717

0

إلى نائل البرغوثي ومن سار على خطى الأسير

 

 

 

بقلم الأسير: هيثم جابر

 

لي هناك مناسبة محددة كي اكتب لك ... رغم ان ذكرى اعادة اعتقالك كانت حاضرة قبل ايام ... كل المناسبات التي يحتفلون فيها مرت وانقضت ... لكن ساعات السجن لا زالت تدور، وتدور معها عقارب القبور، فالقبر هنا له وقت، لا يمر علينا بسهولة. ولانني سرت على خطاك ذات حلم، اكتب لك، فنحن الاسرى حين نكتب لبعضنا، فاننا نكتب أنفسنا بين دفات السطور. نحاول أن نواسي أنفسنا ببعض حروف، ربما تروينا لبعض الوقت كي نظل أحياء، العدو يقدم لنا الطعام والشراب لكي نظل شبه أحياء، كي نستطيع الوقوف على عدد الصباح والمساء والظهيرة، كي يمعن في محاولة إذلالنا، أرادوا أن نبقى أحياء، كي نبقى عبرة من وجه نظرهم للأجيال القادمة، التي ستمر من قبورنا هذه بعد أن تلقي السلام، يريدون قتل جيل، وإرهاب جيل بجيل آخر قد مر من هنا ذات مقاومة، يريدون أن يقولوا لنا ولهم انكم إن فكرتم بالحرية في لحظة عشق سوف تمكثون هنا لمدة "40 عاما" وإن كان هناك في العمر بقية سوف تمكثون أكثر، فساديتهم التي جبلوا عليها لا تكفي لقضاء عدة عقود وراء جدران الصمت والقبور. يريدون تخويف الأطفال بك، كما تفعل الجدات والأمهات مع أطفالهن حين يفرطروا في البكاء ليلاً، يخفن أطفالن بالخرافات الشعبية، هؤلاء الساديون، يريدون تخويفنا وتخويف من سيأتي من بعدنا يا سيدي بالأربعين عاما. لذلك أنا أكتب لك، وأكتب "للأربعين عاما النووية" التي قضيتها في قبور الأحياء. لأنني أشبهك وسرت ذات يوم مقاوم على خطاك، يا سيدي "أبا النور" معشر الاسرى نشبه بعضنا في كل شئ .. لنا اسم واحد .. ولنا شكل واحد .. ولنا ذات الخطوط التي ترتسم فوق جباهنا .. لنا قلب واحد ينبض بالحرية والوطن والثورة، ولم يكل حتى اللحظة.

