33

2

فيكتور هوغو والإسلام"، كتاب قُدِّم إلى 67 دار نشر فرنسية، و رفضت طبعه ؟

رحلة شاعر من العنصرية والشك الى  الاعتقاد و اليقين!! تساؤلات حول مواقفه السياسية من مسألة استعمار الجزائر

 

 

لماذا لم يُخصّص، أيًّا من كتاباته للدفاع عن القضية الجزائرية أو الإشارة لجراحها!!

 

مصطفى محمد حابس : جينيف / سويسرا

 

تعود بين الفينة والأخرى إلى واجهة النقاش الثقافي الإسلامي الغربي، أسئلة ملحّة حول حقيقة انتماء بعض الأعلام الغربيين إلى الإسلام، في ضوء ما تزخر به كتاباتهم من إشارات - صريحة واضحة أو ضمنية أحيانا - إلى تعاليمه ورموزه وقيمه الروحية.

إذ يتقدّم اسم فيكتور هوغو. الفرنسي هذه الكوكبة في القرن المعاصر؛ فالرجل خصّ الإسلام والقرآن وشخصية النبي محمد (ص) بحضور لافت في شعره و مؤلفاته، من خلال قصائد مثل "السنة التاسعة للهجرة" وغيرها، حتى أحصى بعض الباحثين عشرات الإشارات إلى الإسلام في مجمل أعماله، واعتبروا أن علاقته به تجاوزت فضول المستشرق إلى تلمّس طريق روحي بديل.

ومع تكاثر القراءات التي تتحدّث عن "هوغو. المسلم سرًّا" استنادًا إلى هذا الثراء الدلالي، يفرض نفسه طيف من التساؤلات الحارّة: هل تكفي هذه الشهادات الأدبية والروحية للجزم بإسلام الرجل؟ أم أن الأمر أقرب إلى إعجاب إنساني عميق لا يرقى إلى اعتناق عقدي؟ ثم ما الحدود الفاصلة بين التماهي الجمالي مع الإسلام في النصوص، وبين إعلان الانتماء الديني في الواقع التاريخي؟

كما أن زعم بعض الباحثين أن الشاعر الفرنسي الشهير فيكتور هوغو.، الذي عاش في القرن التاسع عشر، اعتنق الإسلام واتخذ اسم "أبو بكر". ما الحقيقة و ما الخيال في قضيته؟

إذ يرى دارسون لسيرته، قولهم " ليس المهم ما إذا كان قد اعتنق الإسلام في أواخر حياته، بل المهم هو تقدير إسهاماته خلال حياته في تعزيز الأخوة بين الشرق والغرب"!!

"!فيكتور هوغو. والإسلام"، كتاب قُدِّم إلى 67 دار نشر فرنسية، و رفضت طبعه ؟

 « Victor Hugo et l'Islam », un livre soumis à 67 maisons d'édition françaises, et elles ont toutes refusé de l'imprimer?!

 

حول هذه الإشكالية، إشكالية تغيير الدين أو اعتناق آخر عند بعض الرموز والوجوه الوازنة في العلم و الثقافة و الدين، حيث كنا قد نظمنا ندوة في مجلس حوار الأديان منذ سنوات، قبيل جائحة كورونا، وكان كاتب هذه السطور منشط هذه الندوة، و حاضر فيها ممثلون عن الرسائل السماوية الثلاث ( اليهودية و المسيحية و الاسلام)، كما كانت قد برمجت بعدها جلسة تخصص لقراءة حول سير بعض هذه الشخصيات المؤثرة وأحوالهم و ظروف اعتناقهم للدين، فتعثرت أيامها الندوة بسبب الجائحة، فزودني بعض الأفاضل بنسخة من هذا الكتاب الذي صدر حديثا أيامها بالفرنسية عن قضية الإسلام و الشاعر الأديب فيكتور هيقو، بعنوان : " فيكتور هيقو و الإسلام" ، لمؤلفه الديبلوماسي الفرنسي لوي بلان و لم يترجم  بعد للعربية إلا أخيرا، هذه السنة 2025، وقد كتبت قراءة مقتضبة بالفرنسية للكتاب لتقديمه لتلك الندوة المؤجلة، و لكي لا يضيع جهدنا عبثا، طلبت منا إحدى الباحثات الفاضلات من فرنسا لتلخصيه في مقال في بعض صفحات باسمها، و قد :نشرته لنا مشكورة، أسرة تحرير مجلة الشاب المسلم في عددها، رقم : 53، بعنوان آخر، في ركن :

