519

0

ندوة فكرية تستذكر مالك بن نبي وتعيد بعث أفكاره

نظمت مؤسسة آفاق للدراسات والتدريب، بالتنسيق مع دار الأصالة للنشر والكرسي العلمي لمالك بن نبي، ندوة فكرية بعنوان "المكتبة البنّابية تتجدّد: بين إعادة النشر وإعادة القراءة"، مساء اليوم السبت.

شروق طالب 

 

بحضور ثلة من الأكاديميين والمثقفين، يتقدمهم ضيف الشرف الأستاذ توماس سبيل (Thomas Sibille)، أحد أبرز المهتمين بفكر مالك بن نبي في الساحة الفكرية الأوروبية.

استهلت الندوة بكلمة افتتاحية ألقاها،  الدكتور عمار طالبي، مؤسس مبادرة الكرسي العلمي لمالك بن نبي، حيث رحب بالحضور الذي توافد من مختلف ولايات الوطن، واصفا هذا التجمع بأنه دليل على عودة الوعي إلى فكر بن نبي، وعلى أنّ "المكتبة البنّابية ما تزال حية، تتجدد مع كل جيل، وتنبض بروح النهضة والمعنى."

وأكد طالبي أن إعادة قراءة مالك بن نبي اليوم، لم تعد مجرد ترف ثقافي، بل ضرورة حضارية في ظل ما يشهده العالم من تحولات. 

وأضاف "بعد سنوات من الكبوة الفكرية التي لحقت بهذا المشروع، تعود أفكار بن نبي إلى الواجهة، بترجمات جديدة ودراسات أكاديمية تسعى لاكتشاف جوانب جديدة في مشروعه الحضاري."

واعتبر أن المفكر الراحل يشرف الجزائر ومفكريها، كمرجعية فكرية عالمية، تستحق أن تقرأ مجددا، لا بوصفها تراثا، بل بوصفها مفاتيح لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.

عندما يتأثر الناشر بفكر مالك بن نبي 

 

ومن جانبه، أكد توماس سبيل، الكاتب والناشر الفرنسي، أن علاقته بفكر مالك بن نبي بدأت منذ سنوات، حيث تعرف على مشروعه الحضاري وتأثر به بعمق، حتى بات من أبرز المساهمين في التعريف به داخل الساحة الفكرية الأوروبية.

ويمتلك سبيل دارَي نشر, وهما "البينة" و"التراث", ويعد من الناشرين الرساليين الذين لا يكتفون بطباعة الكتب، بل يحملون مسؤولية فكرية في نقل الرسالة الحضارية لمؤلفيهم. 

ويحسب له الفضل في إعادة نشر جميع مؤلفات مالك بن نبي باللغة الفرنسية، إلى جانب مذكرات الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وأعمال الإمام عبد الحميد بن باديس، فضلاً عن دراسات هامة في تاريخ الحركة الإصلاحية في الجزائر، وكذا إنجاز وثائقي حول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.

وأشار إلى أنه بدأ منذ عام 2011 في الاطلاع على الفكر الإسلامي والفكر الجزائري المعاصر، بما في ذلك فكر مالك بن نبي، مؤكدًا أن مالك بن نبي لم يكن معروفًا في أوساط الشباب من قبل، "أما اليوم، فلا تكاد تسأل شابًا فرنسيًا مهتمًا بالفكر، إلا ويكون قد سمع باسم مالك بن نبي أو قرأ له".

 

قراءة في مخطوط جديد لمالك بن نبي: «العالم الجديد»

وخلال الندوة، استعرض الباحث عبد الرحمن بن عمارة المخطوط غير المنشور لمالك بن نبي، والمعنون بـ «العالم الجديد»، وهو نص كتبه المفكر الراحل في فترة صعبة من حياته، كان خلالها يعاني من أزمة نفسية، ويتوقع اندلاع حرب عالمية ثالثة.

ويتضمن المخطوط تأملات فكرية دقيقة حول عناصر العالم الحديث، متسائلا عن مستقبل الحضارة الغربية: هل ستظل تحت سيطرة الفكر اليهودي؟

هل سيستمر الاستعمار والعنصرية؟

هل ستنهار هذه الحضارة المادية؟

وماذا عن التقنية، والشيوعية العالمية، والاشتراكية؟

وقد طرح بن نبي عبر هذا النص رؤية نقدية تستشرف زوال البنية المادية للحضارة الغربية، مع تأكيده على بقاء الجانب التقني كعنصر ثابت في المشهد العالمي. 

