348
0
المبتدأ والخبر
بقلم: علي شكشك
بأثرٍ رجعي نستطيع أن نتلمس تضاريس نكبتنا، ونحن نعيش أتون آثارها ونحترق بتجلياتها وتستولدنا ونستولدها كل حين، فتاريخنا القريب لا يختلف جوهره عن تاريخنا الآني في كثير، وإن كان كثيرٌ من أسرار وغموض ودقائق الأمور في تاريخنا القريب ذاك جلياً للدارسين والمختصين فإنّ جوهرها وكنهها قد أصبح جلياً إلى حدٍّ ما لكل المتابعين بما تكشف عنه الأحداث الآن والتي تفضح مستوراً حرص القائمون عليه على إبقائه مستوراً وغلّفوه بعناوين اجتهدت بلاغات اللغة والإعلام على تحميله مضامين مخالفةٍ لجوهره تلتفُّ أو تحاول على ضمير الناس وبوصلتهم والبصيرة التي لا تخطئ في اليقين، وإن كان المتابعون في زماننا الماضي القريب قليلين بحكم محدودية وسائل الإعلام وصعوبة التعميم فإنّ المتابعين في لحظتنا الراهنة هم كلُّ من له عينان وأذنان يفتحها على جهات الفضاء فتمتلئ بألوان المشهد والشهادات مطعمةً إضافة إلى التعليق والخبر بالمشاعر والألم وإعادة نقل مشهد الحياة لتكون في أحد جوانبها وثيقة كاملة شاهدةً على الرأي والمقولة ومصدّقةً للعقيدة المختزنة في القلب الجمعي العربي على الأقلّ لتفسير ليس فقط ما يجري وإنما أيضاً ما جرى في الزمن العربي القريب والذي أودى بنا وأسلمنا إلى ما نحن فيه مما لا يخفى على أحدنا من ارتهان واحتلال وامتهان، زبد جفاء، يجعلنا قابلين لمزيدٍ من الارتهان والاستغفال حين يضعون متاريسهم في شقوقنا وشاراتهم على عيوننا وإسرائيلياتهم في نصوصنا، وأحابيلهم في دروبنا وأوهامهم في واقعنا وصحراءهم في خصب نصِّنا وشباكهم في مدى أمنياتنا، هكذا يعقدون مؤتمرات ويقترحون اقتراحات ويضعون برامج ويخصصون ميزانياتٍ وقروضَ دعمٍ لنا ويوجّهون دعواتٍ للمؤثرين في الرأي العام وزعماء قبائل ويتوغلون في اتجاهات التنمية وتقارير حقوق الإنسان، وهكذا أيضاً لا يتركون المدى فارغاً من سرابٍ يجعلنا لا نكاد نيأس من إمكانية رعايتهم الغريبة لحقوقنا ولاجئينا وتقرير مصيرنا بحيث لا نصطدم بجدار إرادتنا فنقفز على عجزنا وتمنياتهم في انتقالةٍ بسيطة يعرفون أنهم سيكونون عاجزين عن تعقيدها ببراعة برمجاتهم ومؤتمراتهم، وهكذا أيضاً يجب ألا يكون الأفق فارغاً من نقطةٍ يتكئ عليها استرخاؤنا ويُعقل بها عزمنا ويتسرب فيها يأسُنا، وفي هذا الشأن تتلون الأضواء مرة بالوعيد ومرة بأصابع الحرير، وهل توقفت المساعي أو توقف المبعوثون "للسلام"، وهل توقفت صولاتهم وجولاتهم بين "القدس" وعواصم المحيط حتى كادت أو كشفت بالفعل أنها برمزية الخبر لم تكن تهدف إلا إلى تكريس مكان الزيارات مقراً دائماً للوعي حين تصبح القدس شيئاً فشيئاً لا تعني في انعكاس شرط الوعي والضمير إلا دولة المحتلين، وكأنها كانت طيلة الوقت