 

كاتب وكتاب : "فيكتور هوغو. والإسلام"، وأسباب صمته أثناء الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830؟

Revue Le Jeune Musulman n° 53, UN LIVRE, UN AUTEUR : Victor Hugo et l’islam, et son silence lors de la conquête française de l'Algérie en 1830 ?

و مما جاء في مقدمة مقالنا بالفرنسية ما ترجمته هذه القطوف، متسائلين تحديدا:

هل اعتنق فيكتور هوغو الإسلام فعلا... وما حقيقة ذلك؟ مع تساؤلات أخرى عديدة، أوقفنا فيها هذا التساؤل الكبير، الذي أخذ حيزا واسعا من النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي، في السنوات الأخيرة مفاده:

لماذا لم يُخصّص فيكتور هوغو.، أيًّا من خطاباته أو أشعاره و مقالاته الطويلة والعريضة للدفاع عن القضية الجزائرية أو الإشارة لجراحها، كأرض مستعمرة من طرف فرنسا، ويعرف أيامها ويلات شعبها المسلم المسالم! والرجل مؤلف نشر أكثر من ألف صفحة من التعليقات السياسية للدفاع عن الشعوب ضد ظلم المتجبرين، ومسائل اجتماعية وإنسانية وحقوقية، أطنب فيها المؤلف بكتاباته وهو محق، لكن فيما يخص ملف فرنسا و غزوها للجزائر،  تحاشى الحديث عنه في مجمله، خاصة أيام شبابه !!... بعدها اهتدينا- من خلال قراءة عابرة - لبعض الإجابات، التي عثرنا عليها في هذا الكتاب جديد، بعنوان:

"فيكتور هوغو والإسلام"، الذي قُدِّم إلى 67 دار نشر فرنسية، و رفضت طبعه  قبل أن تقبله دار نشر إريك بونييه عام  2023، وهو مجلد في 368  صفحة

Louis Blin، Victor Hugo et l’islam- Éditions Erick Bonnier- 21/09/2023,1 vol. 368 pages.

ولم تصدر ترجمة الكتاب كاملاً للعربية الا أخيرا في شهر يونيو من هذا العام 2025  عن المنظمة العربية للترجمة ببيروت بإشراف أمينها العام الأستاذ الدكتور بسام بركة، و لم تصلني بعد النسخة المترجمة، و لم أتصفحها بعد  أيضا حتى إلكترونيا.

 

الكاتب الديبلوماسي لويس بلان، وكتابه هذا حول"فيكتور هوغو والإسلام":

L'écrivain et diplomate Louis Blin, et son livre « Victor Hugo et l'Islam » :

 

حين كان لويس بلان يعمل قنصلا عاما لفرنسا في جدة بالسعودية وهو مثقف معرب، متزوج من سيدة عربية و يتكلم العربية هو أطفاله، بدأ في تحرير موسوعة عن المؤلفات الفرنسية المتعلقة بهذه المدينة - أي جدة - التي يعيش فيها، فتفاجأ بأن إحدى قصائد ديوان "أسطورة العصور" لفيكتور هوغو (1802- 1885) تشير إلى مدينة جدة، وبعد متابعة الموضوع، لاحظ أن شخصية النبي محمد والقرآن تتكرران أكثر من مائة مرة في قصائد الشاعر والكاتب الفرنسي الشهير، صاحب "البؤساء" و"أحدب نوتردام".

 

لويس بلان الذي نشر خلاصة بحثه في كتاب "فيكتور هوغو. والإسلام"، لا يخفي أن هدفه من تأليف الكتاب كان الوقوف ضد موجة الخوف من الإسلام "الإسلاموفوبيا" التي انتشرت في أوروبا، ولما يمثله هذا الاهتمام بالإسلام من أهمية لمكانة هوغو. الكبيرة في الثقافة الفرنسية والعالمية.