فصيلة دمنا واحدة .. لا خصوصية لنا .. نقتسم ... الأمهات والأخوات والزوجات، لنا نفس الأم، ولنا ذات الأخت، ونتزوج إمرأة واحدة هي إمرأة الوقت والإنتظار، ملابسنا واحدة، لها لون واحد لا يتغير ولا يتبدل، حتى الداخلية منها معروفة للأعيان والسجان، نقتسم الفرح والوجع، نعرف كل شيء عن كل شيء فينا، حتى عدد الشعرات المنغرسة في أجسادنا. نعرف أدق التفاصيل في ملامح بعضنا البعض، وكذلك يعرفها العدو. لذلك هو يخشانا،... فلنا نفس اللون ونفس الشكل. نستفيق ذات صباح ونبيت ذات المساء، حتى الزمن يتوقف ولا يمر ولا يتغيرإلا في كرت العدد، فصورنا تتغير بالإستمرار ولا يلحظ هذا التغيير سوى السجان لذلك يلجأ لتصويرنا، واعداد كرت جديد لنا، لأنه رأى التغيير في ملامحنا. يتوقف كل شيء، ويسكن صمت الصمت، في السجن تبقى في ذات المكان، لا حركة ولا تغيير إلا في الملامح والوجوه، حولك العالم تغير، سقطت حضارات ونهضت حضارات، قامت دول وإنهارت أخرى وحولنا الزمن كما هو ورطوبة المكان كما هي. عندما دخلت السجن لم يكن هناك كهرباء في قرانا وبلداتنا، مررنا على كل السجون وعايشنا كل لحظات الموت، والقهر، والعزة والإنتصار، سجانون رحلوا، وسجانون جاءوا، واسرى افرج عنهم، واخرون اعتقلوا، ونحن كما نحن لم نتجاوز دائرة الإنتظار ولم نقطع خط الصبر الذي إهترء من صبرنا ... نعيش في عالم التناقضات، عالم انت فيه، حي ميت ... فرح ... حزين، ساكن ... متحرك، عالمنا عجيب غريب، حين نقول انك قضيت "أربعين عاما" في السجن نجد لفظ الرقم عاديا، يلفظ وكأن شيئاً لم يكن. لكن حين ننظر في المرآة وحين يدخل أبناؤنا واخوتنا السجن ونتعرف عليهم فقط داخل السجن ندرك اننا لم نتخط مطحنة الأعمار. أخي نائل .. سيذكرنا المسؤولين ورجال الإعلام والصحافة في يوم الاسير، وبعد إيقاظ الشعلة والإنتهاء من المهرجانات الخطابية ... سيذهبون الى بيوتهم في إنتظار ذكرى أخرى، ربما تكون ذكرى اعتقالنا، وكالعادة سوف يمدحوننا، ويمجدون نضالنا، وسيقولون اننا أغلى ما يملكون، واننا صفوة هذا الشعب مع ان شعبنا عظيم بعطائه وتضحياته ونحن جزء منه لا أكثر.

لا أحد سيفهم هذه السطور، ولن يشعر ببعضنا غيرك وغيري، وآخر سار على خطاك مثلي، فأنا ربما ولدت يوم انت دخلت السجن. شخص آخر سيفهم ما اكتب أنا، وما تقرأ انت، رجل كان يعلم أن الثورة لا تتخلى عن أبنائها وسوف يترحم على يوم كان أقدم اسير فلسطيني في سجون العدو، لا يمكث هناك أكثر من بضعة شهور. سوف يترحم على من صنعوا المجد وطاردوا العدو في بقاع الأرض، لذلك كانت "ليلى خالد" لا تخشى إلا الله والذئب على طائراتها المهزومة أمامها. أخي نائل دمت حراً .. اعتذر منك ومثلي ليس يعتذر.

 


 

الأسيرة المحررة سعدية الصعيدي

المرأة الأسيرة كما الرجل عانت من السجن لكن الصمود والصبر كان سلاحاً فعالاً

 

 

تقرير: أ.إبراهيم مطر

مسؤول قسم الإعلام الالكتروني والمرئي لمفوضية الشهداء والأسرى والجرحى

 

 

 

سرد أحداث

 