كما توقف عند مفاهيم مثل، العدالة الاجتماعية بوصفها جوهر الاشتراكية، التخطيط كعنصر أساسي لأي مشروع حضاري، والطاقة الذرية.

وأشار الباحث إلى أن مالك بن نبي كان يُدرك أن فكرة "المأساة" تلازم التاريخ البشري، وأن العالم الإسلامي - خلافا لما يعتقد البعض - لم يكن مجرد ضحية للاستعمار، بل كانت له مسؤولياته الداخلية في تأخره.

41 عملا حول مالك بن نبي نشرته دار الأصالة 

من جهته، قدم الأستاذ محمد أوزار، مدير دار الأصالة للنشر، عرضا حول الجهود التي تبذلها الدار في خدمة تراث المفكر مالك بن نبي، مشيرا إلى أن الدار نشرت حتى الآن 41 عملًا، توزعت بين مؤلفات أصلية لمالك بن نبي، ودراسات أكاديمية، وكتب فردية وجماعية، فضلًا عن ترجمات بلغات أجنبية، وأعمال صادرة عن ملتقيات وندوات علمية، بالإضافة إلى مشاريع نشر بالشراكة، وإصدارات جديدة مرتقبة في عام 2025.

كما تضمنت المبادرات تنظيم ندوات فكرية، ومسابقة فكرية سنوية، إلى جانب إطلاق مكتبة متنقلة خاصة بمالك بن نبي، وتغطيات إعلامية مرافقة للفعاليات العلمية التي تعنى بفكره.

وكشف أوزار عن مشاريع مستقبلية طموحة، من أبرزها، نشر الرسائل الجامعية السابقة حول فكر بن نبي، وإطلاق مسابقة أكاديمية جديدة للرسائل الجامعية، إلى جانب إصدار دورية فكرية بعنوان "حوليات مالك بن نبي"، ومجلة فكرية جديدة تحت عنوان "البناء الجديد"، فضلا عن شريط وثائقي مرئي يعرف بسيرة المفكر ويعرض ملامح مشروعه الحضاري.

الإسلام والكونية"... قراءة في فكر مالك بن نبي

وفي إطار فعاليات الندوة الفكرية، قدم الدكتور هشام شراد كتابه الجديد الصادر عن دار الأصالة للنشر، والمعنون باللغة الفرنسية L’Islam et l’universalité، والذي ترجم عنوانه إلى العربية بـ"الإسلام والكونية". 

ويعد هذا العمل مساهمة فكرية جديدة تسعى إلى إعادة قراءة موقع الإسلام والمسلمين في المشهد الحضاري العالمي، من خلال دراسات معمقة في فكر المفكر الجزائري مالك بن نبي.

يضم الكتاب مجموعة من المقالات العلمية المحكمة، سبق للدكتور شراد أن نشرها في مجلات دولية مرموقة، بالإضافة إلى عدد من المحاضرات التي ألقاها في مناسبات أكاديمية. 

وتتنوع موضوعات الكتاب بين قضايا فكرية وفلسفية محورية، مثل مفهوم نهاية التاريخ عند مالك بن نبي، العالمية والعولمة من منظور إسلامي، حوار الأديان والثقافات، موقع المسلمين ضمن الحضارة الإنسانية.

في تقديمه للكتاب، ركز شراد على تتبع المسار الفكري لمالك بن نبي، من خلال الوقوف على التجارب التاريخية والمعيشة التي أثرت في رؤيته، سواء خلال إقامته في فرنسا خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، أو خلال فترة الاستعمار في الجزائر، حيث عاش المعاناة والتمييز والظلم.

ورغم ذلك، يؤكد شراد أن فكر مالك بن نبي ظل موسوما بروح الانفتاح والتسامح، إذ تبنى خطاب حضاري يدعو إلى الحوار مع الآخر المختلف دينيا وثقافيا، كما نادى بعدم الانغلاق الفكري والحضاري، وضرورة انخراط المسلمين في مسار العالمية الإيجابي، لا بوصفهم تابعين، بل كمشاركين فاعلين في بناء الحضارة الإنسانية.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services