التفافاً بحبلنا على رقبتنا، وأنها كانت تستثمر عطشنا من أجل مزيدٍ من سقاية بني إسرائيل، وأنها كانت تحاول إطالة المدى ليسهل التدرج في تحويل رفض الاستيطان إلى شجب له فشجب للغير شرعيٍّ منه إلى دراسة مدى تأثيره على أمن إسرائيل إلى رؤية الأمر بعد ذلك من منظور تأثيره على شرعية إسرائيل وصولاً إلى اعتباره حقاً يمارسه الاحتلال على "أرضه التاريخية" التي قد يقوم بتنازلاتٍ مؤلمةٍ عن أجزاءٍ منها ليقيم عليها الفلسطينيون دولتهم والتي هي بدورها ليست إلا تدرجا لمرحلة قادمة تلوح رائحتها في لحن النوايا التي لا تضمر إلا الانحناء قليلا لوعي إنسانيّ ما زال غضّاً بتاريخ النكبة ويختزن أهدافه النهائية التي يحتال في جعلها مقبولة للمجتمع "الدولي" بل وضرورية لأمنه وشرعيته في مرحلة لاحقة، وقد كان كلُّ ذلك لجعلنا دوماً ملحقين ببرامجهم وذيولاً لمشروعهم وتحويل إرادتنا إلى انتظار وعزمنا إلى استقرار، فهم وبكل حرصهم على مسيرة الأمور لا يتدخلون، وعلى أطراف الصراع وحدها حلُّ العوالق بينها بالتراضي على مائدة الأشياء، في توجيهٍ بريءٍ صارخ لمآلات الأنباء، حيث يستحيل الأمر إلا في اتجاهٍ واحدٍ نحو تحقيق الهدف النهائي للاحتلال والإحلال، وحينها تُحل القضايا تلقائيا، حيث لا يبقى "في نظرهم" ما يُتفاوَضُ عليه، ولأنهم إن توقفوا عن بذر بذور السراب فقد نبادر إلى أيّ مشروع لنا يعيد إلينا زمامنا ونكتشف من خلاله ذاتنا، فالأمر كله ليس إلا هذا الأمر، وهو النقلة البسيطة البعيدة في مبتدأ الأشياء والخبر، ولعلّ هذا ما يفسّرُ كلّ هذا الرعب من مجرد توجّه البسطاء اللاجئين كمدنيين مسالمين نحو خيط قراهم ورائحة ترابهم ونبض وجدانهم وسياق تاريخهم ومهوى مقدسهم، الأمر الذي يجعلهم يتحسسون مبتدأ شرعيتهم ومآلَ خبرهم ويدفع برئيس إمبراطورية الاستعمار الحديث إلى الإعلان عن رفضه لأيّ "محاولة" لنزع "الشرعية" عن "إسرائيل" ويجعل هذه الدولة تتدخل لدى دولٍ إقليمية والضغط عليها لمنع ذهاب اللاجئين إلى حدود وطنهم في ذكرى اغتصاب باقي فلسطين في الخامس من حزيران لعام سبعة وستين، وهو نفس السبب الذي يجعلهم يتصدون لمبادرتنا إلى الجمعية العامة ويستنفرون ويهددون ويلتفون أخيراً علينا في صورة المشروع الفرنسي، فالأمر هو قتل روح المبادرة فينا ومصادرة عزمنا، الذي هو الشكل الأكمل لحقيقة استقلال روحنا ووعينا وتحرر إرادتا وهو الخطوة التي لا يمكن تجاوزها لتكامل استقلالنا وتحققنا كما نشتهي في سياقنا وطناً وحضارة، وهو الذي بدأنا نمسك به نحن العاديين وبدأوا هم يتهيبونه ويطردون احتمال شبحه الذي يطارد يقظتهم ومنامهم الطويل الذي راهنوا فيه على تنويمنا الطويل إلى أن بدأ المواطن العربي يمسك زمام المبادرة وينفض عنه اتكاله وارتهانه وغبارهم.