سنجوب معكم بتفاصيل المبادرة الذاتية للأسيرة المحررة ،  الصعيدى وكيف استطاعت بقدرتها على بلورة منهجيتها الخاصة بالتعامل مع المجتمع بعد التحرر ، وبالاضافة لشخصيتها التى خاضت تجربة لم يستطيع أحد تخيلها من النساء اللواتى لم يعشن التجربة وكيف  انسجمت مع شخصياتها المحددة في ذاكرتها الموروثة.؟.: لا شك أن خصوصية الظروف التي مرت بها الأسيرة المحررة بالقياس مع  تجربة أقرنائها من الأسرى المحررين. و المبادرة الذاتية فالأسيرات أكثر من مورس بحقهن العنف المنظم، بدءًا من الطريقة الوحشية التي يتم اعتقالهن بها وعمليات التخريب داخل منازلهن، مرورًا بما يتعرضن له خلال التحقيق من تعذيب وعنف جسدي، ونعتهن بألفاظ بذيئة، حتى طبيعة حياتهن داخل جدران السجن".الأسيرة المحررة سعدية فتحي سعيد الصعيدي، من مواليد السادس والعشرين من نيسان عام 1965 في مخيم الشاطيء للاجئين بمدينة غزة من  مدينة يافا المهجرة إبان نكبة العام 1948، وهي من نشطاء حركة فتح ومن قدامى الأسيرات وقد تم اعتقالها لمدة 4 سنوات، بدأت حياتها بمشاركتها  في التظاهرات المدرسية المنددة بالاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في ذكرى يوم الأرض  وهو يوم غضب شعبي لدى كل البلدان والمناطق الفلسطينية، فكانت مشاركتى دائما ملحوظة حيث كنت لا أتجاوز ال١٥ عام  واتلقي دراستى بمدرسة المأمونية بغزة، حيث كنا نتعرض لاقتحامات وإطلاق نار علي المتظاهرين وحدوث إصابات، وفي العام 1979 بعد احياء فعاليات والتظاهرات بمناسبة يوم الار ض جاء بلاغ إسرائيلي إلى بيتنا بضرورة التوجه إلى مقر الحاكم العسكري مكان مبنى المجلس التشريعي بغزة، ذهبت مع أبي وعندما وصلت هناك دفعني أحد الجنود بيده فتصدى أبي له، فجاء أحد الضباط وقال لأبي: "بنتك تشارك في أعمال مظاهرات، ممنوع المظاهرات" ، فقال لهم: بنتي صغيرة، وهذه مظاهرات تحدث في كل المناطق. اعتقلوني عدة ساعات، ثم طلبوا من أبي  توقيع تعهد قبل الخروج، هذا أول اعتقال يمكن أُسجله وأنا لم أتجاوز الخامسة عشر،  كنت أرى الجنود المدججين  بالسلاح وفرق التحقيق، شاهدت مجموعة من الطلبة أيضا يتم اعتقالهم مثلي، بدأ يتشكل عندي ملامح السجن وملامح الاحتلال الذي يحتل أرضنا ويسلب حقوقنا. بعد عدة سنوات سافرت إلى الأردن ومصر وتنظمت في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح  واشتغلت في أمور وطنية وثورية ، صار عندي وعي بالقضايا السياسية، عُدت إلى غزة وعملت في المقاومة الشعبية كما عملت في التطوع لاسعاف الجرحى، كانت المرأة الفلسطينية تقوم بدور مهم في مساعدة الثوار وحمايتهم. في العام 1989 حاصرت قوات الاحتلال منطقة المسجد الجنوبي في مخيم الشاطيء لاعتقال مجموعة من الشباب، فشاركت مع مجموعة من السيدات  بالتدخل لحماية الشباب، في ذلك الوقت أطلقت قوات الاحتلال النار الكثيف مما أدى إلى إصابتي إصابة مباشرة في قدمي ب7 طلقات  صرت أجري ثم وقعت على الأرض، جاء عندي أحد الجيران وهو الشاب زياد بنات، لكن مجرد أن وصل عندي تعرض لاطلاق نار من جيش الاحتلال في رأسه مما أدى إلى استشـهاده على الفور . ليجتمع الغضب والحزن لقد كان يريد إنقاذ حياتي لكنه استشهد أتذكر في ذلك اليوم أصيب عدد كبير من الناس رجال وسيدات جراء استخدام الاحتلال النار بشكل عشوائي. بقيت أنزف على الأرض أذكر كان الجيش قريب مني ولم يسعفني وبعد مغادرة الجيش قام أهلي والناس بنقلي إلى المستشفى وهناك مكثت في المستشفى مدة 75 يوماً متتالية حيث تم معالجتي من الرصاص في قدمي بواسطة عدة عمليات جراحية.

بعد خروجي من المستشفى بأيام جاءت شرطة الاحتلال إلى البيت وأحضرت تبليغ بضرورة الذهاب للمقابلة في سجن السرايا العسكري قال لهم أبي: بنتي مريضة مصابة لا تستطيع الحركة فلم يتحدثوا معه وغادروا، في ذلك اليوم قلت لأبي: لن اذهب لهم في السرايا وقررت مغادرة البيت والسكن عند أختي ،  صار عندي قرار أنه لن أُسلم نفسي،  الموت والاستشهاد أفضل من تسليم نفسي، في تلك الأيام صار الجيش يبحث عني، صاروا يحضرون على بيتنا  يفتشون البيت يسكبون الطحين يخربون محتويات بيتنا.

