127

0

اضطرابات النوم عند أطفال غزة

بقلم. د محمود ریاض عدوان

 

تعد اضطرابات النوم من أبرز المشكلات النفسية التي يعاني منها الأطفال خاصة في قطاع غزة بعد أحداث حرب 2023 يواجه الأطفال النازحون من بيوتهم والذين اضطروا المغادرة مناطقهم بسبب القصف والتدمير تحديات نفسية وصحية كبيرة، حيث أن العديد منهم يعانون من اضطرابات في النوم مثل الأرق والأحلام المزعجة، نتيجة للضغوط النفسية الناتجة عن التجربة الصادمة التي مروا بها، وتتفاقم هذه المعاناة بسبب الظروف المعيشية الصعبة في المخيمات والملاجئ والتي تفتقر إلى الاستقرار والأمان.

كما أن قلة الرعاية النفسية وعدم وجود بيئة آمنة يعززان من تفاقم مشكلة اضطراب النوم، مما يجعل من الصعب على الأطفال التركيز أو التكيف مع الأوضاع الجديدة. هذه الظروف تؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية وتنمي لديهم شعورا بالعجز والقلق. وسيتم تسليط الضوء على اضطرابات النوم واليقظة عند الأطفال النازحين، مع تحليل أسبابها وتأثيراتها العميقة على صحتهم النفسية والجسدية، أن فهم هذه الظاهرة قد يساهم في تقديم حلول داعمة تخفف من معاناة الأطفال، وتساعدهم على استعادة التوازن في حياتهم اليومية.

تعرف اضطرابات النوم واليقظة بأنها مجموعة من الحالات التي تؤثر على قدرة الفرد على النوم بشكل طبيعي أو البقاء مستيقظا في الأوقات المناسبة. تتضمن هذه الاضطرابات صعوبة في النوم، الاستيقاظ المتكرر الشعور بالنعاس المفرط أثناء النهار، واضطرابات النوم المرتبطة بالتنفس.

وتتعدد اضطرابات النوم التي يعاني منها الأطفال، ومن أبرزها:

1 اضطرابات الأرق (Insomnia) ي عالي الطفل من صعوبة في النوم أو الاستمرار فيه، ما يؤدي إلى تعب وإرهاق خلال النهار.

2 اضطرابات فرط النعاس (Hypersomnia) تتمثل في النوم لفترات طويلة أو الشعور بالنعاس المفرط خلال النهار رغم الحصول على قسط كاف من النوم ليلا.

3 النوم الانتيابي (Narcolepsy): يتميز بتوبات مفاجئة من النعاس الشديد التي لا يمكن التحكم فيها، مما يؤثر على الأداء اليومي للطفل.

.4 اضطرابات النوم المرتبطة بالتنفس (Sleep Related Breathing Disorders): تشمل

انقطاع النفس أثناء النوم، مما يؤدى إلى استيقاظ متكرر وشعور بالتعب عند الاستيقاظ.

5 حالات النوم المضطرب (Parasomnias) تشمل المشي أثناء النوم، الكوابيس، والرعب الليلي، وهي شائعة بين الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية.

أسباب اضطرابات النوم واليقظة لدى أطفال غزة.

تعود أسباب اضطرابات النوم واليقظة إلى مجموعة من العوامل النفسية والبيئية التي أثرت على الأطفال بشكل مباشر، ومن أبرزها:

الصدمات النفسية: التعرض للقصف، فقدان أفراد الأسرة، والنزوح القسري.

العيش في مراكز إيواء ظروف غير ملائمة للنوم بسبب الاكتظاظ والضوضاء.

القلق المستمر الخوف من المستقبل والشعور بعدم الأمان.

الاضطرابات الاقتصادية معاناة الأسر من الفقر وصعوبة توفير احتياجاتهم الأساسية.

تشخيص اضطرابات النوم: يتم تشخيص اضطرابات النوم من خلال التقييم الطبي والنفسي الشامل، والذي يشمل:

المقابلات السريرية جمع معلومات عن نمط النوم والتغيرات السلوكية.

مراقبة النوم (Polysomnography) دراسة الأنشطة الحيوية أثناء النوم، مثل التنفس ونشاط الدماغ.

استبيانات النوم تقييم مدى تأثير اضطرابات النوم على حياة الطفل اليومية.

أظهرت الدراسات الأولية بعد حرب 2023 أن نسبة اضطرابات النوم واليقظة بين الأطفال النازحين في غزة تجاوزت 50% مع ارتفاع معدلات الأرق واضطرابات الكوابيس ويعزى ذلك إلى الضغوط النفسية والبيئية التي يواجهها الأطفال، حيث تشكل اضطرابات الأرق حوالي 35% من الحالات فيما يمثل فرط النعاس 15% والنوم الانتيابي 5% من الحالات.

يتطلب علاج اضطرابات النوم نهجا شاملا يشمل الجوانب النفسية والطبية، ومن أبرز أساليب العلاج.

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد الأطفال على التحكم في الأفكار السلبية وتعلم تقنيات للاسترخاء.

2. تنظيم الروتين اليومي وضع جدول ثابت للنوم والاستيقاظ يساعد في تنظيم الساعة البيولوجية للأطفال.

3. العلاج الدوائي في بعض الحالات، يتم استخدام أدوية مهدئة أو محفزة للنوم، ولكن تحت إشراف طبي.

4 الدعم النفسي والاجتماعي توفير جلسات دعم نفسي للأطفال وأسرهم لتخفيف التوتر والقلق.

5. تحسين بيئة النوم العمل على توفير بيئة آمنة ومريحة للنوم في مراكز الإيواء والمنازل المؤقتة.

وفي هذه الخاتمة يمكن تقديم بعض التوصيات لتعزيز الصحة النفسية والوقاية من اضطرابات النوم

1 إنشاء مراكز للدعم النفسي من خلالها يتم تقديم خدمات نفسية متخصصة للأطفال وأسرهم بشكل مجاني.

2. التوعية المجتمعية من أجل نشر الوعي حول أهمية النوم وتأثير الصدمات النفسية على الأطفال.

3 تنظيم الأنشطة الترفيهية وذلك من خلال توفير أنشطة تساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم والتخلص من التوتر.

4 تعزيز دور المدارس من خلال تدريب المعلمين على اكتشاف المشكلات النفسية لدى الأطفال وتقديم الدعم المناسب.

5 تحسين الظروف المعيشية وذلك من خلال توفير أماكن آمنة ومستقرة تضمن للأطفال الشعور بالأمان والاستقرار.

وفي الختام فان اضطرابات النوم واليقظة لدى أطفال غزة ليست مجرد مشكلة نفسية عابرة، بل هي تحد كبير يتطلب تضافر الجهود من كافة الجهات المعنية، ويجب أن تتوفر برامج دعم نفسي واجتماعي متكاملة لمساعدة هؤلاء الأطفال على التعافي وتجاوز الصدمات التي عايشوها. إن تعزيز الصحة النفسية للأطفال اليوم هو الضمان المستقبل مستقر وأمن لهم ولأسرهم، وهو مسؤولية جماعية تتطلب التزافا مستمرا من المجتمع بأكمله.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services