نظم المجمع الجزائري للغة العربية المؤتمر السنوي الثاني بالعاصمة من 9 إلى 11 ديسمبر 2025، في حدث علمي جمع نخبة من الباحثين المتخصصين لإعادة إبراز إسهامات العلماء الجزائريين في خدمة اللغة العربية عبر مختلف القرون. 

 

كمال صوفي 

 

وقد عرف اليوم الأول جلسة افتتاحية تخللتها تلاوة آيات من القرآن الكريم، وأداء النشيد الوطني، ثم تقديم فيديو تعريفي يبرز مشاريع المجمع. وأوضح رئيس المجمع في كلمته أهم ما تحقق من أعمال خلال السنة، قبل منح جائزة المجمع الجزائري للغة العربية وتكريم عدد من الشخصيات والمؤسسات الداعمة، إضافة إلى تكريم اللجان العلمية وتنصيب أعضاء مراسلين جدد، مع تقديم عروض تعريفية بعمل اللجان في جلسة مفتوحة وأخرى مغلقة.

 

أما اليوم الثاني فشهد انطلاق الملتقى العلمي المخصص لعرض دراسات أكاديمية جديدة حول جهود علماء الجزائر القدامى. واستُهلت الجلسة الصباحية بكلمة رئيس الملتقى بشير ابرير، قبل الانتقال إلى سلسلة مداخلات تناولت نماذج بارزة من التراث العلمي الجزائري، من بينها قراءة في كتاب الجمع الغريب لابن قاسم الرصاع، وورقة بحثية حول شرح السمرقندية للحسين الورتلاني، ودراسة ترصد خدمة العلماء للغة العربية في القرن الحادي عشر الهجري، لتُختتم الفترة بنقاش مفتوح.

 

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها أحمد عزوز، قُدمت بحوث حول الدرس اللغوي عند الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي من خلال كتاب الذهب الإبريز، ثم تحليل للسمات المنهجية في النفحة الرندية للمزمري، إضافة إلى دراسة تسلّط الضوء على الإنتاج اللغوي استنادًا إلى كتب الطبقات والسير، متبوعة بمداخلة حول تطور الدرس العروضي في الجزائر. وعرَفت الفترة المسائية جلسة ثالثة برئاسة الأستاذ محمد صاري، تضمنت بحوثًا حول التوجيه اللغوي للمعاني القرآنية في تفسير هود بن محكم الهواري، ومنهج الثعالبي في الجواهر الحسان، ودراسة نحوية في كتاب تحفة الإخوان، ثم ورقة تُعيد قراءة منجز العلماء اللغوي من منظور لسانيات التراث، قبل أن يُفتح باب النقاش العام.

ويختتم المؤتمر بفعاليات اليوم الثالث الذي سيخصص لجلسة علمية رابعة سيترأسها كمال بومنير، وسيُنتظر أن تشهد سلسلة من المداخلات التي ستبحث في قضايا دلالية ومعرفية ضمن مؤلفات أعلام الجزائر. ستفتتح الجلسة بمقاربة حول ظاهرة غموض المعنى وتعدده عند الشريف التلمساني، ثم ستُقدَّم دراسة حول المصنفات اللغوية لعلماء تلمسان وما تحمله من مضامين فكرية تمتد بين القرنين 7 و9 الهجريين، يليها عرض سيتناول منهج ابن أب المزمري في تبسيط القواعد النحوية بالأجرومية، ثم مداخلة ستتطرق إلى جهود علماء الجزائر الأوائل في الدرس النحوي وما كان له من ارتباط بمدرستي ابن مالك وابن أجروم.

 الملتقى هو موعد علمي يعيد الاعتبار لجهود علماء الجزائر ويبرز دور المجمع في حماية العربية وترسيخ حضورها في الحياة الأكاديمية والثقافية.