211
0
دور الإرشاد النفسي في ظل الأزمات بفلسطين: سياج حماية في مواجهة العواصف
بقلم الدكتورة يمنى أبو زريق باحثة بسلك الدكتوراه الإرشاد النفسي و التربوي، جامعة القدس المفتوحة
تواجه فلسطين تحديات جمة وأزمات متكررة، والتي تترك آثارًا عميقة على صحة وسلامة المواطنين النفسية. في ظل هذا الواقع المعقد، يبرز دور الإرشاد النفسي كأحد أهم الأدوات المتاحة للتخفيف من معاناة الأفراد والمجتمع، وتعزيز قدرتهم على الصمود والتكيف.
الأزمات في فلسطين وتأثيرها النفسي:
تتعرض فلسطين لعدة أنواع من الأزمات، منها:
الاحتلال والعنف: يؤدي الاحتلال الإسرائيلي المستمر والعنف المرافق له إلى صدمات نفسية عميقة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب، والقلق.
الحصار والحروب: يزيد الحصار المفروض على قطاع غزة من حدة المعاناة، وتؤدي الحروب المتكررة إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وتشريد أعداد كبيرة من السكان.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي: يعاني الفلسطينيون من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، تؤثر على مستوى معيشتهم وتزيد من الضغوط النفسية.
دور الإرشاد النفسي في مواجهة الأزمات:
يلعب الإرشاد النفسي دورًا حيويًا في مساعدة الأفراد والمجتمع على مواجهة هذه الأزمات وتجاوز آثارها السلبية، وذلك من خلال:
تقديم الدعم النفسي: يوفر المرشدون النفسيون بيئة آمنة ومستمعة، حيث يمكن للأفراد التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف من الحكم.
تدريب الأفراد على مهارات التأقلم: يساعد المرشدون النفسيون الأفراد على تطوير مهارات فعالة للتأقلم مع الضغوط والصعوبات، مثل إدارة الغضب، وتحسين مهارات التواصل، وتقنيات الاسترخاء.
تقديم العلاج النفسي: في الحالات التي تتطلب ذلك، يمكن للمرشدين النفسيين تقديم العلاج النفسي المناسب، مثل العلاج السلوكي المعرفي، أو العلاج الديناميكي.
تعزيز التماسك الاجتماعي: يعمل المرشدون النفسيون على تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال بناء علاقات إيجابية بين الأفراد، وتشجيع العمل التطوعي، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية.
توعية المجتمع: يساهم المرشدون النفسيون في توعية المجتمع بأهمية الصحة النفسية، وكيفية التعرف على علامات اضطرابات الصحة النفسية، وأين يمكن الحصول على المساعدة.
التحديات التي تواجه الإرشاد النفسي في فلسطين:
نقص الموارد: يعاني قطاع الإرشاد النفسي في فلسطين من نقص في الموارد المالية والبشرية.
وصمة العار الاجتماعية: لا يزال هناك وصمة عار مرتبطة بالصحة النفسية في المجتمع الفلسطيني، مما يمنع الكثير من الناس من طلب المساعدة.
الظروف الأمنية: تؤثر الظروف الأمنية المتدهورة على قدرة المرشدين النفسيين على تقديم خدماتهم بشكل مستمر ومنتظم.
يعد الإرشاد النفسي أداة أساسية لبناء مجتمع فلسطيني أكثر صحة ومرونة. من خلال توفير الدعم النفسي والتدريب على مهارات التأقلم، يمكن للمرشدون النفسيون المساهمة في تخفيف معاناة الأفراد والمجتمع، وتعزيز قدرتهم على مواجهة التحديات المستقبلية.
توصيات:
زيادة الاستثمار في قطاع الإرشاد النفسي: يجب زيادة الاستثمار الحكومي والخاص في قطاع الإرشاد النفسي، لتوفير الموارد اللازمة لتقديم خدمات عالية الجودة.
مكافحة وصمة العار الاجتماعية: يجب بذل جهود كبيرة لمكافحة وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية، من خلال حملات التوعية والإعلام.
تدريب الكوادر: يجب تدريب الكوادر الصحية والتعليمية والاجتماعية على كيفية التعرف على علامات اضطرابات الصحة النفسية، وتقديم الإسعافات النفسية الأولية.
بناء شبكات دعم: يجب بناء شبكات دعم قوية بين المرشدين النفسيين والمؤسسات المجتمعية، لتقديم خدمات متكاملة للأفراد والعائلات.