555
2
الأمير عبد القادر... جوانب منسية وتأثير تاريخي متجدد

إعتبر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ أبو عبد الله غلام الله، الملتقى الفكري الذي عُقد اليوم الثلاثاء بمقر المجلس، بالتنسيق مع الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، فرصة مهمة لاستكشاف وفهم مسارات حياة أبرز الشخصيات التاريخية في تاريخ الجزائر وتأثيرها على تطور الجزائر.
مريم بوطرة
تمحورت مداخلة المشاركين في هذا الملتقى حول تسليط الضوء على معالم منسية في حياة الأمير عبد القادر، حيث قام البروفيسور وأستاذ طب الأطفال في جامعة الجزائر، والباحث ورئيس مؤسسة الهيئة الوطنية لترقية الصحة، مصطفى خياطي، بتسليط الضوء على جوانب نادراً ما تم تناولها في الدراسات التاريخية السابقة.
تم أيضًا طرح والاستماع إلى آراء مختلفة وتحليلات عميقة من قبل الخبراء والمتخصصين، بهدف إثراء فهمنا لهذه الشخصية التاريخية البارزة وتأثيرها على مسار التاريخ الجزائري والعربي.
ووصف رئيس الجلسة الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى توفيق لوصيف الأمير عبد القادر بأنه نجمٌ ساطع مضيء ليس فقط للجزائريين، بل للإنسانية جمعاء، فشخصيته، مهما حاول الناس وصفها أو فهمها، تبقى مقصرة في التعبير عن أفضالها.
مضيفا ان شخصية الأمير امتدت أدوارها في تاريخنا، شملت كل جوانب الحياة: القيادة، والعسكرة، والسياسة، والعلم، والشعر، والفروسية، والتعليم، لذا، مناقشة شخصية الأمير عبد القادر ليست مهمة سهلة، فهي معقدة ومتعددة الأبعاد .
وأكد لوصيف ان غالبًا ما اعتمد الباحثون المقاربة العسكرية والتاريخية لفهم هذه الشخصية البارزة، وهذه المقاربة هي التي تسلط الضوء على جوانبها السامية والمتميزة .
تجليات منسية في حياة الأمير عبد القادر وتأثيرها
في هذا السياق، قدّم مصطفى خياطي جوانب منسية ومخفية من شخصية الأمير عبد القادر، بما في ذلك تلك التي ترتبط بالجانب الأخلاقي في تعاملاته. وأوضح أن الأمير عبد القادر، عندما إنضم إلى الكفاح، كان في عمر صغير، وعلى الرغم من معرفته بالزراعة، وجد نفسه أمام جيش فرنسي هائل، الذي انتصر على الأوروبيين وأخضع إيطاليا. في تلك الفترة الصعبة، قاتل الأمير عبد القادر بشجاعة واستماتة، ومن خلال دراسته للتاريخ والقانون، فرض قوانين لحماية السكان والأصول.
وفي عرض خياطي مزج بين قراءة محتويات كتبه الأربعة حول الأمير عبد القادر وكتابه الخامس الذي يتناول حياة الأمير في تركيا وعلاقاته مع اليهود والنصارى، بالإضافة إلى تعاملاته مع الأسرى.
وفي كتابه بعنوان "الأمير عبد القادر سجين فرنسا"، نفى بدوره ادعاء فرنسا بأن الأمير كان صديقًا لها، مشيرًا إلى الظلم الذي تعرض له والحالة البائسة التي عاشها وهو أسير. وفي كتاب آخر، ألقى الضوء على أصله وعائلته وسلالته التي اشتهرت بالعلم.
كما أشار إلى أن الأمير عبد القادر احترم الحرية الدينية، حيث كان يمنح يوم الأحد يومًا للراحة للعمال، وكان يسمح للمسيحيين بممارسة طقوسهم الدينية بحرية.
الأمير هو التاريخ المشترك بين الجزائر وتركيا
حضر الملتقى السفير التركي في الجزائر، محمد مجاهد كوتشوك يلماز، الذي أشاد بالأمير عبد القادر ووصفه بأنه رمز للتاريخ المشترك بين الجزائر وتركيا. كما أشار إلى أنه محبوب من قبل جميع شرائح المجتمع التركي، وأثنى على دوره في الجزائر وفي القارة الإفريقية، معتبرًا إياه مثالًا يحتذى به. وأكد أن الأمير عبد القادر يُعتبر في تركيا كأنه تركي.
ذكر أن الأمير عاش بين عامي 1807 و1883 و قضى فترة من حياته في ولاية بورصة شمال غرب تركيا لمدة 3 سنوات، بعد اتفاق بين السلطان عبد المجيد والإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث، وخلال هذه الفترة، قام بالوعظ في جامع العرب، وتدريس الفلسفة الإسلامية والفقه باللغة العربية، وكذلك مساعدة الفقراء وتعليم أبنائه.