477

0

غذاء الروح في رمضان..كيف تحصل ثمرة الصيام؟

بقلم الاستاذ سيدعلي دعاس  

ثَمْرَةُ الصِّيَام هِيَ تَقْوَى الله؛ وعَلاَقَةُ الصِّيَامِ بِالتَّقْوَى تظْهَرُ مِنْ وُجُوهَ كَثِيرَةٍ...

فكَيْفَ نُحَقِّقُ هَذَا التَّقْوَى فِي نُفُوسِنَا بِمُنَاسَبَةِ شهر رمضان؟

أخي الصّائم... أختي الصّائمة.... اِنْتَبِهَا لِهَذِهِ الأَسْئِلَةِ... وَلَاِحِظَا أَنَّكُمَا تَعِيشَانِ هَذِهِ التَّسَاؤُلاَتْ فِي يَوْمِيَّاتِكُمَا أَثْنَاءَ الصِّيَام.

أَلَا ُيْمكِنُ ونحن فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ نخْتَفِي عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ... فَنأْكُلَ وَنشرب وَنفْعَلْ مَا نشَاءْ؟! حيث لا َتَطَّلِع عَلَيْنا عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الخَلْقِ...

عِنْدَ الوُضُوءِ لِلصَّلاَةِ... فِي َرمَضَانَ طَبعًا... وَأَنْتَ صَائِمٌ عَطْشَان... وَاليَوْمُ شَدِيدُ الحَرّ... وَأَثْنَاءَ المَضْمَضَةِ... أَلَا يُمْكِنُكَ حَتَّى وَلَوْ كُنْتَ دَاخِلَ المَسْجِدِ أَمَامَ النَّاسِ، أَنْ تَسْتَرِقَ غُرْفَةَ مَاءٍ؟! بِالطّبْعِ يُمْكِنُك...

فَلِمَاذَا نحْرِصُ أَلّا يَفُوَت إِلَى حَلْق أحدناَ قَطْرَة مَاءٍ؟ مَعَ أَنَّهُ لَا َيطّلِعُ عَلَيْنا أَحَدٌ مِنَ النّاس!

سُبْحَانَ الله... إنّهَا رَقَابَةُ الله... إنّك عَلىَ يَقِينٍ أَنَّ الله يَرَاك... فَيَا سُبْحَانَ الله!

فلنسْأَل أنفسنا: مَا الذِّي يَمْنَعُنا؟ ومَا الذِّي يَرُدُّنا؟

أَلَيْسَ لِأَنَّنا نعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَرَانا وَهو مُطَّلِعٌ عَلَيْنا؟ وَيَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنْ؟

أَلَيْسَ فِي هَذَا تَرْبِيَةٌ لِلْقَلْبِ وَاِرْتِبَاطٌ بِخَالِقِهِ وَالخَوْف مِنْه؟

أَلَيْسَ مَنْ صَاَم بِمِثْلِ هَذِهِ المَشَاعِر اِزْدَادَ صِلَةً بِاللَهِ وَخشْيَةً مِنَ الله؟ وَشعر برَاحَة النّفْسِ وَالبَال؟

إنّ الصّيام أَعْظَمُ زَادٍ لِلرُّوح... لأَنَّه مَوْكُولٌ إِلَى نَفْسِ الصَّائِمِ... هُوَ سِرٌّ بَيْنَكَ وَبْيَن رَبِّكَ... فلَوْلَا اسْتِشْعَارِنا لِرَقَابَةِ اللهِ وَأَنَّهُ يَرَانا لَمَا صَبَرنا على مشقّة الصّيام.

وأقرأوا لأبي العتاهية:

إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ … خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة … وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب

لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ … ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ

فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى، … ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ

ثمّ تَأَمَّلُوا هَذَا المَوْقِف... مع كل مسلمة صائمة...

أُخْتِي الكَريمَة، وَأَنْتِ فِي رَمَضَانَ... تَدْخُلِينَ إِلَى مَطْبَخِكِ مِنْ بَعْدِ الظُّهْرِ إلى قَبْلِ المَغْرِبْ... تُعِدّين أَصْناَف المَأْكُولَاتِ وَالمَشْرُوبَات، وَتَشُمّينَ رَوَائِحَهَا المُغْرِيَةِ، وَرُبَّما تذوّقت الملح بِطَرَفِ لِسَانِك... لكنّك تسارعين في إخراجه من فمك بِحَرَكَةٍ سَرِيعَةٍ عَجِيبَة... فيا سُبْحَانَ الله!

إِنَّكِ جَائِعَةٌ وتشعرين بعطش شديد... وَأنت بمفردك في مطبخك... لَا َأحَدَ مَعَكِ وَلَا َيرَاكِ أَحَدٌ مِنَ النّاس. فَلِمَاذَا لَا تَمُدِّينَ يَدَكِ فَتَأْكُلِينَ وَتَشْرَبِينَ؟ مَن الذِّي يَمْنَعُكِ؟ مَنْ يَرُدُّكِ؟

إِنَّهَا حَلاَوَةُ الرُّوح... ِلصِلَتِهَا بِاللهِ وخَوْفِهَا ِمنه... إِنَّهَا رَقَابَةُ الله.

فَأَيُّ تَهْذِيبٍ وَأيُّ تَأْدِيبٍ هَذَا الذِّي أَحْدَثَهُ الصِّيَامُ فِي النُّفُوسْ؟

مَا رَأْيُكُمْ أَيُّهَا الصَّائِمُون، أَيَّتُهَا الصَّائِمَات؟ هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَاذَا نَصُومْ؟

إِذَنْ... فَخُلَاصَةُ القَوْلِ أنَّ تَجْوِيعَ البَطْنِ وَالفَرَجِ لِبِضْعِ سَاعَاتٍ فِيهِ حَيَاةُ الرُّوح.

أَيُّهَا المُسْلِمُ...

إنّك إِنْسَانٌ بِرُوحِكَ وَبِقَلْبِكَ لَا ِببَطْنِكَ وَفَرَجِكَ... فَنَحْنُ نَأْكُلُ لِنَعِيشَ ولَا نَعِيشَ لِنَاْكُلَ.

وَمَنْ ذَاقَ حَلَاوَةَ الرُّوحِ وَرَاحَةِ القَلْبِ بَانَ لَهُ الفَرْق... وَإِذَا مَلَكَ العَبْدُ قَلْبًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ انْضَبَطَ قَلْبَهُ وَقَوْلُهُ وَفِعْلُهُ وَحَالُهُ... إِذْ لَا يُعقل أَنْ يَمْتَثِلَ العَبد فيمسك عن هَذِهِ الشَّهَوَات (الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ والجِمَاعُ) مَعَ أَنَّهَا حَلَالُ... ثمّ يَتَعَدَّاهَا إِلَى الحَرَامِ مِنْ كَذِبٍ وَظُلْمٍ وَغِشٍّ وَمُشَاهَدَةٍ لِلْحَرَامِ!

هَدَانَا اللُه وَإِيَّاكُمْ لِمَا فِيهِ الحَقُّ

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services