85

0

قصة طبخة واحدة قلبت حياة سبع نساء بين فلسطين والجزائر

يُعد عيد الأضحى المبارك من أبرز المناسبات الدينية والاجتماعية التي تتجلى فيها عادات وتقاليد الشعوب، لا سيما فيما يتعلق بتحضير الأطعمة التقليدية التي تجمع بين الطعم اللذيذ والتراث العريق.

 

نسرين بوزيان 

في هذه المناسبة العظيمة، تتفنن النساء في طهي أطباق تعتمد بشكل رئيسي على لحوم الأضاحي، وتتنوع هذه الأطباق من بلد إلى آخر، مع تشابه في المكونات وأساليب الطهي، واختلاف في التسميات التي تحمل طابعا محليا خاص.

كما تتميز هذه الأطباق بأسماء غريبة وطريفة تثير فضول من يسمعها لأول مرة، اذ تعكس الأهمية الاجتماعية والثقافية للطعام ودوره في تقوية العلاقات الأسرية والمحافظة على التقاليد.

من جهة أخرى، تتقاسم الجزائر وفلسطين طبقًا مميزًا يحمل قصة واحدة، يُعرف في الجزائر بـ"الدوارة" ،وفي فلسطين بـ"الكرش" ، وتحمل هذه الأكلة قصة شعبية متداولة بين سكان البلدين.

 

تروي القصة أن رجلًا كان يعاني من طلاق متكرر لزوجاته بسبب عدم رضاه عن طريقة إعداد هذا الطبق. ففي فلسطين، يقال إن هذا الرجل جلب "إم الجلود" أو "الكرشة " وطلب من زوجته تنظيفها وطهيها، لكنها لم ترضه، مما أدى إلى طلاقها، وتكرر الأمر مع خمس نساء أخريات، حتى جاءت الزوجة السابعة التي أبدعت في إعداد الطبق فنجحت في إسعاده، فأُطلقت عليها "أم الضراير"، وهو لقب يدل على مهارتها وقوتها في الطهي.

وهناك رواية أخرى فلسطينية تقول إن رجلاً سافر إلى بلاد الشام وأُعجب بطبخة معينة هناك، وعند عودته طلب من زوجته تحضيرها، لكنها لم تستطع، فطلقها وتزوج أخرى، وهكذا استمر في الزواج حتى زوج السابعة التي أتقنت الطبخة على أكمل وجه، فلقبها "أم الضراير".

 

         

            أما في الجزائر ، هناك قصة مشابهة ترتبط بجزء من " احشاء معدة الخروف " أو ما يعرف باللهجة الجزائرية ب " الدوارة" ويعرف هذا الجزء  ب "بوطبقة “ أو باسم "طلاق لعرايس"، وتروي القصة أن رجلا كان يتزوج امرأة، ثم يطلقها فورا بعد عيد الأضحى، وقد تكرر هذا الأمر معه مع سبع نساء متتاليات ، ولكن عندما تزوج المرأة الثامنة لم يطلقها، وكشف بعدها عن السر وراء طلاقه المتكرر.         

   كان السبب في ذلك أن النساء اللواتي كان يطلقهن لم يكن لديهن معرفة كافية بكيفية غسل  "بوطبقة"،هذا الجزء يمثل  جانبًا مهمًا من النظافة الشخصية التي تعكس نشاط المرأة في تدبير شؤون بيتها.

وبناءً على هذه القصة، أصبح من الشائع بين النساء أن تُعتبر المرأة التي تعرف كيفية غسل هذا الجزء بشكل صحيح امرأة  نشيطة وتصلح لأن تكون ربة منزل . لذلك، تحولت هذه القصة إلى عادة متوارثة لدى العائلات، حيث تختبر أم العريس عروسها الجديدة بعد أول عيد أضحى من زواجها للتأكد من معرفتها هذه المهارة.

وبذلك، يتجلّى بوضوح، من خلال هذه القصص والحكايات المرتبطة بهذه الأطباق، الترابط العميق والمتين بين الجزائر وفلسطين في نسيج تراث ثقافي مشترك، يعكس أسمى القيم الأسرية وأوثق الروابط الاجتماعية المشتركة.

شعبان يتشابهان في أطباقهما، ويتقاسمان نيران المعركة من أجل الحرية والكرامة؛ فقد قاومت الجزائر الاستعمار الفرنسي بشراسة كما تقاتل فلسطين دفاعًا عن أرضها وكرامتها.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services