بقلم الأستاذ سيد علي دعاس  

أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَمَضَان سَيِّدُ الشُّهُورِ فَمَرْحَبَا بِه وسَهْلاَ...

لَقَدْ كَانَ السّلف الصّالح يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستّة أشهر أن يتقبّل منهم. وكان من دعائهم: "اللهمّ سلّمني إلى رمضان، وسلّم لي رمضان وتسلّمه منّي متقبّلا".[1]

وَهَا نَحْنُ وَالحَمْدُ للهِ نسْتَقْبِلُ هَذَا الشَّهْرَ الكَرِيم، الذِّي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ... شَهْرُ الصِّيامِ والذّكر، شَهْرُ التَّوْبَةِ وَالغُفْرَان، شَهْرُ العِزَّةِ والكرامةِ...

كَمْ مِنْ آملٍ كانَ يأْمَلُ أَنْ يَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ؟ لَكِنْ فَاجَأَهُ أَجَلُهُ... فَسَارَ أَمَلُهُ معَه إِلىَ ظُلْمَةِ الْقَبْر...

فَكَمْ مِنْ مُسْتَقْبِل يَوْمٍ لا يُكْمِلُهُ؟ وكم من مُؤْمِلِ غَدٍ لا يُدْرِكُهُ؟

قالَ الشّاعرُ:

يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ    

                          حَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِ

لَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَا    

                         فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضًا شَهْرَ عِصْيانِ

وَاتْل القُرانَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِدًا       

                          فَإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِ

كَمْ كنتَ تعرِف ممَّنْ صَام في سَلَفٍ

                          مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِ

أفْنَاهُمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْدهمُ

                        حَيًّا، فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدّانِي

 

إِنَّ رَمَضَانَ قَدْ أَتَى، وفي الأُمَّةِ مَنْ يَسْتَقْبِلُونَهُ عَلَى أَنَّهُ شَهْرُ جُوعٍ نَهَارًا وَشَبَعٍ ليلاً... يَجُوعُونَ فِي النَّهَارِ لِيَشْبعُوا فِي اللَّيْلِ... ويَنَامُونَ نَهَارًا لِيَحْيَوْا لَيْلًا... ينَامُونَ فِي النَّهَاِر مِنْ بَعْدِ الفَجْرِ إِلَى العَصْرِ، وَرُبَّمَا إِلَى قَبْلِ المَغْرِبِ بِلَحَظَاٍت... بل مِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْتَيْقِظُ إِلَّا مَعَ آذَانِ المَغْرِبْ...

إنّهم باختصار... قَلَبُوا لَيْلَهُمْ نَهَارًا وَنَهَارَهُمْ لَيْلًا... سَمَرٌ فِي اللَّيْلِ إِلَى الفَجْر...

جَعَلُوا مِنْ رَمَضَانَ مَوْسِمَ طَرَبٍ، وَسَهَرٍ... إِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ رَمَضَانَ وَيُفْسِدُونَ حَلاَوتَهُ وَطَعْمَهُ.

حُرِمُوا وَحَرَمُوا غَيْرَهُمْ مِنْ لذّةِ رَمَضَانَ...

فَمَا نَمْلِكُ إلاّ أَنْ نَقُولَ عَنْ هَؤُلَاْء: مَسَاكِيْن...

فاللهمّ لا تحرمنا فضل رمضان.