256

1

في اليوم العالمي للطفولة.. رهانات وتحديات اليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى السرطان

حققت الجزائر مكاسب ثمينة في مجال حماية حقوقر الطفل، وهو ما تعكسه المؤشرات الإيجابية لبنود التنمية لآفاق 2030 التي تعول على سياسات دعم أطفال اليوم كحماة للغد.

شيماء منصور بوناب / بثينة ناصري 

 وتبقى بعض الفئات الحساسة من مجتمع الطفولة بالجزائر رهن العديد من التساؤلات بحكم مستجدات الرقمنة والتكنولوجيات الجديدة التي خلقت بيئة سلبية حول الطفل لتجعله كآلة صغيرة خاضعة لرحمة مواقع التواصل الاجتماعي بكل انعكاساتها .

الطفل الرقمي وبراءة الطفولة 

 

وفي لقاء جمع طاقم جريدة "بركة نيوز" بالمستشارة التربوية والأسرية، الكوتش نايت مسعود فاطمة، تطرقت لواقع الطفولة في الجزائر، أين يحظى الطفل بكل الوسائل و الإمكانيات للعيش بكرامة وراحة خاصة ما تعلق بالتعليم المجاني والعيش بأمان مع حفظ كل حقوقه.

وتابعت تقول "بالرغم من توفير كل الإمكانيات و الظروف الملائمة لحياة أفضل للأطفال، إلا أننا مؤخرا وبحكم الانفجار التكنولوجي والرقمي، أصبح الأطفال تحت رحمة المعلوماتية والتكنولوجيا بكل سلبياتها، التي كانت الخلفية لظهور مصطلح" الطفل الرقمي" مع الأسف."

 هذا الواقع المفروض، يأخذنا للبحث عن أسباب تنامي هذه الظاهرة وسط مجتمعنا، وفي ذلك توضح الكوتش، "أن انغماس الطفل بلا وعي في هذا العالم كان وليد استهتار أسري صارخ زج به تحت رحمة الهاتف و مواقع التواصل الاجتماعي التي انتهكت براءته وجعلت منه انسانا بالغا قبل وقته."

منبهة أن "هذا الانغماس يولد بعض الاضطرابات السلوكية والنفسية التي تعزز الخوف داخل الطفل خاصة بعد أن أصبح حبيس الألعاب الالكترونية التي تبث السموم تدريجيا فيه لينشأ على نهج خاطئ بعيدا عن الدين والثقافة والتقاليد والأعراف المجتمعية.

اصبحت المعادلة معكوسة اليوم فمن لا يملك هاتفا بين يديه هو الغريب بينما الذي يملكه يمثل الحضارة والتقدم، دون وعي بأن هذا السلوك في الحقيقة يمثل قنبلة في وضع الانفجار بين يدي الطفل فكلما زاد الإدمان تسارع وقت انفجارها بآثار وخيمة جدا،

 مشيرة لتقرير منظمة الصحة العالمية الذي يؤكد ان ترك الهاتف بيد الطفل، يعد جريمة في حقه خاصة من هم أقل من خمسة سنوات ، لأن الأمر يشكل خطرا على نموهم العصبي والنفسي والذي قد يخلق عنده أزمات صحية وعقد نفسية و انطواء عندما يفقد القدرة على التواصل مع أقرانه.

في ذات الشأن ، عرجت على ظاهرة التحرش من خلال الهاتف والتي تنامت مؤخرا دون رقابة من الأولياء، فأصبح الطفل حتى وهو في بيته و من داخل فراشه يتعرض لشتى أنواع التحرش والابتزاز من أشخاص مجهولين يتواصلون معه عبر تطبيقات الهاتف ويطلبون منهم ما خفي من المحرمات والفواحش.

وبالنسبة للأطفال المشاهير ، الذين ينقلون حياتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبرت الكوتش عن استيائها من هذه الظواهر الدخيلة عنا، والتي سببها مع الأسف الوالدين طمعا في تحقيق شهرة وهمية و كذا الغنى. بسبب هذا الطمع يعيش أطفال حياة غير حياتهم وهم في سن صغيرة جدا يتجادلون مع الواقع بين المعجبين و دشروطهم التي لا يمكن ارضاؤها.

وشددت محدثتنا على أن السلامة النفسية للطفل تبدأ من الصغر باحتضان أسري يشعره بالدفء والحنان، كما يأخذ من منطلق العودة الى عادتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف أمرا قطعيا لتصحيح نهج التربية.