فِقْهُ التَشكيكِ الجاهليّ
بقلم : المتوكل طه
ثمّة سؤالٌ حارق: ما الذي يستفيده الفلسطينيّ أو العربي،بل القلّة النشاز القليلة منهم، عندما يشوّهون المقاومة، وإن اختلفوا سياسياً معها؟ ألا تقاتل وتواجه "عدوّنا"؟ وماذا يحقّقون وهم يفتّون في عضد المعنويات ؟ هل هو الحرص على الضحايا ؟ ألا يعلمون أن للاحتلال الفاشيّ أهدافاً إجرامية استلابيّة، وإن لم يعلن عن بعضها؟ أليست تكمن في القضاء على كل منجزاتنا، وتحويلنا إلى عبيد أو موتى أو لاجئين؟ وإنْ بقينا في استكانتنا وصمتنا ؟ وهل فِعل "التحرّر" و"المقاومة"و"ردّ العدوان" هو توريط؟ ألم يكتب الشهيد غسان كنفاني، عشية عملية عيلبون البطولية ، التي كانت إيذانا بميلاد حركة فتح.. ألم يسهب عن :" التاءات الست" ومن ضمنها ال"توريط"..هل كان محقا؟ أم كانت العملاقة الغلّابة فتح هي المُحقّة، عندما شرّعت نوافذ المقاومة واجترحتها ،وحقّقت لشعبنا هويّته وشخصيته الوطنية، وأعطت لمنظمة التحرير، ممثلنا الشرعي الوحيد وبيتنا المعنوي، مضمونها الساطع المجيد؟ أنتَ في زمن الحرب ، لستَ حيادياً؛ إما مع هذا أو مع ذاك، وعليكَ أن تنحاز إلى طرفٍ هو الأقرب إليك. وهذا لا يعني تكميم الأفواه وغضّ النظر عمّا ينبغي إصلاحه، شرط ألا يأخذ النقدُ من حصّة ووجود وحيوية الجانب الذي تقف معه.والناقد غير الناقم! أما المراجعة والتقييم والمحاسبة، فإنها تتمّ بعد أن تصمت البنادق ويهدأ الحال. فالحقيقة ليست مجرّدة ، وحتى تكون كاشفة ومقبولة ، عليها أن تختار المكان والزمان المناسبين. ألم نتعلّم بأنكَ إذا ضربتَ الإمبريالية، أينما كانت، فأنتَ تُضعِفها، لأنها مثل الأخطبوط، وعليك أن تواجه كلّ استطالاتها وأذرعها! ألستَ مع أيّ جهة، ما دامت تضرب عدوّك؟ ولو من منطلق براغماتي محض! ألا تؤمن ،أيها المشكّك ،بنظرية "أثر الفراشة" ؟ فلماذا تصطفّ ،بلغتك الناتئة، مع قاتل شعبك؟ ولماذا هذه السخرية الساخطة،التي تنال من المقاومين؟ نعم! قد نختلف سياسياً أو فكرياً معهم.. ولكن؛ ماذا تعني السخرية، أو الفكاهة المجّانية الرخيصة، غير أنها تبتذل الدم والمقاتلين والبطولات العبقرية، وكأنها تمتدح ما يفعله الإحتلال! بمعنى:عندما تهزأ من طرف..فإنك تنتصر للطرف الآخر، وتُزكّيه بالضرورة.. أليس كذلك؟
ولماذا التركيز على هوامش الخطأ؟ الآن؟ والمعركة محتدمة؟ ألا يقوّض أركانها؟ ويطعن ظهرها؟ ويجعلها عرضة للصفع ، في لحظة الاشتباك؟ ألا يعلم "المنتقدون" أن حالة الحرب ، وفي مكان ضيّق، وتحت أقواس القصف والترويع والتجويع، تفرز أسوأ ما في البشر، مثلما تُظهر أجمل ما في الناس المُحَصَّنين؟ ولماذا يتذكّر هؤلاء ، اليوم، أخطاءَ وخطايا الانقلاب ؟ نعم ! لقد وقعت كوارث لا تغتفر.. ولكن؛أما تجاوز قيادتُنا فظاعات إسرائيل ومجازرها المصوّحة، ووضعنا أغصان الزيتون على الدبابات ، وصافحناها في أوسلو؟ ولماذا هذه المكارثية ؟ والتفتيش في ضمائر الناس، بدعوى الانتقام وإيقاظ الثارات ؟ أليس هذا منطق الجاهلية؟ وهل بهذا الغبش والتعكير وتسميم الأجواء والتحريض ضد بعضنا البعض ، نتجاوز مشكلاتنا؟ أما من عاقل رشيد يُلجم هؤلاء المنفلتين، الذين يدّعون الحفاظ على الحالة الوطنية، وهم ، باسمها، يذبحون الوطن ويوقظون داحس والغبراء؟ أما وقف الأخ الرئيس، في الأمم المتحدة، وحمى حماس من تهمة"الإرهاب"؟ ألا تدعو قيادتنا إلى تجاوز ما جرى، وتحاول تأسيس أُفقٍ جديدٍ جامعٍ للشمل؟ ألم ينادي السيد الرئيس ، غير مرّة، الأمناء العامّين، ولا يزال.. لتوحيد الصفّ الفلسطيني؟ ألم يعلن أعضاء مركزيتنا؛ بأن ما جرى في السابع من أكتوبر ، كان ردّة فعل غاضبة وطبيعية..على ممارسات الاحتلال وفظاعاته؟ إذاً ؛ من أين يَستقي المُشكّكون ، مواقفَهم؟! ومَن خَوّل هذا أو ذاك، لينطقَ باسمِ الشعب والحركة؟ ويدّعي أنه يمتلك الحقيقة؟ وأن حقيقته مقدّسة وثورية وخالصة البياض؟ مَن؟ إن فتح ؛ الأُمَّ والأب ، والأولى ،الصاعدة ، دوماً، نحو المجد والخلاص، هي التي ينبغي أن تلمّ الشعث وتوحّد شعبها ، وتشمل كلّ القوى في عباءة م. ت. ف. باعتبارها الجبهة العريضة للكلّ الفلسطينيّ الوطني. وإن أهم ما يميز حركتنا العظيمة ؛هذا الأفق الوسيع من التعددية، والاجتهاد، والتنوّع الحميد، ما دام تحت مظلّة فتح العالية وفي فضاء روحها الرحبة..ما يحول دون تحجيمها أو اختصارها أو اقتصارها ،على حجم هذا الرأي أو ذاك العضو..وحتى يبقى الإلتزامُ الحُرُّ بطانتَها المتماسكةَ المتينة، ويختفي الإلزام الممجوج الكريه، ومفردات القبيلة، ونداءات العصبية الطفولية الهادمة.
وإني لأعجب أن يكون شعار دولة الاحتلال "معا ننتصر"، وشعارات بعضنا، باسم الثورة والحرص: فَرِّق وشَتّت وشَكّك وفَزِّع وتهكَّم ..؟! وقديما قيل:انقذ حياتي أولا، ودَعِ الملامةَ للأخيرِ. ولا أُنكر أن من حق أيّ فلسطيني أن يرى ما يشاء ، ويخلص إلى أيّ نتيجة يراها معقولة وصحيحة، على أن تكون لغته رصينة جدّية، تتكئ على مُعطيات واقعية وملموسة، وبأسلوب أنيقٍ ،بعيدٍ عن الشعبوية والتشظية والنيْل اللاذع من القوى الفاعلة، أيّاً كانت، شرط أن تكون مفرداته خالصة من التشكيك والتخوين والتوصيف ، الذي يودي إلى الإعدام، ويعمّق اللغة النهائية، التي تقدّم المتحدّث "نبياًّ" وخصمه "شيطاناً".. فعندها لن نلتقي، ولن نترك للحوار المسؤول أيّ مساحة! ولنعلم أن للغة أخلاقاً ، وتعلّمنا المروءة ، كما قال الفاروق عمر ، رضي الله تعالى عنه. من حقّ الفلسطينيّ أن يرى أن هذا المُكوِّن أو هذا المحور مقاوم ، ويراه غيرُه متآمراً، على أن يقدّم مرافعته الناضجة المقنعة، بلغة حريصة منتمية ومسؤولة، تتغيّا التوجيه والإرشاد والاصطفاف الأنجع.
