510

0

غذاء الروح في رمضان ...هل نعبد رمضان أم نعبد ربّ رمضان؟

 

بقلم الأستاذ سيد علي دعاس

يا من امتنعتم عن شرابكم وطعامكم امتثالا لأمر ربّكم، كيف أنتم من باقي أحكام ربّكم جلّ في علاه؟

هل خاطبكم ربّكم بالصّوم، ولم يخاطبكم بغيره من الفرائض؟!

أيصحّ أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه؟!

إنّ دين الله لا يتجزّأ، ولا يخضع للعقل أخذا ولا تركا، فالصّوم كالصّلاة والزّكاة، وربّ رمضان هو الذّي فرض الصّوم، وهو ربّ الصّلاة، وهو ربّ الزّكاة، وهو الذّي حرّم المحرّمات...

فعلى من تفتري يا غافل؟ وعلى من تضحك؟ حين تعبد الله في رمضان وتعصيه في باقي الشّهور؟!

إذا كنّا صمنا ثلثي رمضان... فإنّه يوشك أن ينقضي...

 والكارثة هي بعد انقضاء رمضان... حيث يعود بعض النّاس إلى حياتهم العادية، يمارسون مُخالفاتهم ومعاصيهم... معتقدين أنّ الخير والعمل الصّالح مربوط برمضان وحده... فيترك البعض الصّلاة التي كان يواظب عليها في رمضان... وهناك حتى من يعودون للخمر التي تركوها طيلة رمضان!

تجد ذلك المتعبّد وقد تحوّل إلى عكس الصّورة التي اعتدنا رؤيته عليها تماما، فلا وازع ولا رادع، وحدّث ولا حرج عن انتهاكات صريحة لتعاليم دين الإسلام... منهم ناس يعتقدون أنّ الدّين محصور في رمضان، ومنهم من يعتقدون أنّ الدّين محصور في الصّلاة والصّيام فقط، ونسوا بأنّ الدّين معاملة... نسوا بأنّ المسلم من سلم النّاسَ من يده ولسانه، فتجدهم يكذبون ويغشّون، ويرتشون ويغتابون ويمشون بالنّميمة...

وفي المقابل – والحمد لله- نجد شريحة كبيرة من الصّائمين الذين داوموا على اجتهادهم في الطاعات والعبادة... يقتفون أثر الخير ويتجنّبون جادّة الظّلال... فتراهم قد أشرقت وجوههم بالإيمان والصّفاء، وبابتسامة عريضة نابعة من صدر عرف الله؛ فألقى فيه محبّة النّاس.

اللهم لا تجعلنا ممّن قلت فيهم: "وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنّهم خشب مسنّدة يحسبون كلّ صيحة عليهم، هم العدوّ فاحذرهم قاتلهم الله أنّا يؤفكون".[1]

كلّنا عيوب... ولدينا من الذّنوب والمعاصي حِمْلٌ أكبر من الجبال، ولكن رحمة الله وسعت كلّ شيء؛ قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".[2]



[1]   سورة المنافقون/ الآية: 4.

[2]   سورة الزمر / الآية: 53.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services