في رد رسمي على ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإخبارية، فند الرئيس المدير العام لعلامة السيارات باييك الجزائر، نور الدين سرياك، في إتصال مع الموقع الإخباري "بركة نيوز"، الإشاعة التي تحدثت عن نية نقل مصنع باييك بولاية باتنة إلى دولة تونس.

ضياء الدين سعداوي

 و أكد الرئيس المدير العام لعلامة باييك الجزائر خلال الإتصال الذي أجراه مع الموقع الإخباري بركة نيوز بأن“المعلومة مغلوطة تماماً” وأنها ناتجة عن “قراءة غير صحيحة للتصريحات السابقة” المنشورة في مقال سابق للموقع نفسه.

توضيح رسمي: لا نقل للمصنع... والشراكة مستمرة بقوة

وأوضح سرياك أن إنشاء مصنع لتركيب السيارات للعلامة الصينية العالمية باييك في الجزائر يعكس “الثقة الكبيرة المتبادلة بين الشريك الصيني ونظيره الجزائري”، مضيفاً أن هذا المشروع هو “نتاج لمجهودات مشتركة هدفها التأسيس لقاعدة قوية لصناعة سيارات حقيقية في الجزائر”.

وأشار إلى أن المصنع يسعى إلى رفع نسبة الإدماج المحلي التي تفوق حالياً 15 بالمئة، مع التخطيط لمشاريع توسعية تدريجية من أجل الإنتقال إلى صناعة حقيقية قائمة على نقل التكنولوجيا وتوطين الخبرات.

وقال سرياك بلهجة حازمة: “من غير الممكن بأي حال من الأحوال أن نسمح بنقل المصنع إلى أي دولة أخرى غير الجزائر، لأن المشروع هو إستثمار وطني بامتياز، نابع من قناعة راسخة بدور الجزائر في مستقبل صناعة السيارات في المنطقة.”

الثقة في الشريك الصيني… واستراتيجية تصدير متكاملة

أكد المتحدث أن الشراكة الجزائرية – الصينية مع علامة باييك ليست مجرد إتفاق تقني، بل هي مشروع طويل المدى يهدف إلى إدخال العملة الصعبة وتعزيز الصادرات خارج المحروقات.

وأضاف أن الإتفاقيات المبرمة مع الشريك الصيني تتضمن حق التصدير الحصري للسيارات المركبة في الجزائر نحو الأسواق الإفريقية والأوروبية، ما يمنح الجزائر موقعاً استراتيجياً في خريطة الصناعة الميكانيكية الدولية.

كما أشار إلى أن “باييك الجزائر” أبرمت اتفاق شراكة مع ممثل العلامة بجنوب إفريقيا لإنجاز مصنع جزائري-جنوب افريقي بولاية باتنة لصناعة قطع الغيار، وهو مشروع سيساهم في رفع نسبة الإدماج المحلي وتشجيع مناولين جزائريين على دخول السوق.

وأكد أن الشركة عقدت أيضاً اتفاقيات مع مؤسسات جزائرية ناشئة في مجال المناولة الميكانيكية وقطع الغيار، دعماً لسياسة الدولة الرامية إلى تنويع الإقتصاد الوطني.

سرياك: “نساند مسعى رئيس الجمهورية في بناء صناعة حقيقية”

جدد سرياك دعم “باييك الجزائر” للمسعى الذي يقوده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في سبيل تأسيس صناعة حقيقية للسيارات بالجزائر، مؤكداً أن الشركة “منخرطة كلياً في الإستراتيجية الوطنية للرفع من مداخيل الصادرات خارج قطاع المحروقات”.

وأضاف أن من أولويات المجمع المساهمة في خلق قيمة مضافة حقيقية عبر تطوير شعبة السيارات، وتحقيق الإكتفاء الذاتي المحلي، ثم التوجه إلى التصدير الإقليمي والدولي في المدى المتوسط والبعيد.

اجتماع تونس: توضيح للإلتباس

وبالعودة إلى الإجتماع الذي جرى الأسبوع الماضي بتونس، بين وفد باييك الجزائر والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشركة BAIC للتنمية الدولية المحدودة، ليو يين و بحضور الطرف التونسي، أوضح سرياك أن اللقاء كان “اجتماع عمل عادي” خصص لـ“مناقشة مستقبل علامة باييك في المنطقة المغاربية”.

