في زمن يشهد زخمًا هائلًا في صناعة المحتوى الرقمي ومع اندماجنا اليومي مع عالم الإنترنت، يظهر تناقض واضح بين ما يتوفر للجمهور وما يقدمه المؤثرون.

يُعَد المحتوى الرقمي في الجزائر مشهدًا متنوعًا، حيث يُعَبّر معظم المؤثرين عن تجاربهم وآرائهم بطرق متنوعة، ومع اتساع هذا النطاق، يصطدم الكثيرون بتحديات تتعلق بفهم القيم والتقاليد ، وهنا يبرز آدم بوشمال، من قسنطينة حاصل على ماستر في السمعي البصري، كمبادر يسعى إلى تحويل المحتوى إلى تجربة ذات قيمة. يستخدم بوشمال منصة الفايسبوك كوسيلة لنقل رسائله التوعية، مسلطًا الضوء على الحاجة إلى توجيه الفرد في عالم المحتوى المتغير.

مريم بوطرة

يستعرض أدم بوشمال عبر منصته،قضايا متنوعة تلامس أفق المجتمع الجزائري مركزا  على الجوانب الأخلاقية والدينية والثقافية والاجتماعية، محاولاً إيصال رسائل توعية تخص  الفرد والمجتمع، وفي زمن يسود فيه تأثير الإعلام الرقمي، يرى بوشمال أن هذا التأثير بات يلعب دوراً فاعلاً في تشكيل الرأي العام الجزائري. وأشار إلى تغير جوانب معينة في المعطيات الإعلامية، حيث أصبح الإعلام الرقمي هو الموجِّه الرئيسي  للانتباه وتشكيل الآراء، مستبشرًا بفهم متقدم وواعٍ لدى الفرد الجزائري.

وبالحديث عن الشباب، ينقل آدم بوشمال رؤيته حيال دور الشباب في عصر التواصل الاجتماعي حيث شدد على أن الشباب أصبحوا لا يميزون بين حياتهم اليومية وعوالمهم الافتراضية، حيث تمتزج وسائل التواصل الاجتماعي بحياتهم بشكل لا يمكن تجاهله وعليه أظهر بوشمال تفهمًا عميقًا للمسؤولية الملقاة على عاتقه.

أهمية الأخلاق والمسؤولية في صناعة المحتوى

 في هذا السياق. إعتبر ذات المتحدث أن مواقع التواصل ليست مجرد منصات للتسلية، بل هي أدوات تأثير ذات مسؤولية وعليه، يؤكد على هذه المسؤولية ويقول :"أننا مُلزمون أمام الله وجمهورنا والمجتمع بتقديم محتوى يحمل قيمة مضافة" . كما حث على بناء الأفكار وتقديم المحتوى الذي يسهم في تطوير المجتمع بدلاً من تحطيم القيم والمفاهيم.

مع التأثير المتزايد، أشار بوشمال إلى إقبال ملحوظ من قبل الجمهور، ويتأكد من الأثر الإيجابي الذي أحدثته رسالته معتبرا أن هذا الاقبال يعكس تحولًا في تفضيلات المجتمع، حيث يقول: "كانت لدي فكرة سابقة بأن المجتمع يتجه دائما نحو المواضيع التافهة التي لا قيمة لها، والتي لا تتسم بالتوعية والأخلاق. لكن الآن، نرى تغيرًا إيجابيًا في هذا الاتجاه، حيث يظهر اهتمامًا متزايدًا بالمحتوى الذي يحمل قيمة توعوية وأخلاقية، وهو ما نعتبره حدودًا لتوجيه الاهتمام والتفضيل في المجتمع."

وبمجرد أن دخل آدم بوشمال عالم صناعة المحتوى والتفاعل مع الجمهور، اكتشف بشكل واضح التأثير الإيجابي المحتوى الذي يقدمه.

يروي تجربته قائلًا: "عندما انغمست في عالم صناعة المحتوى وتفاعلت مع الجمهور، وجدت تأثيرًا إيجابيًا بالفعل. هناك أفراد يستمعون بشغف إلى هذا المحتوى، يبحثون عن مضمون هادف و يتطلعون أيضًا إلى الشخص الذي يقدرهم ويقدم لهم محتوى ذا قيمة يفيد في الدنيا والآخرة، إن شاء الله."

وهو ما يبرز أن هناك جمهورًا يتوق إلى محتوى يثري حياتهم بفعالية ويرسخ قيمًا إيجابية في رؤيتهم.

الإبداع والتحدي: رسالة إلى الشباب من آدم بوشمال

وفي رسالته للشباب حفز كل من يرغب الى الولوج إلى عالم صناعة المحتوى بتحفيزهم على البدء في تحقيق أحلامهم وتجاوز التحديات ،حيث قدم نفسه كمثال حي على قوة الإصرار والتفاني في وجه التهميش والاستهزاء الذي واجهه في بداية مسيرته في صناعة المحتوى. كما شجع الشباب وذلك بعدم التحجج بقلة الإمكانيات أو الظروف غير المواتية نصيحته في بدء التنفيذ حتى في أقل الظروف، سواء كان ذلك في بيتك بدون استوديو أو كاميرا، مشيرًا إلى أن البداية البسيطة يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة بمرور الوقت.

وفي الاخير، شدد بوشمال على أهمية تقديم محتوى يرتقي بالمستوى الفكري والثقافي وتقديم محتوى إيجابي يحمل قيمة مضافة، مبرزا أن الإبداع يأتي من خلال تقديم محتوى يحبه الصانع نفسه، ويحث على التفكير في مدى تأثير المحتوى المقدم على المجتمع ، كما أن حسبه،  كل محتوى يحبه صانع المحتوى سيرافقه الإبداع وهو ما يصنع التميز .

وأشار إلى ضوابط هذا المحتوى وهو بتذكر دائما أن الله عز وجل يراك، و يراقب وأنك يوما ما سترحل وأن كل محتوى سيحمل تأثيرًا في الميزان الحسنات أو السيئات.

كما حث على التأمل في تأثير المحتوى على المجتمع والتساؤل عما إذا كان سيبقى للصانع بعد رحيله، وهو ما يعكس التزامه بالمسؤولية والأخلاق في صناعة المحتوى، وأخيرا قال كلمته الذي ألفه متتبعيه "سيرحل الصانع ويبقى المحتوى".