في أحاديث إذاعية ومقالات صحافية، يتحدث بلان أيضا عن كتابه ويشير إلى أن هوغو. كان من متتبعي الثقافة الإسلامية ومعجبا بها، ويرى في ذلك دليلا على التأثيرات الإسلامية في الثقافة الإنسانية، وأن لا صحة للقول "إن الإسلام خارج ثقافتنا"، كما يروّجه بعض الساسة والكتاب في الغرب.

وبسبب هذه الادعاءات، يظن لويس بلان أن كتابه لم يحظ بالاهتمام الكافي ولم يقرأه إلا المهتمون بالشرق الأوسط وتاريخ الإسلام. وقد اهتدت "دار إريك بونييه" لنشر الكتاب بعدما رفضت مشروعه 67 دار نشر فرنسية، كما أسلفنا.

 (Editions Erick Bonnier).

 

نبذة عن حياة فيكتور هوغو (1802- 1885م):

Bref aperçu de la vie de Victor Hugo (1802-1885)

فيكتور هيقو، أديب و شاعر اسمه يكتب في المراجع العربية بصيغ عديدة (هيقو أو هيغو أو  هوجو،)، وهو شاعر و أديب وكاتب دراما و روائي ورسام رومنتيكي فرنسي كبير، من أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية، ترجمت أعماله إلى أغلب اللغات المنطوقة.
أثّر فيكتور هوغو. في العصر الفرنسي الذي عاش فيه وقال "أنا الذي ألبست الأدب الفرنسي القبعة الحمراء" أي قبعة الجمال.
ولد فيكتور هوغو. في بيزانسون بمنطقة الدانوب شرقي فرنسا، عاش في المنفى خمسة عشر عاماً، خلال حكم نابليون الثالث، من عام 1855 حتى عام 1870. أسس ثم أصبح رئيساً فخرياُ لجمعية الأدباء والفنانين العالمية عام 1878م. توفي في باريس في 22 مايو 1885م.
كان والده ضابطا في الجيش الفرنسي برتبة جنرال. تلقى فيكتور هوغو. تعليمه في باريس وفي مدريد في اسبانيا.. وكتب أول مسرحية له - وكانت من نوع المأساة- وهو في سن الرابعة عشرة من عمره.. وحين بلغ سن العشرين نشر أول ديوان من دواوين شعره.. ثم نشر بعد ذلك أول رواية أدبية.
كان يتحدث عن طفولته كثيرا قائلا "قضيت طفولتي مشدود الوثاق إلي الكتب"،
الحرية هي أيضا من أهم الجوانب في حياة كاتب "أحدب نوتردام" الشهير، فهي الكلمة التي تتكرر كثيرا بالنسبة لهوجو: "إذا حدث واعقت مجري الدم في شريان فستكون النتيجة أن يصاب الإنسان بالمرض. وإذا أعقت مجري الماء في نهر فالنتيجة هي الفيضان، وإذا أعقت الطريق أمام المستقبل فالنتيجة هي الثورة".
كان يري في نفسه صاحب رسالة، كقائد للجماهير، قائد ليس بالسيف أو المدفع وانما بالكلمة والفكرة. فهو أقرب إلى زعيم روحي للنفس البشرية أو صاحب رسالة إنسانية
مثّل هوغو. الرومانسية الفرنسية بعيونه المفتوحة على التغيرات الاجتماعية مثل نشوء البروليتاريا الجديدة في المدن وظهور قراء من طبقة وسطى والثورة الصناعية والحاجة إلى إصلاحات اجتماعية، فدفعته هذه التغيرات إلى التحول من نائب محافظ بالبرلمان الفرنسي مؤيد للملكية إلى مفكر اشتراكي ونموذج للسياسي الاشتراكي الذي سيجيء في القرن العشرين، بل أصبح رمزا للتمرد على الأوضاع القائمة.

