483

0

الاحترافية والمهنية في المجال الإعلامي

 

بقلم  الدكتور عبد السلام عليلي 

لقد تعودنا أن نحتفل كل سنة باليوم الوطني للصحافة الذي يصادف الـ 22 أكتوبر بعدما تم إقراراه في 2013، في رمزية لتعزيز حرية التعبير، تكريسا للاحترافية وللمهنية في الأداء الصحفي وتثمينا لعمل الصحفيين ودفاعا عن المكاسب الإعلامية وما تزال الاحترافية والمهنية أكبر تحديات القطاع.

لذا وجب علينا أن نتحدث على أهم ما يتميز به الإعلامي أو الصحفي وهي " المهارات الإعلامية " التي تتضمن الاحترافية والمهنية واللذان هما عنصران أساسيان في المجال الإعلامي، ففي حين إن الاحترافية تشير إلى جودة العمل الإعلامي ومدى التزام الممارس للمهنة بمعايير الصحافة والإعلام والموضوعية والدقة في اختيار الرسالة الإعلامية والتي ترتبط بشكل وثيق بالمعرفة والخبرة، نجد أن المهنية تعبر عن الالتزام الفعلي بأخلاقيات المهنة وفق أطر قانونية وأخلاقية محددة.

ومع الانتشار الواسع للمنصات الرقمية، والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار مفهوم "المواطن الصحفي"، صار لزاماً على مختلف المؤسسات الإعلامية، ومختلف المؤسسات الرسمية المعنية بالعمل الصحافي والإعلامي أن تعمل على تعزيز مفاهيم التوعية القانونية للصحافيين والإعلاميين، وبما يسهم في تعزيز حرية الرأي والتعبير من جهة، وتحديد الأطر القانونية للمنتج الصحافي والإعلامي من جهة أخرى، لا سيما وأن عدداً كبيراً من هذه المواقع أصبحت اليوم ساحة لتناقل الشائعات، والأخبار المغلوطة والشتائم، فضلاً عن انتشار الصور التي لا ترقى إلى مستوى منتج إعلامي يليق ببلادنا.

ما نشاهده ونسمعه ونقرأه في مجتمعنا قد يختلف، فمن المؤسف ان هناك خلطاً في استيعاب مسمى الإعلامي المتخصص الذي يمثل الفئة التي درست واجتهدت ومارست العمل الإعلامي ميدانيًا وتكونت من خلالها الخبرات المتراكمة التي جعلته قادرًا على صياغة الرسالة وتحديد الشريحة المستهدفة حسب النظريات الإعلامية في عملية الاتصال الجماهيري، وبين الفئة الثانية المتمثلة بالمؤثرين أو المشاهير الذين يمارسون دورهم في تحديد المحتوى ونشره تحت إطار التسويق أو الإعلان سواء من خلال صناعة الموضوع أو اقتباسه، فهؤلاء لا يمكن تصنيفهم كإعلاميين أو صحافيين بل بالأحرى هم مستفيدون من التقنيات الإعلامية المتاحة والتكنولوجية الحديثة بهدف الانتشار والشهرة وقد يكون مصدرًا لكسب الرزق السريع.

ما وصلنا له اليوم، ومع اجتياح التقنيات الإعلامية المتاحة قد لا يمكننا من حصر مدى الضرر الصادر من الذين لا يفقهون العمل الإعلامي، والذين يعملون بصفة عشوائية قد تؤثر ويتأثر بها المجتمع بصفة خاصة لما يتناولونه من مواضيع وقضايا تثير الرأي العام من أجل بلوغ "الترند" والحصول على أكبر عدد ممكن من المشاهدات، هذه الفئة التي يجب أن تنطبق عليها شروط وأحكام محددة حتى لا تتعارض مهنيًا مع المتخصصين الاحترافيين في المجال الإعلامي الذين يسعون دائمًا لتحقيق الأثر والتأثير فيما يخدم المصلحة العامة في المجتمع.

إن تزايد الحاجة للاحترافية والمهنية والتوعية القانونية تأتي في ظل وجود أكثر من 30 مادة قانونية تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في العمل الصحافي والإعلامي، وإن كنت أرى زيادة كبيرة في عدد القوانين، وإمكانية حصرها في قانون الإعلام، إلا أن الواقع يقول إن التوسع في نطاق العمل الصحافي والإعلامي مستقبلاً سيفرز حاجة أكبر إلى التنظيم من خلال النصوص القانونية سواء في قانون الجرائم الإلكترونية، أو قانون حماية البيانات الشخصية أو غيرها من القوانين، والسبب في ذلك تطور الوسائل التقنية الناظمة للعمل الصحافي والإعلامي بصورة رهيبة خلال السنوات الماضية، واستمرار هذا التطور بشكله الكبير مستقبلاً.

إن وسائل الصحافة والإعلام تلعب دوراً مهماً في الرقابة؛ حيث تعتبر الصحافة الحرة المهنية الوطنية وسيلة فعالة للرقابة على السلطة والمؤسسات عن طريق إجراء التحقيقات الصحفية وتوثيق الفساد والانتهاكات، بما يُمكن من كشف الفساد والظلم والتجاوزات وتعزيز مفاهيم العدالة والشفافية عبر إعلام وطني يشكل ساحة للحوار والنقاش العام حول القضايا المهمة، وتقديم وجهات نظر مختلفة والتعامل مع القضايا المجتمعية، ورفع الوعي حول القضايا الاجتماعية والصحية، والبيئية والاقتصادية وغيرها، وبصورة تليق ببلادنا وتليق بمؤسساتنا الوطنية، وبما يعزز من دورها في تقديم أفضل الخدمات للمواطن.

لكن ذلك كله لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قيام الصحفيين والإعلاميين بنقل المعلومات والأخبار بنزاهة وموضوعية، وهو ما يتطلب وعياً قانونياً كبيراً لديهم، وهذه مسؤولية مشتركة نحن اليوم في أمس الحاجة لها تفعيلاً لدور الصحافة والإعلام الوطني القادر على إعادة البوصلة إلى مكانها الصحيح، وإنتاج مواد صحافية ذات قيمة بعيداً عن المنتج السيء الذي نشاهده في كثير من الأحيان على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا مجاراة للتطور من جهة والحفاظ على الاحترافية والمهنية في المجال الإعلامي من جهة أخرى.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services