259
0
أصابع جزائرية تُخَضُّ بها صحافة " زجاجة البيبسي"
الدكتور محمد مراح
هذا المقال جزءا مكمل للمقال السابق " صحافة "زجاجة بيبسي" نعرض فيه" لعينتين هما : العينة الثانية من صحيفة " العربي الجديد" التي تعرّف نفسها بالآتي ذكره :" لمحنا معالم زمن جديد، في الإنسان الذي ضاق ذرعًا بالخضوع لسلطوية رثةٍ، أفسدها الفساد، فتمرّد على جلاوزة القمع، وقال لا للبيروقراطية المتخلفة، ولنظام اللصوصية القائم على الزبائنية".
فأبسط إنسان سيقول هذا بيان تنظيم حزبي ثائر ، وعليه فلكل إنسان أن يسأل جهة الإصدار: إذا كان هذا في حدود الجغرافيا السياسية التي تصدر جريدتكم تحت قوانينيها المرعية، والطرف الممول ، فتحت أي غطاء قانوني أو أخلاقي منحتم أنفسكم الثورة على ما آلمكم خارج حدودكم المذكورة؟ وعليه لو كانت هناك مرجعيات أخلاقية إعلامية دولية لوسمتها بالوسيلة الإعلامية المتنهكة لأخلاقيات الإعلام ، والإعتداء على سيادة الدول .
فعلا فمضمونها الإعلامي سيسلكها ضمن صحف " زجاجة ببسي كولا " مُحْكمة الغلق كسابقتها . ولذا لاحظنا الدور الذي لعبته مع صحف عربية مهاجرة أثناء الحراك الجزائري؛ إذ كانت وفية لتقاليد الاتجاه العربي الوكيل للأطلسي الغربي ، ومشروع الثورات التي خططت لها المراكز والدوائر الأمريكية كما بات معروفا للجميع ، وكانت تتبنى وتدقع نحو اتجاه الثورة الجذرية ، والترويج لدعاة المرحلة الانتقالية في الجزائر ، والترويج للنموذج السوداني آنذاك، وقد كان مراسلوها من الجزائرفي تغطياتهم لمجريات الحراك الأسبوعية عند استطلاع أراء المختصين مثلا يحرصون على نقل أراء أنصار المرحلة الانتقالية بطريقة مفضوحة؛ الأغلب عددا ومساحة في التقرير لهذا الاتجاه ، مع ذر "رمادة "أو "رمادتين " من دعاة الحل الدستوري .
أحصيت آنذاك تقارير مراسلي تلك الصحف من الجزائر ، بعدما لاحظت الانخراط المزعج في الاتجاه العام لتلك الصحف الأسيرة لمآسى العشرية السوداء، لكن المادة التي جمعتها أتلفت بتهشم القرص الصلب الذي يحتويها ..
عينتنا هنا مقال مراسلها الجزائري فيما وصفه بـ"ترميم الجزائر لموقفها من التغيير السوري" فماذا كسرت الجوائر في البناء السوري المهدم بفعل حرب عالمية صامتة ، يكتب المراسل : "لم يكن الموقف الجزائري من سورية موفقاً. على الأقل هذا تقدير سياسي ليس عليه خلاف، حتى داخل المجتمع الدبلوماسي. قبل أسبوع من سقوط بشار الأسد، كان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف يهاتف وزير خارجية النظام بسام الصباغ، ليؤكد وقوف الجزائر مع دمشق ضد ما وصفه بيان وزارة الخارجية الجزائرية "التهديدات الإرهابية"، والمقصود بها كان قوات "ردع العدوان" التي كانت في طريقها إلى دمشق، لإراحة الشعب السوري من نظام بعثي ساقط أخلاقياً وسياسياً،كما يرى :" وصف قوات المعارضة تلك بـ"الإرهابية" بالمرجعية الأميركية، فتصنيفات واشنطن ليست بالمطلق مرجعاً لوسم الكيانات والأفراد" !!! ثم يثَنِّي مؤكدا حكمه "الأخلاقي "على الموقف الجزائري وإذا كانت بالمعنى السياسي، فهي قراءة متسرعة وغير حكيمة، ولا تنطلق من الحقيقة السورية التي كانت قائمة عشية سقوط الأسد، خصوصاً أنّ المعارضة السورية كانت قد أقامت نموذج حكم مدني في شمال سورية على نحو يعطي صورة واضحة أنها أبعد ما تكون عن معنى الإرهاب!!! ثم يؤكد مرة ثالثة حكمه :" وقد كانت تلك خطوة بلا معنى، وقراءة متأخرة للأحداث وغير موفقة بكل معيار سياسي ممكن." ثم يثني على موقفها بعد سقوط دمشق " تستدرك الموقف، في أعقاب سقوط بشار ودخول قوات المعارضة إلى دمشق. وحسناً فعلت في إعلان "وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق"، والدعوة إلى "الحوار بين أبناء الشعب السوري بكافة أطيافه ومكوناته".