بمعنى أنني أستطيع استخدام كلمات مُنفّرة، مثل: "التسحيج والخيانة والطابور الخامس والفساد والتآمر والتمويل السرّي والارتباط المشبوه والمتاجرة ..الخ"، كما أستطيع انتقاء مفردات بيضاء نقدية علمية موضوعية، أوصل بها أيّ فكرة، بشكل كامل ، دون التباس، ودون أن أُثير أيّ حساسية مقيتة ، لا داعي لها، وفي هذا الوقت بالذات. وقديماً ؛ رأينا مدرستين في الفقه، على الأقل، تكتفي الأولى بترديد مفردة "الحرام" أو"الحلال" فقط، دون توضيح وتبرير.. وتقول الثانية بضرورة عَرض المسوّغات ، وكلّ الآراء ومرجعياتها.. ولكَ أن نختار الرأي الفقهي الأكثر سلامة ومعقولية.
وأنا أرى أن المدرسة الثانية هي الأكثر وَعْياً وعافية وأهمية وقناعة ، وتحقق المعرفة والتعددية المحمودة والمناعة الفكرية والصلابة الأخلاقية.. وأعترف بأن الفلسطينيّ قد وجَدَ نفسَه بين شفرتين ذابحتين؛إما أن يُقاتل فيدفع أثمانا لا تُطاق، أو يستسلم فتضيع حقوقه ويصير عبداً!ولكل وجهة نظر وجاهة ومُرافعة تبدو مقنعة! ذلك لأن التراجيديا لها يدان قاتلتان. غير أن المُقاتل المقاوم تصبح مهمّته صعبة ، وتشبه مهمّة الأنبياء، الذين يريدون أن يحوّلوا الناس من الظلمات وعبادة الأوثان، إلى أُفقٍ طاهرٍ معافى ، عادل ونقيّ! ويتغيّون سحب العبيد من تحت نير المهانة، إلى سدّة الكرامة والمساواة والنماء، بحرية مُصانة وأكيدة! ولهذا يدفعون أثماناً كبيرة، وتتمّ ملاحقتهم واتهامهم وتلويث دعواتهم، وهذا أعلى درجات النضال، الذي يُجاهد لصالح الناس ، دون تردد أو تمييز.
وأعتقد أن أيّ معركة تعمل على تغيير الثوابت الظالمة،والاستراتيجيات المُختلّة، والمصالح العنصرية،، في أيّ بقعةٍ وزمن، ستدفع كُلفةً، تساوي حجم ما فعلته . بمعنى ؛ كلّما عملت المعركة على تبديل المشهد المُتكلِّس العفن المُعتم، كلّما كان الثمن باهظاً، بمقدار التحوّل الذي حقّقته على الأرض.
ويحاول الاحتلال ، منذ عقود، ويسعى، إلى تحويل الفلسطيني لِ"ضحية إيجابية"، من وجهة نظره؛ بمعنى أنه يقتل ويذبح ويسلخ ويصادر ويعتقل ويحرق.. ثم يريد من الفلسطينيّ أن يبقى ساكتا مطأطئ الهامة! أمّا إذا هبّ وقاوم وقاتل وردّ.. فإن الاحتلال يبهظه جداً، ويبالغ في القتل والتدمير..حتى يتراجع ولا يكرر محاولاته.. ما يجعل البعض ،منّا، يستغيث ويلطم ويطالب ب"التهدئة" و"سحب الذرائع"، كي لا يواصل الاحتلال جنونه المحموم الدامي، وانتظار الحلّ السياسي -الذي لن يأتي-، وبهذا فإن منطق هؤلاء يطالبنا بالاستسلام ، بل ويريدنا أن نحفر قبورنا بأيدينا ونخيط أكفاننا بأصابعنا! وربما سأقف مع المطالبين بالتهدئة ،لو أن الاحتلال يسمع، أو يرعوي، أو يتوقّف عن القصف واستباحاته للمقدسات وحرق البلدات والأشجار ومصادرة الأرض، لكنه يواصل إجرامه وغطرسته وعربدته. وأسأل ما الحلّ أيها السادة؟ هل نتفرّج على الاحتلال وهو يرتكب فظاعاته وجرائمه، لأننا "ضعفاء" و"لا حيلة لنا" و"لا نستطيع معه قتالاً"؟ إنه عندها سيحسم الصراع، ويتمّم خططه ، وينفّذ مشاريعه، وسيبتلع البلاد ويسيطر على الأقصى! أليس كذلك! في زمن الصمت العربي والاسلامي والنفاق الغربي! أنا أعرف أننا بين شفرتين، لكن قتال الاحتلال ومواجهته هو أمر واجب الوجود ، لأنه مُجْدٍ، ويبهظ الاحتلال على غير صعيد،ويلجم مستوطنيه،ويحدّ من الاستيطان ، ويحفظ المقدسات، ويُعيد القضية الفلسطينية إلى الصدارة، ويستنهض الشارع العالمي، ويحرّك الماء الآسن، ويكلّف الخصم خسارات فادحة. وعلى كل فلسطيني أن يُمارس "مقاومة" وطنية، غير مستوردة، ولا يقاتل بالنيابة،وتناسب ظرفه وحالته، من المقاومة السلمية الشاملة، إلى ما ضمنته القوانين الدولية. سنقف مع أي اقتراح سياسيّ يمكّننا من حقوقنا، لكنّنا لن نستكين ولن نتجاوب مع أي صيغة تكرّس الاحتلال وتشرعنه وتعمّق سيطرته ويبقينا تحت بسطاره. لن نقدّم أي موافقة "مجّانية"، بدعوى الضغوط واختلال موازين القوى أو الاحساس بالصَغَار والخسائر. وقضيتنا قضية أجيال، وإن كان الصراع مُشرعاً على أفق المقصلة!
