57
0
فضيحة غش في "البيام" بباتنة إيداع تلميذ وشريكه الحبس المؤقت بسبب "سماعة ذكية"

في حادثة تسلّط الضوء مجددًا على ظاهرة الغش المدرسي وتطوّر وسائلها، أمر قاضي المثول الفوري لدى محكمة مروانة بولاية باتنة، يوم 2 جوان 2025، بإيداع تلميذ مترشح لشهادة التعليم المتوسط وشريكه من خارج المركز الحبس المؤقت، بعد ضبطهما متلبسين بمحاولة تسريب موضوع مادة اللغة العربية باستخدام وسائل اتصال متطورة.
ضياء الدين سعداوي
وحسب بيان صادر عن وكيل الجمهورية لدى محكمة مروانة، فإن التلميذ المسمى (ع.ع) تم توقيفه داخل أحد مراكز الامتحان، وهو بصدد تلقي إجابات أسئلة اللغة العربية عبر سماعة صغيرة موصولة ببطاقة إلكترونية تحمل شريحة هاتف نقال، في سيناريو يكشف تطور وسائل الغش إلى مستويات إلكترونية تتجاوز الحيل التقليدية.
التحريات بينت أن العملية لم تكن فردية، إذ جرت بتنسيق مع شخص من خارج المركز يدعى (ب.س)، تولى مهمة إرسال الإجابات فور تلقي الأسئلة، في محاولة فاشلة للإفلات من الرقابة.
وعقب اكتشاف العملية، تم توقيف المعنيين وإحالتهما على القضاء بتهم تتعلق بـ"المساس بنزاهة الامتحانات" و"الشروع في تسريب المواضيع أثناء الامتحانات النهائية باستعمال وسائل الاتصال عن بعد".
وقد تم تقديم المتهمين أمام قاضي المثول الفوري، الذي قرر تأجيل القضية إلى 09 جوان 2025 بناءً على طلب المتهم الأول لتمكينه من إعداد دفاعه، فيما صدر أمر بإيداعهما الحبس المؤقت إلى حين موعد الجلسة.
امتحانات تحت الضغط والرقابة المشددة
تأتي هذه الحادثة في خضم الإجراءات المشددة التي تتخذها وزارة التربية الوطنية كل سنة لضمان شفافية الامتحانات الوطنية، خصوصًا مع تفاقم ظاهرة الغش الإلكتروني خلال السنوات الأخيرة. وتزامنًا مع بداية امتحانات "البيام"، كثفت السلطات الأمنية تواجدها داخل وخارج مراكز الامتحان، إلى جانب استعمال أجهزة التشويش وكاشفات الهواتف الذكية، إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع محاولات خرق الأنظمة.
وقد أعادت هذه الواقعة الجدل حول فعالية الوسائل الوقائية المعتمدة، خاصة أن الأمر لم يتعلّق بتسريب جماعي بل بحالة فردية استُعملت فيها تقنيات دقيقة يصعب كشفها دون يقظة تامة من المراقبين.
"الذكاء الاصطناعي في خدمة الغش"؟
ويرى مختصون أن تطور أدوات الغش يعكس تحديًا متزايدًا أمام الجهات الوصية، حيث باتت سماعات الأذن اللاسلكية، البطاقات الذكية، وحتى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أدوات رئيسية تُستعمل من قبل بعض التلاميذ، وأحيانًا بمساعدة شبكات متخصصة في تقديم "خدمات" موازية خلال الامتحانات.
وتطالب نقابات تربوية بتشديد الرقابة التقنية، وتعزيز الحملات التحسيسية في المدارس، وإدراج محتوى تربوي في المناهج حول النزاهة التعليمية، باعتبارها جزءًا من تكوين شخصية التلميذ، لا مجرد تطبيق قانوني في قاعة الامتحان.
مخاوف من تكرار السيناريوهات
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد شهدت ولايات جزائرية أخرى في السنوات الأخيرة ضبط حالات مماثلة، كانت تعتمد على الاتصال عبر تطبيقات مشفّرة أو سماعات صغيرة يصعب رصدها. ويؤكد تربويون أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق التلميذ، بل على محيطه الأسري والاجتماعي الذي أحيانًا ما يشجّع، أو على الأقل، يتغاضى عن هذه الممارسات بدعوى "النجاح بأي ثمن".
في انتظار العدالة
يبقى الرأي العام في ولاية باتنة وفي الوسط التربوي عمومًا مترقبًا لما ستؤول إليه مجريات المحاكمة المنتظرة في 9 جوان، في وقت تأمل فيه الأطراف المعنية أن تشكل هذه القضية درسًا للحدّ من ممارسات تمسّ بمصداقية الشهادات الوطنية، وتُفرغ الجهود التعليمية من محتواها الأخلاقي والمعرفي.