لذا "ينصح" الجزائر بعد ان ذكّرها بموقف الشعبين الليبي والسوري خلال ثورة التحرير الجزائرية،بــ" لذلك يحتاج الموقف الجزائري من التطورات في سورية إلى ترميم سياسي ورسمي، بعد مواقف بالغت في الاندفاع لصالح النظام الساقط، وإلى جهد رصين لتصحيح الموقف وبناء قاعدة تعامل مع سورية الجديدة".
ثم يختم بنصيحة تحذيرية أو تهديد :" الدرس السوري الحقيقي، في هذا السياق، هو "تذهب الأنظمة، الشعوب تبقى". والوقوف مع الدولة، أياً كانت، (على غرار الدفاع عن حق سورية في مقعدها في الجامعة العربية)، أو رفض أساليب التغيير العنفي، لا يجب أن يتعارض مع مطالب الشعوب واستحقاقاتها. لذلك فإن بناء المواقف السياسية يتعين أن يأخذ هذا العامل باعتباره أساساً رئيسياً، بحيث لا تتصادم المواقف الجزائرية مستقبلاً مع قيم ثورة التحرير التي تقدس الحرية، ولا مع التطلعات المشروعة والحقيقية للشعوب." !!!
مقال المراسل الجزائري ، يقتضى المرء إفراده بالتحليل والنقاش ، لكنّنا نكتفى بملاحظات :
ــــــ يجب التسليم بأن المقال أقرب مايكون لتبليغ إعلامي من الجهات العليا الراعية للصحيفة عن موقفها من الموقف الجزائري: إستنكارا ثم استحسانا !!!
ـــــــ هل الجهة التي تكافيء جهد صاحب المقال أو مُبَلِّغَه مشبعة بالديموقراطية و الحرية؟ وما آخر "صيحاتها" في الديمقراطية النيبابية مثلا ؟
ــــــــ ألا يدرج هذا الكلام في علامة من علامات الساعة :" أن تلد الأمة ربتها " ؟ أن تُلَقَّنَ الجزائر ألف باء تحرر الشعوب ؟!!!! أم أنّ هذا مما يعرف في البلاغة العربية بتسمية أو وصف الشيء بضده تفاؤلا، وهي إحدى " تعميات " الأجهزة الاستعمارية ومراصدالصراع الفكري .
ـــــــــ أليس من علامات الساعة سياسيا أن تُنَبَّهَ الجزائر لموضع خطاها في قاموس مبادئ الديبلوماسية ، وتحرى وضع خطاها الديبلوماسية فيها؟
ــــــ إذا كان المقال تعبيرا حقيقيا عن فكر المراسل الجزائري ، فكيف يقنع العارفين بثوابت السياسة الخارجية الجزائرية في علاقاتها مع الدول ؛ كونها تتعامل مع الدول دون تدخل في شؤونها الداخلية . وأنها بمقتضى الأعراف الدولية ليست هي التي تقرر مصائر الدول ولا تحدد مواقفها من شعوبها ولا مواقف شعوبها منها ؛ فلو تزل قدمها عن هذه البدهيات في القانون والأعراف الدولية فستبيح سيادتها وحريتها وأمنها لمن لا يرضى عن سياساتها ولو كان الكيان الغاصب لنصرتها للقضية الفلسطينية .
ـــــ ألم تكن الجزائر هي الدولة الثانية بعد سوريا المرشحة لموجة الثورات الأطلسية الغربية ؟ ألم يهدد رئيس ديبلوماسية دولة بذلت ما يفوق المائة مليار دولار لإسقاط النظام السوري، رئيس الديبلوماسية الجزائري مدلسي رحمه الله مباشرة بكل عنجهية وصلف بل وحقارة قائلا :" اليوم سوريا وبعدها الجزائر" ؟ ذكر الصحفي عبد البارئ عطوان ما قاله له شخصية نافذة ، لقد أُعِدّكلّ شيء للجزائر بعد سوريا : الملفات جاهزة والصحف والقنوات .