 

من أهم أعماله ومؤلفاته متداولة :

Parmi ses œuvres les plus importantes et les plus diffusées:


تم نشر أكثر من خمسون رواية ومسرحيات لفيكتور هوغو. خلال حياته، من أهم أعماله: "البؤساء" و"نوتردام دو باري" و"أسطورة القرون"  و " رجل نبيل"، "عمال البحر"، و"آخر يوم في حياة رجل محكوم عليه بالإعدام"، و غيرها.

ترك الكاتب الفرنسي العظيم فيكتور هوغو (1802- 1885) إرثًا أدبيًا عظيمًا، نثرًا وشعرًا، وتُعدّ "أسطورة القرون" من أهم أعماله، فهي ملحمة عظيمة يستعرض فيها تاريخ البشرية من آدم إلى عصره، مرورًا بالأنبياء موسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام)، وحكام الرومان وأباطرتهم، وصولًا إلى سلاطين الدولة العثمانية. وتضم هذه المجموعة، من بين أمور أخرى، قصيدتين شهيرتين. إحداهما مهداة إلى النبي محمد (ص)، بعنوان "السنة التاسعة للهجرة"، يروي فيها سيرة نبي الإسلام (عليه الصلاة والسلام)، ولا سيما لحظاته الأخيرة بين أصحابه. أما القصيدة الأخرى فهي مُهداة إلى الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، وتحمل عنوان "السدر".

وقد دفعت هاتان القصيدتان، اللتان يُظهر فيهما الكاتب افتتانًا واضحًا بهاتين الشخصيتين المؤسستين للإسلام، بعض الباحثين إلى الزعم بأن فيكتور هوغو اعتنق الإسلام واتخذ اسم "أبو بكر"!!

 «La Légende des siècles».

«الملاحم الصغيرة

 «Les petites épopées»،

«السنة التاسعة للهجرة»‏

 «L’An neuf de l’Hégire»،

 «محمد»، «Mahomet»

وشجرة السدر «Le Cèdre».

 «Notre-Dame de Paris» "أحدب نوتردام"

 

 

فيكتور هوغو. من العنصرية  ضد الإسلام في شبابه، الى التفنن في حبه و حب سيرة رسوله (ص)

Victor Hugo du racisme envers l'islam dans sa jeunesse à devenir un admirateur de son Prophète (PSL). !

 

ما ينوه إليه الكاتب لويس بلان هو أن هوغو. كان "عنصريا" ضد الإسلام في شبابه، لكنه في سن السادسة والخمسين، بدأ في كتابة ملحمته، "أسطورة العصور"، بعد وقت قصير من أزمة عاشها إثر فقدان ابنته، ومروره بفترة روحانية من 1853 إلى 1856.

فكتب قصيدته "السنة التاسعة للهجرة" التي كان موضوعها سيرة النبي محمد (ص)، فتناول الكثير من جوانب حياته حتى وفاته بمرجعية إسلامية، وهي القصيدة التي يعتبرها قراء وباحثون مسلمون دليلا قاطعا على اعتناق هوغو.

للإسلام، منهم كاتب هذه السطور، الأمر الذي لم يجزم فيه بلان طبعا، معتبرا أن علاقة الكاتب الفرنسي بالدين كانت صوفية. وهو، إذ لم يتفق مع الكاثوليكية بسبب تحالفاتها مع السلطة السياسية، كان يميل إلى الجوانب الروحية، واتخذ من النبي محمد (ص) نموذجا له، وقصيدته عنه تندرج ضمن إطار إعجابه بالدين الإسلامي، شأنها شأن قصيدة "السدر"، التي يقترب نطقها بالفرنسية من "سدرة المنتهى" الواردة في القرآن الكريم.

 

إن لويس بلان يرسي في كتابه الإبداعي (فيكتور هوغو. والإسلام)، مساراً مشوقاً، لم يجر من قبلُ البتة اكتشافه في تجلياته كلها.