 

الاعتقال والتعذيب

 

 بعد أشهر استشهد زوج أُختي الشهيد منير الصعيدي بنيران الاحتلال قرب البحر، وحقيقة هذه الأحداث منذ اعتقالي الأول وأنا صغيرة واستشهاد الشهيدين زياد بنات ومنير الصعيدي ومشاهداتي ومعايشتي لجرائم الاحتلال منذ أن كنت طفله عندما أطلقوا عليّ الرصاص بشكل مباشر ومشاهدتي لأفعال الاحتلال المشينة بحق الأطفال والشباب والنساء ، كل هذه الأمور خلقت عندي دوافع بضرورة تنفيذ عملية فدائية. بالفعل خرجت من البيت ومعي سكيناً وقرب مفترق السويدي بغزة  كان هناك مجموعة راجلة من جنود الاحتلال فمررت من جانبهم وقمت بضرب أحد الجنود لا اعرف ماذا حدث لكنني هربت على الفور في أحد الممرات بين أزقة البيوت، حاصروا المكان، وبعد وقت من المطاردة أمسكوا بي وكان ذلك في العام 1989. على الفور تعرضت للضرب الشديد بالبساطير والعصي على أماكن مختلفة من جسدي، شدوا شعري على الأرض، غموني بكيس على رأسي، ونقلوني داخل الجيب إلى مكان لا أعرفه، لكنه يبدوا أنه معتقل أنصار، بقيت مقيدة عدة ساعات داخل الجيب، ثم تم نقلي لمكان أخر عرفت فيما بعد أنه سجن المجدل، أنزلوني على التحقيق مباشرة، تجمع حولي عدد من الضباط يسألون عن اسمي وعمري ومكان سكني ، جاء ضابط وقال لي: "من أرسلك لتنفيذ العملية؟ إذا اخبرتينا سوف نقلل حكمك وإذا لم تتحدثي سوف تموتين في السجن، سنقبرك هنا" قلت له: أنا نفذت العملية لوحدي لم يرسلني ولم يحرضني أحد، بعد لحظات قام أحد الضباط بضربي بكس بقوة شديدة على أنفي ووجهي الأمر الذي أدى إلى كسره وحدوث نزيف شديد لا زلت أُعاني منه حتى يومنا هذا ، وقعت على الأرض صرخت، ثم قام ضابط آخر بضربي على رجلي خاصة على أماكن الرصاص الذي تعرضت له في وقت سابق، صرت أصرخ لهم  من الألم، فيقولون ستموتين هنا.. ستموتين هنا.. نقلوني إلى زنزانة صغيرة جداً رائحتها عفنة لا يوجد بها فراش أو غطاء مكثت بها 12 يوماً متتالية، كنت أشعر بالبرد الشديد وضيق التنفس أُصبت بالروماتيزم المزمن  وحتى اليوم أعاني منه من آثار السجن، كنت من التعب والإرهاق الشديد أُحاول النوم لكن بعد لحظات يأتي جندي ويفتح باب الزنزانة ويجرني بقوة للتحقيق، رجعوا يسألوني: من أرسلك لتنفيذ العملية؟  صرت أقول لهم أنا لوحدي، أُشاهد ما تفعلونه بحق أهلنا وأطفالنا ، فقررت الانتقام، صاروا يضربوني أكثر. عانيت كثيراً من الزنازنة أُصبت بضيق تنفس ، آلام في مكان الإصابة بقدمي، آلام شديدة في يدي نتيجة القيد والكلبشات ، آلام ووجع في أنفي ووجهي نتيجة الضرب الذي تعرضت له. جاء الصليب الأحمر فتحدثت لهم عن ظروفي الصعبة، طلبت منهم الخروج من الزنزانة، وبعد أيام بالفعل أخرجوني من الزنزانة، لكننهم وضعوني في زنزانة أخرى أكبر حجماً مكثت فيها 9 أشهر متتالية  وحيدة أُعاني ألم الوحدة والفراق، كنت أقول لهم انقلوني عند الأسيرات البنات، كانوا يرفضون، يصرون على أن أعيش المعاناة والعذاب، كانوا يحضرون لي الطعام البسيط من أسفل باب الزنزانة، بعض الخبز الجاف،والماء القليل.

