724

0

الدكتور الطيب برغوث و"أمانة مشروع السننية الشاملة"

بقلم  أد. عيسى بوعافية

"أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، مهتم بمشاريع الإصلاح والنهضة الحضارية"

 

قرأت الكلمة المقتضبة التي نشرها أستاذنا الطيب برغوث؛ اليوم الخميس 14 سبتمبر 2023م في صفحة منتدى الدراسات الحضارية، فشعرت - كما شعر كثير غيري - بثقل الأمانة التي ألقاها فضيلته إلى هذا الجيل الذي نحن جزء منه والأجيال التي تليه!

بغض النظر عن الصيت الذائع للرجل، وبعيدا عن الشهرة التي طارت باسمه في الآفاق؛ وبمنأى عن المدح الذي يشينه الغلو والإطراء والمبالغة؛ فالطيب برغوث واحد من المفكرين الجزائريين الذين يسببون لنا الفخر والاعتزاز بوطننا الذي يملك أعلاما في مثل ذلك المستوى الراقي من الوعي والفهم والوسطية والرسالية ..

يظن كثير من المثقفين - داخل الجزائر وخارجها - أن الدكتور الطيب برغوث ما هو سوى امتداد طبيعي لفكر الأستاذ مالك بن نبي الحضاري، لكن القارئ المتعمق في مؤلفاته كلها، يجد - بكل وضوح - أن الرجل صاحب مشروع فكري متميز، يستوعب الأطروحة البنابية في فقه النهضة الحضارية ويضعها في سياقها السنني الأشمل، وهو سياق " منظور السننية الشاملة "! وهو مشروع متكامل، واضح القسمات، ممتد الفروع والتفصيلات، أصيل أثيل، لا يمكن أن تنسبه لغير صاحبه " الطيب برغوث " ..

اختمر هذا المشروع الحضاري الواعد في ذهنه طيلة ستة عقود؛ فضمنه في " أطروحته السننية " التي شدا بها في كل ناد، ولم يترك فرصة، ولا وسيلة، إلا وحاول من خلالها شرح تفاصيل تلك الأطروحة، ودعوة النخبة للالتفاف حولها؛ مطالعة وفهما ومناقشة وإثراء وتحويلا إلى واقع وثقافة اجتماعية ..

لقد كان بإمكان الدكتور الطيب برغوث، وهو مقيم بالنرويج حاليا، وزائر مرحب به في عديد من بلدان العالم عموما، والعالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص؛ أن يحقق مشروعه في أي بلد من تلك البلدان، ولكنه أبى إلا أن يحقق حلمه في بلده، وبين أبناء وطنه، وأن تكون الجزائر الحبيبة، مركز إشعاع هذا المشروع الحضاري الإنساني المتميز، تماما مثلما كان يأبى أن تنشر كتبه التي جاوزت الخمسين إلا في وطنه!

وها هو اليوم يدافع المرض ويغالب الضر والآلام؛ بصبر منقطع النظير، وهمة تكسر صخور الجبال، ويقين في الله قوي، وكله توكل واحتساب .. إنه يمسك المشعل ويرنو بعيدا بعيدا إلى أمله المنشود ..   

أيها الجزائريون الأحرار! أيتها الأمة الإسلامية الأبية! دونكم الرجل، مادام فيه عين تطرف، إنه ثروة قومية أغلى من اليورانيوم والذهب والبترول .. إنه رمز للوفاء والتضحية والأصالة والوطنية .. إنه معلم للتدين والوسطية والاعتدال .. إنه منجم علم وفكر وتجربة .. إنه شرارة انطلاقة حضارية واعدة .. أَقبِلوا على كتبه وتراثه؛ واقرؤوها قراءة الناقد البصير، وأعملوا فيها مشرط البحث والتحليل والنقد، وقارنوها بنتاج أساطين الفكر الإسلامي والعالمي، ثم انظروا واحكموا بأنفسكم؛ أيَّ فتى أضعنا ؟!!

ودونكم أمانته التي حملكم إيّاها .. صونوها وارعوها حق رعايتها، واعلموا أن فيها عزكم وشرفكم وفخركم وسؤددكم في الدنيا والآخرة ..

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه شفاء لا يغادر سقما .. اللهم متع شيخنا الطيب بموفور الصحة والعافية، اللهم قوه وأيده وكن له سندا وعونا ونصيرا .. اللهم مد له في عمره – في الخير – ووفقه لأداء أمانة مشروعه الحضاري .. أقر عينه بتباشير ذلك المشروع حيا، واجعله له صدقة جارية ميتا .. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services