501

0

ديدوش مراد ... قصة بطولية تروي تفاصيل استشهاد أول قائد في ساحة الوغى

لولا الثورة العظيمة التي قادها الثوار العظماء، لما حظيت الجزائر بحريتها واستقلالها ولو لم يعرف مقاومو الكفاح السياسي أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة لبقي المستعمرالفرنسي يفتك بأعراض الجزائريين ويشوه مستقبلهم.

فتاريخ الجزائر ملحمة صنعها أبطال على غرار "ديدوش مراد"  الذي بعتبر رمزا من رموز المقاومة الأبية وأحد عظمائها، خصوصا وأنه أصغر أعضاء المجموعة الستة التي فجرت ثورة الفاتح من نوفمبر.

منال بن ثليجان

" ديدوش مراد" أو الملقب بالسي عبد القادر وهو الرمز النضالي الذي خط لنفسه مسارا ثوريا عظيما في عمر صغير، مما جعل اسمه يُكتَبُ في سجل التاريخ الحافل بالأحداث  والنظال ضد مستعمر فرنسي غاشم.

 نشأته وطفولته:

ولد مراد ديدوش يوم 13 يوليو 1927 بالمرادية بالعاصمة، وتعود أصول عائلته إلى قرية إبسكريان ببلدية أغريب ولاية تيزي وزو،التحق  بالمدرسة بالمرادية وزاول دراسته فيها حتى تحصل على شهادة التعليم المتوسط سنة 1942، ثم انتقل الى الثانوية بحي العناصر.

ولكن تفكير الطفل مراد كان أكبر من أن يُحْصَرَ بين مقاعد القسم، وغيرتُه على أرض وطنه جعلته يتحمل مسؤوليةً تفوق سنه وذلك بالتوجه إلى المقاومة السياسية بغية المشاركة في استرجاع الحرية التي سلبتها فرنسا من الجزائريين،فانضم وهو لم يبلغ 16 سنة إلى صفوف حزب الشعب.

نضاله السياسي:

بدأ ديدوش مراد نشاطه النضالي في سن مبكرة وقد برزت شخصيته الفذة وميولاته السياسية عندما انخرط في الحركة الكشفية، ليلتحق بعدها بحزب الشعب، فكان مراد طفل بشخصية قوية وقلب شجاع، يعلم حق المعرفة بأن هذه الأرض لا تسع إلا لأصحابها، فاستمر بناءا على هذا الايمان في المقاومة وهو ابن الستة عشر ربيعا، أين شارك في تأطير مظاهرات الفاتح ماي 1945 بالعاصمة.

وفي 1947 نظم الانتخابات البلدية بناحيته، كما تنقل لتنظيم الحملة الانتخابية للجمعية الجزائرية في الغرب الجزائري وهنا اعتقدت فرنسا انها كسبت الرهان بإلقاء القبض على الطفل المعجزة إلا أنه أحبط معنوياتها بقدرته على الفرار من مجلس القضاء.

ولأن ديدوش مراد من أبرز أعضاء المنظمة الخاصة فلم يستسلم العدو عن محاولة  إمساكه وتعطيل حركته، إلا أن الإدارة الاستعمارية فشلت في وضع يدها على الشهيد فأصدرت لتحفظ ماء وجهها، حكما غيابيا في حقه بـ 10 سنوات سجن، ولكن رغم كل المضايقات التي مارسها الاستعمار ضده إلا أنه كان أقوى من التراجع و الاستغناء ببساطة عن رسالة الكفاح.

ديدوش مراد والكفاح المسلح:

استمر ديدوش مراد الأبطال وإصرارالأبطال يسري في عروقه، في الكفاح وكله عزم وثبات، فرافق بن بولعيد سنة 1952 في تكوين نواة سرية في العاصمة، بهدف صنع المتفجرات وذلك ضمن الاستعدادات الأولية لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، لينتقل فيما بعد إلى فرنسا في مهمة المراقبة داخل الفيدرالية، وإثر عودته إلى العاصمة ساهم في إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل بتاريخ23 مارس 1945 والتي ترأسها محمد بوضياف, وسعى من خلالها إلى تجميع إطارات المنظمة الخاصة واقناعهم بضرورة العمل المسلح.

كما شارك في اجتماع "22" المنعقد في جوان 1954 الذي تقرر فيه انطلاق الثورة وهو الاجتماع الذي انبثق عنه أول مجلس للثورة من 5 أعضاء وكان ديدوش أحد أعضائه بتوليه منصب مسؤول للناحية الثانية، ومن أبرز محرري بيان أول نوفمبر 1954.

ديدوش مراد ورغم صغر سنه إلا أنه لم يهب الموت بل منح بكل وطنية حياته للجزائر وأفنى شبابه لأجل استقلالها، فهو نفسه الذي قال:" ﺇﺫﺍ ما استشهدنا ﺩﺍﻓعوﺍ عن ﺃﺭﻭﺍحنا.. نحن خلقنا من اجل ﺃﻥ نموت ﻭلكن ستخلفنا ﺃجياﻝ لاستكمال المسيرة "، وفعلا سقط شهيدا بعد معركة بدوار الصوادق بولاية قسنطينة وهو لم يبلغ بعد سن 28 ليكون بذلك أول قائد منطقة يستشهد بساحة الشرف.

مارتن لوثر كينج جونيور يقول:" الحرية ليست شيئا يعطى بل شيئ يتم القتال من أجله"، هذه المقولة التي تنطبق عن مقاومي ثورة الجزائر العظيمة، والتي أحد أعظم أمثلتها الشهيد الشاب " ديدوش مراد" الذي فضل الاستشهاد بكرامة عن الحياة بذل واستهانة وخضوع، ولكن رغم سيرته التي كلها شجاعة وإقدام إلا أن الإعلام والأقلام والأقوال قد قصروا كثيرافي حقه في التعريف به للأجيال القادمة.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services