328
1
الحاجة حفيظة شعابة... جزائرية بدم فلسطيني ومسيرة جهاد من الثورة الى غزة
الحاجة حفيظة شعابة جزائرية تجاوزت عقدها السابع سخرت جهودها وعمرها لخدمة القضية الفلسطينية، شاركت في قوافل عديدة الى غزة وهناك اطلعت عن كثب على أوضاع أهلها فاستشعرت معانتهم وزادت تعلقا بالقضية،وصارلها صيت في غزة كأيقونة للعمل الخيري والانساني ورمزا من رموز الجزائرفي فلسطين.
زهور بن عياد
البداية لم تكن في فلسطين لأن من تغذى بحب الوطن وشارك في اعظم ثورة في التاريخ، يجد نفسه مساندا لكل قضية عادلة في العالم.
الأم مدرسة للثوار
السيدة شعابة حفيظة من مواليد في 27 ديسمبر 1944،بالحي العتيق بلكور بالجزائر العاصمة،وعن مسيرة العائلة الثورية تتحدث الحاجة حفيظة عن شقيقيها عبد القادر الذي استشهد وهو لم يتجاوز 22 سنة بعد، مستذكرة عمله في احدى الصيدليات التي يملكها فرنسي في العاصمة، كصانع للأدوية،حيث كانت الأم مجاهدة تحمل الدواء الى معاقل الثوار التي يصنعها ابنها الصيدلاني، وفي رحلتها هذه تصطحب ابنتها حفيظة، وفي مرة من مرات طلب الإبن من أمه أن تبلغ المجاهدين رغبته في الإلتحاق بهم خاصة وأنه قارب سن الخدمة العسكرية.
بعبارة" لن أتجند في الجيش الفرنسي ولن أحمل سوى راية الجزائر"، جدد عبد القادر طلبه، وافق الثوار وكان له ذلك، فقد اصطحبت الأم الشجاعة فلذة كبدها الى معاقل الثوار، نواحي المدية في جبل موقورنو، وذكاءا منها وحكمة ذهبت للصيدلية لتخبر المسؤول عنها ان ابنها لم تجد له اثرا منذ تبليغة بالخدمة العسكرية،وهناك تم اصدار امرا عاما بالبحث عنه، وبعد أيام ابلغها ان ولدها اختطف من طرف الفلاقة لانه بارع في صناعة الدواء.
تتذكر الحاجة حفيظة كيف برعت الأم في التمثيل وانفجرت بالبكاء والعويل فانطلت الحيلة على الفرنسي، وبقيت بعيدة عن كل الشكوك.
تتذكر تفاصيل آخر يوم قضته مع شقيقها قبل التحاقه بصفوف الثورة قائلة" سهرنا الي وقت متأخر، وقالت له أمي يا ولدي أنت تصنع الدواء وترسله للثوار وهذا جهاد ألا يكفيك، ولانك البكر أود أن ازوجك ، رد عليها، أي زواج وفرنسا تحتل أرضنا واضاف لن احتفل بزواجي إلا بعد رحيل فرنسا".
بعد أشهر ذهبت رفقة والدتها لزيارة شقيقها عبد القادر واذا بأحد المجاهدين يبادرها بالقول "الله يرحم الشهداء" فهمت الأم الرسالة ولكن حفيظة الطفلة بقيت تستفسرعن معنى قوله، فآجابتها بشجاعة وثبات أخاك استشهد"
انفجرت الطفلة بكاءا ولكن ثبات الأم رد عليها بايمان واحتساب "أخاك في الجنة ولا داعي للصراخ..."
عبد الكريم شعابة ...ثائر آخر
الطفل الآخر شعابة عبد الكريم شقيق الحاجة حفيظة الذي التحق بصفوف الثوار وهو طفل تروي قصته " كان يعلم أن أخاه عبد القادر يساعد الثوار،وفي أحد الايام سمع منادي في الثكنة العسكرية التي لا تبعد على بيتنا سوى أمتار،يدعو الناس لحضور استعراض عسكري بهدف استمالة الجزائريين للالتحاق بالجيش الفرنسي"
وكان كثيرا ما يتردد على الثكنة للفرجة ووصل الخبر لشقيقه عبد القادر قبل التحاقة بالثورة ،فنهره على فعله، لكن الطفل عبد الكريم لم يكن هدفه الفرجة، ولم يبهره ما يعرضه الجيش الفرنسين بل كان الهدف أكبر من سنه "
بقي يتربص بالجندي الواقف على باب الثكنة وفاجئة بضربة ليسقطه ارضا ويخطف له الرشاش ويفر هاربا،وانطلق نحو القصبة باحثا عن ايقونة معركة الجزائر علي لابوانت وحين قابله" سأله لما انت هنا، قال جئت للجهاد، قال لابوانت لاتزال صغيرا على الثورة وكشف عن الرشاش الذي يخفيه واخبره كيف حصل عليه، وهناك رحب به الثوار وقال له على لابوانت إنك رجلا وليس طفلا وهنا بدأت رحلته الفدائية الى غاية الاستقلال".
الام المجاهدة هي الاخرى محطة هامة وقوة عبدّت مسار الحاجة حفيظة فكانت تحمل السلاح والدواء لسنوات في علب للحلوى لتموه بها المستعمر ونجحت في مهمتها دون أن تثير الشكوك او يكتشف أمرها.
تزوجت الحاجة حفيظة من مجاهد وهي في سن 16 سنة وكان من المحكوم عليهم بالاعدام،وعاشت سنوات لتمارس دورها كأم وزوجة الى بداية مرحلة أخرى من حياتها.
الجهاد الثاني في فلسطين
كيف انغمست الحاجة حفيظة في القضية الفلسطينية، في هذا الصدد تقول "وجدت نفسي دون تخطيط مسبق، بحكم سكني في البليدة،كنت دائمة الحضور لكل نشاط يتعلق بفلسطين خاصة ما قدمه الشيخ المرحوم محفوظ نحناح للقضية قد زرع فينا حب فلسطين، فكنت من أوائل النساء اللائي سخرن جهودن لذلك".
وعن زياراتها الست لغزة ولقائها بالقائد الشهيد اسماعيل هنية تقول"قدر الله واختياره وفضله أن سهل لي المشاركة في ست قوافل لغزة، لقد كنت ضمن وفد جمية البركة للعمل الخيري والانساني رفقة الشيخ احمد ابراهيمي، وهناك في غزة لقيت كل الترحاب من العائلات وصار الكثير يتواصلون معي، واستطعت بتيسير من الله من دخول أنفاق غزة وزيارة مجاهدي القسام ".
التقت الحاجة حفيظة بالقائد هنية في مؤتمر بتركيا وفي غزة وتقول "لقد ابلغني السلام مع بعض الإخوة ممن التقوه قبل أشهر في تركيا"
تحاول الحاجة حفيظة جمع المال من المحسنين وتحفيز الشباب لخدمة القضية، وسعادتها تكون حين تشعر أن المساعدات تصل لأهلنا في غزة وهي تستذكر قولهم "مالنا بعد الله إلا الجزائر".
شعرت بواجب الجهاد والمسؤولية وصارت تجتهد بلا كلل ولا ملل وتحاضر لتروي تجربتها ومعايشتها الميدانية للقضية.
كسبت ثقة الناس بفضل أمانتها واستطاعت ايصال المال لأهل غزة ومساعدتهم بما جاد به المحسنين من بلد الشهداء، ولاتزال تمثل نموذجا حيا وأيقونة للمراة الجزائرية المكافحة والمناصرة لأهل فلسطين داعية الشباب للالتفاف نحو القضية.