه الآفة ومواجهة شبكات التهريب، مع مواصلة تطبيق القوانين الجديدة التي تهدف إلى بناء مجتمع آمن ومستقر.

