77
0
التحولات الايديولوجية والدينية في المجتمع الصهيونى تدفع نحو المزيد من التطرف
بقلم : نضال خضرة
تعود نشأة الحركات الصهيونية الدينية والقومية،والحركات الصهيونية المتطرفة في كيان الاحتلال لما قبل نكبة فلسطين عام 1948 وتحديداً في بداية مطلع القرن التاسع عشر، ينقسم المجتمع الديني في دولة الكيان الي قسمين، الأرثوذكسية الدينية القومية التي تسمي" الحردال " و الأرثوذكسية المتطرفة، والتي تسمي"الحرديم "ويعد امتداد الأرثوذكسية المتطرفة ،"الحرديم" الي حزب اغودات (اسرائيل)، وحزب هبوعيل اغودات اسرائيل، اللذان تم تأسيسهم ما بين العام 1912 الي العام 1922، والتي تعد كل من حركة شاس، وحركة يهودات هتوراه، امتدات لهذه الحركات، اما الحركات الأرثوذكسية الدينية القومية "الحردال" والتي نشأت في مطلع القرن العشرين تحديداً، في العام 1902 الي عام 1918 اي قبل نكبة فلسطين عام 1948 بأربعون عاماً ونشأت تحت مسمي، حركة همزراحي، وحركة هبوعيل همزراحي، كاحركات صهيونية دينية متطرفة معارضة للتيار العلماني الصهيوني وتحمل شعار ( ارض اسرائيل لشعب اسرائيل ) بموجب شريعة اسرائيل ،وايضاً شعار (التوراة والعمل) اي الايمان والعمل، ومن بين الآراء الاخرى التي نادوا بها ان اليهود أُمّة مميزة عن بقية الأُمم وذلك يعود الى ان الله بنفسه اوجدها، فهي الأمة اليهودية تخص الله، وان اتحاد الكيان اليهودي الحقيقي يكون فقط بتوجيه الفكر اليهودي نحو التوراة وفلسطين باعتبارهما ركنين مهمين للغاية في تاريخ وحياة الأُمة اليهودية، وتعد كل من الأحزاب الصهيونية، عتسوما يهوديت،والصهيونية الدينية، امتداد لهذه الحركات المتطرفة. اليوم بعد اكثر من 76 عام على قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين التاريخية،بدأت تظهر تحولات كبيرة على المجتمع الاسرائيلي، تحولات تدفع المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف الديني والقومي على حد سواء اضافة الي التقاطعات والقواسم المشتركة التي تجمع كل من الحركات اليمينية، والحركات الصهيونية الدينية، والصهيونية المتطرفة.
أحد أسباب التحول "المتغيرات الديمغرافية في الكيان الصهيوني "
هناك متغيرات ديمغرافية مهم التطرق لها،والتي بدأت تطرأ على المجتمع الصهيونى، أبرز هذه المتغيرات خروج اكثر من مليون اسرائيلي من الكيان الصهيونى منذ عملية السابع من اكتوبر، وهؤلاء الذين خرجوا سواء بشكل مؤقت او بشكل دائم، غالبيتهم من الصهاينة الغربيين و المحسوبين علي النخبة العلمية ومن أصحاب المال والأعمال في المجتمع الإسرائيلي، وغالبيتهم ينتمون للتيار العلماني في الدولة . هؤلاء خروجهم احدث خلل كبير في التأثير السياسي والمجتمعي في الكيان الصهيونى وأعطوا مساحة معقولة للأحزاب اليمينية الصهيونية الدينية ،والأحزاب الصهيونية المتطرفة، كجماعات متماسكة اجتماعياً في الكيان الاحتلالى، تحديدا الصهيونية الدينية والذي ويتنامي عدد أفرادهم بشكل مرتفع في المجتمع الاسرائيلي،و يشكلوا ما يقارب 13% من تعداد السكان ومن المتوقع أن تصل أعدادهم في غضون الثلاثين عاما القادمة الي 33 % من تعداد السكان أي ثلث عدد السكان. بمعزل عن تعداد أعضاء الصهيونية الدينية القومية. التي لا توجد احصائيات دقيقة لرصد أعدادهم في المجتمع الاسرائيلي،اضافة لعدم التطرق لنسبة قوى اليمين سواء الليكود،و( اسرائيل بيتنا ).
