675

0

غذاء الروح في رمضان... لماذا نصوم؟

 

بقلم الأستاذ سيد على دعاس

كيف نصوم رمضان؟ وكيف نقوم لياليه لنجد ما وجد أولئك الرّجال من السّلف الصّالح؟

فأقول وبالله التّوفيق:

أمّا الكيفيّة فَصُمْ أَخي ويَا أُخْتِي وقُومَا، كَمَا كَانَ يَصُومُ وَيَقومُ قُدْوَتُنَا وَحَبِيبُنا مُحَمّد ﷺ... "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ".[1]

 لَكِنَّ الأَهَمّ من كيفية الصّوم هو: لِمَاذَا نَصُومْ؟

نَعَمْ، لِمَاذَا نَصُوم؟

سٌؤَالٌ طَبِيعِيٌ، هَلْ نَحْنُ نَصُومُ بِالعَادَة؟ أَم لِأَنَّ الصِّياَمَ ركن من أركان الإسلام وهو واجب من الدين بالضّرورة؟

فيَجِبُ أَنْ يَسْأَلَ المُسْلِمُ نَفْسَهُ هذا السّؤال قبل بداية رمضان... حتى لا يتحَوَّلَ الصّيام في هذَا الشَّهْر مِنْ عِبَادَةٍ لَهاَ أَهْدَافٌ وَمَقَاصِدَ عظيمة إلَى عِبَادَةٍ ثَقِيلَة على النّفس.

إِنَّ وُضُوحَ الهَدَفِ فِي أَيِّ عَمَلٍ نَقُوم بِهِ يُسَهِّلُ عَلَيْنا ذَلِكَ العَمَل، وَيدْفَعُنا للاجْتِهَادِ وَمُجَاهَدةِ النّفس من أجل الوُصُولِ إِلى ذَلِكَ الهَدَف.

فَفِي رَمَضَان نُمْسِك عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَسائر المفطرات طيلة النّهار... أَصْنَافُ الطّعَامِ بَيْنَ أيْدينا، وَالمَاءُ البَارِدُ أمام أعيُننا... ونَسْهَرُ وَنَتْعَبُ فِي صَلاَةِ التَّرَاوِيحْ...

 فمَاذَا نُرِيدُ مِنْ كُلِّ هَذَا؟ مَا هُو هَدَفُنا؟ إِلَى ماذا نُرِيدُ أَنْ نَصِل؟ 

رُبَّمَا تُحدّث الواحدَ منّا نَفْسُه فَتقول له: "ما هي الفائدة من الصِّيَامِ؟ وَلمِاذا فَرَضَ الله عَلَيْنَا شَهْرَ رَمَضَان؟

حَاشا لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ تَجْوِيعُنَا وتَعْطِيشُنَا وَإِتْعَابَنَا، فَهُوَ أَرْحَمُ مِنَ الأُمَّ بِوَلَدِهَا، بَلْ إنّ اللهَ قَالَ فِي آخِرِ آيَاتِ الصِّيَامْ: "شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".[2] فَاللَهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لَا يُرِيدُ لَنَا العُسْرَ، وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَرَانَا عَطْشَى وَجَوْعَى.

وَرُبَّمَا نَقُولُ: إنَّنَا نَصُومُ رَمَضَانَ لِأنَّ اللهَ أَمرَنَا بِصِيَامِهِ، فَتَجِبُ الطَّاعَةُ والاسْتِجَابَة لَهُ بِمَا أَمَرَ... وَكَفَى فَلْسَفَةً.

نَعَمْ، إِنَّ الاسْتِجَابَة لأوامِرِ الله -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- أَمْرٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، وَلَوْ لَمْ تظهر الثَّمْرَةُ وَالحِكْمَةُ مِنْ هَذَا الأَمْر، فَإِنَّنا لَسْنَا مُطَالَبينَ بِأَنْ نَعْرِفَ الحِكْمَةَ وَالهَدَفَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَتَّى نَسْتَجِيبَ لِأَمْرِ اللَهِّ – تعالى-، فَنَحنْ أُسْلَمْنَا وَاسْتَسْلَمْنَا ِللَهِ جَلَّا وَعَلاَ... فَيَجِبُ َعَلَيْنَا طَاعَتَهُ... والخَيْر فِيمَا أَمَرَ الَلهُ –تعالى- وَرَسُولُهُ بِهِ.

لَكِنْ هُنَاكَ ثَمْرَةٌ وَغَايَةٌ عَظِيمَةٌ بَيَّنَهَا اللَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ صيام شَهْرِ رمضان بِقَوْلِهِ: "يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِّين ِمنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونْ"... فالمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ أَنَّ "لَعَلَّكُمْ" فِي الآيَةِ لَيْسَ مَعْنَاهَا "رُبَّمَا"، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا هُوَ "لِكَيْ".

إِذَنْ، فَالغَايَةُ وَالهَدَفُ الأَسْمَى مِنْ صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ إِعْدَادُ القُلُوبِ لِخِشْيَةِ اللَه –تعالى-.

إِذَا فَسَدَ النَّاسُ فِي زَمَنٍ مِنَ الأَزْمِنَةِ... لابدّ أن يَبْدَأ الإصلاح بِإِعْدَادِ القُلُوبِ وَبَثِّ حَرَارَةِ الإِيمَان فيها، وَاستشعار الخَوْفِ من الَلّهِ – تعالى- وَمُرَاقَبَتِهِ... لأنّ الإِسْلَام لَا يَقُودُ النَّاسَ إِلَى الطَّاعَاتِ بِالسَّلاَسِلِ



[1]  سورة آل عمران/الآية: 31

[2]  سورة البقرة/ الآية: 185

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services