14
0
التوازن بين الإصلاح المالي والبعد الاجتماعي محور مداخلات رؤساء المجموعات البرلمانية
جلسة علنية لمناقشة قانون المالية 2026

أشاد رؤساء المجموعات البرلمانية بمجلس الأمة، اليوم ، خلال الجلسة العلنية المخصصة لتدخلاتهم حول نص قانون المالية لسنة 2026، بالتدابير الواردة في المشروع، معتبرين أنها من شأنها دعم ديناميكية نمو الاقتصاد الوطني وتنويعه خارج قطاع المحروقات مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.
نسرين بوزيان
وبعد استنفاد قائمة المتدخلين، استمع أعضاء المجلس إلى مداخلات رؤساء المجموعات البرلمانية.
رؤية لإصلاح اجتماعي وتوزيع عقلاني للموارد

في هذا السياق، قال رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، ساعد عروس، إن نص قانون المالية لسنة 2026 وما تضمنه من رؤى وتدابير مالية وجبائية يعد وثيقة سياسية تعكس فلسفة الدولة في حماية الأمن الاجتماعي وترسيخ العدالة، بالتوازي مع الإصلاح المالي والتوزيع العقلاني للموارد.
وأوضح أن الحكومة حافظت على الطابع الاجتماعي للميزانية من خلال توجيه تحويلات معتبرة لصالح الجانب الاجتماعي، عبر دعم منحة البطالة، ومراجعة الأجور والمنح، وضمان وفرة المواد ذات الاستهلاك الواسع، ومواصلة المشاريع الاستثمارية العمومية الكبرى. مضيفا أن الإصلاح الاقتصادي في الجزائر لن يكون على حساب العدالة الاجتماعية، بل في خدمتها.
كما أشار إلى أن النص ركز على مواصلة إصلاح المنظومة الجبائية عبر توسيع الوعاء الجبائي وتحديث النظام الجمركي بما يتماشى مع الأهداف الاقتصادية والاستثمارية للدولة.
مؤكدا أن الحاجة اليوم أصبحت ملحة لقطاع مالي عصري وفعال ينتقل من دور الوساطة التقليدية إلى دعم حقيقي للتمويل وللمشاريع، خاصة المؤسسات الناشئة والمبادرات المبتكرة، وذلك من خلال رقمنة المعاملات وتعميم الدفع الإلكتروني وتبسيط الإجراءات.
وشدد عروس على ضرورة إدماج السوق الموازية في الدورة الرسمية للاقتصاد الوطني، انسجاما مع رؤية رئيس الجمهورية،السيد عبد المجيد تبون، الهادفة إلى بناء دولة عصرية قائمة على الشفافية والنجاعة واقتصاد المعرفة، موضحا أن التحول الرقمي لم يعد خيارا تقنيا أو إداريا بل أصبح قاعدة لصناعة القرار الوطني الرشيد.
البعد الاجتماعي واستقرار البلاد دعامة الرؤية المالية

من جانبه، أكد رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة المستقبل، عصام نشمة، أن النقاش حول المشروع لا يتعلق بمجرد المرور على قانون مالي، بل برؤية شاملة تقوم على مسارين متكاملين إصلاحات هيكلية تمس المنظومة الاقتصادية والمالية، وترسيخ الدولة الاجتماعية عبر زيادات الأجور، وتعزيز التحويلات الاجتماعية، واستحداث وتدعيم منحة البطالة حماية للفئات الهشة وللشباب.
وأوضح أن الكتلة المالية الموجهة للجانب الاجتماعي تؤكد تمسك الدولة بطابعها الاجتماعي، مبرزا أن الاستقرار المالي والاقتصادي لا يمكن فصله عن الدور المحوري للجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية في حماية أمن البلاد واستقرارها، وهو شرط أساسي لبناء رؤية مالية متوسطة وطويلة المدى.
وأضاف أن البلاد تواجه تحديات ملموسة في مجالات الشغل والسكن والخدمات العمومية والقدرة الشرائية، غير أنها تمتلك في الوقت نفسه فرصا حقيقية ترتبط بالموارد الطبيعية والموقع الجغرافي والمشاريع الطاقوية واللوجستية والزراعية والرقمية.
وأشار إلى أن نص قانون المالية لسنة 2026 يأتي في سياق لتحديد موقع الجزائر ضمن موازين اقتصادية دولية جديدة، موضحا أن الميزانية الإجمالية التي تقارب 17 ألف مليار دينار، رغم كونها تفوق الموارد العادية المتاحة، لا ينبغي النظر إليها بمنطق المحاسبة فقط، بل باعتبارها تحديا وفرصة تستدعي إصلاحا موجها أكثر دقة يعتمد على منظومة معلومات اجتماعية وجبائية شاملة، بما يجعل موارد الدولة أداة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين أثر الإنفاق على حياة المواطن.
تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية مستدامة

بدوره ، قال رئيس المجموعة البرلمانية للأحرار، بطاهر لزرق، إن البلاد شهدت ديناميكية اجتماعية لافتة من خلال سلسلة قرارات تهدف إلى تحسين القدرة الشرائية عبر رفع الأجور والمعاشات ودعم الفئات الهشة ورفع منحة البطالة لأول مرة، وهو ما اعتبره اجراء نوعيا موجها لدعم الشباب ومرافقتهم نحو العمل الكريم.
وأوضح أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يعد من أكبر الموازنات في تاريخ الجزائر، يعكس رؤية الدولة في دعم التنمية الاجتماعية وتعزيز الاستثمار وتنويع الاقتصاد وضمان الاستقرار.
وأضاف أن الميزانية العامة التي تتجاوز 17 ألفًا و600 مليار دينار تبرز التزام الدولة بضخ استثمارات واسعة في القطاعات الحيوية، والسعي إلى تحقيق توازن مالي وتقليص العجز، مؤكدا أن هذا الحجم المالي يعكس رغبة الدولة في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات العالمية وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
وأشار إلى أن السياسات الاجتماعية المتضمنة في المشروع تعكس حرص الدولة على تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق بين شرائح المجتمع ووضع المواطن في صلب الاهتمامات.
كما أوضح أن السكن أصبح أولوية وطنية من خلال تخصيص برنامج ضخم يضم مئات الآلاف من الوحدات بمختلف الصيغ، إلى جانب تمويل مشاريع البنى التحتية في الولايات الداخلية لتحسين نوعية الحياة وتقليص الفوارق التنموية.
مشددا على أن حجم الاستثمارات الموجهة لقطاعات المناجم، لاسيما مشروع غار جبيلات، والفوسفات والصناعات التحويلية، إضافة إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، يعكس توجه الدولة نحو تنويع الاقتصاد وتعزيز دوره في خلق الثروة ومناصب الشغل.