ــــــ هل يعيى المراسل الجزائري { إن كان هو فعلا كاتب المقال ، لا مبلغ رسالة سياسية ديبلوماسية} ما يقول ، إذ يغمز في تحذيره دولته في قوله السابق " فإن بناء المواقف السياسية يتعين أن يأخذ هذا العامل باعتباره أساساً رئيسياً، بحيث لا تتصادم المواقف الجزائرية مستقبلاً مع قيم ثورة التحرير التي تقدس الحرية" ؟ هل قيم ثورة التحرير نصرة الكيانات الإرهابية { والكيان الذي أسقط النظام لا يزال هكذا تصنيفه دوليا } .
ــــــــ هل يرى المراسل الجزائري تنظيم "رشاد " الإرهابي مثلا لو واتته ظروف مشابهة لجبهة النصرة ودخلت على ظهور دبابات الناتو ـــــ لاقدر الله ــــ ستكون حركة تحرير وطنية ، كجبهة التحرير وجيش التحرير الوطنيين؟
ــــــــ ذكّر المراسل الجزائري لـ "العربي الجديد "الجزائريين بمواقف الشعبين السوري والليبي إزاء ثورتنا المجيدة؛ غمزا للموقف الجزائر المتخاذل من "تحريرهما" على يد الناتو اليوم ؟ هل يحتاج هذا المراسل تذكيره بحال ليبيا ، بل حال سوريا المحتلة اليوم من الكيان وأمريكا ومن صرح بعد سقوط دمشق أمام برلمانه أن بلده لن يظل محصورا في مساحته . ؟
العينة الثالثة مقال لباحث اجتماعي كبير ، عرف بتفكيره الناقد للسلطة برصانة وحكمة . ولعب دورا توجيهيا أثناء الحراك . وبعد التطورات التي حصلت في الساحة السياسية ، صار ينشر في صحف عربية خصوصا القدس العربي الشهيرة ؛ صار من كتاب الرأي الدائمين فيها .
لصحيفة "القدس العربي " ــــــ اعتذر للقدس الشريف ــــ منذ استولى عليها المال الخليجي ، بعد أن أجبر عبدالبارئ عطوان صاحبها ومؤسسها على بيعها لما ضاقت عليه الظروف بما كَبَسَتْ ، مسار حافل من الخزي والخسة المخزنية وبعض الاعرابية والأطلسية إزاء الجزائر؛ تحولت في السنوات الأخيرة الماضية إلى غرفة استخبارات "صهيونوية مخزنية" تطلق مساعير " كُتّابٍ" وصحافيين وسياسيين ضد الجزائر ، نهشا وتحرشا وفجورا لا مثيل له إلا في صحيفة العرب اللندنية والصحافة اليمينية الفرنسية . نشير إلى الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي الذي استغل الحراك وتحول إلى بوق تحريض وأكاذيب وتهم حقيرة مفتراة على الجزائر ، مما أثار شرفاء الصحافة والكتاب للرد عليه وفضح خسيسته، وقدأَدَنَّاه بالأدلة من أقواله بما افترى على الجزائر أنها التي لاقت منها الثورة على بن علي ما لم تلاقيه من الإمارات ، وكان قبل أسابيع قليلة من انطلاق الحراك وتصريحه الكاذب ، في حوار مع الخبر يتحدث بلسان الشكر والامتنان لما قدمته الجزائر لتونس في الظرف العصيب. واغتنم ُ الفرصة هنا لأقول ، أثناء إقامتي في قطر أستاذا في كلية الشريعة بجامعتها ، حضرت محاضرة للمرزوقي في شهر أوت 2018 نظمها له مركز سوري في قطر يسمى "حرمون"، وكان الحضور كثيفا ؛ لكني لاحظت ضيق القاعة ، فأخذتني حمية ، وشعرت بشيء من الغبن الذي يعكسه المكان ؛ كيف يحشر فيه رئيس سابق ومثقف ومناظل ، {بالعامية التبسية : نغرت عليه}؛ فلاحظت كل المخاطبين له كأنما يتجاهلون مقامه السابق { رئيس جمهورية سابق}، فتعمدت في مطلع تعقيبي عليه استخدام الكلمات :{ فخامة الرئيس وسيادة الدكتور والحقوقي } ، لكني لاحظت في رده على التعقيب نوعا من البرودة عند ذ كر الجزائر . وفعلا انتهى به الأمر إلى التقديم لكتاب أعدته حركة "رشاد" ردا على كتاب " من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الحراك الجزائري" للدكتور أحمد بن سعادة.