 

التقييد وقت الفورة

 

خلال ال9 أشهر صاروا يسمحون لي بالخروج من الزنزانة إلى الفورة أو الاستراحة مرة واحدة في النهار لمدة نصف ساعة فقط، أتذكر جيداً عندما يأتي موعد خروجي للفورة، كان يأتي جندي يطرق عليّ باب زنزانتي ، ثم يأمرني بأن أضع يدي خلفي وأمدهم من طاقة الزنزانة، فيقيدني بالكلبشات الحديدية، ثم يفتح باب الزنزانة ويقيد قدمي بالسلاسل الحديدية ويقول لي اذهبي للفورة والاستراحة، وعندما تنتهي فترة الاستراحة يدخلني إلى داخل الزنزانة ويغلق الباب ثم يأمرني أن أمد يدي ويفك القيد، لقد عشت على هذا الحال مدة 12 شهراً، عندما اخرج للفورة أكون مقيدة يدي للحلف ومقيدة من قدمي كذلك ، ألام شديدة في يدي وقدمي ، ألام شديدة في المفاصل والعضلات خاصة لأني لا اعرف أن مشي بشكل طبيعي نتيجة تقييدي من قدمي فكنت امشي ببطيء وأنا أجرجر الحديد والسلاسل.

من المفترض أن تكون ساعة الاستراحة أو الفورة شيء جيد للأسير يخرج يشم الهواء يتحرك، لكن ساعة الاستراحة عندي كانت عذاب لأنني اخرج من الزنزانة مقيدة لا استطيع الحركة، كنت اطلب منهم رفع القيد فيقولون أنت إرهابية، وعندما تحين موعد زيارتي من قبل أبي وأمي كانوا يخرجونني للزيارة مقيدة القدمين والرجلين، كان المنديل عندما ينزل من على شعري لا اعرف إرجاعه، تعرضت لسوء التغذية والتعذيب النفسي وضيق التنفس والماء البارد والتعليق و الشبح في الحائط، تعرضت لتقييد اليدين خلف ظهري وتقييد قدمي والجلوس على الأرض جلسة القرفصاء ومنعي تحت تهديد السلاح من رفع رأسي لعدة ساعات الأمر الذي أحدث آلاماً حادة في عدة مناطق من جسمي. قررت في تلك الأيام أن أقوم بحملة لمواجهة السجان لتغيير ظروف اعتقالي فبدأت بخوض إضراب عن الطعام، صرت ارجع الوجبات، اصرخ في الجيش والمحققين  استمر إضرابي 5 أيام، نجح الإضراب حيث نقلوني إلى سجن الرملة واحضروا بعض التحسينات  لكن كنت أشعر بالتعب نتيجة التعذيب. أتذكر في سجن الرملة وأنا جالسة بجوار ساحة الفورة جاءت من جانبي قطة سوداء حاولت أن "تخرمشني" فدفعتها بقدمي، في تلك اللحظة شاهدتني مجندة إسرائيلية ودفعتني على الأرض وقالت لي: لماذا تضربين القطة؟ وقامت بعزلي في غرفة انفرادية، قلت لها:" أنا لم اضرب القطة أنا كنت احمي نفسي منها فقط ، حقيقة صار عندي حقد على هذه المجندة التي ضربتني ، قررت ضرب المجندة، وبالفعل أثناء وجودي قرب باب غرفتي، جاءت المجندة تفتح في الباب، فقمت بإغلاق الباب على أصابع يدها، فصرخت وقامت بتشغيل"الازعقاه"، فحضر عدد كبير من الجنود وضربوني  وعزلوني من جديد.