"الهجرة المعاكسة من الخارج الى الداخل، سيما بعد أحداث السابع من اكتوبر"
هناك هجرات معاكسة ايضاً دفعت عدد كبير من اليهود اليمينيين والمتدينين والمتطرفين الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا بالعودة الي الكيان الصهيونى بسبب هويتهم الصهيونية الدينية الفجة في المجتمعات الغربية، وعدم احتمالهم العيش في تلك المجتمعات بسبب سقوط الرواية الصهيونية والكراهية التي بدأت تتنامى وتتصاعد ضد اليهود ،وفقدان امنهم الشخصي في المجتمع الغربي منذ عملية السابع من اكتوبر تشرين من العام 2023. وهذا بحسب دائرة الهجرة في الكيان الصهيونى وهذه الهجرة المعاكسة تسببت في ارتفاع سعر العقارات في دولة الكيان بنسبة 11% برغم تردي الاوضاع الاقتصادية في الكيان الصهيوني .وبذالك نستطيع القول ان هناك عملية احلال وإبدال في المجتمع الاسرائيلي ما بين،من خرجوا بعد عملية السابع من اكتوبر،من النخبة العلمية ورجال المال والأعمال والمحسوبين،على القوى العلمانية والليبرالية في الدولة،وما بين من عادوا من اليهود الفقراء اليمينيين والمتدينين والمتطرفين الي الكيان الصهيونى، وهذا سيكون له تأثيرات إستراتيجية على تركيبة المجتمع الإسرائيلي ديمغرافياً وتعزيز جنوحه أكثر نحو اليمن، واليمين الديني والقومي ، واليمين المتطرف.
تصنيف الفئات في المجتمع الصهيوني
بلغ عدد سكان دولة الكيان مع نهاية سبتمبر 2023 نحو 9 ملايين و795 ألف نسمة،و عدد السكان العرب في إلكيان الصهيوني 2 مليون و48 ألفا، بينهم 400 ألف في الأراضي المحتلة. ويمثل عرب 48 نسبة 21% من سكان الكيان الصهيونى البالغ عددهم 9 ملايين و727 ألف نسمة.15. ويبلغ تعداد الطائفة الدرزية في إسرائيل نحو 152000 نسمة، وهناك اقليات ما بين مسيحيين وشركس وآخرون 20000 نسمة، ويتبقى عدد سكان دولة الكيان من الصهاينة 7 مليون و400 ألف صهيوني . لو افترضنا ان هناك مليون صهيوني غادرا دولة الكيان منذ السابع من اكتوبر، يتبقى 6 مليون و400 صهيوني، في حال أخضعنا هذه النسبة وفق آخر استطلاعات هيئة البث في دولة الكيان، فان توزيع المقاعد جاء على النحو التالي:
معسكر الدولة برئاسة بني غانتس (23 مقعد ) (يمين وسط )
الليكود برئاسة نتنياهو
(22 مقعد) (يمين )
يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد
(14 مقعد) (يمين وسط)
( اسرائيل بيتنا ) برئاسة ليبرمان (14مقعد)(يمين)
شاس برئاسة ارييه درعي (10 مقاعد) (يمين ديني)
العظمة اليهودية برئاسة بن غفير ( 8مقاعد)(يمين متطرف)
حزب الديمقراطيون برئاسة يائير غولان
( 8 مقاعد) (كتلة اليسار واليسار وسط)
يهودية التوراة (7 مقاعد)
القائمة العربية الموحدة (5 مقاعد )
قائمة الجهة والعربية للتغيير
(5 مقاعد )
الصهيونية الدينية سموترتش
(4 مقاعد )
(يمين متطرف)
وهذه الاستطلاعات تؤكد ان بالحد الادني،اليمين واليمين الصهيوني، الديني،واليمين الصهيوني المتطرف يتجاوز عدد مقاعدهم في الكنيست (75مقعد)، لكن هذا لا يعني ان هذه القوى من الممكن ان تتفق سياسيا مع بعضها البعض ولكن الخطر في المنظور الاستراتيجي هو غياب القوى العلمانية واليسار في المجتمع الصهيوني وتصاعد اليمين، واليمين الديني، واليمين الصهيوني. كل المؤشرات السابقة تؤكد ان دولة الاحتلال ذاهبة نحو التطرف الديني والقومي،سيما اذا أضفنا أعداد المهاجرين الذين عادوا الي الكيان الصهيونى من الفقراء المحسوبين على اليمين،والصهيونية الدينية القومية والصهيونية المتطرفة، على حد سواء، والذين حلوا مكان العلمانيين الذين غادروا الكيان الصهيونى، بالإضافة الي عوامل كثيرة أبرزها تداعيات احداث السابع من اكتوبر. إضافة الي تصاعد تراجع المجتمع العلماني واليساري في الدولة بسبب التفكك الاجتماعي من جانب والميول والعزوف عن الزواج وبناء الأسرة والميول نحو المثلية الجنسبة. في مواجهة مجتمع حريدي وحردال متماسك اجتماعياً ويميل نحو الأسرة والإنجاب.كل هذه العوامل ستساهم في العشرين عام القادمة لتنامي النزعة الدينية والقومية في المجتمع الصهيوني وتحولها الي دولة ثيوقراطية.