وخلال الٱجتماع، قدم الجانب الجزائري عرضاً مفصلاً حول خارطة الطريق الوطنية لصناعة السيارات، التي وضعتها الدولة الجزائرية، والتي تقوم على قاعدة صناعية متينة تضمن استدامة النشاط الصناعي وتوطين التكنولوجيا.

وأكد سرياك أن الشريك الصيني عبر بوضوح عن تمسكه بالشراكة الجزائرية – الصينية، رغم العروض المغرية التي تلقاها من أطراف أخرى في المنطقة، على غرار العرض التونسي الذي اقترح احتضان مصنع جديد للعلامة، والعرض المغربي الذي تم خلال افتتاح معرض السيارات الأخير بالمغرب.

العروض الإقليمية لا تغير في المسار

كشف سرياك أن المدير الإقليمي لشركة باييك أبلغه بأن الطرف المغربي قدم عرضاً رسمياً لفتح مصنع بالمغرب، غير أن الرد الصيني كان واضحاً: “هذا الطلب سابق لأوانه، لأن الشراكة مع الجزائر قائمة وراسخة، ونحن متمسكون بها.”

وأوضح المتحدث أن هذه العروض تظهر المنافسة الإقليمية المتزايدة في مجال جذب الإستثمارات الصناعية، لكنها “لا تعني مطلقاً تخلي باييك عن الجزائر أو نيتها نقل نشاطها”.

وقال سرياك في هذا الصدد: “الجزائر كانت ولا تزال الشريك الأول لباييك في المنطقة المغاربية، ونحن ملتزمون بتنفيذ كل المشاريع المبرمجة هنا.”

تأخر الاعتماد… والعين على المستقبل

أما بخصوص التأخر في منح الإعتماد النهائي لمصنع باييك الجزائر بولاية باتنة، فقد أوضح سرياك أن الشركة “تتفهم الإجراءات التنظيمية التي تتبعها وزارة الصناعة لضمان شفافية العملية”، معبراً في الوقت ذاته عن أمله في “تدارك التأخر والإسراع في إصدار الإعتماد حتى يتمكن المصنع من الإنطلاق رسمياً في تركيب السيارات”.

وأكد أن التأخر في الإنطلاق “هو السبب الوحيد الذي دفع العلامة الصينية إلى الترخيص للطرف التونسي باستيراد السيارات مباشرة من الصين في الوقت الراهن، بدل استيرادها من الجزائر التي لم تبدأ بعد مرحلة الإنتاج الفعلي”.

رسالة تهدئة للرأي العام

وجه الرئيس المدير العام لباييك الجزائر رسالة طمأنة للرأي العام، قائلاً: “المصنع باق في الجزائر. الشراكة قائمة. المشاريع التوسعية مستمرة. والرهان الحقيقي هو الإقلاع الفعلي بمجرد منح الإعتماد.”

وأضاف أن كل الجهود تتركز حالياً على استكمال التحضيرات التقنية واللوجستية لضمان إنطلاقة قوية فور استلام الترخيص الرسمي، مؤكداً أن أولى السيارات ستخرج من خطوط الإنتاج “خلال أسابيع فقط بعد نيل الإعتماد”.

أفق مفتوح رغم الصعوبات

المعطيات الإقتصادية تشير إلى أن مشروع باييك الجزائر يمكن أن يحقق قفزة نوعية في قطاع السيارات بالبلاد، بالنظر إلى قدرته الإنتاجية المقدرة بـ40 ألف وحدة سنوياً، وإلى مساهمته في تشغيل أزيد من 1200 عامل مباشر، إلى جانب آلاف العمال غير المباشرين في شبكة المناولة والتوزيع.

الشركة تراهن على تسويق سيارات هجينة بمعايير عالمية وبأسعار تنافسية، موجهة خصيصاً للطبقة المتوسطة، مع ضمانات تتراوح بين 6 و10 سنوات، وخدمات ما بعد البيع تغطي 30 ولاية.

و قد أكد سرياك أن “باييك الجزائر” ستواصل السير في نفس الإتجاه، ضمن رؤية وطنية تسعى إلى تطوير الصناعة الميكانيكية المحلية وتحقيق استقلالية تدريجية في سلسلة القيمة الصناعية.وقال في ختام تصريحه:“كل الشركاء الأجانب يعرفون أننا نعمل بجدية وبإيمان كامل بمستقبل الصناعة الجزائرية. مشروعنا في باتنة لن ينقل. بل سيكبر هنا، على أرض الجزائر، لأننا نؤمن بأن المستقبل الصناعي الحقيقي يبدأ من هنا.”