 

تعرضت للمحاكمة عدة مرات وفي الجلسة الأخيرة أصدروا عليّ حكماً بالسجن 10 سنوات.

 

 نتيجة القيد و الكلبشات أُصبت بتليف والتهابات في يدي فقرروا إجراء عملية لي،  بالفعل نقلوني إلى مستشفى تل هشومير  والغريب أنني ذاهب لإجراء عملية في يدي  بسبب القيد والكلبشات، لكن رغم ذلك لا تزال يدي مقيدتين بالكلبشات اللعينة، مكثت في العملية 8 ساعات  حيث قاموا باستئصال الالتهاب كما قاموا بنقل لحم من بطني إلى يدي كعملية تجميل. ومما يدلل على انتهاكات الاحتلال للأسرى أثناء علاجهم داخل المستشفيات الإسرائيلية  هو ما حدث معي فعلاً، فبالرغم من أنني عملت عملية جراحية وظروفي الصحية الصعبة إلا أن جيش الاحتلال لا زال يقيد يدي وقدمي في سرير المستشفى بشكل قاس داخل مستشفى تل هاشومير وهو المستشفيات الراقية في دولة الاحتلال إلا أن هذا المستشفى كان يتم بداخله التعذيب والتضييق للأسرى والأسيرات الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج فيه وهذا ما حدث معي شخصياً، فأثناء عمليتي كان الجنود يطوقون غرفتي كما منعوا زيارتي ، حيث طلب والدي زيارتي فرفضوا ذلك، أتذكر أسيرات في تلك الفترة أنجبن داخل السجن وهن مقيدات.

 

التحرر

 

جاءت اتفاقية اوسلو وعلمنا أنه سيتم الإفراج عن أسرى وأسيرات وسيتم البدء بالإفراج عن الأسرى المرضى، صارت إدارة السجن تجري علينا فحوصات طبية للتأكد من أننا مرضى حتى يتم الإفراج عنا، صاروا يعرضوني على عيادة السجن للفحص بشكل يومي، كنت مريضة  فعلاً وخضعت لعمليات جراحية، وهناك عدد من الأسيرات والأسرى مثلي لكن إدارة السجن لم تقتنع أنني مريضة، وصارت تجري لي الفحوصات عدة مرات حتى يتم التأكد من أنني مريضة ويتم إدراجي في لوائح  الأسرى المفرج عنهم، لقد كانوا يمارسون بحقنا الضغط النفسي المتعمد فأثناء إجراء الفحوصات كانوا يقولون لنا أنه سستم الإفراج عنا ونتفاجأ بإرجاعنا للزنازين.

وفي تاريخ  25/1/1993 الساعة 12 ليلاً جاءتني مديرة سجن الرملة وقالت لي أنه سيتم الإفراج عني، الآن  الصليب الأحمر بانتظاري خارج السجن، استغربت بالأمر لأن الإفراج عادة لا يتم في الليل، وبالفعل فقد تم الإفراج عني بعد 4 سنوات من الاعتقال، كنت ضمن 700 أسير وأسيرة من الأسرى المرضى الذين تم الإفراج عنهم من السجون ضمن اتفاقية اوسلو،  علمنا أن المستوطنين عارضوا الإفراج عنا ، كانوا يخططون لعمل حواجز بالطرقات لوقف الإفراج عنا، لذلك قامت سلطات السجون بإطلاق سراحنا في الليل. خلال فترة الاعتقال تنقلت في عدة سجون أبرزها المجدل والرملة، كنت احرص على التثقيف الذاتي وقراءة الكتب وكتابة الخواطر والأشعار، لكن وضعي الصحي والعزل الذي تعرضت له كان يؤثر على حياتي الطبيعية في السجن. تعلمت اللغة العبرية والإنجليزية في السجن تلقيت دورات تنظيمية كما قمت بإعطاء دورات في المجال التنظيمي والإداري والثوري للأسيرات. المرأة الأسيرة كما الرجل عانت من السجن لكن الصمود والصبر كان سلاحاً فعالاً للأسيرات حيث استطعن التغلب على السجان والظلم، الأسيرات استطعن تأدية دورهن الوطني والنضالي نحو تحرير فلسطين، في النهاية أرسل التحية للأسيرات والأسرى المحررين، وندعو الله الإفراج العاجل عن جميع الأسرى والأسيرات في من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