في هذا السياق برز اسمان جزائريان ينشران مقالات في القدس العربي أحدهما الباحث وأستاذ علم الاجتماعي صاحب العينة ،في مقاله الأخير :" لماذا يتأخر الإصلاح السياسي في الجزائر؟" 29/12 /2024 نقتصر على منه على موضوع مقالنا: جو "الهالة النفسية" التي تتكاثف عبر مقالات الكاتب الوفيرة ، تُضبّب بالعفو الرئاسي في غير " وقته المعتاد" بسبب ما وصفه بتورط الجزائر بسجن صنصال !!! ومنه هنا تتاكثف غيوم المقال إلى تشنج سياسي احتجنه هاشتاق " ما نيش راضي " الذي ربطه الرئيس وربطه بالمغرب ، ورد الطرف الموالى للسلطة بهاشتاق مع بلادي . مقابل هروب الدولة من التطرق لقضايا البلد الجدية، التي تؤكد أن الجزائر في حاجة الى إصلاحات سياسية عميقة. وتخرحبات السبحة المألوفة : مثل أن النظام يستعصي على الإصلاح ويقاومه بشتى الطرق، والغمز المعروف من سيطرة الطرف العسكري على الأمور وتغيير الطرف المدني { الرئيس طبعا} ككل مرة. ووهو ما يزيد في منسوب الغموض الذي يكتنف صناعة واتخاذ القرار الرسمي في البلد. وهكذا التدحرج في رسم الهالة السوداء للأوضاع ، ويدعى مثلا : أن النظام هجّر الكفاءات الشابة { عنوة } ، و أن ولاة الجمهورية وهم يلاحقون زجاجات البيرة الفارغة في بلعباس وتيارت.
الفشل في التكيف بالسرعة المطلوبة مع المتغيرات الدولية، التي تكاد ترسخ الصورة التي يقدم بها الإعلام الدولي النظام السياسي الجزائري، كنظام من بقايا فترة الحرب الباردة، يحكمه شيوخ في مجتمع شاب، كما كان الحال مع العم برجينيف وبودغورني، في الاتحاد السوفييتي القديم.
لنصل لجوهر المقال وهو :" في وقت تملك فيه الجزائر مؤهلات فعلية للانطلاق لمواكبة التحولات الدولية إذا عرفت كيف تتكيف وبسرعة مع مطالب شعبها، الذي ما زال لحد الساعة، ونحن على أبواب سنة جديدة، يطالب بالتغيير السلمي، الذي يجب أن لا يتأخر أكثر مما تأخر، لأن مصلحة البلد تقتضي ذلك، قبل فوات الأوان".
إذن مجمل الخطاب متساوق مع حدث الساعة ، استخدم فيه صاحبه مجموعة رموز دالّة تذهب رأسا للمعادلة مع الحالة السورية : النظام الشمولي ـــ البرودة السوفياتية ــــ عتاة القادة السوفيات رغم شيخوخة ويقابلها في الحالة الجزائرية القيادة المدنية { الرئيس } والعسكرية قيادة الأركان ـــــ التخلف عن العصر ـــــ الاستبداد والاستعصاء عن التغيير ـــــ تنكب الأمور الجدية ـــــ المصير المحتوم سقوط السوري = سقوط الجزائري بمقتضى سنة الحتمية السياسية .
