100

0

درع "المحروسة" يكرم البروفيسور عبد الحميد بورايو

مسار علمي في خدمة الأدب الشعبي

احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الجزائر، أمسية اليوم السبت، فعاليات النسخة الثامنة من درع الاستحقاق الثقافي “المحروسة”، بحضور نخبة من الفاعلين الثقافيين والأكاديميين، تكريما للبروفيسور عبد الحميد بورايو، اعترافا بدوره الريادي في ترسيخ الثقافة الشعبية الجزائرية، وإسهاماته البارزة في الأدب الشعبي والسرديات، وخدمة الهوية الثقافية الوطنية.

شروق طالب

وتندرج هذه المبادرة ضمن مسعى ثقافي واعٍ، يهدف إلى ترسيخ ثقافة الاعتراف والاحتفاء بالقامات الفكرية التي أسهمت في إثراء المشهد الثقافي والعلمي، وذلك في إطار البرامج الثقافية للمكتبة الرامية إلى تثمين الإبداع وترقية البحث العلمي، تقديرا لمسار أكاديمي وبحثي يعد من بين الأبرز في الساحة الأدبية الجزائرية.

كلمة وفاء وذاكرة مشتركة

وفي كلمته بالمناسبة، عبر البروفيسور عبد الحميد بورايو عن بالغ امتنانه للحضور من الشخصيات الثقافية والإعلامية التي تقاطعت مساراتها معه، واصفا إياهم برفقاء درب مارس معهم الفعل الثقافي في الجزائر عبر الصحافة والمنتديات والفضاءات الفكرية.

كما ثمن جهود الطاقم المشرف على المكتبة، مشيدا بروح التفاني والعمل الجماعي الذي مكن من إعداد هذا التكريم في وقت وجيز، مؤكدا أن هذا التكريم هو في جوهره تكريم للثقافة الوطنية الجزائرية.

واستعرض بورايو محطات من مساره الأكاديمي، كأستاذ جامعي متقاعد، درس في جامعات تيزي وزو، تلمسان، الجزائر، تيبازة، وكان أستاذا زائرا بعدة جامعات أخرى، مشيرا إلى أن اختياره للأدب الشعبي لم يكن وليد الصدفة وحدها، بل نتيجة وعي مبكر بأهمية هذا الموروث الذي ظلّ مهمشا لصالح الأدب المكتوب بالفصحى.

وأكد أن الأدب الشفوي، بما يحمله من حكايات وأمثال وأساطير وأشعار، لا يقل قيمة جمالية وفكرية عن الأدب المكتوب، مذكرا بأن الأدب الجاهلي نفسه كان شفويا في الأصل. 

ومن هنا، جاءت قناعته بضرورة جمع هذا التراث ودراسته دراسة علمية منهجية، تستند إلى مناهج حديثة أسهم في بنائها باحثون من مختلف أنحاء العالم، من بينهم جزائريون بارزون.

من الجامعة إلى اليونسكو

وتوقف الأستاذ بورايو عند تجربته بعد تأسيس مخابر البحث، حيث ساهمت هذه الخطوة في تكوين أجيال من الباحثين المتخصصين في الأدب الشعبي عبر جامعات الوطن، بجانب التحولات العالمية التي أعادت الاعتبار للتراث اللامادي، خاصة بعد اتفاقية اليونسكو لسنة 2003، التي جعلت من صون التراث الشعبي ضرورة ثقافية وإنسانية في ظل العولمة.

“المحروسة”… درع الذاكرة والانتماء

أما عن رمزية درع “المحروسة”، فقد حملت بعدا وجدانيا خاصا لدى المحتفى به، إذ استعاد علاقته الحميمة بالعاصمة الجزائر، المدينة التي احتضنت طفولته وشبابه ودراسته، رغم ما رافق تلك العلاقة من شعور بالغربة أحيانا، بحكم ظروف السكن والتنقل.

واعتبر أن هذا الدرع يمثل مصالحة رمزية مع المدينة، واعترافا بانتمائه الثقافي إليها.

عطاء متواصل

وفي لفتة تعكس عمق التزامه الثقافي، قدم البروفيسور عبد الحميد بورايو 500 عنوان من الكتب النادرة للمكتبة، لتخصيص جناح خاص بالأدب الشعبي، وهي مؤلفات جمعها على مدار سنوات من عدة بلدان كمصر. 

كما سبق له أن أهدى مجموعات قيّمة من الكتب إلى مكتبات في أدرار وتيسمسيلت، إيمانا منه بأن المعرفة لا تكتمل إلا بتقاسمها.

شهادات في حق البروفيسور عبد الحميد بورايو 

ومن جهته، صرح محمد سعدي، أستاذ جامعي متقاعد، أن أول لقاء جمعه بالبروفيسور عبد الحميد بورايو كان في بيت الأديب الراحل طاهر وطار، ذلك الفضاء الثقافي الذي، رغم بساطته، ظل ملتقى للنخبة المثقفة.

وأضاف أن بورايو لم يكن مجرد زميل في المهنة، بل كان رفيق درب في مسارات الفكر والثقافة، جمعت بينهما رؤية مشتركة وخيارات معرفية أسهمت في إثراء المشهد الثقافي الجزائري.

الأستاذ الذي جمع بين كرم المعرفة وحسن الخلق

وفي ذات السياق، عبر الشاعر والاستاذ عبد المالك قرين بكلمات مؤثرة عن مكانة البروفيسور عبد الحميد بورايو في وجدان تلامذته، معتبرا إياه شيخ المشايخ في العلم والمعرفة، مؤكدا أنهم كانوا ولا يزالون مجرد مريدين في حضرة أستاذ كبير جمع بين غزارة العلم وسموّ الأخلاق والتواضع.

وقدم قرين شهادة صادقة، شدد فيها على أن عبد الحميد بورايو كان، في نظر طلبته، مرجعا علميا موسوعيا لا يُعلى عليه، لا مجاملة ولا مبالغة، بل اعترافا بفضل أستاذ ترك أثرا عميقا في مساراتهم الجامعية والعلمية. 

وأضاف أن لبورايو الفضل، بعد الله، في مرافقة العديد من الطلبة في مختلف مراحلهم الأكاديمية، من الليسانس إلى الماجستير ثم الدكتوراه، مستحضرا مواقف إنسانية وعلمية لا تُنسى، جسدت تواضعه وتفانيه في خدمة الطلبة، وحضوره الأبوي الذي تجاوز حدود العلاقة التقليدية بين الأستاذ وطالبه.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services