 

 


 

مركز فلسطين:هدم 4 منازل لعائلات أسري منذ بداية العام الجاري

 

 

 أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى ان سلطات الاحتلال تواصل سياسة العقاب الجماعي بحق الأسرى وعائلاتهم عبر هدم المنازل وتشريد سكانها حيث رصد هدم 4 منازل لعائلات أسرى في سجون الاحتلال منذ بداية العام. وأوضح مركز فلسطين أن الاحتلال وأجهزته الأمنية والقضائية تشن حرباً نفسية واقتصادية على الاسرى داخل السجون، بمصادرة حقوقهم وانجازاتهم وتحميلهم نفقات الاسر، وكان اخر فصولها خصم ثمن علاج الاسنان في عيادة السجن من أموال "الكنتينا" الخاصة بالأسرى، وذلك تنفيذا لتعليمات المتطرف بن غفير. بينما تستكمل حلقات تلك الحرب خارج السجون ضد الأسرى وعائلاتهم، بسياسة هدم المنازل وتشريد العشرات من سكانها والتي كان آخرها هدم منزل الأسير" كمال جوري" في منطقة شارع تل بنابلس فجر اليوم بعد زراعته بالمتفجرات ويقع في الطابق الثاني من بناية سكنية مكونة من 4 طوابق الأمر الذي أدى الى عدم صلاحيتها بالكامل للسكن. وأشار مركز فلسطين الى ان قوات الاحتلال كانت اعتقلت الشاب جوري في فبراير الماضي، بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجراح خطرة ويدعي الاحتلال انه نفذ عملية إطلاق النار العام الماضي قتل خلالها جندي. وأكد رياض الأشقر مدير المركز ان سلطات الاحتلال صعّدت خلال الأعوام الأخيرة من سياسة العقاب الجماعي بحق عائلات الأسرى بهدم منازلهم، بهدف فرض مزيد من الخسائر ورفع فاتورة انتماء الشباب الفلسطيني للمقاومة، وتحقيق سياسة الردع حيث هدمت 8 منازل لعائلات أسرى خلال العام الماضي و7 منازل خلال العام 2021، ومثلهم خلال العام 2020، بينما هدمت 4 منازل لأسرى منذ بداية العام الجاري. واتهم الأشقر كيان الاحتلال أنه نظام استعماري عنصري يمارس كل إجراءات التنكيل والانتقام ويُشَّرع سياسة العقوبات الجماعية بقرارات من الكنيست والسلطة القضائية لديه، ضد الفلسطينيين بشكل عام وبحق الاسرى بشكل خاص وأكثرها إجحافا سياسته الممنهجة بهدم منازل عائلاتهم، لفرض مزيد من الخسائر ما يعدّ بمنزلة جريمة حرب. وكشف الأشقر أن سلطات الاحتلال كانت هدمت منزل عائلة الأسير أسامة الطويل في نابلس قبل أسبوع بعد زراعته بالمتفجرات وكان اعتقل مع الأسير "كمال جوري" واتهم بمشاركته في عملية إطلاق النار قرب مستوطنة "شافي شمرون" . بينما هدمت قبل أسبوعين منزل عائلة الأسير "إسلام فروخ" في البلدة القديمة من مدينة رام الله ويقع في بناية سكنية مكونة من أربعة طوابق، ويأوي والديه وشقيقاته الأربعة، بعد ان ادانة الاحتلال بتنفيذ تفجيرين غربي القدس المحتلة في نوفمبر 2022، أسفرا عن مقتل مستوطنين اثنين. كذلك كانت هدمت بالكامل في بداية مايو الماضي منزل عائلة الأسير يونس جلال هيلان (19 عامًا) في بلدة حجة شرق قلقيلية المكون من طابقين، بواسطة الجرافات، وهو معتقل منذ أكتوبر العام الماضي، بتهمة تنفيذ عملية طعن قُتل فيها مستوطن في بلدة الفندق شرق قلقيلية. واعتبر الأشقر هدم منازل أهالي الاسرى يمثل انتهاكا خطيرا للأعراف والقوانين الدولية وخرقاً للأحكام الواردة في المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة، بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب لأنها تعتبر عقوبة بحق أشخاص مدنيين لم تتم إدانتهم بأي عمل مقاوم، حيث يعاقب الاحتلال الاسير بالاعتقال والأحكام القاسية ويحارب ذويه بتشريدهم وهدم منازلهم. 