وفي مقاربة نوعية تحدد حجم الفوارق بين الجيلين بين اليوم والأمس، قالت "أن أطفال اليوم يكبحون طاقتهم بين شاشات الهاتف بينما الأطفال في وقت الزمن الجميل كانوا يتخذون من اللعب في الشارع متنفسا لهم بين أحضان الطبيعة واحتواء الجيران."

وتبعا لهذه المقاربة، يتضح أن نهج التربية اليوم أصبح هشا، لانه متروك للأبناء دون رقابة او اهتمام يتبع نمط الحياة العصري الجاف من المشاعر والاحتضان، بات فيه الطفل نسخة مقلدة للغرب في قصات الشعر واللبس وأسلوب الحياة الذي لا يمت بصلة لديننا الحنيق وشريعتنا الطاهرة.

طفولة غزة.. بين المواجع وتحت الركام 

وفي سياق موازي، يحمل عيد الطفولة لهذه السنة العديد من المحطات الوطنية في الجزائر، لكن لا يمكن التطرق إليها دون الحديث عن أطفال غزة فلشطين والترحم على من فقدناهم خلال سنتين تقريبا من الحصار والابادة، فكان ذلك انتهاكا واضحا ممزوجا مع فقدان للانسانية.

 وفي الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، يعيش أطفال غزة اليوم دمارا نفسيا وجسديا سلب منهم أبسط حقوقهم في العيش بكرامة وأمان، متناسين بين هذه الأوجاع ذكرى الاحتفاء ببراءتهم التي سلبها الاستدمار الصهيوني حين شق أفئدتهم وحرمهم " الحياة والطفولة".

وفي هذا الصدد ، كشفت الاستشارية الأسرية والتربوية، أنه بالرغم من الألآم والدمار والحرمان الذي يعيشه الطفلىفي غزة إلا أنه مثال للرجل الصغير الواعي بظروفه التي ربته على الصمود في وجه الاحتلال والعدوان والظلم بقلب صلب لا يعرف الاستسلام.

الراحة النفسية التي سلبت من الطفل الغزي، مع الأسف ستشكل لهم عقدة غليظة يصعب علاجها لما تحمله مخاوف متراكمة واضطرابات حادة قد تترك لهم ندبة في الذات يكون التشافي منها مكلفا نفسيا وذهنيا، وعلى ذلك نسأل الله أن ينجيهم من براثن العدو الغاشم ويكتب لهم الحرية عاجلا،"تضيف ذات المتحدثة".

الأيتام .. النبض الحساس للمجتمع

ويتم التركيز على الأيتام في الجزائر بشكل كبير باعتبارهم من الفئات الحساسة التي توليها الحكومة اهتماما خاصا، مرفوقا بجهود المجتمع المدني للجمعات الخيرية التي تسعى لتلبية كافة احتياجاتهم .

وفي هذا الشأن توضح الاستشارية نايت مسعود باعتبارها عضو مؤسس في الجمعية الخيرية " سبل الخير"، إن التكفل بهذه الفئة يفرض تعزيز الهجود كل بدوره من مختصين واستشاريين وأساتذة وحتى كمجتمع تحت لواء التكافل الاجتماعي الذي يعزز بذواتهم حب الانتماء.

وتجسيدا لهذا المسعى، أفادت بأن جمعية سبل الخير تقدم المرافقة لهذه الفئة خاصة ما تعلق بالاحتضان النفسي الذي تفتقر له بحكم غياب الوالدين الذي يشكل لهم صدمة نفسية تؤدى لانغلاقهم عن المجتمع بعيدا عن زخم الحياة العامة.

وتضيف، ذات المختصة، أن إعطاء مكانة للأطفال اليتامى بالمجتمع كفيل بزرع الثقة بنفسهم وبمجتمعهم وهو ما يعزز شعورهم بالانتماء دون الخوف من التهميش أو الشفقة التي تعد أحد اهم أسباب الشعور بالنقص.

 الطفل مهما كانت ظروفه ، دائما يكون بحاجة للشعور بالأمان من خلال لمسة حب وعاطفة أو كلمة طيبة تزرع بداخله الأمل كما تجعله قادرا على الانخراط في مجتمعه بكل ثقة وثبات .

