530

0

الإخلاص سر الصيام

بقلم الأستاذ سيدعلي دعاس 

في الصيام تتجلى عِبَادَةُ مِنْ أَعْظم عِبَادَاتِ القلب... أَلَا وَهِيَ إخلاص العمل لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . قال تعالى:" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا ليَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزكاة ، وذلك دين القيمة ".

لقد خص الله - تعالى - الصيام بِنَفْسِهِ فَقَالَ فِي الحَدِيث القدسي: "الصومُ لِي وَأَنا أَجْزي به ". لأنه عِبَادَةُ لَا يَطْلُعُ عَلَى حقيقتها وصحتها إلا الله - سبحانه وتعالى .... 

فمن ذا الذي يطلع على الصائم إذا خلا بِنَفْسِهِ، إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ؟

و مما قيل في الإخلاص: "الإخلاص أن يُخْلِصَ العَبَدُ قَلْبَهُ لِلهِ، فَلَا يبقى فيه شرك لغير الله، فَيَكُونَ الله مَحْبُوبَ قَلْبِهِ وَمَعْبُودَ قَلْبِهِ ومقصود قلبه فقط".

وقيل: "الإخلاص إستواء أعمال العبد في الظاهر والباطن والرِّيَاء أن يكون ظاهرة خيرًا من باطنه".

وقيل أيضا: "الإخلاص نسيانُ رُؤيَةِ الخَلْقِ بِدَوامِ النظر إلى الخالق".

ومن هنا تأتي أهمية الصوم، إذ كل عبادة سوى الصوم قد يَدْخُلُها الرياء ... حتى الصلاة ... فما أخوَجَنَا إِلَى الصَّيَامِ، تَتَعَلَّمُ فيه الإخلاص.

قال الإمام أحمد - رحمة الله - : "لا رداء في الصوم". وَقَالَ الله - تعالى - : "إن أنزلنا عليك الكِتَابَ بِالحَقِّ، فَاعْبُدِ الله مخلصا له الدين، ألا لله الدين الخالص " .. وقال أيضا:" قل الله أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي، فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ من دونه " .

إن الإخلاص فِيهِ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ، وَطَهَارَةً لِلْقَلْبِ، وَتَعَلَّقَ بِمَالِكِ الملك المطاع عَلَى السَّرَائِرِ وَالضَّمَائِر.

إن العمل وإن كان يَسِيرًا إِذَا صَاحَبَهُ إِخْلَاصُ فَإِنَّهُ يَثْمِرُ ويَسْتَمِرُ. وقد قيل: "ما كان إله دام واتصل وما كانَ لِغَيْرِ الله زال والفضل.

 لقد عرف السائِرُونَ لله - تعالى - أهمية الإخلاص... فَجَاهَدُوا أَنفُسَهُمْ فِي تَحَقِيقِهِ، وَعَالَجُوا نِيَّاتِهِمْ فِي سَبِياهِ... وهَذَا سُفْيَانُ الدوري رحمة الله يقول: "مَا عَالَجَتْ شَيْئًا أَشَدَّ مِنْ بَيْتِي! إِنَّهَا تنقلب علي".

أخي الصائم، أختي الصائمة ....

ما أحوجنا إلى التدرب على الإخلاص في هَذَا الشهر الكريم ومجاهدة النفس على طرد العجب، والتخلص من أي تعلق بالقلب من غير المولى - جلا وعلاء.

من استخطر عظمة الخالق، هَانَ عَلَيْهِ نَظَرُ المَخْلُوقِينَ وَتَنَاؤُهُمْ وشكرهم ... ومَن تَعَلَّقَ قَلْبَهُ بالدار الآخِرَةِ هَانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وملذاتها.

قال تعالى: "من كان يريد ثواب الدُّنْيَا، فَعِنْدَ الله ثَوَابُ الدُّنْيَاوالآخرة " .

وقَالَ أَيْضًا: "مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ " .

مساكين من أبطلُوا عَمَلَهُمْ بالشرك الخفي، مساكين من أذهَبُوا ثوابهم بالزياء وإرادة الثواب العاجل. فما أروع الصيام! وَمَا أَحلى معانيه !

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services