 وطالب الأشقر كافة المؤسسات الدولية الخروج عن صمتها الذي يشجع الاحتلال على ممارسة مزيد من الجرائم، والتدخل العاجل لوقف سياسة العقاب الجماعي ضد أهالي الأسرى، ووقف هدم المنازل الذي يعتبر جريمة حرب ضد مواطنين مدنيين ليس لهم علاقة بالقضية التي يبنى عليها الاحتلال سبب الهدم.

 

 


 

الخارجية الفلسطينية:جريمة حوارة تتكرر وتتسع من جديد وسط صمت دولي مريب

 

 

قالت وزارة الخارجية والمغتربين، إن "جريمة حوارة تتكرر من جديد، ومليشيا المستوطنين وعناصرهم ومنظماتهم الإرهابية المسلحة توسع من دوائر هجماتها واعتداءاتها ضد المواطنين الفلسطينيين المدنيين العزل، وممتلكاتهم، ومزروعاتهم".وأكدت "الخارجية" في بيان، صدر اليوم الأربعاء، أنها تتابع إرهاب مليشيا المستوطنين ومنظماتهم المسلحة على المستويات الأممية والدولية كافة، وتواصل رفع التقارير الدورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتبذل جهودها مع الدول لحثها على اعتماد منظمات المستوطنين التي ترتكب الجرائم بحق شعبنا على قوائم الإرهاب، وتطالبها بملاحقتهم ومنعهم من دخول أراضيها ومحاكمتهم في محاكمها الوطنية، خاصة أن أعدادا من المجرمين تتنقل بجوازات سفرها وجنسياتها. وتطرقت إلى اعتداءات المستوطنين مساء يوم أمس بحق المواطنين في عديد البلدات والقرى الفلسطينية، أبرزها: اللبن الشرقية، واللبن الغربية، وحوارة، وعوريف، حيث أدت إلى إصابة العشرات منهم. وبهذا الخصوص: أدانت انفلات عصابات المستوطنين من أي قانون أو رادع وجرائمهم المتواصلة بحق أبناء شعبنا، وترى أنه لم يتم استخلاص العبر ولا الدروس المستحقة من جريمة حوارة الأولى، ليس فقط على مستوى كيفية حماية القرى والبلدات الفلسطينية من إرهاب العناصر اليهودية المتطرفة خاصة في هذه المناطق المستهدفة، ولكن أيضاً من المجتمع الدولي الذي أثار ضجة استمرت لعدة أيام حول جريمة حوارة الأولى، ويصمت تجاه جريمة حوارة الثانية. وختمت بيانها بالقول: بات واضحا أن الحكومة الإسرائيلية هي التي استخلصت العبر، إذ أدركت غياب أية خطة تحرك نتيجة الجريمة الأولى، وأدركت أيضا أن ردود الفعل الدولية لم تتعدَّ في حدها الأقصى الإدانات والتعبير عن القلق، ما وفر لها الحصانة أمام أية ردود فعل قادمة، وشجع غلاة الإرهابيين المستوطنين على العودة لارتكاب المزيد من هذه الجرائم.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services