وعلى ذلك يشدد الأخصائيون حسب آخر الاحصائيات على ضرورة ضم الطفل واحتوائه، من خلال ضمه أربع مرات في اليوم لأن الضمة تمثل فيتامين سيكولوجي مزود بالحب الذي يتغذى به الطفل في جرعات يومية." حسب ما أدلت به الكوتش".

الأطفال ذوي الهمم العالية .. التحدي والعزيمة 

أطفال الهمم العالية، لهم نصيب خاص من الاحتفال بيوم الطفولة لانهم أصحاب الروح الطيبة التي تهوى العيش برفاهية وابتسامة خالصة النية دون خبث، بارغم من معاناتهم الصامتة بين أفراد مجتمع ينظرون اليهم كفئة مهمشة تختلف عنهم ذهنيا وجسديا إلا انهم دائما ما يجدون ملاذهم وراحتهم في أبسط الأمور.

وفي هذا الشأن، كشفت دباري علجية رئيسة جمعية التحدي والعزيمة للمعاقين بالقبة  بأن ، " احتواء طفل معاق يأخذ من المسؤولية ما لا  يمكن ادراكه عند الكل لأنه بحاجة لمرافقة نفسية تختلف حسب الوضع الذهني لكل طفل."

وتابعت، " في جمعية التحدي والعزيمة نسعى لتحقيق الادماج الاجتماعي للمعاق وتوفير بيئة ملائمة لقدراته ومواهبه التي اكتشفناها بتجربة طويلة مع المختصين الذين أطروا هذه الطاقة وجعلوا منها قوة ريادية تمثل إضافة نوعية للمجتمع." 

وبخصوص الآليات التي تقدمها الجمعية للطفل المعاق، لفتت دباري الى أن "الجمعية تضم ما يفوق أربعين بنتا من ذوي الاحتياجات الخاصة، بين من هي من فئة التوحد أو التأخر الذهني، يتم تقديم الرعاية النفسية لهن بصفة دورية منتظمة ثم تقوم المختصة بتوجيههن للقسم البيداغوجي أين يتلقين أولى أساسيات التعلم من الأبجديات اليومية".

 وأشارت إلى أنه "بالرغم من أن الجمعية تضم بنات من عمر 15 سنة فما فوق إلا أنه عمرهن العقلي لا يتجاوز العشر سنوات وهذا ما يجعلهن أطفال غلى الرغم من كبر سنهم البيولوجي."

وتضيف "التأخر العقلي الذي يظهر في تصرفاتهن لم يمنعهن من تطوير قدراتهم لاسيما في التواصل والتعلم وكذا في العمل، الذي يعد أهم نقطة ركزت عليها الجمعية في بداية مسارها إلى غاية اليوم".

وتثمينا لذلك أوضحت المختصة النفسانية حيون وفاء، عضو بجمعية التحدي و دالعزيمة أن "المرافقة النفسية تلعب دورا كبيرا في تهدئة الطفل المعاق كما تحقق له التوازن و دالاستقرار في ذاته بعيدا عن ضوضاء المجتمع".

ومن بين اهم ما تقوم به الجمعية، توضح المختصة النفسانية، "تحقيق الاندماج الداخلي للبنت من ذوات الهمم مع اقرانها من جمع الحالات من أجل ضمان تقبلها لذاتها وتقبل اختلافها مع غيرها."

 مرضى السرطان...بين حلم الشفاء وعزيمة التغلب على الداء

بالرغم من توفر العلاج وتقدّم أساليب الرعاية الصحية وإنشاء مراكز ووحدات علاجية متخصّصة، في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لضمان تكفل طبي شامل بهذه الفئة، إلا أنها تعاني من تحديات يجب النظر إليها، وبهذا الخصوص أكد أوراري يوغرطة عضو مجلس إدارة بمؤسسة الجزائر المتحدة الخيرية، ومسير مشروع دور المتحدة لرعاية مرضى السرطان، أن "أهم الاقتراحات التي تراها المؤسسة مناسبة لمساعدة مرضى السرطان على الشفاء تتمثل في اعتماد المرض كمرض مزمن وتوفير بطاقة علاجية خاصة به، مع إدراج برنامج خاص للنقل خاصة الطيران (تخفيضات او مجانية ) توفير الأدوية مع الرقابة، بالإضافة إلى توفير العلاج النفسي والمرافقة النفسية طيلة فترة العلاج."