إن الإضافة الحاسمة التي يقدمها الكتاب هي في واقع الأمر: أنه أول الكتب التي اكتشفت عبر بحث معمق كل تعقيدات العلاقات التي نشأت بين فيكتور هوغو. والإسلام منذ البدايات الأولى للأحكام المسبقة التي اكتسبها إبان شبابه، وصولاً إلى الإعجاب الذي تمَلَّكه في مرحلة نضجه.

 يعقد لويس بلان العزم على أن يقدم للقارئ بحثاً استقصائياً ينصب ببراعة على أعمال هوغو. كلها لتوضيح البنية التكوينية لتلك العلاقة الفريدة بين هوغو والإسلام في الموضوعات التي اكتفى فيها النقد باستعراض سريع لمعالجة الموضوع، ذاكراً، هنا وهناك، بعض المصادر دون أن يستخلص منها مشروع رؤية كلية. الأحكام المسبقة في مرحلة الشباب: من الجهل إلى العداء!

 

يستفيض لويس بلان في القسم الأول من الكتاب، وهو قسم غني بمصادره، يستوفي موضوعه، ويستفيض في الحديث عن الجهل والأحكام المسبقة لدى فيكتور هوغو. الشاب تجاه المسلمين، متأثراً بقراءاته أعمال شاتوبريان والصحافة ذات النزعة الهيلينية. ولكنه كان أيضاً متأثراً كل التأثر بما شاع في فرنسا إبان عهد الإصلاح، وعهد مَلَكِيَّة يوليو وهما مرحلتان ألّف خلالهما أول كتاباته.

فشاعر الديوان المعنون: الشرقيات قدم من خلاله رؤية غريبة ومعادية للعالم العربي والإسلامي.

Les Orientales  /La monarchie de Juillet / Restauration / Chateaubriand

يوضح بلان، عبر أمثلة كثيرة موثقة، وتحليلات نصية أن هوغو. كان في المرحلة بين عامي 1820- 1830م يرى أن الإسلام هو في المقام الأول زخرفة غريبة، ووهمية.

إنه لمن المؤكد أن هوغو. يدعو في بعض أشعاره إلى تقارب سلمي بين المسيحيين والمسلمين. ولكن تتكشف من وراء هذه الدعوة للتسامح الديني الأحكام المسبقة المتمكنة الموروثة من الحروب الصليبية، تلك الأحكام التي تجعل المسلمين ورثة دمويين لإسلام هو في المقام الأول دين حرب وقمع.

 

فيكتور هوغو. والقضية الجزائرية في كتاباته، في نظر لويس بلان :

Victor Hugo et la question algérienne dans ses écrits, selon Louis Blin :

 

يكشف لويس بلان اللثام عن حقيقة أن المدى البعيد الذي توغل فيه هوغو.، سواء في ديوانه (الشرقيات)، أم في مواقفه السياسية التي تبناها في ذلك العصر. ويرى بلان أن هوغو. كان بذلك يروج لرؤية ضيقة وتعسفية للإسلام، الذي لا ينفصل في رأيه عن (البربرية) العثمانية!!

لقد اتخذ موقف هوغو. الشاعر، في تحليله المتحمس للحملة الاستعمارية الدموية على الجزائر، شكل عَرَض مرضي. لقد كان، وهو يتحدث بحماسة كبيرة عن المجازر، وسياسة

الأرض المحروقة التي كان يمارسها الجنرالان بوجو و بيليسي

Maréchal Bugeaud et le Maréchal Pélissier

يرخي العنان لأكثر الأحكام المسبقة شيوعاً عن العرب الذين يخلط بينهم ، وعن المسلمين الذين يعدون في رأيه كائنات منحطة عفا عليها الزمن.

 إن مقولات الشاعر هذه دليل على أن مفهوم التعايش المزعوم، الذي يتبناه، وتتضح من خلال هذه المواقف، حدوده الضيقة، ويتضح أن مشاعره الإنسانية ذات مقاييس متفاوتة، تقتصر على الشعوب التي تسمى (متحضرة)، ويقصي المسلمين من محفل المجتمع الإنساني، ويلقي بهم في حمأة الرفض المتطرف!!

