395
0
أصناف الناس في رمضان
بقلم : الأستاذ سيد علي دعاس
قال الله - تعالى - : " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمُ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِق بالخيرات بإذن اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكبير".
لو أمعنا النظر في هذا الشهر المبارك إلى الصائمين من خلال تصرفاتهم، فإنه يمكننا أن نقسمهم إلى ثلاثة أصناف:
-1 صنف سابق بالخيرات يقضي شهره بين ركوع وسجود وتلاوة وصدقة وبر وصلة رحم وذكر واستغفار، خاضعا لربه تائبا منيبا ... فهؤلاء بلا شك هم الصنف الفائز برضا الرحمان في هذا الشهر الكريم. ومن أبرز سمات هؤلاء: المسارعة والمنافسة.
والمسابقة إلى فعل الخيرات، كما وصفهم الله سبحانه وتعالى:
" أَوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ". 2 صنف المقتصدين الذين لا يتعدون فعل الفرائض مع تقصير يدرك أعمالهم، فتصيبهم الحسرة بسبب ذلك التقصير يعلنون التوبة ثم يعودون إلى ما كانوا عليه من فتور، فهم في صراع بين نوازع النفس والهوى والشيطان، وبين حركة الإيمان في القلب وحياتهم تجدها بين مد وجزر وإقبال وإدبار، فما تقدموا خطوة إلا وتراهم يتراجعون أخرى، وهكذا هي حالهم خلال هذا الشهر، يكتفون بالفرائض ولا يسارعون إلى النوافل وقد يجرحون صيامهم بما قبح من مناظر ومنكرات.... ويتحشرون على فعلهم لإدراكهم عظم التقصير الذي أوقعوا أنفسهم فيه... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
صنف الظالمين لأنفسهم ممن ضيعوا بهجة الصيام، ولم يدركوا لذة القيام... فتراهم يصومون عن الطعام والشراب ولا تصوم جوارحهم عما يخدش الصيام، فألسنتهم حادة تشهد الزور... هذه غيبة وهذه نميمة وهذا سباب، وتجدهم ينطبق عليهم قول رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَدَعُ قَوْلُ الزورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهَل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةً فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابة".... يقضون نهارهم في النوم وليلهم في اللهو..... فتراهم ما بين فيلم هابط وأغاني ماجنة أو تسكع في الأسواق والطرقات... قد خرموا أنفسهم لذة الضيام والقيام... وهذا اسر في هذا الشهر، إلا أن يتغمدهم الله برحمته.
