175
0
الجزائر تعزز الملكية الفكرية وتدعم الإبداع العربي تحت إشراف وزيرة الثقافة والفنون

أشرفت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، اليوم على افتتاح الاجتماع الإقليمي لرؤساء مكاتب حق المؤلف في العالم العربي، في حدث يعتبر محطة هامة لتعزيز منظومة الملكية الفكرية ودعم الصناعات الإبداعية في المنطقة.
هارون الرشيد بن حليمة
ويأتي هذا الاجتماع في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبيرة على صعيد الرقمنة والذكاء الاصطناعي، ما يجعل حماية حقوق المؤلف وتنمية الصناعات الإبداعية أولوية استراتيجية للدول العربية، ويعكس التزام الجزائر بتطوير هذه المنظومة لتكون نموذجًا رائدًا في المنطقة.
الملكية الفكرية رافعة للنمو الاقتصادي
أكد المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سمير ثعالبي، أن الجزائر لم تعد تتعامل مع الملكية الفكرية كإطار قانوني وتنظيمي فقط، بل أصبحت رافعة اقتصادية مهمة تسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتطوير رأس المال البشري، وتمكين المبدعين من المشاركة الفعالة في الاقتصاد الرقمي الجديد.
وأوضح ثعالبي أن الجزائر شرعت منذ عام 2023 في تنفيذ خطة طموحة لتحويل منظومة حقوق المؤلف الوطنية، حيث شملت تحديث آليات الإدارة الجماعية للحقوق بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، وتعزيز التحول الرقمي من خلال اعتماد أنظمة رقمية متطورة لإدارة الحقوق، بالإضافة إلى تكثيف حضور الجزائر في المبادرات الإقليمية والدولية لدعم المبدعين وحماية أعمالهم.

وأشار ثعالبي إلى أن هذه الجهود ليست مشاريع عابرة، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى جعل الجزائر نموذجًا رائدًا في حماية الملكية الفكرية في العالم العربي، مع تعزيز قدرتها على التأثير الإيجابي في السياسات الإقليمية، مشددًا على أن العمل الجماعي بين الدول العربية هو السبيل لضمان استدامة وشفافية منظومات إدارة الحقوق.
وأضاف: "نحن نؤمن بأن قوة العمل الجماعي تحدد نجاح الإبداع، عندما نتعاون جميعًا، يمكننا أن نجعل حقوق المؤلف رافعة للنمو الاقتصادي ومحركًا للتنمية الثقافية."
وأشار ثعالبي أيضًا إلى المشاريع النوعية التي أطلقها الديوان لدعم الفنانين والمبدعين، ومن أبرزها المركز الطبي الاجتماعي للفنانين الذي يوفر رعاية صحية ونفسية واجتماعية شاملة، مؤكداً أن هذه المبادرة تمثل نموذجًا مهمًا في دعم الإبداع وحماية كرامة الفنان، بما يعزز دوره في المجتمع ويمنحه الثقة للعمل والإبداع دون قيود.
التعاون الدولي والإقليمي وأهمية تبادل الخبرات
وفي سياق التعاون الدولي والإقليمي، شددت شيرين جريس، مديرة المشاريع والمنسقة الرئيسية لشؤون تطوير حق المؤلف في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، على أن الجزائر تمثل نموذجًا رائدًا في المنطقة لما تقدمه من جهود ملموسة في تحديث التشريعات، وتعزيز التحول الرقمي.

وأضافت أن الجزائر تساهم في تطوير منظومات حماية المبدعين، وأوضحت جريس أن وجود مكتب خارجي للويبو في الجزائر يعكس الأهمية الاستراتيجية للبلاد، ويتيح لها أن تكون محورًا رئيسيًا للتدريب الفني والتقني، وكذلك تعزيز المبادرات العربية والإفريقية المشتركة لمواكبة التحولات الرقمية وتطوير آليات حماية المصنفات.
وأكدت جريس أن تعزيز القدرات الرقمية والقانونية ومشاركة الخبرات بين الدول العربية أمر أساسي لضمان بيئة عادلة ومستقرة للمبدعين، مشيرة إلى أن الوعي المشترك بأهمية حقوق المؤلف يعد ركيزة أساسية لتعزيز الابتكار وتحفيز الشباب على الإبداع والمساهمة في الاقتصاد الرقمي.
الأكاديمية الوطنية لحقوق المؤلف والصناعات الإبداعية
من جانبها، أكدت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، أن الجزائر تعمل على إطلاق الأكاديمية الوطنية لحقوق المؤلف والصناعات الإبداعية عام 2026، بعد مرحلة تحضيرية مكثفة بالتنسيق مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وأوضحت أن الأكاديمية ليست مجرد مؤسسة وطنية للتكوين، بل ستكون فضاءً إقليميًا مرجعياً يجمع الكفاءات العربية والإفريقية، ويقدم برامج تدريبية عالية الجودة لمواكبة التحديات المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي، وتعزيز قدرات العاملين في الصناعات الإبداعية.
وقالت الوزيرة: "هذه الأكاديمية تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة الجزائر في دعم المبدعين وحماية حقوقهم، وتمكينهم من المشاركة الفعالة في الاقتصاد الرقمي العالمي."

وأضافت أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بوضع الملكية الفكرية ضمن القانون الإطار للرقمنة، بهدف حماية الأصول الرقمية وتسهيل عمليات الإبداع والتسجيل عبر منصات عصرية، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تهدف أيضًا إلى دعم المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتعزيز وعي الشباب والمبدعين بأهمية حقوق الملكية الفكرية، بما يسهم في تطوير بيئة اقتصادية وثقافية تشجع على الابتكار والإبداع.
نحو زيادة الوعي لحمادية هذا المجال
وفي ختام الاجتماع، أكدت شيرين جريس في تصريح خاص لجريدة بركة نيوز، أن رفع مستوى الوعي بحماية حقوق المؤلف والتكاتف العربي بين الدول ضروري لتقليل الفوارق والتفاوت بينها.

وقالت جريس: "الوعي المشترك والتعاون الإقليمي هما السبيل لضمان أن يكون الإبداع العربي محميًا ومستدامًا، ويتيح لكل المبدعين فرصًا عادلة ومتساوية للمساهمة في الاقتصاد الرقمي والإبداعي."
وأشارت إلى أن هذه المبادرات ستساهم في تمكين المبدعين العرب وتطوير الصناعات الإبداعية بما يعزز مكانة الثقافة العربية على المستويين الإقليمي والدولي.