كما اقترح ذات المتحدث، "إنشاء مراكز رعاية صحية خاصة طيلة فترة العلاج خاصة للمرضى القادمين خارج ولاية الجزائر، مع ضرورة توفير المكملات الصحية والغذائية المساعدة على تجاوز المرض ونقص الأكل والمناعة، مبرزا توفرها لكن بأسعار غالية جدا."

وبالنسة لأكثر السرطانات التي مرت على دور المتحدة لرعاية مرضى السرطان، أوضح أوراري أن "أكثر نوع انتشاراً خاصة بالأطفال خلال فترة العمل على مشروع دار المتحدة لرعاية مرضى السرطان، هو سرطان الدم والدماغ وهناك سرطان العين والعظام أيضاً"، معبراً عن "خطورة كل صنف منها باعتبار أن سرطان الأطفال مجموعة من الاضطرابات والأمراض التي تحدث عند الأطفال منذ الولادة وحتّى عمر 14 سنة، والتي تختلف عند البالغين في طريقة التّشكّل والنّموّ والانتشار والاستجابة للعلاج."

وفي سياق ذي صلة، فقد يجابه الأطفال في الجزائر معركة قاسية ضد مرض السرطان، وهذا بالرغم من توفر العلاج وتقدّم أساليب الرعاية الصحية، لكن يبقى مشكل التشخيص عالقا بين جدران الوعي، يرى مسير مشروع دور المتحدة لرعاية مرضى السرطان، في هذا الخصوص أنه "يوجود العلاج لكن هناك مشكل كبير في الوعي عند العائلات الجزائرية في عدم التشخيص المبكر للمرض خوفاً من أمور كثيرة، منها ماهو متعلق بنظرة المجتمع للمريض بالسرطان، ومنها ماهو خوف من تكاليف العلاج الباهضة لمرضى السرطان."

وأشار إلى أنه "لابد من تكثيف الوعي و العمل على تنظيم أيام تحسسية جوارية أو حصص تلفزية تساعد العائلات على معرفة المرض وكيفية التعامل مع المريض خاصة الأطفال"، منوهاً إلى الآثار النفسية للأطفال المرضى التي لا تنتهي بالشفاء الجسدي، بل تظل ترافق الطفل لسنوات طويلة، ما يستدعي تكفلا بسيكولوجيا شاملا لمساعدتهم على استرجاع التوازن النفسي والاجتماعي.

ومن جهة أخرى يبقى الطفل المصاب بالسرطان يواجه ضغوطا نفسية، بداية من الصدمة الأولى عند التشخيص، وحتى فترة العلاج التي ترافقها ألام، وما بعد الشفاء، حيث تترسّخ لديه مشاعر الخوف، القلق وحتى العزلة الاجتماعية والآثار النفسية، حيث يعاني الأطفال من اضطرابات نفسية طويلة الأمد.

وشدد بذلك أوراري على ضرورة وضع برامج دعم نفسي مرافقة للعلاج الطبي، سواء من خلال جلسات علاجية فردية أو الدعم الأسري، مع ضرورة إدماج الطفل المتعافي في المجتمع بطريقة تدريجية، عبر توفير بيئة مدرسية جيّدة، تضمن تكفلا طبيا ونفسيا متكاملا للأطفال المصابين وعائلاتهم.

وللتذكير، نوه أوراري يوغرطة أن "دور المتحدة لرعاية مرضى السرطان الحاجة زية ويحي رحمها الله" أنه مشروع خاص بمؤسسة الجزائر المتحدة الخيرية وتم اعتماده بعد تبرع الأخت بهذا البيت الذي خصص لمرضى السرطان القادمين من خارج ولاية الجزائر، مؤكداً أن المشروع يضم خدمة النقل والإطعام والمبيت والرعاية النفسية ونشاطات علمية وتربوية تساعد المرضى على تجاوز الأزمة الصحية.

وبين كل هذا تبقى الطفولة الجزائرية في تحسن وازدهار بالنظر للقواعد والقوانين التي سنتها الدولة الجزائرية، الرامية إلى صون كرامة الطفل وعيشه في سلم وأمان، لكن بالرغم من ذلك تبقى الطفولة في العالم تتراجع في نمطها الانساني وهذا واضح من خلال انتهاك حقوق الأطفال في الدول التي لا تزال تعاني من الاحتلال.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services