أسيران من جنين يدخلان عامهما الـ22 في سجون الاحتلال
دخل أسيران من جنين، اليوم، عامهما الـ22 في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وذكر مدير نادي الأسير الفلسطيني في جنين منتصر سمور لـ"وفا"، أن الأسير محمد أحمد ناجي أبو الرب من بلدة قباطية جنوب جنين، دخل عامه الـ22 في سجون الاحتلال، وهو محكوم بـ30 عاما. وأضاف، أن الأسير حمزة محمد عبد القادر أبو الهيجا من مخيم جنين، الذي يقضي حكماً بالسجن 26 عاما، دخل عامه الـ22 على التوالي في سجون الاحتلال. وأشار إلى أن الأسيرين اعتقلتهما سلطات الاحتلال بتاريخ 15-1-2003
الخارجية الفلسطينية: أكثر من مئة يوم على الإبادة المستمرة لشعبنا و75 عاما على الفشل الدولي في إنهاء الاحتلال
دعت وزارة الخارجية والمغتربين، الدول الداعمة لاستمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وإطالة أمدها إلى التراجع عن مواقفها، بعد أكثر من مئة يوم على أكبر كارثة إنسانية بالتاريخ. وقالت الخارجية في بيان صحفي، اليوم الأحد، "بعد مئة يوم من الإبادة الجماعية والمعاناة والآلام والعذابات والقهر والظلم والدموع، و75 عاما على نكبة شعبنا، والمجتمع الدولي يعيد إنتاج فشله في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ويكرر عجزه وتقاعسه في حل القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير، وما زالت دولة الاحتلال تستفيد من هذا الفشل والتقاعس وتوظفه للامعان في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".وأضافت: أن الاحتلال حوّل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للسكن، وارتكب فيها جرائم مروعة راح ضحيتها ما يقارب مئة ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود غالبيتهم من الأطفال والنساء، وفرض النزوح قسرا على ما يقرب من مليونين دون أي ملجأ آمن ودون الحد الأدنى من مقومات الحياة والاحتياجات الإنسانية الأساسية، إضافة لحرب ممنهجة لتدمير الأونروا وإخراجها عن الخدمة بما يعنيه ذلك من أبعاد سياسية، ومسح كامل للمخيمات والمناطق في القطاع تمهيدا لإعادة صياغة واقع القطاع بجميع أبعاده العمرانية والسكانية بما يخدم أجندته. وتابعت: رغم المجازر والتدمير وما زال المجتمع الدولي يوجه المناشدات والمطالبات ويعبر عن القلق والحث الموجه لحكومة الاحتلال، سواء لوقف العدوان أو حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب والقتل الجماعي أو إدخال المساعدات وتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية، ولكن دون أن يجد أي آذان صاغية، بل وجد صلفا من المسؤولين الإسرائيليين وتفاخرا باستمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، وتمردا على القرارات الأممية ذات العلاقة واستخفافا بالمسار القانوني الدولي وجلسات محكمة العدل الدولية، وامعانا في تنفيذ اهداف نتنياهو الحقيقية من الحرب التي تتلخص في إبادة أكثر من مليونيْ فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، وخلق البيئة الاستعمارية العنصرية المناسبة لطردهم وتهجيرهم من القطاع.
