594
0
جامع كتشاوة...منارة شاهدة على عمق الأصالة

مسجد كتشاوة رمزًا للمعمار الإسلامي ، حيث يعتبر كذلك جزءًا من تاريخ الجزائر وشاهدا على التحولات التي مر بها البلد خلال العهد العثماني والاحتلال الفرنسي وكذا الاستقلال، وحاليا هو وجهة للعديد من الزوار والباحثين المهتمين بالدراسات المعمارية والتاريخية.
شروق طالب
يقع جامع كتشاوة في القصبة السفلى، في حي سوق الجمعة، على حدود ساحة بن باديس، وتعود فترة بنائه بين سنة (1515م -1830م )، وبالتحديد في سنة 1962 من طرف منظمة سبل الخيرات التي كان لها النظرفي كل مايتعلق بالمذهب الحنفي، وفي سنة 1975 جدد بناءه ووسعه حسن باشا داي الجزائر آن ذاك، وذلك حسب لوحة التأسيس.
وترجع تسمية هذا الجامع التاريخي إلى الكلمة التركية التي تعني باللغة العربية "العنزة"، نسبة إلى السوق القائمة في الساحة المقابلة للمسجد التي كانت سوق لبيع العنز، وهي حاليا ساحة الشهداء.
كتشاوة بعد الاحتلال الفرنسي
مع الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، مر كتشاوة بمحطة تاريخية جديدة، حيث استخدم كمستودع للسلاح ومسكن لرؤساء الأساقفة، ثم تعرض للتدمير عام 1844 من قبل الجنرال الدوق دو روفيغو القائد الأعلى للقوات الفرنسية، الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية "دوبونياك" بعد حرقه المصاحف الموجودة فيه، وقام بتحويله إلى اسطبل.
وبعد صدور قرار تحويل جامع كتشاوة إلى كاتدرائية على يد القائد الأعلى للقوات الفرنسية الجنرال الدوق دو روفيغو، انتفض سكان العاصمة واعتصم ما يزيد على أربعة آلاف جزائري داخل المسجد دفاعا عنه، ليقوم روفيغو بارتكاب مجازر في حق المعتصميين، والتي وصلت دمائهم الى غاية ساحة الشهداء.
بعد هدم المسجد وارتكاب تلك المجزرة أنشئت مكانه كاتدرائية حملـت اسم "سانت فيليب" وصلى المسيحيون فيها أول صلاة مسيحية ليلة عيد الميلاد بتاريخ 24 ديسمبر 1844.
كتشاوة بعد استقلال الجزائر
بقيت الكنيسة مفتوحة حتى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962 لتتم إعادتها إلى مسجد، وحينها تحول إلى أحد رموز استقلال البلاد، وأقيمت فيه أول صلاة في الجمعة الأولى التي تلت الاستقلال، وكان خطيبها العالم الجزائري الشهير البشير الإبراهيمي، أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
وإثر الزلزال الذي ضرب بومرداس عام 2003، أغلق المسجد أبوابه عام 2008 بعد تصدع بعض أجزائه، وفي سنة 2018 أعيد فتح مسجد كتشاوة بعد عملية ترميم بدأتها وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" عام 2013، عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجزائر.
وأجرى الترميم فريق متخصص وهيئة أكاديمية وحرفيين مهرة في فن التخطيط والنقش، بناءً على اتفاق تم بين حكومتي الجزائر وتركيا.