 

مواقف فيكتور هوغو. حول غزو الجزائر عام  1830 من وجهة نظر بعض المؤرخين

Positions de Victor Hugo sur l'invasion de l'Algérie en 1830, du point de vue de certains historiens

 

يذكر المؤرخون أن "فيكتور هوغو نادرًا ما تحدث عن مسألة استعمار الجزائر، التي شكلت مع ذلك المشروع الاستعماري الرئيسي لفرنسا في عصره. لكن لا ينبغي تفسير هذا الصمت النسبي على أنه موافقة ضمنية منه. في الواقع، بينما كان هوغو. متقبلاً للخطاب الذي يضفي الشرعية على الاستعمار باسم الحضارة، فإن تحليلًا دقيقًا لكتاباته - وصمته - يكشف أن مواقفه من "المسألة الجزائرية" كانت ملتبسة. لقد دفع السكان العرب والبربر ثمنًا باهظًا خلال هذا الغزو: مئات الآلاف من القتلى بسبب القتال والغارات الانتقامية، وخاصة المجاعات، لا سيما تلك التي دبرتها السلطات العسكرية الفرنسية. أما بقية السكان فقد عانوا من فقر مدقع، وانهارت البنى الاجتماعية". كانت البلاد آنذاك تحت إدارة عسكرية، وكان القانون العسكري (المعروف آنذاك باسم "نظام السيف") ساريًا.

 

الموضوع لا يزال يحتاج لبحوث جادة عن أسباب مواقف هوغو. من القضية الجزائرية

Le sujet nécessite encore des recherches approfondies sur les raisons de la position d'Hugo sur la question algérienne.

 

في قصيدة "بؤس التي كتبها عام 1869، استحضر فيكتور هوغو المصير، المأساوي الذي حلّ بالسكان العرب في الجزائر في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر (حيث أودت مجاعة 1868- 1869 بحياة 300  ألف شخص)، رابطًا ذلك بالقمع الوحشي للإضرابات التي قادها العمال الفرنسيون في الفترة نفسها، فكتب: "أفريقيا المتألمة تحت وطأة أناملنا". لكن هذه القصيدة، التي يبدو أنها كانت مُعدّة مجموعة " السنوات المشؤومة"  وهي الجزء الثاني من "العقوبات" لم تُنشر في

" (Les Châtiments)، (Les Années funestes) (Misère)

ولا تُعدّ حالة هذه القصيدة غير المنشورة فريدة من نوعها في أعمال هوغو.. نادرًا ما تحدث هوغو. علنًا عن هذا الموضوع: "لم يُخصص هوغو.، مؤلف أكثر من ألف صفحة من التعليقات السياسية، خطابًا واحدًا أو مقالًا واحدًا للمسألة الجزائرية"، كما يوضح فرانك لوران، الذي اضطر إلى البحث في مسودات وإشارات متناثرة في مختلف أعمال مؤلف "الشرقيات" للعثور على أدلة تُشير إلى مشاعر فيكتور هوغو تجاه غزو الجزائر. ويرفض لوران فكرة أن يُعزى هذا الصمت إلى اللامبالاة. في الواقع، كان صمت فيكتور هوغو. (العلني) منذ عام 1851 فصاعدًا مرتبطًا بلا شك باعتبارات "التكتيكات السياسية": فقد وضع شاعر "العقوبات" نفسه كموحد للجمهوريين، الذين كان من بينهم الضباط الذين عارضوا انقلاب لويس نابليون بونابرت من قدامى المحاربين في الحرب الجزائرية: "إن إدانة جيش الانقلاب قد مجّد هؤلاء المقاومين؛ أما التنديد بممارسات جيش أفريقيا فكان سيُعرّضهم للخطر". ربما يعكس هذا أيضاً تحفظات فيكتور هوغو. بشأن مزايا الاستعمار الفرنسي للجزائر.

 و الموضوع لا يزال يحتاج لبحوث من المؤرخين عن أسباب مواقف غريبة  لشاعر و كاتب ملهم مثل فيكتور هوغو من القضية الجزائرية العادلة و قد كتب العديد من الصفحات دفاعا عن حرية و شعوب أخرى بمواقف إنسانية عادلة .!!

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services