وبينت أنه إلى جانب الحرب على غزة، يواصل الاحتلال حصاره الظالم على الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية ويرتكب افظع الجرائم بحق المواطنين وارضهم ومنازلهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، ويطلق يد ميليشيات المستوطنين المسلحة المدعومة من وزراء في حكومة الاحتلال لارتكاب أبشع الانتهاكات ولتوسيع السيطرة الاستعمارية على المزيد من أراضي المواطنين الفلسطينيين، في تكامل واضح بين ادوار جيش الاحتلال وتلك الميليشيات في تقطيع أوصال الضفة وتحويلها إلى مناطق معزولة بعضها عن بعض تغرق في محيط استيطاني ضخم يرتبط بالعمق الإسرائيلي، بما يؤدي إلى وأد أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية.
نادي الأسير: الاحتلال ينفذ سرقات ويستولي على أموال وذهب ومقتنيات من عائلات المعتقلين
قال نادي الأسير، إن الاحتلال الإسرائيليّ، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر صعّد عمليات السرقة والاستيلاء على الممتلكات من منازل تعود لعائلات المعتقلين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وشملت أموالا وذهبا، وهواتف، وأجهزة كمبيوتر وسيارات، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة التي أحدثتها داخل المنازل التي تقتحمها.
وأضاف نادي الأسير في بيان له، اليوم، أن الاحتلال استهدف البنى التحتية بما فيها تجريف الشوارع والممتلكات العامة، كما جرى في جنين وطولكرم بشكل أساسي، وهدم منازل تعود لعائلات معتقلين وشهداء، فضلا عن الاقتحامات التي طالت خلال الفترة الماضية محلات للصرافة، حيث تم خلالها الاستيلاء على أموال تقدر بملايين الشواقل دون أي وجه حق. وأوضح، أن الاحتلال انتهج سياسة الاستيلاء على الأموال والممتلكات، التي تصاعدت على مدار السنوات القليلة الماضية بشكل كبير، وتحولت إلى إحدى أبرز السياسات الثابتة، وتركزت بشكل أساسي في القدس، من خلال استحداث قوانين وتشريعات، لشرعنة عمليات الاستيلاء.
وما يجري بحق عائلات المعتقلين هو جزء من عدة مستويات تتعلق بهذه السياسة، التي تندرج في إطار سياسات الاستعمار الاستغلالي الإحلالي، الذي يهدف إلى رفع كلفة النضال الفلسطيني، وفرض عمليات انتقام جماعية، واستهداف الوجود الفلسطيني.
ولفت إلى أن أكثر المناطق التي سُجل فيها الاستيلاء والسرقات، محافظة القدس التي تشهد هذه السياسة بشكل أساسي، ومحافظة الخليل وتحديدا بعد السابع من تشرين الأول. ووفقا لمتابعة النادي، فإن عشرات السيارات تعود لعائلات معتقلين تم الاستيلاء عليها من الخليل، إلى جانب الأموال والذهب يوميا، ومن خلال المتابعة فإن أغلبية عمليات الاقتحام والمداهمات للمنازل، تسجل عمليات سرقة. وكانت آخر عمليات الاقتحام التي طالت منازل عائلات المعتقلين، ما جرى فجر اليوم بحق عائلات المعتقلين نائل البرغوثي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاما في سجون الاحتلال، وربيع البرغوثي وهو أحد محرري صفقة شاليط المعاد اعتقالهم، ومراد البرغوثي المعتقل منذ عام 2003 والمحكوم مدى الحياة، وجميعهم من بلدة كوبر/ رام الله، حيث تم اقتحام منازلهم وإحداث عمليات تخريب واسعة وتدمير، وتم الاستيلاء على مركبتين وأموال