الأمر ليس في حاجة لدخول مسار جدلي مع الكاتب حول لوحته القاتمة السواد؛ بعرض الأدلة المبددة لكثير منها كما فعلنا معه من قبل .فهو يستيقن في قرارة نفسه متى يكون منسجما مع الحقائق والوقائع والقيم الأكاديمية النبيلة ، ومتى يكون مفارقا لها أو لبعضها أو متناقضا مع قناعاته الداخلية ، مع ملاحظة حالة الإنكار غير الأخلاقي لمنجزات كثيرة في عهد الرئيس تبون التي سيرت به جائحة كوفيد 19 بما يمكن وصف بتسيير حالة حرب مفاجئة مع حرب بقايا العصابة وأذرعها ، ومنجزات جبارة في المجالين الاقتصادي والصناعي والفلاحي ، غيرت وجه البلاد ، تعكسها التقارير والتصنيفات الدولية للاقتصاد الجزائري، وإطلاق مشروعات عملاقة في مجالات المناجم والطاقة في ظروف عالمية مضطربة على درجة من الخطور ة لم يعرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية كما قال بحق السيد أحمد عطاف .وإتمام المسجد الأعظم ليكون رمزا لانتصار الهلال على الصليب ، وفي مجال الطاقة الخضراء مستقبل العالم . والمشروعات الفلاحية العملاقة بالشراكات الضخمة { لعل الأستاذ الكبير يسلم بأداء الذكاء الإصطناعي / الرواية المغربية في الترويج لها ــــ . والشروع في تنصيب مصافي عملاقة لتحلية المياه . أما الكفاءات التي هجرت قصرا ، هل هانت على أصحابها كراماتهم فعادبلقاسم حبة عالم مئات براءات الاختراع ليفتح معهدا في بلده ، ويطوف الجامعات يلقى المحاضرات على الطلاب ، و وفود فرق ألمع الأساتذة والباحثين المفيمين بالمهجر على بلدهم لتنشيط لقاءات علمية رفيعة في أدق التخصصات العلمية ومرافقة الطلاب والباحثين لإنحاز بحوثهم وربطهم بمخابرهم وجامعاتم الكبرى ، وإذ رأي الباحث والمعارض العظيم أن هذا من نفخ النظام في الوقائع والأحداث؛ فكيف يكون قوله نزيها أمام مشهد سهرة كلّ خميس على قناة البلاد برنامج " علمتني الحياة "الذي يعده االصحفي الشاب الخلوق يوسف زغبة يقدم قصص نجاح علمائنا الأجلاء في كبرى الجامعات الذين يعرضون بأنفسهم نجاحاتهم ، ويذكرو ن أفضال بلدهم عليهم ، ويعرضون مشروعات شراكات كبرى مع أقرانهم في الجزائر هل يمكن القول بعد كل هذا : يبدو أن هناك عوامل أخرى ما ورائية هي المحدد الفيصل للمعادن .
وفي السياسة الخارجية إنطلاقة صاروخية أعادت للجزائر مجدها الديبلوماسي، وامتداداتها الإفريقية والعربية والعالمية .وبعث التصدير خارج الطاقة رويدا رويدا. أما في مأساة غزة و فلسطين فالمحترمون رأوا كيف حولت الجزائر جلسات مجلس الأمن إلى جلسات مفتوحة . أما تهنئة البطل الشهيد السينوار للرئيس على فوزه فرمزية لايبصرها أهل الأهواء و المشروعات الأطلسية . في محاضرة بالمنتدى العربي بالأردن للدكتور وليد عبد الحي عالم المستقبليات العربي الأول ذكر أنه جلس مع زميل سابق وهو مسؤول جزائري كبير حدثه أنه خلال رحلة الرئيس تبون لدولة عربية كبيرة ، جلسنا مع رئسها ، قال له الرئيس تبون إننا على استعداد على مد غزة بالبترول والغاز مدة عام كامل دون أي مقابل عبر المياه الإقليمية لهاته الدولة العربية الكبيرة،وظل يحاول معه ساعة ونصف دون جدوى.{رابط الفيديو https://youtu.be/484Ti_OK2Zg
لكن كاتبنا يبدو أن اهتمامه بولاة يتابعون زجاجات خمر ملقاة على حواف الطرقات ، وتبليغ قرائه غير الجزائريين قاموسنا الشعبي السوقي كالشيتة ، وأرقه من انتشار الحجاب في مدرسة المعلمين ، حجبت عنه المنافذ عن رؤية الحقائق والوقائع كاملة . ولست أدرى كيف يكون موقفه أمام قرائه من غير الجزائريين إذا اطلعوا على هذه الحقائق ، وهو يخبرهم عن ابتعاد الدولة الجزائرية عن التطرق لقضايا البلد الجدية!!!
لكنّ خطابه كله يدل على أنه شديد الحذر ألا يقع فيما يُخل بالتزامات ما مع القطب الديمقراطي الغربي الأطلسي، من خلال بعض جمعيات مؤسسات المجتمع المدني / الأهلي { مبادرة الإصلاح العربي التي رأسها كاتب المقال لفترة } العربيةالناشطة بحثا واستقصاء وتحيللا ورسم برامج تطوير وتغيير للعالم العربي في الاتجاه المذكور. الذي هو الآن في مرحلة اختبار نموذج تكتيكي يبدو جديدا في جوانبه الشكلية . وهو ما يفسر التناغم بين العينات الثلاث . والذي يطلع على ما تنشره { مبادرة الإصلاح العربي/ مقرها باريس} من مقالات عن الجزائر كلها بلا استثناء ناقمة على حرص الدولة على البعد الاجتماعي في سياساتها ، والنقد الإيديولجي العرقي أحيانا { رغم أنها عربية {!!!والدفع نحو التوجه الغربي الأطلسي والشرق الأوسط الجديد . والليبرالية المتوحشة .