541
0
الصّوم يُحرّرنا من عُبودية العادة
بقلم الاستاذ سيد علي دعاس
فِي أَجْوَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَك، وفِي رِحَابِ لَحَظَاتِهِ وَلَيَالِيهِ... نَتَعَلَّمُ مِن الصَّوْمِ دُرُوسًا في الحَيَاةِ، وَدُرُوسًا لِلْعُمْرِ، تَحْضِيرًا لِلنَّتَائِجِ المُسْتَقْبَليَّةِ.
فَلِكُلٍّ مِنَّا فِي حَيَاتِهِ عَادَةٌ مُسْتَحْكَمَةٌ، قَدْ تَكُونُ مُحَلَّلَةً وقَدْ تَكُونُ مُحَرَّمَة. لذلك عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ الصَّوْمِ فِي أَنْ نَتَحَرَّرَ مِنْ عُبُودِيَّةِ العَادَة حتّى لا نَكُونَ عَبِيدًا لِعَادَاتِنَا؛ لِأَنَّ عَادَاتِنَا قَدْ تَضْغَطُ عَلَيْنَا، حتّى تَشُلَّ كُلَّ قُدُرَاتِنَا، عَلَى المُسْتَوَى الصِحِّي وَالاِجْتِمَاعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ.
فَفِي الصَّوْمِ تَنْتَصِرُ -أَخِي الصَّائِمْ-؛ تَنْتَصِرِينَ -أُخْتِي الصَّائِمَة- عَلَى عَادَاتِكُمَا مَهْمَا كَانَتْ. لَاسِيمَا مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِعَادَاتِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ اليَوْمِيِّ.
فَإِذَا كَانَتْ تتحكّم فيك عَادَاتٌ سَيِّئَة تَضُرُّ دِينَكَ، وصِحَّتَكَ، وَعَقْلَكَ، وَأَوْضَاعَكَ الاِجْتِمَاعِيَّة... فَاِسْتَعِنْ بِالصّيام فِي مُحَارَبَةِ عَادَاتِكَ اليَوْمِيَّة السّلبية... وَلَنَا مِثَالٌ فِي ذَلِكَ لِمَنْ اِبْتُلِيَ بِآفَةِ التَّدْخِين، فَهَذِهِ فُرْصَةٌ لَهُ لِكَيْ يَتَحَرَّرَ مِنْ هَذِهِ العَادَةِ السَّيِّئَة بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُسْتَحْكِمَةً فِيهِ، فَلَا يسْتَطِيعُ أَنْ يُمَرِّرَ رُبْعَ سَاعَةٍ مِنْ دُونِ أَنْ يُشْعِلَ سِيجَارَةً أَوْ دُونَ أَنْ يَضَعَ "رفعة شمّة".
فَهَذِهِ فُرْصَةٌ لَكَ أَخِي الصَّائِمْ، لأنّ شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَك يَقْلِبُ كُلَّ عَادَاتِكَ وَيُغَيِّرُهَا...
ولكن... ما نأسف له! هو أنّك أيّها الصّائم المبتلى بِهَذِهِ الآفَات، تَتْرُكُهَا مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى المَغْرِب. فَلِمَاذَا بِمُجَرَّدِ أَنْ يرفع الآذَان تَبْدَأُ بِهَا مباشرة؟!
إِذَنْ، اِسْتَفِقْ أَخِي الصَّائِم... حَتَّى لَا َتكُونَ عَبْدًا لِهَذِهِ العَادَة وَلِهَذِهِ الآفَة... فَإِنَّ رَمَضَانَ فُرْصَتُكْ.
إِخْوَانِي الصَّائِمِين، أَخَوَاتِي الصَّائِمَات:
إِنَّ الله - تَعَالَى- يُرِيدُنَا كَمُؤْمِنِينَ أَنْ نَكُونَ أَحْرَارًا... وأَلَّا يَضْغَطَ عَلَيْنَا أَحَدٌ إِلَّا إِيمَانُنَا...
فَالمُؤْمِنُ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ الله أو نَهْيُه يَكُونُ حُرَّا فِي الاِمْتِثَالِ لِأَمْرِ الله وَنَهْيِهِ... مِنْ مَوْقِعِ الحُرِّيَّةِ وَالاخْتِيَارِ.
إنّ الذينَ يَعِيشُونَ عَبيدًا لِعَادَاتِهِمْ سَيَعِيشُونَ العُبُودِيَّةَ فِي شَخْصِيَّتِهِمْ؛ بأن يعيشوا عَبِيدًا لِإِبْلِيسَ وَلِشَهَوَاتِهِمْ، ويكون لَهُم اِسْتِعْدَادٌ مُسْبَقْ لأَنْ يَصيروا عَبِيدًا لِلطُّغَاةِ.
إنّنا نَنْتَصِر في رمضان عَلَى عَادَاتِنَا، مِنْ خِلَاِل مَا نَتَعَلَّمُهُ فِي صَوْمِنَا مِنَ الاِنْتِصَارِ عَلَى العَادَة.
فلنَسْتَفِد مِنْ هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَك... حَتَّى نَنْتَصِرَ عَلَى عَادَاتِنَا مَهْمَا كَانَتْ.